توتر بين الهند وباكستان بسبب كشمير مجدداً.. دلهي تصر على إلغاء الحكم الذاتي في الإقليم المتنازع عليه.. هل تهاجم إسلام أباد بقوة؟
انفوبلس/..
توتر جديد يطفو على سطح الخلافات بين الهند وباكستان والسبب لم يتغير بعد وهو "كشمير"، فدلهي تُصر على إلغاء الحكم الذاتي في الإقليم المتنازع عليه، وسط تحذيرات من مهاجمة إسلام أباد بقوة للدولة الهندية.
*مصادقة رسمية
صادقت المحكمة العليا في الهند على إلغاء الحكم الذاتي لإقليم كشمير، تأييدا للقرار الصادر عام 2019 عن حكومة رئيس الوزراء ناريندرا مودي بإلغاء الوضع الخاص للإقليم.
وقالت وكالة أنباء آسيا الدولية "آني"، إن "المحكمة العليا تؤيد إلغاء المادة 370 في جامو وكشمير باعتبارها صالحة دستورياً، وتطلب من لجنة الانتخابات الهندية إجراء انتخابات الجمعية التشريعية لجامو وكشمير بحلول 30 سبتمبر 2024".
وبحسب الوكالة، فقد قالت المحكمة العليا الهندية، إنه "نظراً لطلب المركز بشأن استعادة دولة جامو وكشمير، فإنها تأمر بأن تتم إقامة الدولة في أقرب وقت ممكن".
ونقلت صحيفة "هندوسيان تايمز" المحلية عن دهانانشايا واى تشاندراتشود، رئيس المحكمة العليا الهندية، قوله: "سلّمت جامو وكشمير سيادتها بالكامل بعد انضمامها إلى الاتحاد الهندي بعد الاستقلال"، مشيرا إلى أن المنطقة "سلمت سيادتها الكاملة من خلال الاندماج، وكان دستور جامو وكشمير يهدف فقط إلى تحديد علاقته مع الهند، وبالتالي يخضع دستوره للهند".
وكانت المحكمة الرئيسية في الهند قد بدأت في مطلع أغسطس الماضي، الاستماع لالتماسات تطعن بدستورية قرار الحكومة إلغاء المادة 370 من دستور البلاد، التي تنص على وضع شبيه بحكم ذاتي للمنطقة، وتجريدها من كيانها، وخفض رتبتها من ولاية إلى إقليم فيدرالي.
وتعتبر قضية كشمير هي الأبرز في الخلاف بين باكستان والهند منذ استقلال إسلام آباد عن شبه القارة الهندية في 1947.
وتشهد المناطق الحدودية بين البلدين في كشمير اشتباكات مسلحة بين فترة وأخرى بين قوات البلدين.
وتصاعد الخلاف بين باكستان والهند، في أغسطس 2019، عندما ألغت نيودلهي الوضع الخاص في كشمير، حيث وبحسب المادة 370 من الدستور الهندي، يمنح وضعاً خاصاً لمنطقة جامو وكشمير.
وكانت الخطوة غير المسبوقة من جانب الحكومة فقد قسمت المنطقة إلى كيانين اتحاديين - أحدهما "لاداخ"، والثاني "جامو وكشمير" - وكلاهما تحكمهما الحكومة الفيدرالية مباشرةً من دون هيئة تشريعية خاصة بهما.
وعملت حكومة مودي على دمج المنطقة ذات الأغلبية المسلمة مع بقية أجزاء البلاد، وهو ما اعتبرته باكستان خرقاً لقرارات الأمم المتحدة في هذه القضية.
*تاريخ النزاع
ويرجع تاريخ النزاع الكشميري بين الهند وباكستان إلى أغسطس (آب) عام 1947، فبعد إعلان استقلال الهند عن الحكم الإنجليزي، قرر البرلمان حينها تقسيم الولايات تبعاً للمذهب الديني، على أن تنضم الولايات ذات الغالبية الهندوسية إلى الهند، والغالبية المسلمة إلى باكستان، وذلك وفقاً لرغبة السكان الأصليين للولايات، إلا أن هذا الانضمام لم يمر بسلام على "إقليم كشمير" مثلما مر على ولايات شبه القارة الهندية، حيث لم يتقرر وضع كشمير في مرحلة التقسيم، سواء بالانضمام إلى الهند أو إلى باكستان، وخاصة أن غالبية السكان كانوا مسلمين، في الوقت الذي كانت فيه الهيئة الحاكمة من الهندوس وقت التقسيم. وطالب المهراجا كشمير بإبقائها على حالها الراهنة، دون أن تنضم إلى أي من الدولتين. ولكن نشبت بعد ذلك اضطـرابات كبيرة بين المسلمين والحكام الهنود.
وشهدت كشمير مصادمات مسلحة، تدفق على إثرها رجال القبائل الباكستانية لمساندة المسلمين، وطلبت حكومة كشمير آنذاك مساعدة الهند، وأعقب ذلك دخول القوات الهندية لمساندة المهراجا، ولكن ترتب على ذلك دخول القوات الباكستانية إلى المنطقة، وبدأ القتال بينها وبين القوات الهندية، واستمر لفترة تزيد على عام كامل. إلا أنه في يناير (كانون الثاني) عام 1949، تدخلت الأمم المتحدة وتوقف القتال، وأُنشئ خط وقف إطلاق النار، جاعلاً ثلثي مساحة كشمير وأربعة أخماس السكان تحت السيطرة الهندية، والباقي تحت السيطرة الباكستانية.
وتقول الهند، إن ولاية جامو وكشمير كلها ملك لها، وتحكم الهند ما يقارب 43 في المائة من المنطقة، إذ تسيطر على جامو، ووادي كشمير، ولاداخ، ونهر سياتشين الجليدي.
وتنازع باكستان التي تحكم نحو 37 في المائة من جامو وكشمير، أو ما يُعرَف بـآزاد كشمير (كشمير الحُرّة) وجلجت بالتستان.
أمّا الصين فتحكم حالياً منطقة ديمشوك، ووادي شاكسغام، ومنطقة أكساي شن، وتنازعها الهند على هذه الأقاليم التي تصرح الصين بامتلاكها، منذ استيلائها على أكساي شن، خلال الحرب الهندية الصينية عام 1962.
ويحتل إقليم جامو وكشمير موقعاً استراتيجياً مهماً في جنوب القارة الآسيوية، وتبلغ مساحته نحو 84471 ميلاً مربعاً، ويشكل المسلمون فيه أكثر من 90 في المائة من السكان، ويتشارك في حدوده الصين والهند وباكستان.
وتُعد أهمية الإقليم للهند استراتيجيةً، حيث ترتبط قضية كشمير بتوازن القوى في جنوب آسيا، وتوازن القوى بين الهند والصين، أما أهميته لباكستان فهي جغرافية وسكانية، حيث تنبع أنهار باكستان الثلاثة (السند وجليم وجناب) منه، وتنفتح الحدود بين باكستان والإقليم، وهو ما يشكل تهديداً للأمن القومي الباكستاني في حال سيطرة الهند عليه، يضاف إلى ذلك أن مصالح الإقليم الاقتصادية وارتباطاته السكانية قوية بباكستان، فالإقليم ليس له ميناء إلا كراتشي الباكستاني، فضلاً عن تقارب السكان الديني والعائلي.
ولم تهدأ التوترات بين البلدين، والتي أثرت تبعاتها على العلاقات الدبلوماسية بين البلدين، ومر بهما كثير من الأزمات. وقد شكلت التوترات المتفاقمة بين الدولتين مصدر قلق كبيراً للمجتمع الدولي، كونها واحدة من أطول النزاعات، ولامتلاك الهند وباكستان برنامجاً للسلاح النووي.
ولم تمنع معاهدة الأمم المتحدة خوض الدولتين ثلاث حروب منذ عام 1947، واقتربوا من حرب أخرى عام 1999.
واندلعت الحروب في 1947 و1965 مباشرة في كشمير، وأسفر العنف المستمر عن مقتل أكثر من 47000 شخص منذ عام 1989، ولا تشمل هذه الحصيلة الأشخاص الذين اختفوا بسبب النزاع، وقدرت بعض جماعات حقوق الإنسان والمنظمات غير الحكومية عدد القتلى بضعف هذا العدد.
وقد حافظ البلدان على وقف هش لإطلاق النار منذ عام 2003، وفقاً لمجلس العلاقات الخارجية، على الرغم من أن المتنافسين يتبادلان النار بانتظام عبر الحدود.
وفي عام 2006 اتخذ البلدان خطوات نحو تنفيذ معادلة الحوار وتقوية العلاقات الثنائية، ولكنها لم تُكلل بالنجاح، لاستمرار رغبة البلدين في الاستحواذ على الإقليم، تبعاً لعوامل عِرقية واقتصادية وسياسية وتاريخية، وبقيت المشكلة عقَبة في طريق الصداقة الباكستانية الهندية.