بين التشابه المذهل ونظرية الإخفاء.. هل وزير خارجية سوريا هو أبو بكر البغدادي؟

انفوبلس/ تقارير

أثار ظهور وزير الخارجية السوري الجديد أسعد الشيباني الملقب "أبو عائشة الشيباني" موجة واسعة من التساؤلات ليست بسبب مواقفه أو سياساته، بل بسبب ملامحه التي يُقال إنها تكاد تتطابق مع الزعيم السابق لقوى الظلام، أبو بكر البغدادي، هذا التشابه اللافت، الذي تم تداوله عبر صور ومقاطع تحليلية، فتح الباب أمام فرضيات مثيرة، تراوحت بين الصدفة البحتة، و"نظرية الإخفاء" التي رأت أن البغدادي لم يُقتل فعلياً، بل أُعيد توظيفه سياسياً في موقع جديد، فما تفاصيل هذا الموضوع؟ وكيف توصّل الخبراء إلى وجود نسبة تطابق في الملامح تراوحت بين 70% و80%؟ انفوبلس أجابت على تلك الأسئلة عبر تقرير موسع تقرؤونه عبر الرابط التالي.

خلفية عملية مقتل البغدادي في إدلب

في أكتوبر 2019، أعلن الرئيس الأمريكي آنذاك، دونالد ترامب، مقتل البغدادي في عملية عسكرية نفذتها قوات خاصة أمريكية بدعم من تركيا و"قسد" (قوات سوريا الديمقراطية). 

ووفق الرواية الرسمية، فجّر البغدادي نفسه بحزام ناسف عندما حاصرته القوات في أحد الأنفاق، ما أدى إلى تدمير جثته جزئياً. وذكرت واشنطن أنها تأكدت من هويته عبر فحص الحمض النووي  (DNA)، لكنها لم تنشر صوراً واضحة للجثة، مبررة ذلك بالاعتبارات الأمنية والإنسانية.

منذ ذلك الحين، ظل غياب أي صور رسمية موثقة لجثمانه مادة خصبة للشكوك، خاصة لدى المهتمين بملفات "الحرب على الإرهاب" وارتباطاتها السياسية والاستخباراتية.

الشيباني.. ظهور مفاجئ بلا خلفية معروفة

المفاجأة التي فجرت الجدل مؤخراً، هي بروز شخصية "أبو عائشة الشيباني" في منصب وزير خارجية سوريا، ابتداءً من 8 ديسمبر 2024. 

وبحسب ما تم تداوله، فإن الشيباني خريج جامعة IZU التركية، ولم يكن اسمه متداولاً أو معروفاً في الأوساط السياسية السورية أو الإقليمية قبل توليه هذا المنصب الحساس.

هذا الغياب شبه التام عن السجلات العلنية قبل تاريخ تعيينه، فتح باب التساؤلات: من أين جاء الشيباني فجأة؟ وما علاقته المزعومة بالجماعات المسلحة في سوريا؟ وهل من الممكن أن يكون شخصية تنظيمية سابقة أُعيد تقديمها في ثوب دبلوماسي؟

التشابه البصري.. بين الصدفة والقرينة

نشطاء ومحللون نشروا صوراً تُظهر الشيباني بجانب صور معروفة للبغدادي، مشيرين إلى تطابق ملامح الوجه، شكل العينين، الأنف، والفك، بعض هؤلاء لجأ إلى تحليلات تقنية شبه احترافي وكما يأتي:

ـ تحليل الميزات البصرية (ORB): كشف عن وجود نقاط تطابق، لكن مع قيمة مسافة مرتفعة (~62.5)، ما يعني أن التشابه موجود ولكنه ليس حاسماً.

ـ التحليل الهندسي اليدوي: قياسات نسب الوجه أظهرت تطابقاً شبه كامل في مواقع العينين والأنف والفم بعد التطبيع، وهو مؤشر قوي على تشابه البنية العظمية.

ـ تقنية الدمج الشفاف: عند محاذاة الصور، بدت الملامح الأساسية متراكبة بشكل ملحوظ، مما عزز فرضية التشابه الكبير.

بناءً على هذه المؤشرات، قدّر بعض المحللين احتمال أن يكون الشخصان واحداً بنسبة تتراوح بين 70% و80%، مع التأكيد أن ذلك ليس دليلاً قاطعاً، نظراً لاختلاف الإضاءة وزوايا التصوير والعوامل المظهرية.

سلطة مزعومة على الجولاني

إحدى الفرضيات الأكثر إثارة هي ما يتردد في بعض الأوساط من أن الشيباني يتمتع بسلطة تنظيمية على زعيم "هيئة تحرير الشام" (جبهة النصرة سابقاً)، أبو محمد الجولاني، وأنه شخصية محورية في تنظيم "داعش". 

وإذا صحت هذه المزاعم، فإنها تفتح الباب أمام قراءة جديدة لخريطة التحالفات داخل الساحة السورية، وربما تكشف عن أدوار خفية تتجاوز الصور النمطية.

نظرية الإخفاء: أداة أم مبالغة؟

أنصار هذه النظرية يعتقدون أن الولايات المتحدة، وربما قوى إقليمية، فضلت "إخفاء" البغدادي بدلاً من قتله، لإعادة توظيفه في دور جديد يتناسب مع التوازنات الميدانية والسياسية. 

وبالنسبة لأصحاب هذه النظرية، فأن هذا السيناريو يفسر ما يأتي:

ـ غياب صور الجثة

ـ ظهور شخصية غامضة في موقع حساس.

ـ استمرار بعض الهياكل التنظيمية لـ"داعش" بفاعلية بعد إعلان مقتل زعيمها.

في المقابل، يرفض منتقدو النظرية هذه الفرضيات، معتبرينها مبنية على "أوهام التشابه" وغياب الأدلة الجنائية الموثقة.

البُعد السياسي والإعلامي للجدل

القضية لم تقتصر على أوساط النشطاء، بل وجدت طريقها إلى النقاشات الإعلامية، حيث انقسمت التحليلات بين من يرى في الأمر "قنبلة سياسية" تكشف تلاعباً بالمشهد السوري، ومن يعتبرها محاولة لصناعة الإثارة الإعلامية على حساب الحقائق. 

وسائل الإعلام الرسمية السورية لم تعلق، بينما اكتفت بعض المنابر المقربة من الحكومة بوصف هذه المزاعم بأنها "هراء إعلامي".

الأبعاد الإقليمية والدولية

إذا أخذنا الفرضية على محمل الجد، فإن وجود شخصية ذات خلفية تنظيمية سابقة على رأس الدبلوماسية السورية سيعني إمكانية إعادة تشكيل التحالفات داخل سوريا، وانكشاف أدوار جديدة لتركيا، خاصة إذا تأكدت صلة الشيباني بجامعاتها وبأطراف ميدانية، وكذلك اختبار جديد لمصداقية الولايات المتحدة في ملفات مكافحة الإرهاب.

بالمقابل، فأن التأكد من هوية الشيباني يتطلب، بيانات بيومترية رسمية من سوريا، مقارنة علمية عبر تقنيات التعرف على الوجوه المعتمدة في التحقيقات الجنائية، شفافية في الكشف عن سيرته الذاتية وتاريخه الشخصي.

لكن، في ظل الوضع السوري المعقد، من المستبعد أن تتوفر هذه البيانات في المدى القريب.

بين الحقيقة والشبهة

يبقى الجدل مفتوحاً بين من يرى في التشابه المدهش مجرد مصادفة، ومن يعتقد أننا أمام عملية إخفاء وإعادة توظيف لشخصية كانت على رأس أخطر تنظيم مسلح في العقد الأخير. 

وحتى إشعار آخر، ستظل هذه القصة مثالاً على كيف يمكن لملامح الوجه أن تشعل جدلاً سياسياً وأمنياً يتجاوز حدود الصور، ويغوص في أعماق الصراع السوري وتشابكاته الإقليمية والدولية.