جدل في البحرين بسبب "فرض تصريح أمني قبل السفر إلى العراق".. منتقدون: غير قانوني وخطوة "طائفية"
انفوبلس/ تقرير
سادت حالة من الجدل في البحرين بسبب "فرض السلطات تصريحا أمنيا قبل السفر إلى العراق"، وهو قرار لم تعلنه السلطات البحرينية بشكل رسمي، لكن عددا من المواطنين أكدوا عدم السماح لهم بمغادرة مطار البحرين دون الحصول على "التصريح الأمني"، ويسلط تقرير شبكة "انفوبلس"، الضوء على الأسباب التي أدت الى ذلك.
وعادةً ما يتوجه البحرينيون الى العراق لزيارة الأماكن والمراقد المقدسة في محافظات النجف وكربلاء وسامراء وبغداد (الكاظمية)، خصوصاً خلال شهر محرم الحرام والزيارة الاربعينية.
*مواطنون بحرينيون يشتكون
اشتكى مواطنون بحرينيون من أن السلطات اشترطت عليهم الحصول على تصريح أمني مسبق قبل السماح لهم بالسفر للعراق، وذلك بعد عودة الرحلات الجوية بين المنامة وبغداد مؤخرا عقب 4 سنوات من التوقف بسبب جائحة فيروس كورونا.
وبالنظر إلى "تحذيرات السفر" الصادرة عن وزارة الخارجية البحرينية، وهي لائحة تشمل دولا عدة تبدأ بأوكرانيا وتنتهي عند ليبيا، لم يكن العراق ضمن تلك القائمة.
كما لم يرد مركز الاتصال الحكومي في البحرين على الأسئلة الموجهة عبر البريد الإلكتروني لتأكيد ما إذا كانت السلطات قد فرضت تصريحات أمنية على مواطنيها للسفر للعراق من عدمه، لكن مصادر بحرينية أكدت وجود مثل هذا الإجراء بالفعل، وهي خطوة كانت الحكومة السعودية قد اتخذتها على مواطنيها خلال وقت سابق.
معارضون: قرار "غير قانوني"
يقول معارضون إن السلطات "تمارس تضييقا" على حرياتهم باتخاذ مثل هذه الخطوة "غير المبررة"، لكنّ مؤيدين يرون أن مثل "الإجراء طبيعي" ولا يقيد حرية المواطنين، لا سيما في ظل سهولة الحصول على التصريح إلكترونيا.
في الأول من يونيو/ حزيران الحالي، استأنفت شركة "طيران الخليج"، الناقل الوطني لمملكة البحرين، رحلاتها من المنامة للعاصمة العراقية بغداد وإلى مدينة النجف، حيث مرقد الإمام علي بن أبي طالب (ع) الذين يزوره ملايين من المسلمين سنوياً. بدورها ذكرت صحيفة الأيام البحرينية أن الرحلات للعراق ستكون بواقع 11 رحلة أسبوعيا، 7 منها إلى النجف و4 إلى بغداد.
يشار إلى أن أولى الرحلات الجوية لشركة طيران الخليج الى العراق بدأت في عام 1974، قبل أن تتوقف خلال جائحة كورونا عام 2020، حيث كانت في حينه تسيّر رحلاتها إلى كل من مدن بغداد والنجف وأربيل.
ويضم العراق أيضا مواقع مقدسة كثيرة بمنطقة الكاظمية في العاصمة بغداد وقضاء سامراء ومحافظة كربلاء المقدسة، حيث مرقد الإمام الحسين (ع) وأخيه أبو الفضل العباس (ع) الذي يقصده ملايين من الزوار سنويا، بما في ذلك بحرينيون.
ويرى منتقدون أن هذا القرار "غير قانوني"، على اعتبار أن حرية التنقل والسفر حق للمواطنين، معتبرين أن هذه الخطوة "طائفية" لأن كثيرا من البحرينيين الشيعة يقصدون العراق بهدف زيارة المواقع المقدسة لديهم.
وقال سيد طاهر الموسوي، القيادي في جمعية الوفاق الإسلامية المعارضة التي حلتها السلطة، إنه "لا يوجد سند قانوني أو دستوري ولا مبرر أمني أو صحي لفرض تصريح أمني على السفر للعراق"، معتبراً الموسوي في تدوينة عبر منصة "أكس" تابعتها شبكة انفوبلس، أن مبرر هذا الإجراء هو "الطائفية"، واصفا ذلك بـ "أم المشكلات".
وفي وقت سابق، ذكرت جمعية الوفاق، التي كانت جزءا من البرلمان البحريني في دورتين متتاليتين قبل استقالة كتلتها بشكل جماعي عام 2011، أن "هذه الخطوة البوليسية تعكس الرغبة في مراقبة الحريات الفردية ووضع العراقيل أمام وجهة دينية بحتة".
كما أعلنَ رجال دين بحرينيون وحقوقيون رفضهم القاطع لما أسموه بالفرض الجائر على مواطني المملكة بأخذ التصريحات الرسمية الأولية قبل السفر لزيارة العتبات المقدسة في العراق، واعتبروا بأنه تصرّف سياسي غير شرعي أو قانوني.
وقال رئيس المجلس العلمائي الشيعي في البحرين، السيد مجيد المشعل في تدوينة له على منصّة (X) تابعتها "انفوبلس"، إن "كبار العلماء يرفضون أن يطلب المواطنون تصريحاً رسمياً لزيارة العتبات المقدسة"، متابعاً بأنّ "جواب كبار العلماء على أسئلة المؤمنين حول موقفهم من أخذ التصريح الرسمي لزيارة العتبات المقدسة، فإن رأيهم القاطع هو الرفض لهذا الإجراء".
من جهته، قال المستشار القانوني ابراهيم سرحان إن "موضوع الفرض الجائر على المواطنين بطلب الموافقة الأمنية للسفر إلى العتبات المقدسة هو تصرف سياسي غير قانوني ومنتهك لحقّ حرية التنقل والحركة"، مضيفا أنّ "الاستدعاء بسبب رأي ووجهة نظر واعتراض هو استدعاء مخالف للقانون؛ لأن المحتوى لا يتضمن شبهة جنائية".
وكانت السلطات الأمنية في البحرين قد استدعت عضو الهيئة المركزية ورئيس اللجنة الشرعية بالمجلس الإسلامي العلمائي الشيخ فاضل الزاكي، على خلفية انتقاده لإصدار مثل هذه التوجيهات الحكومية.
وذكر الشيخ الزاكي يوم السبت الماضي في منشور على منصة (X)، إن "زيارة أئمة أهل البيت (عليهم السلام) شعيرة دينية ولا تحتاج إلى ترخيص من أحد"، مضيفاً أنّه "لو دار الأمر بين الزيارة مع أخذ الترخيص أو الامتناع عنها لسنوات وسنوات، فالثاني هو الصحيح، والمؤمن الواعي والمتديّن لن يختار غيره".
وفيما شدّد على أنّ "زيارة الأئمة (عليهم السلام) شعيرة دينية وحق أصيل أقرّه الدين والدستور"، محذراً من أنّ "القبول بمبدأ أخذ الترخيص لها جرم كبير لأنّ من يعطي الترخيص اليوم قد يمنعه غداً، ولا فرق هنا بين أنْ آخذ الترخيص بنفسي أو تأخذه لي إدارة القافلة".
في الطرف المقابل، يعتقد مؤيدون أن هذا الإجراء "طبيعي ومبرر"، حيث قال الكاتب البحريني، جعفر سلمان، إن هذا الإجراء "ليس جديدا"، وهو معروف لدى البحرينيين الذين يزورون العراق للسياحة الدينية.
ولطالما يشتكي مواطنون شيعة في البحرين مما يقولون إنه "تمييز" من جانب الحكومة ضدهم، وباعتراف منظمات حقوقية ومن بينها "هيومن رايتس ووتش" التي تطالب بين الحين والأخر بـ"إنهاء جميع أشكال التمييز ضد الشيعة".
والعام الماضي 2023، اعتقلت السلطات البحرينية، المواطنة والمؤثرة الاجتماعية "شيخة الماجد" فور عودتها إلى وطنها بعد مشاركتها بإحياء الزيارة الأربعينية في محافظة كربلاء المقدسة، ما أثار موجة غضب عراقية، حيث استنكرت لجنة العلاقات الخارجية بمجلس النواب العراقي، اعتقالها، بالقول إن "إقدام السلطات البحرينية على هذا العمل، إنما هو استهداف واضح للمذهب الشيعي، ورسالة بأن تلك السلطات لا تريد السلم الأهلي وتسعى بكل طريقة لإشاعة الفوضى والانقسام الداخلي في مخالفة صريحة لجميع التعاليم السماوية والأعراف الدولية التي نصت عنه حقوق الإنسان في التعبير عن الرأي والعقيدة الدينية والمذهبية".
الماجد كانت من بين الملايين الذين وفدوا لإحياء أربعينية الإمام الحسين (عليه السلام) في العراق، ونقلت عبر حساباتها الشخصية مظاهر الولاء والنصرة لأهل البيت (عليهم السلام) وصور السخاء والكرم للشيعة الموالين.
وكانت شيخة الماجد، قد أكّدت في مقاطع مصوّرة بعد عودتها إلى بلدها البحرين اطلعت عليها شبكة "انفوبلس"، أن زيارة الأربعين تركت أثراً كبيراً على نفسها، ودعت الله (سبحانه وتعالى) بأن يثبّتها على حب ورضا آل البيت الأطهار (عليهم السلام).
كما أكّدت في مقطع آخر بأنّ "هناك صورة سلبية وخاطئة نشأ عليها الكثير في وطنها وبلدان عربية أخرى تجاه المسلمين الشيعة، بسبب ما تربّوا عليه داخل أسرهم وما يتعرّضون له من معلومات خاطئة حتى من الحكومات عن أتباع أهل البيت (عليهم السلام)".