تركيا تستغل أحداث المنطقة لرسم نفوذ جديد لها في العراق والخارجية تتفرج.. ماذا يقول النواب؟
تستهدف المواطنين يوميا
تركيا تستغل أحداث المنطقة لرسم نفوذ جديد لها في العراق والخارجية تتفرج.. ماذا يقول النواب؟
انفوبلس/ تقرير
بالتزامن مع توترات المنطقة وتحديداً ما يحدث في سوريا، تحاول أنقرة رسم نفوذ جديد لها شمال العراق، وسط انتقادات واسعة لدور وزارة الخارجية العراقية حول ذلك، ويسلط تقرير شبكة انفوبلس الضوء على تفاصيل هذا الملف الخطير.
وعلى الرغم من حديث تركيا عن أن غايتها ملاحقة حزب العمال الكردستاني، فإن خبراء وسياسيين يرون أن الغاية الأساسية تبتعد عن ذلك، وتمثل محاولة لإنشاء وجود دائم لأنقرة في العراق.
نواب "غاضبون"
يقول عضو لجنة الأمن والدفاع النيابية علي البنداوي، إن "تركيا تستغل التصعيد الإقليمي وانشغال القوات العراقية بتأمين الحدود مع سوريا لتوسيع نفوذها داخل الأراضي العراقية". مبينا، إن "تركيا بدأت تستهدف المواطنين في قرى كردستان، الأمر الذي أدى إلى سقوط شهداء يومياً، مما يكشف أن عملياتها ليست ضد حزب العمال الكردستاني فقط بل تهدف لتحقيق غايات وأهداف أخرى".
وأضاف، إن “تواجد قواعد عسكرية تركية ودخول مئات الجنود والآليات داخل العراق يشير إلى نوايا تركيا لاحتلال أجزاء من البلاد، خاصة وأن أنقرة لديها أطماع في العراق منذ أكثر من 40 عاماً". موضحا، إنه "لا توجد أي اتفاقية بين العراق وتركيا تسمح لأنقرة بالتوغل أو شن ضربات داخل الأراضي العراقية".
وانتقد "ضعف دور وزارة الخارجية في مواجهة هذا التوغل"، مطالباً "باتخاذ خطوات جدية عبر تفعيل القنوات الدبلوماسية ومخاطبة الجهات الدولية والإقليمية".
وتم الإعلان عن سقوط نظام الأسد، في 8 كانون الأول ديسمبر الحالي، بعد 12 يوما فقط على بدء المعارضة السورية عملياتها العسكرية التي أسمتها عملية “ردع العدوان”، حيث دخلت قواتها إلى العاصمة دمشق، وأعلنت عبر التلفزيون الرسمي سيطرتها، لتبدأ سوريا عهدا جديدا ومفتوحا على سيناريوهات عدة.
إلى ذلك، أكد النائب ياسر اسكندر أن “التوغل لعشرات الكيلومترات في عمق الأراضي العراقية يشكل علامة استفهام كبيرة ويدلل بأن سياسة أنقرة تحمل أجندة تضر بالعلاقات الأخوية بين البلدين".
وأكد، أنه "لا يوجد ما يبرر توغل القوات التركية وإنشاء المزيد من الثكنات العسكرية في عمق الأراضي العراقية"، مبينا أن "حل الهواجس الأمنية يبدأ من خلال التعاون مع بغداد والسعي لحل جميع الإشكاليات".
وأوضح، أن "التوغل وإنشاء المزيد من الثكنات لن يُنهي الإشكالية الأمنية لدى تركيا دون تعاون وتنسيق حقيقي مع بغداد"، مشيرا إلى أن "بناء علاقات وطيدة تعتمد الشفافية في التعاطي مع كل الملفات بمبدأ عادل ومنصف هو من يضمن تحقيق الاستقرار في نهاية المطاف".
وتسعى أنقرة لتعزيز نفوذها في شمال سوريا، وسط دعوات داخلية للانسحاب، فوزير الدفاع التركي، يشار غولر، أشار إلى أن تركيا قد تعيد تقييم وجودها العسكري في سوريا "وفق الظروف الضرورية"، مضيفًا أن أنقرة مستعدة للتعاون مع الإدارة السورية الجديدة إذا طلبت ذلك.
ومع ذلك، يواجه الدور التركي انتقادات دولية بسبب سيطرتها على أجزاء من الشمال السوري، فيما تستمر الفصائل المدعومة من أنقرة في الاشتباكات مع قوات سوريا الديمقراطية المدعومة من الولايات المتحدة.
وعلى مدى العقدين الماضيين، أقامت تركيا عشرات القواعد العسكرية في إقليم كردستان العراق بحجة محاربة حزب العمال الكردستاني المعارض (PKK) الذي يقيم في هذه المنطقة قواعد خلفية.
ويعلن الجيش التركي بشكل متكرّر تنفيذ عمليات عسكرية جوية وبرّية ضد مقاتلي حزب العمال الكردستاني ومواقعهم شمالي العراق. ودفع هذا الأمر الحكومة العراقية المركزية إلى الاحتجاج مرارا.
ويسعى السوداني إلى إبعاد الساحة العراقية عن أن تصبح ساحة لتصفية الحسابات، بالإضافة إلى محاولاته لموازنة الوضع الجديد في سوريا، والانخراط العراقي في الجهود الدبلوماسية العربية والدولية، بحسب مختصين.
ويخشى العراق من عودة سيناريو أواسط العام 2014 عندما تمكن تنظيم داعش الإرهابي من السيطرة على مناطق تُقدر بثلث البلاد على خلفية امتداد الصراع في سوريا بين النظام والفصائل المعارضة في السنوات الماضية.
وقامت القوات العراقية بتعزيز قواتها في الشريط الحدودي مع سوريا بعد أن تراجع الجيش السوري بقيادة نظام الأسد أمام المجاميع المسلحة لغاية ان تمكنت من إسقاط النظام في غضون أيام معدودة.
وبعد سقوط الأسد، حضّت أطراف عديدة على تفادي الفوضى في البلاد، مشددة على ضرورة حماية كل المكونات السورية المتنوعة عِرقياً ودينياً.
وكانت العاصمة بغداد قد احتضنت، في 6 كانون الأول ديسمبر الحالي، اجتماعا ثلاثيا "عراقيا- سوريا- إيرانيا"، لبحث تداعيات الأحداث الأمنية المتسارعة في سوريا وتأثيراتها على المنطقة، بحضور وزير خارجية إيران عباس عراقجي، ووزير خارجية سوريا (السابق) بسام الصباغ، بالإضافة إلى نظيرهما العراقي فؤاد حسين.
انفوبلس تفصّل تاريخ العدوان التركي على العراق
سجل العراق، أكثر من 22 ألف خرق أمني للجانب التركي تجاه الحدود العراقية، في الوقت الذي قدّم العراق أكثر من 16 ألف مذكرة احتجاج، وذلك وفقاً للجنة الأمن والدفاع النيابية في مجلس النواب العراقي.
وقالت اللجنة مؤخرا، إنها "استضافت وزير الدفاع، والعديد من القادة الأمنيين، بالإضافة الى وزير الخارجية لمناقشة ملف الاعتداءات التركية على شمال العراق". مؤكدة، إن "الخروقات التركية تمارَس على العراق منذ 1987 إلى يومنا الحالي".
وأضافت، إن "عدد الخروقات التركية بلغت طيلة السنوات الماضية، أكثر من 22 ألف خرق أمني للجانب التركي تجاه الحدود العراقية، في الوقت الذي قدّم العراق أكثر من 16 ألف مذكرة احتجاج، إلا أن القوات التركية مستمرة بين فترة وأخرى بممارسة تلك الاعتداءات".
وأكدت اللجنة، "ضرورة وجود موقف عراقي صارم بحق تركيا، وحفظ الحدود المشتركة معها، باعتبار أن أغلب الحدود العراقية مع دول الجوار مؤمّنة بشكل تام".
ما كشفته لجنة الأمن والدفاع النيابية، تؤكده وزارة الخارجية العراقية، حيث بيّنت مؤخراً أنها، وثّقت أكثر من 22 ألفاً و740 خرقاً تركيّاً، مضيفة، "أحصَينا أعداد المذكرات والشكاوى التي قُدِّمت من الحكومة العراقية للجانب التركي والبالغ عددها 296 شكوى".
ويعتقد مراقبون أن رد فعل العراق لا يرتقي إلى المستوى الذي تجري فيه انتهاكات السيادة العراقية من قبل تركيا، ويقول الباحث في الشؤون الاستراتيجية أحمد الشريفي، إن رد الفعل الرسمي العراقي "لا يرتقي إلى حجم التدخلات التركية ولا يؤثر في مسار الأحداث".
ويضيف الشريفي، إن هذا التوغل العسكري على حساب الأراضي العراقية يمثل محاولة لـ"إعادة إحياء العمق الاستراتيجي التركي"،
ويشير الشريفي إلى أن غاية استمرار التوغل ليست السيطرة على أنشطة حزب العمال الكردستاني، إنما "إعادة المطالبة بمحافظتي كركوك والموصل إلى ساحة الصراع الدولي". ويتابع، إن الأسلوب العسكري التركي المتَّبع في الداخل العراقي هو، "قبض الأرض والاندفاع باتجاه هدف رئيسي"، ولعلّ ما يؤكد ذلك، بحسب الشريفي، وجود "أكثر من 35 موقعاً عسكرياً بين قاعدة ونقاط تمركز تهدد سيادة العراق".
ويصف الشريفي، إن ما يجري من توغل تركي وإنشاء قواعد في الأراضي العراقية من دون اتفاقات بأنه "احتلال صريح"، معبّراً عن استيائه من عدم اتخاذ الحكومة العراقية "موقفاً أكثر صرامة".
وخلال الأعوام الأخيرة، تحولت تركيا إلى لاعب مؤثر داخل العملية السياسية العراقية، عبر فرض سطوتها على بعض الكتل السياسية السُنية وتحكمها بقرارهم السياسي، ما أدى إلى عرقلة أي خطوات عراقية حقيقية لوقف انتهاكات تركيا للأراضي العراقية.
وعلى الرغم من التنديد المستمر من قبل الحكومة العراقية بالهجمات التركية، فإن الأخيرة مستمرة في القيام بعمليات عسكرية واسعة ضد حزب العمال الكردستاني وإنشاء قواعد عسكرية ونقاط متحركة داخل الأراضي العراقية من دون أي تنسيق أو موافقة من الحكومة العراقية.
وبحسب خبراء، فإن القوات التركية تُضفي على هذا العدوان نوعاً من الشرعية الزائفة باستنادها على الاتفاقية العراقية – التركية المذلّة، التي منح بموجبها النظام السابق للقوات التركية "حق" التوغل حتى عمق 30 كيلومترا داخل الاراضي العراقية. كذلك استنادها الى قرار البرلمان التركي السماح لها بتنفيذ عمليات عسكرية خارج حدود تركيا، فضلاً عن ذريعة محاربة حزب العمال الكردستاني داخل الأراضي العراقية.