تفجر خلافات حكومة الاحتلال والجيش.. الإرباك يسيطر على الكيان المحتل بعد تهديد 100 ألف جندي بتنفيذ انقلاب عسكري
انفوبلس..
حالة من الإنذار والفوضى الكبيرة أصابت كيان الاحتلال بعد انتشار مقطع فيديو لجندي احتياط يهدد فيه بـ"انقلاب عسكري" برفقة 100 ألف جندي آخرين لو قررت قيادته الانسحاب من غزة، مؤكدا أنهم سيعصون الأوامر العسكرية ويمتثلون لأوامر نتنياهو فقط.
رئيس وزراء الكيان الإسرائيلي، ندد بأي شكل من العصيان العسكري بعد أن نشر نجله، يائير، المقطع لجندي يهدد بعدم الاستماع لأوامر القادة العسكريين في الجيش الإسرائيلي واتباع تعليمات رئيس الحكومة وحده.
وندد مكتب نتانياهو في بيان "أي فكرة لعصيان الجنود"، وفق ما نقلته صحيفة "يسرائيل هيوم".
بيان المكتب أكد أن نتانياهو "حذر مرارا من مخاطر العصيان وأي تساهل تجاهه".
وأضاف، "نتنياهو ثابت على هذا الموقف، فهو يرفض رفضا قاطعا أي مظهر من مظاهر العصيان من قبل أي شخص، ويتوقع أن تتعامل معه كافة الأنظمة على قدم المساواة".
وكان الوزير الإسرائيلي وعضو مجلس الحرب، بيني غانتس، قد طلب من نتانياهو التنديد بالفيديو.
وقال غانتس: "في جيش الدفاع الإسرائيلي، كجيش للشعب، يخدم جنود من جميع أنحاء المجتمع الإسرائيلي، مع مجموعة متنوعة من وجهات النظر والمعتقدات".
وأضاف، "لكن هناك مستوى قيادة عليا واحدا فقط: رئيس الأركان. التعبير عن الدعم للدعوة إلى التمرد في زمن الحرب وبشكل عام، كما في الفيديو الذي نُشر يضر بأمن إسرائيل".
ودعا "نتنياهو إلى إدانة فيديو التمرد بشكل واضح وصارم، وعدم الاختباء وراء غسيل الكلمات. هذا ما يجب على القيادة بأكملها في إسرائيل أن تفعله".
وأمر المدعي العام العسكري في إسرائيل الشرطة العسكرية بفتح تحقيق في مقطع الفيديو لما قال إنه جندي احتياط إسرائيلي يهدد برفض الأوامر والعصيان، في حال انتهت الحرب بتسليم قطاع غزة لحماس أو للسلطة الفلسطينية.
ويهدد الجندي الذي ظهر مُلثماً في المقطع وبزيّ الجيش الإسرائيلي بالعصيان الجماعي لجنود الاحتياط، وفق ما نقلت صحيفة "هآرتس".
"سنريكم كيف ينتصر اليهود الحقيقيون" يقول الرجل الملثّم مهدداً وزير الدفاع الإسرائيلي وقائد الجيش الإسرائيلي في حال انتهت حرب غزة بحكم حماس أو السلطة الفلسطينية، فإن 100 ألف من جنود الاحتياط الإسرائيليين سيرفضون إطاعة الأوامر.
ويقول الجندي الذي يظهر في الفيديو مسلحاً "سنستمع إلى قائد واحد، ليس وزير الدفاع أو رئيس الأركان، إنه رئيس الوزراء".
وتمت مشاهدة الفيديو عشرات الآلاف من المرات منذ أن شاركه يائير، نجل نتانياهو، وفق "هآرتس".
ولم يؤكد جيش الاحتلال ما إذا كان الرجل في الفيديو جندياً، لكنه قال إن الشرطة العسكرية فتحت تحقيقا في الحادث.
ولخطورة الحادث عقد رئيس الأركان اجتماعا عاجلا للقيادة بالتزامن مع التحقيق الذي فُتح من قبل الشرطة العسكرية، وفق متحدث باسم الجيش الإسرائيلي.
وتم تصوير الفيديو في مبنى يبدو أنه مهجور، مع كتابات عبرية على الحائط خلفه. في الفيديو، يخاطب المتحدث رئيس الوزراء نتانياهو ويقول: "نحن جنود الاحتياط لا ننوي تسليم مفاتيح غزة إلى السلطة الفلسطينية أو إلى حماس أو فتح أو كيان عربي آخر".
ويهدد الجندي بأن 100 ألف من جنود الاحتياط، وفقا لتقديره، سيرفضون الاستسلام لأوامر رئيس أركان الجيش الإسرائيلي هرتسي هاليفي أو وزير الدفاع يوآف غالانت.
وأضاف: "أقول لك، سيد يوآف غالانت، إذا لم نستمر حتى النصر، سيبقى 100 ألف جندي احتياطي على السياج وسندعو سكان دولة إسرائيل للمجيء إلى غزة تحت حمايتنا".
وهدد الجندي قيادة الجيش بـ "انقلاب عسكري"، وقال "إما أن تغير لهجتك وتدرك أننا نريد الانتصار، أو أننا سنتبع فقط مع رئيس الوزراء". وأضاف "هل تريد انقلابا عسكريا؟ نحن جنود احتياط لا يمكننا العودة إلى ديارنا، سنُريك ما هو الاستسلام والنصر، وسنُريك كيف ينتصر اليهود الحقيقيون".
وقالت الصحيفة، إن تصريحات الجندي في الفيديو، إلى جانب نشره من قبل يائير نتانياهو، قد تشكل جرائم جنائية بسبب "نشر الفتنة"، والتي يعاقب عليها بالسجن لمدة تصل إلى خمس سنوات.
وقال مكتب الناطق بلسان جيش الاحتلال، إن "السلوك المسجل في الفيديو هو انتهاك خطير لأوامر وقيم الجيش الإسرائيلي، وقد يشكل جريمة جنائية".
وكان وزير الدفاع غالانت قد وجه انتقادات لنتانياهو لعدم استبعاده تشكيل حكومة إسرائيلية في غزة بعد الحرب.
وأدى نتنياهو الصريح للقيادة الفلسطينية بعد الحرب في غزة إلى خلاف واسع النطاق بين كبار المسؤولين الإسرائيليين.
يشار إلى أنه في أواخر العام الماضي، أعلن نجل نتنياهو، يائير، انضمامه علناً إلى ما يتبناه اليمين الإسرائيلي المتطرف الذي يرفض وقف الترويج للفكرة القائلة بأن هجوم السابع من أكتوبر انطوى على مؤامرة للجيش، بغرض تنفيذ محاولة انقلاب عسكري على حكومة بنيامين نتنياهو.
وتقول الفكرة، إن الجيش والمخابرات علِما بالهجوم لكنهما لم يفعلا شيئاً لمنعه، بل أرادا له أن يحدث حتى يغضب الجمهور ويُسقط حكومة نتنياهو. ومع أن الكثيرين، حتى في اليمين، اعتبروا هذا الكلام سخيفاً، فإن هذا لم يمنع استمرار الحديث فيه. ونشر أحد نشطاء اليمين المعروفين، يوسي شحبر، تغريدة في منصة «إكس» (تويتر سابقاً) قال فيها: «ليكن معلوماً لديكم أننا، في 7 أكتوبر (تشرين الأول)، عشنا انقلاباً عسكرياً بقيادة هيرتسي هليفي (رئيس أركان الجيش)، الذي امتنع عن تبليغ رئيس الحكومة بأمر الهجوم المقرر تنفيذه في عيد فرحة التوراة. الانقلاب لم ينته بعد ولم يكتمل، لكن الجيش ووزير الدفاع يوآف غالانت يمنعان وزير الأمن الداخلي من دخول معسكر للجيش. إنها أشكرا (يقصد بشكل مكشوف) طغمة عسكرية حاكمة».
يوسي شحبر، يُعد من نشطاء اليمين الذين يكتبون كل يوم ضد الجيش والمعارضة، وهو جندي في جيش ضخم من العاملين في دائرة التحريض اليمينية، فيكتبون منشورات ويهاجمون منشورات أخرى ويشتمون ويشوهون سمعة كل خصم. لكن المهم أن نجل رئيس الحكومة، يائير نتنياهو، عمل «لايك» لهذه التغريدة. وهذه ليست أول مرة يتخذ فيها نتنياهو الابن موقفاً معادياً من هليفي. ففي أغسطس (آب) الماضي، أي قبل الحرب، بادر يائير نتنياهو إلى المشاركة في تغريدة نشرها أحد نشطاء الليكود، إيرز تدمور، يقول فيها إن «هيرتسي هليفي سيسجل في تاريخ الجيش الإسرائيلي ودولة إسرائيل كرئيس الأركان الأكثر فشلاً وتدميراً».
ويربط المراقبون بين هذا الموقف، وبين تصرف نتنياهو الأب الذي استمع إلى وزرائه؛ إيتمار بن غفير، وميري ريجف، ودودي عمسالم، وهم يهاجمون هليفي والجيش خلال جلسة المجلس الوزاري الأمني المصغر يوم الاثنين، ويتهمانه بالاستمرار في قصور 7 أكتوبر خلال الأداء الفاشل للحرب، بينما ظل نتنياهو صامتاً.
ويقول المطلعون على بواطن الأمور، إن نتنياهو انتقل بذلك إلى مرحلة جديدة من تصفية الحساب مع الجيش، الذي وقف مع الدولة العميقة ضد خطة الحكومة للانقلاب على منظومة الحكم وجهاز القضاء. فإذا كانت هذه المعركة مهمة قبل الحرب، فهي غدَت الآن مصيرية، لأن أجهزة الأمن، بما فيها الجيش، تقول إنها تتحمل مسؤولية عن قسطها في إخفاق 7 أكتوبر، ولكنها تتفرغ الآن لإدارة الحرب، وستكون جاهزة لأي حساب بعد الحرب.
في الوقت نفسه، سرّبت هذه القيادة عدة وثائق تؤكد فيها أنها قدمت لنتنياهو عدة مذكرات تحذره فيها من أن سياسة الحكومة تجاه الفلسطينيين تهدد بانفجار أمني كبير وخطير، وينبغي تغيير هذه السياسة لدرء هذا الخطر، وذلك في إشارة لممارسات مثل زيادة الاستيطان واقتحامات الأقصى والتنكيل بالأسرى الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية وإساءة ظروف معيشتهم. وفهم نتنياهو أن هذا التوجه هو الذي سيحكم التحقيقات في إخفاقات الحرب، ما يعني أنه سيدفع وحده ثمن هذه الإخفاقات.