جيش سوريا الحرة يحشّد في المثلث العراقي الأردني السوري بدعم أمريكي.. من هم؟ وماذا عن موقف روسيا؟
انفوبلس/..
على المثلث الحدودي بين العراق وسوريا والأردن، تحتشد عناصر مما يسمى بـ"جيش سوريا الحرة" أو حرس الـ"55"، بدعم أمريكي مباشر، لأهداف تخدم أولاً مصلحة الولايات المتحدة، مثل حماية قاعدة التنف التي تتمركز فيها قوات أمريكية، بالإضافة إلى حماية ظهر تنظيم "داعش" الإرهابي.
*مَن هم؟
جيش سوريا الحرة، وكان يُعرف سابقًا باسم جيش مغاوير الثورة، من ديسمبر/ كانون الأول 2016 حتى أكتوبر/ تشرين الثاني 2022، وبجيش سوريا الجديد، من مايو/ أيار 2015 حتى ديسمبر/ كانون الأول 2016.
هي جماعة سورية معارضة تسيطر على أراضٍ بالقرب من الحدود السورية الأردنية (التنف)، يشار إلى المجموعة في الغالب باسم "مغاوير الثورة". تأسس جيش سوريا الجديد من قبل منشقين عن الجيش العربي السوري ومعارضين آخرين خلال الحرب الأهلية السورية في 20 مايو/ أيار 2015.
وتلقى تدريبا وأسلحة متطورة من جبهة الأصالة والتنمية (تحالف مدعوم أمريكياً يضم جماعات متمردة تنشط خلال الحرب الأهلية السورية ويشمل سلفيين، منشقين عسكريين، ومدنيين. يتم تمويل جبهة الأصالة والتنمية من قبل السعودية. وبالرغم من استخدامه رموز وأعلام له، إلا أنه لا ينتمي للجيش السوري الحر)، والسي آي إيه (وكالة المخابرات المركزية الأمريكية).
*تحشيد في المثلث العراقي الأردني السوري
شهدت منطقة الـ55 كم في محيط قاعدة التنف عند مثلث الحدود السورية مع العراق والأردن، استنفاراً عسكرياً لمسلحي ما يسمى "جيش سوريا الحرة" الذين اتخذوا مواقع دفاعية وقاموا بمناورات عسكرية، تحسباً لأي هجوم محتمل ضد قاعدة التنف التي تديرها واشنطن.
وفي ظل هذه الأجواء المتوتّرة، وحملة التصعيد المستمرة، توقّعت مصادر ميدانية سورية محاولة تنظيم "داعش" شنّ مزيد من الهجمات، الأمر الذي قد يقدّم مبرّرات للولايات المتحدة لتوسيع حضورها العسكري الميداني تحت مظلّة "محاربة الإرهاب"، بالإضافة إلى إشغال الجيش السوري بهجمات جانبية تسبّب نزفاً مستمراً للقوات وتصرف الانتباه عن التحشيد الأميركي المستمر.
وأكدت مصادر ميدانية سورية، أن المناورات تأتي تحسباً من هجمات تستهدف قاعدة الاحتلال الأمريكي غير الشرعية ولحماية ظهر تنظيم داعش الإرهابي.
وقالت مصادر محلية في البادية السورية ـ التي تصل أرياف السويداء بدير الزور مروراً بحمص والرقة ـ إن مسلحي "جيش سورية الحرة"، التابعين للجيش الأمريكي ويُناط بهم حماية قاعدته في التنف، نفذوا خلال الأيام الثلاثة الماضية عملية إعادة انتشار داخل منطقة "الـ55 كم" التي يبلغ نصف قطرها 55 كيلومتراً داخل البادية وتزنر القاعدة الواقعة في منتصفها.
وأشارت المصادر إلى أن المسلحين المدعومين أمريكياً أقاموا خطوط دفاع في محيط المنطقة خشية شن هجمات باتجاه القاعدة العسكرية الأمريكية، وليس فقط إقامة نقاط ارتكاز لشن هجمات في عمق البادية باتجاه مناطق سيطرة الجيش السوري، سواء في السويداء أو في دير الزور، وبالتحديد في المنطقة الواقعة إلى الشرق من المحافظة، حيث تقع مدينة البوكمال ومعبر القائم الواقع على بعد 8 كيلو مترات منها لجهة الشرق عند الحدود السورية العراقية، وهو الخط الوحيد الذي يربط البلدين برياً.
*الأهداف
وكشفت المصادر أيضاً أن تحرك مسلحي الاحتلال الأميركي في محيط قاعدته في التنف وداخل منطقة "الـ55 كم" الهدف منها توفير منافذ لتسلل إرهابيي داعش نحو مناطق انتشار نقاط الجيش السوري داخل البادية السورية، ولتوفير ملاذات آمنة للتنظيم في المنطقة التي يدرب إرهابييه داخلها وينطلقون منها لشن هجمات ثم العودة إليها، وهو ما حدث خلال الهجوم على قرية معدان عتيق بريف الرقة الشرقي وعند الضفة اليمنى لنهر الفرات قبل أيام قليلة.
في ريف الرقة الشرقي، نفت مصادر أهلية ما أشاعته قنوات معارضة عن تمكن مجموعة من فلول تنظيم داعش الإرهابي من السيطرة على قرية معدان عتيق، بغية إظهار قوة التنظيم وقدرته على التحرك لمسافات طويلة داخل البادية السورية، التي يتخذ من بعض أجزائها جيوباً يعمد الجيش السوري والقوات الرديفة على تمشيطها باستمرار بعد تكرار حوادث اغتيال جامعي الكمأة ورعاة الأغنام وسرقة قطعانهم.
وبيّنت المصادر، أن القصة تلخصت بهجوم مسلحين من داعش على نقطة تفتيش للجيش السوري شرقي الرقة قرب قرية معدان عتيق، ما أدى لاستشهاد أحدهم مع استشهاد أحد مقاتلي القوات الرديفة.
وأوضحت، أن دورية أمنية سورية كانت على الطريق المار من المنطقة الواقعة عند الحدود الإدارية بين محافظتي الرقة ودير الزور، اشتبكت مع إرهابيي التنظيم، الذين أحرقوا الغرفة مسبقة الصنع التي يقيم فيها جنود نقطة التفتيش.
وأكدت، مقتل أكثر من 5 إرهابيين من داعش وجرح أكثر من 10 آخرين خلال تمشيط وحدة من الجيش السوري لمنطقة الاشتباك، إضافة إلى مصرع وإصابة عدد مماثل أثناء الاشتباك مع جنود نقطة التفتيش العسكرية والدورية الأمنية.
وأشارت المصادر إلى أن مهاجمي داعش نقلوا قتلاهم وجرحاهم إلى منطقة "الـ55 كم"، التي تضم مخيم الركبان للاجئين والتي يحتمون بها في كنف الجيش الأمريكي الذي أنشأ التنظيم ويدعم هجماته ويمولها.
*تركيا على الخط
وقبل يومين، ذكر المرصد السوري لحقوق الإنسان أنّ فصائل "الجيش الوطني" الموالي لتركيا، شرعت برفع أسماء مقاتلين، تمهيداً لنقلهم إلى قاعدة التنف التي تتمركز فيها قوات أمريكية، وذلك بهدف قتال ما أسماهم "الميليشيات الإيرانية في سوريا".
ورغم أنّ العلاقة بين "قوات سوريا الديموقراطية" (قسد) والجيش الوطني الموالي لتركيا تطغى عليها عداوة قديمة، وكثيراً ما تصل إلى حدود الاشتباك المسلح المباشر، كما يحدث في هذه الأيام على خلفية الغارات التركية ضدّ كوادر الأولى، فقد قدّم المرصد معلومات عن تمركز مقاتلين من الجيش الوطني في مناطق سيطرة "قسد" بعد تلقّيهم تدريبات من القوات الأمريكية في منطقة التنف. مشيراً إلى أنّ المقاتلين يدخلون مناطق "قسد" بشكل سرّي ضمن مجموعات لا يتجاوز عدد أفرادها 15 مقاتلاً.
*شرارة مواجهة روسية - أمريكية
وجاء تقرير المرصد السوري وسط تكهنات واسعة بوجود حالة غير مسبوقة من التوتر والاحتقان في محافظة دير الزور، التي يتقاسم السيطرة عليها كلّ من الجيش السوري وحلفائه وقوات "قسد" بدعم من القوات الأميركية العاملة ضمن التحالف الدولي، يمكن أن تؤدي في أي لحظة إلى اندلاع شرارة مواجهة عسكرية بين روسيا والولايات المتحدة، لاسيما في ظلّ تفاقم حوادث الاحتكاك الجوي بين طائرات الطرفين.
وتعني رواية المرصد ببساطة، أنّ أنقرة قد انقلبت على مسار آستانا الذي يضمّها إلى جانب روسيا وإيران، والقائم على أساس مراعاة مصالح الأطراف الثلاثة في الميدان السوري على نحو يحقّق التهدئة العسكرية ويمهّد للتوصل إلى حلّ سياسي للأزمة المستمرة منذ عام 2011، كما يعني أنّ أنقرة قد غيّرت قناعاتها بشأن الوجود العسكري الأمريكي في سوريا، والذي كانت تطالب بضرورة إنهائه منذ القمة الثلاثية التي جمعت الرئيس التركي رجب طيب أردوغان مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والرئيس الإيراني ابراهيم رئيسي العام الماضي، وأنّها أصبحت تجد مصلحتها في تعزيز هذا الوجود والتحالف معه، بل ودعمه لتحقيق أهدافه التي تتناقض بشكل جذري مع أهداف كل من روسيا وإيران.
وأكّدت مصادر ميدانية وجود حملة لتجنيد المئات من عناصر الجيش الوطني الموالي لتركيا، تمهيداً لإرسالهم إلى إحدى جبهات القتال. غير أنّ المصادر شدّدت على أنّ الحملة لا تزال في بدايتها ولم تتضح كل معالمها وأبعادها وبشكل خاص الجبهة المستهدفة التي سيجري إرسال هؤلاء المرتزقة إليها.
*الرد الروسي
وفي أول ردّ فعل روسي على التصعيد الميداني الملحوظ لتنظيم "داعش"، أَطلقت بوارج حربية روسية ترسو قبالة السواحل السورية في طرطوس، قذائف صاروخية نحو بنك أهداف جرى تسجيله عبر طائرات مسيّرة في وقت سابق في البادية السورية، قالت مصادر ميدانية إنها نقاط يتمركز فيها مقاتلون تابعون للتنظيم. وفيما يرتبط الردّ الروسي بشكل مباشر بتصعيد "داعش"، رأت مصادر ميدانية سورية، أن استعمال البوارج الحربية في تنفيذ هذه العملية "يحمل في طيّاته رسالة مباشرة إلى الولايات المتحدة، مفادها بأن الحضور الروسي محصّن، وبأن جميع المحاولات التي تجرّبها واشنطن للعودة بالزمن إلى ما قبل عصر الرئيس الأميركي السابق، دونالد ترامب، الذي قلّص الحضور العسكري الأميركي إلى أدنى مستوى ممكن، ووضع القوات في المناطق النفطية وقاعدة التنف فقط، لن تُجدي نفعاً".
وبعد أيام من تسجيل "مركز المصالحة الروسي" في سوريا ظهوراً هو الأول من نوعه لطائرة "إف-35" الشبحية الأميركية في الأجواء السورية، أعلن المركز أن الاختراقات الجوية الأميركية ما زالت مستمرّة، حيث تمّ تسجيل 14 خرقاً يوم الجمعة الماضي، في انتهاك مباشر لبروتوكولات "منْع التصادم"، موضحاً أنه "تمّ تسجيل 18 انتهاكاً من قِبَل طائرات التحالف الذي تقوده واشنطن في سماء مدينة التنف، التي تعبرها خطوط جوية دولية، وذلك من قِبَل 4 مقاتلات إف-35، ومقاتلتين من طراز تايفون، وطائرتَي رافال، بالإضافة إلى مسيّرتَين من طراز إم كيو-1 إس".
*هل تصطدم الأطراف؟
ومع استمرار التحشيد من الأطراف الموجود في سوريا، يرى الباحث الروسي ديميتري بريجع، أن احتمال الصِّدام العسكري بين الأطراف غير وارد، حتى لو كانت المؤشرات الميدانية تقول عكس ذلك، ومن المرجح أن تقتصر الأوضاع على التنافس والمناوشات.
الباحث والمحلل السياسي التركي عمر أوزكيزيلجيك، استبعد حدوث صِدام بين روسيا والولايات المتحدة في سوريا، إذ يرى أن لا مصلحة لأي من الطرفين بتصعيد الأمور في سوريا.