بعد تخاذل وتطبيع حكومته.. الشعب الأردني يقدّم شهيداً على طريق الأقصى.. تعرف على ماهر الجازي وعمليته البطولية
انفوبلس..
ثأراً لغزة، أقدم شاب أردني يعمل سائقاً في شاحنة نقل بضائع بين الأردن والضفة الغربية على قتل 3 من عناصر أمن إسرائيليين في معبر الكرامة بين الأردن والأراضي المحتلة، ليرتقي بعدها شهيداً برصاص قوات الاحتلال، فمَن هو ماهر ذياب حسين الجازي؟ وكيف نفذ عمليته البطولية؟
في حدث هزّ الرأي العام، فتح الشاب الأردني ماهر الجازي نيران سلاحه الشخصي تجاه أفراد أمن إسرائيليين في معبر الكرامة، حيث كشفت وسائل الإعلام العبرية هوية منفذ عملية معبر اللنبي (معبر الكرامة).
ماهر ذياب الجازي الذي نفذ الهجوم استثمر مكانته كسائق شاحنة ليطلق النار من سلاحه عند نقطة التفتيش في المعبر ما أدى إلى مقتل رجال الأمن الثلاثة قبل أن يتم استهدافه من قبل القوات الإسرائيلية المتواجدة في المكان.
وماهر ذياب الجازي، الذي يبلغ من العمر 39 عاما هو مواطن أردني من منطقة الحسينية بمحافظة معان، وُلد في 28 نيسان 1985 وينحدر من عشيرة “الحويطات” التي تُعد واحدة من أكبر العشائر في الأردن.
وكان الجازي سائق شاحنة يستخدم المعبر بانتظام واستثمر تلك المكانة لتنفيذ هجومه قبل يومين.
وأطلق الجازي النار فور وصوله إلى منطقة التفتيش ما أسفر عن إصابة ثلاثة رجال أمن ونقل الضحايا إلى المستشفى حيث فارقوا الحياة نتيجة لإصاباتهم البليغة.
ووفقاً لأقاربه، وتحديداً عمه حابس علي الجازي الحويطات، فإن ماهر يعمل منذ عام واحد فقط على شاحنة خاصة لنقل البضائع إلى الضفة الغربية، وقد دخل المعبر أكثر من مرة خلال الفترة الماضية، ولم تظهر عليه علامات تفيد برغبته في تنفيذ مثل هذا العمل.
وأضاف حابس علي الجازي الحويطات أن ماهر من مواليد عام 1985 في أذرح جنوب الأردن، مردفاً أن له ولدين و3 بنات.
كما أوضح أن ماهر هادئ جداً وليس لديه أي انفعالات أو أفكار من قبل بخصوص هذا العمل، ولفت إلى أنه متقاعد عسكري ليس لديه أية خلفية حزبية، ومشهود له بالاحترام من قبل أهالي المنطقة.
وقال شادي الجازي (شقيق الشهيد): "تفاجأنا مثل بقية الناس، كان يعمل سائق شاحنة ويعبر في كثير من الأحيان لتفريغ الشاحنة ثم العودة مرة أخرى إلى الأردن. لكن حزنه على ما يحدث للأمة الإسلامية، ورؤية كل عمليات القتل في غزة، وكل واحد منا يشعر بالعاطفة تجاه إخوانه، ربما كان هذا حافزًا له".
ولم يوضح الجازي أي خلفية عن آراء شقيقه أو تصرفاته السابقة أو كلماته التي من شأنها أن تشير إلى هذه النتيجة.
وقال إن السلطات لم تتصل بعائلته، وأشار إلى أنهم علموا بالأمر من خلال القنوات الإخبارية الفضائية.
كما أكد والد الشهيد ذياب الجازي أن الحكومة لم تبلّغهم بموعد محدد لاستعادة جثمان ابنهم الشهيد ونقله إلى الأردن تمهيدا لدفنه في مسقط رأسه بمحافظة معان، مشيرا إلى أن العائلة فتحت بيت عزاء يؤمه الوفود منذ أمس من كافة مناطق المملكة والدول العربية.
وأضاف الجازي أن ابنه الشهيد ماهر أتمّ دراسته في مدارس المنطقة وخدم في القوات المسلحة الأردنية وتقاعد منها، لكن ظروف المعيشة أجبرته على العمل كسائق على شاحنات نقل البضائع إلى الضفة الغربية.
وأكد أن ابنه لا ينتمي لأي حزب سياسي أو منظمات غير معروفة، كما أنّ أحدا لم يكن يعرف أو يتوقّع العملية، مشددا على أن العملية كانت عملا فرديا.
ووجه رسالة إلى كافة الشعوب العربية والإسلامية بأن ابنه قدم نفسه شهيدا نصرة للدين وفداء للأردن وفلسطين والقدس.
وبحسب شاهد عيان، فإن الجازي اجتاز المعبر الأردني بعد دخوله غرفة التفتيش، ومن ثم تجاوز غرفة التفتيش إلى المعبر الإسرائيلي، وبدأ بتفريغ حمولته، وهي عبارة عن مياه معدنية متوجهة إلى قطاع غزة عبر معبر كرم أبو سالم.
وقال الشاهد، إن نقاشا حصل بين الجازي والموظفين الإسرائيليين، بدأ بعدها السائق الأردني بإطلاق النار على الإسرائيليين بشكل مباشر فقتلهم جميعاً بنفس اللحظة.
وتابع أنه على بعد 50 متراً بدأ قناص من الشرطة الإسرائيلية بإطلاق النار على الجازي، الذي واجهه بإطلاق النار بمسدسه الذي أفرغ كافة رصاصات المخزن الأول، فركب المخزن الثاني، وأصبح تبادل إطلاق النار مباشرا ومستمرا.
وأوضح أن الجازي كان يحتمي خلف درج وسور إسمنتي إلى أن تمكن عنصر من جيش الاحتلال من مباغتته من فوق السور حيث أطلق النار على قدمه، ليسقط المسدس من يده، وبعدها انقض عليه جميع أفراد الجيش المتواجدين هناك، وأطلقوا عليه أكثر من 20 رصاصة.
ويقول ناشطون إن ماهر سليل عائلة "الجازي" التي أنجبت الشيخ هارون الجازي الحويطي، قائد سرية متطوعي أبناء الحويطات في معركة القسطل بالقدس عام 1948.
ومن أبناء هذه العائلة أيضاً اللواء مشهور الجازي؛ أحد القادة الرئيسين في معركة الكرامة عام 1968، ويُعدّ من أحفاد الشيخ هارون.
إلى ذلك، قال الناطق باسم كتائب القسام، الجناح العسكري لحماس، أبو عبيدة إن "حماس تبارك العملية البطولية والنوعية على معبر الكرامة التي نفذها الشهيد الأردني البطل ماهر الجازي أحد أبطال طوفان الأقصى".
وأضاف أن "مسدس البطل الأردني في نصرة أقصانا وشعبنا كان أكثر فاعلية من جيوش جرارة وترسانة عسكرية مكدسة".
وأعلن أبو عبيدة أن مقاتلي حماس في قطاع غزة أدوا صلاة الغائب "على الشهيد بطل العملية".
وعلقت حركة حماس على العملية في بيان عبر موقعها الإلكتروني الرسمي، إن "العملية البطولية التي نفذها نشمي من نشامى الأردن، رد طبيعي على المحرقة التي ينفذها العدو الصهيوني النازي بحق أبناء شعبنا في غزة والضفة الغربية المحتلة".
يذكر أن الهجوم يعتبر الأول من نوعه على الحدود مع الأردن منذ تفجر الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة في 8 تشرين الأول (أكتوبر) 2023.
وجاءت تلك التطورات فيما تعيش الضفة توترات غير مسبوقة منذ سنوات، إثر الاقتحامات والاعتقالات الإسرائيلية التي نفذت خلال الأشهر الأخيرة.
فمنذ السابع من أكتوبر وتفجر الحرب في غزة، تعيش الضفة على فوهة بركان يغلي، مع تزايد الاعتداءات الإسرائيلية، إذ قتلت القوات الإسرائيلية أو مستوطنون إسرائيليون أكثر من 660 فلسطينياً على الأقل، وفقاً لوزارة الصحة الفلسطينية.
وفي مساء الأمس، أعلنت الداخلية الأردنية نتائج التحقيقات الأولية في عملية معبر الكرامة، وقالت إن نتائج التحقيقات الأولية تشير إلى أن مطلق النار هو الأردني ماهر ذياب حسين الجازي.
وتحدثت الوزارة عن "عمل فردي"، لافتة إلى أن التحقيقات مستمرة للوصول إلى التفاصيل كاملة.
وقد استُشهد مطلق النار وهو سائق شاحنة وصل من الأردن. وأوضحت الداخلية الأردنية أنه يجري التنسيق مع الجهات المعنية لاستلام جثمانه.
وأفادت بأن "مطلق النار مواطن أردني اسمه ماهر ذياب حسين الجازي، من سكان منطقة الحسينية، في محافظة معان (جنوب)، وكان عبَر الجسر سائقًا لمركبة شحن تحمل بضائع تجارية من الأردن إلى الضفة الغربية".
كما لفتت وزارة الداخلية إلى أنه تم الإفراج عن كل السائقين الأردنيين الذين تم التحقيق معهم (من جانب إسرائيل)، وعادت أكثر من 100 شاحنة إلى المملكة بشكل متتابع نهار اليوم (الأحد)".
وقال جيش الاحتلال، إنّ منفذ عملية إطلاق النار نزل من الشاحنة عند جسر الكرامة وأطلق النار باتجاه عناصر تأمين المعبَر، بينما أشارت إذاعة الجيش إلى أن "قوات الأمن تجري عملية تفتيش لشاحنة المنفذ خشية أن تكون مفخخة".
وشدّدت قوات الاحتلال الإسرائيلي إجراءاتها العسكرية على حاجزها العسكري عند المدخل الشرقي لمدينة أريحا قرب الحدود الأردنية الفلسطينية.
كما أعلن جيش الاحتلال الاستنفار الأمني في المستوطنات القريبة من جسر الكرامة الحدودي مع الأردن بعد العملية.
إلى ذلك، قال المتحدث باسم سلطة المعابر الإسرائيلية، إن كلّ المعابر البرية مع الأردن أُغلقت حتى إشعار آخر لدواعٍ أمنية، بعيد عملية إطلاق النار.
كما أعلن الأمن العام الأردني إغلاق الجسر أمام حركة السفر بعد إغلاقه من الجانب الإسرائيلي، وإعادة ثلاث حافلات تقل مسافرين فلسطينيين رغم وصولهم إلى النقطة الأردنية الحدودية.
لكن الداخلية الأردنية قالت إن "الجهات المعنيّة تتابع مسألة إغلاق الجسر".