جريمة بشعة في إيران باغتيال القاضيان علي رازيني ومحمد مقيسة.. انفوبلس تخوض في التفاصيل.. من يقف وراء الجريمة؟

تعرف على طبيعة الاغتيال وردود الفعل
جريمة بشعة في إيران باغتيال القاضيان علي رازيني ومحمد مقيسة.. انفوبلس تخوض في التفاصيل.. من يقف وراء الجريمة؟
انفوبلس/..
قبل يومين، أقدم إرهابي على تنفيذ جريمة بشعة تمثلت باغتيال اثنين من أكبر القضاة في الجمهورية الإسلامية الإيرانية وهما القاضيان علي رازيني ومحمد مقيسة، وذلك أمام قصر العدل في ساحة الأرك في طهران، حيث أطلق المهاجم النار على القضاة بشكل مباشر، ما أسفر عن استشهاد القاضيين بالإضافة إلى إصابة شخص ثالث، قبل أن يُقدم المنفذ على الانتحار.
*التفاصيل
أفادت وكالة أنباء فارس بأن شخصاً أقدم على تنفيذ جريمة تمثلت باغتيال القاضيين علي رازيني ومحمد مقيسة، وإصابة شخص ثالث، فيما أقدم المنفذ على الانتحار بعد تنفيذ إطلاق النار.
وكشفت التحقيقات الأولية أن المهاجم ليس له أي قضية أمام المحكمة العليا، كما أنه ليس من موكّلي فروع المحكمة.
ووقع الحادث أمام قصر العدل في ساحة الأرك في طهران، حيث أطلق المهاجم النار على القضاة بشكل مباشر.
وذكرت وسائل إعلام إيرانية أن حارساً شخصياً لأحد القضاة أُصيب أيضاً.
وقد فتحت السلطات تحقيقاً فورياً في الحادث لتحديد دوافع المهاجم وخلفياته.
ولم تعلن حتى الآن أي جهة مسؤوليتها عن الهجوم.
وذكرت السلطة القضائية أن القاضيين اللذَين استُشهدا هما محمد مقيسه وعلي رازيني.
وكانت مواقع إلكترونية تابعة للمعارضة الإيرانية قد ذكرت في وقت سابق أن مقيسه يشرف على محاكمات مَن وصفتهم بسجناء سياسيين.
*من هما القاضيان اللذان استُشهدا في طهران؟
محمد مقيسة، الذي شغل منصب رئيس الفرع 53 للمحكمة العليا، كان معروفًا بعمله على قضايا حساسة تتعلق بالأمن القومي، بما في ذلك قضايا التجسس والإرهاب. وُلد مقيسه عام 1956 في قرية تحمل الاسم نفسه بالقرب من سبزوار شمالي إيران، وبدأ عمله في الجهاز القضائي الإيراني منذ عام 1981.
خلال مسيرته المهنية الطويلة حكم القاضي مقيسه في العديد من القضايا المهمة، وأصدر أحكاماً ضد العديد من أعضاء منظمة مجاهدي خلق وتنظيم داعش، وقضية نسرين ستوده، وقضية محمد علي طاهري، زعيم ومؤسس حركة “حلقة العرفان” الدينية عام 2011.
وفي عام 2017، كان القاضي مقيسه رئيساً لمحكمة الجنايات، التي حققت في الاتهامات في قضية الفساد النفطي الكبرى التي تورط فيها الملياردير الشهير بابك زنجاني، إبّان فترة حكم الرئيس السابق أحمدي نجاد، وقد استمرت هذه المحاكمة فترة طويلة، وحُكم عليه بالإعدام.
وبسبب دوره القضائي في إصدار أحكام الإعدام وسجن العديد من النشطاء وأعضاء التنظيمات الإرهابية، أُدرج محمد مقيسه ضمن قوائم العقوبات الخاصة بالاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأمريكية.
في قرار صدر في 13 أبريل/نيسان 2011، ضم الاتحاد الأوروبي 32 مسؤولاً إيرانياً، وكان ضمنهم القاضي مقيسه، إلى قائمة العقوبات بسبب انتهاكات حقوق الإنسان، حسبما زعمت صحيفة “واشنطن بوست” الأمريكية.
كما أدرجته وزارة الخزانة الأمريكية في 18 ديسمبر/كانون الأول 2019 بقائمة العقوبات، وفي 19 يونيو/حزيران 2023 أدرجت وزارة الخارجية الكندية أيضا اسمه في قائمة العقوبات.
أما القاضي علي رازيني، بحسب وكالة “إيرنا”، فهو من مواليد عام 1953 في مدينة رزان بمحافظة همدان، وأمضى طفولته ومراهقته في حضن عائلة دينية وفكرية ورعة، وكان من أقرب وأوثق رفاق الإمام الخميني والعلماء الحكماء، وقد شغل عدة مناصب هامة في السلطة القضائية مثل رئيس محكمة العدل الإدارية، ومكتب المدَّعي العام، ورئيس منظمة القضاء للقوات المسلحة، والمحكمة الخاصة لرجال الدين، ولعب دوراً هاماً في تعزيز العدالة بطهران، وكان قاضياً حاسماً في التعامل مع الجرائم، وفي تحييد الفتن.
تولى رازيني مسؤوليات هامة خلال الفترة الحرجة من ستينيات القرن العشرين، عندما كانت البلاد تواجه موجة من الأعمال الإرهابية التي شنتها جماعات معادية مثل منظمة “مجاهدي خلق” ضد مسؤولين وشخصيات بارزة في طهران، وأئمة الجمعة في البلاد، وكان له دور بارز في محاكمة ومعاقبة المندسين والمخربين.
وفي يناير/كانون الثاني عام 1998، عندما كان رازيني رئيساً للقضاء في محافظة طهران، تعرض لهجوم إرهابي، ليلة الثامن عشر من رمضان، وفي هذا الهجوم تم تثبيت قنبلة مغناطيسية على سيارته من قبل عملاء إرهابيين، وأدى الانفجار إلى إصابته بجروح خطيرة.
*دوافع الهجوم المسلح
من جانبه، قال المتحدث باسم السلطة القضائية أصغر جهانغير، في تصريح للتلفزيون الرسمي نشره موقع “ميزان أونلاین” التابع للسلطة القضائية: “إن شخصاً مسلحاً بمسدس دخل غرفة القاضيين وأطلق النار عليهما، ولم تتضح بعدُ دوافع الهجوم، على الرغم من أن المهاجم لم يكن لديه أي قضايا سابقة في المحكمة العليا”.
وأعلنت السلطات فتح تحقيق في الحادث؛ للكشف عن ملابساته وتحديد هوية أي مشتبه بهم آخرين قد يكونون متورطين، وبحسب وكالة “إيرنا” حول تفاصيل اغتيال “علي رازيني”، و”محمد مقيسه” فقد وقع الحادث في مكتبهما، كما كان أحد مستشاري المحكمة العليا حاضراً في مكان الحادث.
*ما بعد الحادثة
بعد وقوع الحادثة، أصدرت السلطات الإيرانية بيانًا أعربت فيه عن صدمتها من الهجوم، مؤكدة فتح تحقيق شامل لمعرفة ملابسات الحادثة ودوافعها.
وتركز التحقيقات على الجوانب الأمنية للقضية، خاصة أن القاضيين كانا مرتبطين بقضايا تمس الأمن القومي، ما يعزز احتمالية أن تكون الجريمة مدبّرة بعناية.
*تفاصيل حول المنفذ
وقال مصدر مطلع، إن منفذ عملية الذي قتل قاضيين إيرانيين اسمه فرشاد أسدي وهو من الموظفين في قطاع الخدمات، مؤكداً أنه قدّم شرحاً تفصيلياً لعملية قتل القاضيين محمد مقيسة وعلي رازيني.
وقدّم المصدر نفسه وثائق عن منفذ العملية في إيران تشير إلى أنه "فرشاد أسدي من مواليد عام 1982 الذي انضم خلال الأعوام الماضية إلى القسم الخدمي في مبنى الادعاء العام ومهمته تقديم الشاي في مكاتب المبنى وكان قبل ذلك عامل نظافة في الشعبة 39 في ديوان القضاء الأعلى الذي كان يترأسه القاضي علي رازيني".
وذكرت الوثائق نفسها أنه "بحلول الساعة 10:40 من صباح السبت (بالتوقيت المحلي)، استغل أسدي غفلة أحد أفراد حماية رازيني في الطابق الأرضي للمبنى وسرق منه مسدسه. وكان محمد مقيسة وقتها حاضراً في مكتب رازيني وقدم المشتبه فيه الشاي لهما قبل دقائق ثم عاد وأطلق طلقتين صوب رازيني ثم استهدف مقيسة".
وأوضحت، أنه "بعد مقتل رازيني ومقيسة اشتبك عنصر الحماية الذي سرق منه أسدي المسدس معه، فأطلق صوبه رصاصة استقرت في بطنه. ثم حاول الانتقال إلى الطبقات العليا في المبنى لقتل مزيد من القضاة، لكن عدداً من الموجودين في المبنى حاصروه وأغلقوا طرق دخوله إلى المكاتب، وبعد ذلك قرر أسدي الانتحار في ردهة المبنى".
وذكر المصدر، أنه "لا نعرف حتى الآن السبب الرئيس وراء هذا العمل".
*ماذا تقول التحقيقات الأولية؟
وبحسب تحقيقات قاضي تحقيق جرائم القتل وفريق معاينة مسرح الجريمة، استغرق الجاني 13 ثانية فقط منذ دخوله إلى الغرفة التي وقع فيها الهجوم وحتى مغادرته، وخلال هذه الفترة أطلق ست رصاصات متتالية بشكل سريع.
ووفقًا للتحقيقات، فإن الجاني، الذي كان لديه سجل وظيفي يمتد لعشر سنوات في قصر العدالة، لم يكن لديه أي خلافات سابقة مع رازيني أو مقيسه أو حارس الأمن.
*رواية مخالفة
ومن جانبها، نفت وكالة أنباء “تسنيم”، أن يكون منفذ الهجوم من العمال الخدميين بقصر العدل في طهران.
في أعقاب الحادث الإرهابي الذي أدى إلى مقتل اثنين من القضاة البارزين بالسلطة القضائية، حسبما نقلت الوكالة الإيرانية عن مركز الإعلام القضائي: “تناقلت بعض القنوات الإخبارية أنباء عن اعتقال عدد من موظفي قصر العدل والمحكمة العليا بناءً على أوامر من النيابة العامة، وهو ادعاء كاذب ولا أساس له من الصحة”.
*حادث إرهابي
وأعلن مركز الإعلام بالسلطة القضائية، في بيان رسمي نشرته وكالة “إيسنا” شبه الرسمية: “أقدم صباح السبت، 18 يناير/كانون الثاني 2025، مسلح متسلل في المحكمة العليا للبلاد، ضمن عمل مخطط، على اغتيال قاضيين شجاعين لهما تاريخ طويل في مكافحة الجرائم ضد الأمن الوطني والتجسس والإرهاب”.
بناءً على التحقيقات الأولية، فإن الشخص المعني ليس لديه قضية في المحكمة العليا وفقا للبيان، وبعد وقوع العمل الإرهابي مباشرة، تم اتخاذ الإجراءات اللازمة لإلقاء القبض على المسلح، الذي أقدم على الانتحار فورا.
*رسائل تعزية
أقيمت الأحد 30 يناير/كانون الثاني 2025، في مزار الشهداء مراسم توديع “علي رازيني”، و”محمد مقيسه”، أحد القضاة البارزين في النظام القضائي بإيران.
ونشر قائد الثورة الإسلامية السيد علي خامنئي، رسالة وصف فيها رازيني بـ”العالم المجاهد”، ومحمد مقيسه بـ”القاضي الشجاع”.
وجاء في البيان الذي صدر يوم السبت، 19 يناير/كانون الثاني 2025: “أُبارك ذوي العالم المجاهد الشيخ علي رازيني وزميله القاضي الشجاع الشيخ محمد مقيسه رضوان الله عليهما، باستشهادهما، وأُعزّي بفقدهما، وسبق أن تعرض رازيني لمحاولة اغتيال على يد المناوئين وتحمّل لسنوات محنة الجراح التي أُصيب بها، وكان شقيق اثنين من الشهداء العظام اللذَين قضيا نحبهما في الماضي”.
وفي سياق متصل، أوعز رئيس الجمهورية، مسعود بزشكيان، إلى القيادة العامة للأمن الداخلي في البلاد باتخاذ إجراءات عاجلة لتحديد هوية الآمرين والقائمين على تنفيذ عمليتي اغتيال القاضيين بطهران، ووصف الرئيسُ الحادثَ بالوحشي والجبان، وذلك في رسالة تعزية بعث بها إلى ذويهم: “هذه عملية اغتيال جبانة ووحشية، أصابتني ببالغ الحزن والأسى”.
وأضاف بزشكيان في بيان نشرته وكالة أنباء “إيرنا”: “لا شك في أن المسيرة والنهج اللامع لهذَين القاضيين الكادحين والمخضرمين لدى المحكمة العليا، اللذَين أفنيا عمرهما في مواجهة شتى الجرائم المناوئة للأمن القومي والدفاع عن حقوق الشعب، سيتواصل بقوة ولن يتم المساس بسير تنفيذ العدالة في البلاد إطلاقاً”.