"تسفي فريدمان" مسمار في نعش "إسرائيل".. زعيم الحريديم الرافض لخدمة العلم في الكيان الغاصب يتسبب بانشقاق كبير وآثاره "كارثية"
انفوبلس/تقرير
فاقمت التصريحات "المدوية" التي أطلقها الحاخام تسفي فريدمان زعيم التيار "الحريدي"، حول الخدمة العسكرية الإلزامية في جيش الاحتلال الصهيوني، الخلافات الداخلية داخل الكيان "الغاصب" تزامناً مع الحرب الجارية بالأراضي الفلسطينية المحتلة.
ويسلط تقرير شبكة "انفوبلس"، الضوء على تصريحات تسفي فريدمان وما خلفتها من ردود أفعال "واسعة"
*ماذا قال الحاخام "تسفي فريدمان"؟
يلخص مقطع فيديو مسرّب، نشرته القناة 12 العبرية قبل أيام قليلة، من لقاء جمع نشطاء من منظمة "إخوة في السلاح" بالحاخام تسفي فريدمان، زعيم أحد تيارات "الحريديم" المتزمتة، ويطلق عليه اسم جناح "يروشالايم" (في إشارة إلى القدس المحتلة)، بعض أوجه الصراع بين "الحريديم" والعلمانيين في "إسرائيل".
وأصدر الحاخام خلال اللقاء تصريحات "قاسية" ضد التجنيد الإجباري، وأيضاً ضد العلمانية، رداً على طلب النشطاء تجنيد "الحريديم" بسبب الوضع السيئ الذي وصلت إليه دولة الاحتلال الإسرائيلي وجيشها ومطالبتهم بتوزيع عبء الخدمة العسكرية على كافة شرائح المجتمع.
وقال الحاخام فريدمان خلال اللقاء: "لديَّ ما بين 30 إلى 40 حفيدًا، وإذا سألوني ماذا تفضّل، أن يقتلهم العرب أم أن يصبحوا علمانيين؟ فإن العلمانية عندنا تتجاوز الموت، وهي أكثر خطورة بكثير".
وسأل أحد الناشطين الحاخام عما إذا كان الوجود في مجتمع علماني أسوأ من أن يُقتل الشخص، ليرد عليه: "هذا انحطاط وإجرام، هذا أسوأ من الموت. التجربة علمتنا أن الحريديم الذين يتجندون في الجيش يتركون الدين، وهذا أسوأ من الموت".
وأضاف الحاخام: "نحن لم نُقِم الدولة. (دافيد) بن غوريون علم أن الحريديم لن يشاركوا معه، وكنا نفضّل الانتداب البريطاني".
ورداً على سؤال وُجِّه للحاخام حول سبب تفضيله النظام البريطاني على اليهود العلمانيين رغم أنهم يهود حتى لو لم يكونوا متدينين، أجاب الحاخام بسؤال صدم الناشطين: "لنفترض أنكم تعيشون في باكستان، هل كنتم سترسلون أولادكم إلى الجيش؟".
وأوضح النشطاء، أن إسرائيل حالياً في وضع يتطلب توسيع صفوف الجيش الإسرائيلي، وأن "الأمر ليس مسألة سجن، بل مسألة بقاء. إننا قد نُذبح هنا"، ليجيب الحاخام فريدمان بأنه "حتى لو كان الوضع هكذا، فإننا لا نفعل ذلك مهما حدث".
وقال النشطاء، إن "الشعب اليهودي كانت لديه مسؤوليات مدنية بغض النظر عن المكان الذي يعيش فيه. ما الذي تغير؟"، ليجيب الحاخام: "اليهود اليوم كفار، وليسوا مثل ما كانوا في ذلك الحين".
ورد أحد النشطاء بأنه يهودي مؤمن أيضًا، فأجاب الحاخام: "من يستطيع أن يحافظ على الإيمان هو نحن، وليس أنتم. أنتم لا تنتمون إلى الإيمان".
وقال الحاخام، إنه لا يجد ثقافة مشتركة بين الإسرائيليين العلمانيين والحريديم، وإنه "من الأفضل أكل لحم الخنزير على الوجود في مجتمع علماني وفكر علماني"، وكذلك من الأفضل الوجود في السجن على الوجود في الجيش.
وإن كان الحاخام فريدمان يقود واحداً من أكثر التيارات تشدداً ضد الخدمة العسكرية، والذي قد يرفضه الحريديم أنفسهم، فإنهم بالمجمل يفضلون الحفاظ على الوضع الحالي الممتد مذ عقود ويعفيهم من الخدمة العسكرية الإلزامية، كما يبقي نسبة كبيرة منهم في المعاهد الدينية وخارج القوة العاملة في الاقتصاد الإسرائيلي.
وقررت مجموعة "إخوة في السلاح" بعد هذا الاجتماع أن تنظم مظاهرة تدعو فيها إلى فرض التجنيد الإجباري وأن تتبنى الحكومة قانون التجنيد للحريديم".
وانتقد رئيس أركان الجيش الإسرائيلي هرتسي هاليفي، في وقت سابق بصورة غير مباشرة، المسؤولين الحكوميين الذين يفكرون في الإبقاء على الإعفاء الشامل من التجنيد العسكري للحريديم "المتدينين المتشددين".
يذكر أن نحو 66 ألف شاب من المجتمع "الحريدي" حصلوا على إعفاء من الخدمة العسكرية خلال العام الماضي، وهو رقم قياسي، تحديدا وسط حالة الحرب التي تعيشها "إسرائيل"، وتعدد الجبهات التي تتعامل معها.
وطفت الخلافات حول قانون التجنيد بقوة على الساحة الإسرائيلية في فترة الاحتجاجات ضد التعديلات الحكومية الرامية لتقويض القضاء قبل الحرب، وتعود الآن بقوة أكبر في ظل حاجة جيش الاحتلال الإسرائيلي إلى آلاف الجنود عوضاً عمن قُتلوا وأُصيبوا منذ بداية الحرب، وفي ظل طرح القانون الجديد الذي يلاقي معارضة حتى من داخل بعض مكونات الحكومة.
*خلافات داخل الحكومة
على الرغم من عدم اتضاح ملامح مقترح القانون الكاملة وعدم توزيعه حتى على الوزراء، إلا أنه أثار العديد من ردود الفعل بعد الأجزاء التي تسربت منه، ما دفع أوساطاً في الحكومة إلى التهديد بعدم الموافقة عليه وأخرى إلى الخروج من الحكومة في حال تمريره.
ويُجري أعضاء الكنيست من الائتلاف الحاكم، اليوم الاثنين، مناقشات بوتيرة عالية من أجل تغيير صيغة مقترح إعفاء الحريديم من التجنيد، بعد أن أبلغت المستشارة القضائية للحكومة غالي بهراف ميارا، أمس الأحد، رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو أن الحكومة لا يمكنها تمرير قرار من هذا النوع فارغ من المضمون، ويحمل مضموناً تصريحياً فقط.
ونقلت صحيفة "هآرتس" عن أوساط في الائتلاف الحاكم أن الأخير يعمل على وضع صياغة جديدة وسيتنازل عن بند رفع جيل الإعفاء من الخدمة الإلزامية إلى 35 عاماً.
وينص مقترح نتنياهو على أن إنفاذ القانون على المتهربين من الخدمة العسكرية يبدأ بعد ثلاث سنوات، كما أن المقترح لا يحدد أهدافاً واضحة من حيث عدد مَن يجب تجنيدهم من "الحريديم".
وتحاول الحكومة إرجاء تشريع القانون لثلاثة أشهر من أجل كسب الوقت والوصول إلى فترة إجازة الكنيست، وبالتالي إرجاء القانون حتى بداية العام المقبل.
في المقابل، كشفت صحيفة "يديعوت أحرونوت"، اليوم، عن الرسالة التي وجهتها المستشارة القضائية إلى نتنياهو وأوضحت له من خلالها أن كل "قرار يُمرّر يجب أن يشمل خطوات جوهرية يمكن تنفيذها على أرض الواقع".
وذكرت رسالة المستشارة القضائية أن مقترح الحكومة يجب أن يشمل تعليمات واضحة إلى المؤسسة الأمنية للاستعداد لتجنيد أبناء المعاهد الدينية اليهودية ابتداءً من 1 يوليو/ تموز المقبل، سواء استُكمل القانون حتى ذلك الحين أم لا.
هذا وأعلنت وزارة الصحة في قطاع غزة، الاثنين، ارتفاع حصيلة ضحايا الحرب الإسرائيلية إلى "32 ألفاً و333 شهيداً و74 ألفاً و694 إصابة" منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023.
ومع مرور 171 يوما على الحرب، قالت الوزارة في تقرير إحصائي يومي عبر منصة تلغرام، إن "الاحتلال الاسرائيلي ارتكب 11 مجزرة ضد العائلات في قطاع غزة وصل منها إلى المستشفيات 107 شهداء و176 إصابة خلال الـ24 ساعة الماضية.
وأضافت، أن "حصيلة ضحايا العدوان الإسرائيلي ارتفعت إلى 32 ألفا و333 شهيدا و74 ألفا و694 مصابا منذ 7 أكتوبر".
ولا زال عدد من الضحايا تحت الركام وفي الطرقات ولا تستطيع طواقم الإسعاف والدفاع المدني الوصول إليهم، وفق ذات المصدر.
وإلى جانب الخسائر البشرية، ومعظمها من الأطفال والنساء، تسببت الحرب الإسرائيلية في دمار هائل بالبنى التحتية وكارثة إنسانية، بالإضافة إلى مجاعة مستمرة أودت بحياة أطفال ومسنين، بحسب بيانات فلسطينية وأممية.
ورغم مثولها أمام محكمة العدل الدولية بتهمة ارتكاب "إبادة جماعية" تواصل إسرائيل حربها على القطاع الذي تحاصره منذ 17 عاما، ويسكنه نحو 2.3 مليون فلسطيني يعانون أوضاعاً كارثية.