جدار الاحتلال يلتهم الأرض والماء.. مخططات صهيونية تعمّق عزل القدس والأغوار

انفوبلس.. 

في تصعيد متواصل لسياسة الاستيطان الاستعماري، تمضي سلطات الاحتلال الإسرائيلي في فرض وقائع قسرية جديدة على الأرض، مستهدفة القدس ومحيطها والضفة الغربية عبر مخططات تهويدية متزامنة.

من مطار القدس الدولي شمال المدينة، إلى الأغوار ومخيمات اللاجئين، تتكامل أدوات الهدم والعزل وشرعنة المستوطنات ضمن مشروع واحد يهدف إلى تفكيك الجغرافيا الفلسطينية وإنهاء أي أفق سياسي عادل.

مطار قلنديا… استيطان يقطع شريان القدس

تدفع قوات الاحتلال الإسرائيلي بمخطط استيطاني جديد يستهدف أراضي مطار القدس الدولي “قلنديا” شمالي القدس المحتلة، في خطوة تعكس إصرارًا على تعميق الاستيطان الاستعماري وعزل شمال المدينة عن محيطه الفلسطيني.

ويشمل المخطط إقامة مستعمرة ضخمة تضم نحو تسعة آلاف وحدة استيطانية على أراضٍ فلسطينية خاصة، في مسعى واضح لفرض وقائع ديمغرافية وجغرافية جديدة.

المشروع، الذي يقع ضمن فضاء حضري فلسطيني كثيف يضم كفر عقب وقلنديا والرام وبيت حنينا وبير نبالا، يشكّل ضربة مباشرة للتواصل الطبيعي بين القدس ورام الله، ويقوّض أي إمكانية للحفاظ على نسيج حضري فلسطيني متصل.

كما يُتوقع أن تعقد ما تسمى “اللجنة اللوائية للتخطيط والبناء” جلسة حاسمة لبحث المخطط رقم (101-0764936)، مع مؤشرات على تمرير مبادئه الأساسية، بما في ذلك تخصيص مساحات تجارية ومناطق عامة تخدم المستعمرة الجديدة.

وفي سياق متصل، طالبت وزارة مالية الاحتلال بتحويل 16 مليون شيكل تحت ذريعة “تأهيل الأراضي الملوثة”، في خطوة تُقرأ كغطاء مالي لتسريع تنفيذ المشروع الاستيطاني وإزالة أي عوائق أمامه.

تحذيرات مقدسية… عزل شمال المدينة

حذّرت محافظة القدس من خطورة المخطط الاستيطاني على أراضي المطار والمناطق المجاورة، مؤكدة أنه يمثل “تهديدًا مباشرًا للتواصل الجغرافي والديمغرافي الفلسطيني بين القدس ورام الله”.

وأشارت إلى أن إقامة آلاف الوحدات الاستيطانية في مناطق مكتظة بالسكان الفلسطينيين ستُعمّق سياسة الفصل والعزل، وتنسف عمليًا أي حديث عن حل الدولتين.

وترى المحافظة أن المشروع سيُنشئ جيبًا استيطانيًا ضخمًا يعزل شمال القدس عن محيطه الطبيعي، ويحوّل البلدات الفلسطينية إلى جزر محاصرة.

وتأتي هذه الخطوة في سياق أوسع من الاستيلاء المنهجي على الأراضي، حيث وثّقت هيئة مقاومة الجدار والاستيطان استيلاء الاحتلال على آلاف الدونمات خلال الأشهر الأخيرة عبر أوامر عسكرية وتعديلات قانونية أحادية.

جدار الأغوار.. مصادرة الأرض والماء

بالتوازي مع استيطان القدس، كشفت تقارير إسرائيلية عن مخطط لإقامة جدار فصل جديد في عمق الأغوار الشمالية، بطول يقارب 22 كيلومترًا، في محاولة لعزل التجمعات الفلسطينية عن أراضيها الزراعية ومصادر رزقها.

المشروع، المعروف باسم “الخيط القرمزي”، يتضمن هدم منازل ومنشآت زراعية وشبكات مياه، ما ينذر بكارثة معيشية وبيئية.

ويحذر مسؤولون محليون من أن الجدار سيعزل أكثر من 190 ألف دونم، ويهدد آلاف الدونمات المزروعة، إلى جانب تهجير نحو 600 عائلة من 22 تجمعًا سكانيًا.

ويُنظر إلى هذا المخطط باعتباره خطوة متقدمة نحو إنهاء الوجود الفلسطيني في الأغوار، التي تُعد سلة الغذاء الفلسطينية، ضمن سياسة إحلال استيطاني ممنهجة.

هدم المخيمات وشرعنة المستوطنات

لم تقتصر سياسة الاحتلال على الاستيطان والجدران، بل امتدت إلى استهداف مخيمات اللاجئين، حيث أصدر جيش الاحتلال قرارات بهدم عشرات البنايات في مخيم نور شمس بطولكرم، في إطار عدوان متواصل منذ أشهر يهدف إلى تغيير معالم المخيمات الديمغرافية. وتؤكد جهات رسمية أن ما يجري يرقى إلى جرائم حرب تستدعي تحركًا دوليًا عاجلًا.

وفي موازاة ذلك، صادق “الكابينت” الإسرائيلي على تنظيم 19 مستوطنة في الضفة الغربية، بعضها أُخلي سابقًا، في خطوة تعزز التوسع الاستيطاني وتُجهز على أي إمكانية لتطبيق قرارات الشرعية الدولية.

وتكشف تقارير عن موازنات سرية بمئات الملايين من الدولارات لدعم الاستيطان، وحماية رسمية توفرها قوات الاحتلال للمستوطنين.

في المحصلة، تتكامل هذه السياسات—من القدس إلى الأغوار والمخيمات—ضمن مشروع استعماري واحد، يهدف إلى فرض السيطرة الكاملة على الأرض، وتكريس نظام فصل عنصري، في تحدٍ صارخ للقانون الدولي وحقوق الشعب الفلسطيني.