حالات تتكرر في السعودية.. كل مَن يدعو لفلسطين أو يرتدي كوفية يُعتقل ويتعرض للإهانة
انفوبلس/ تقرير
تقول منظمات حقوق الإنسان الدولية والمحلية، إن السعودية اعتمدت خلال السنوات الماضية أسلوب القمع بحق الناشطين والصحافيين على أرضها، حيث زادت في الآونة الأخيرة نسبة الاعتقالات بحقهم بتُهم تتعلق بمواقفهم أو مشاركتهم بتظاهرات أو احتجاجات، هذه التهم قديمة ـ جديدة، ولكن بدأنا نشهد اليوم تهماً أخرى مرتبطة بـ"دعم القضية الفلسطينية" أو "دعم المقاومة الفلسطينية بوجه الاحتلال".
اعتقالات بتهم ارتداء الكوفية الفلسطينية والدعاء لأهالي غزة
تداول عدد من الناشطين اعتقال السلطات السعودية؛ في مكة المكرمة، لمن أبدى دعمه من خلال ارتداء كوفية أو الدعاء لفلسطين المحتلة وقطاع غزة المحاصر، داخل الحرم المكي وخارجه.
وقال الناشط البريطاني إصلاح عبد الرحمن، إن السلطات السعودية احتجزته لمدة ساعةٍ ونصف في مدينة مكة المكرمة، وتبيّن، وفق قوله، أن السبب هو أنني كنتُ أرتدي كوفية فلسطينية، وفي يدي خرز فلسطيني ملون.
وأضاف، في منشور عبر حسابه على (إنستغرام): "كنتُ خائفًا في البداية، ثم بقيت هادئًا وشاهدتهم يتحدثون عني، ويضحكون في وجهي، ويسيؤون استخدام سلطتهم، وفي النهاية صادروها منّي وأطلقوا سراحي".
وتابع عبد الرحمن، إنه شعر بالحزن الشديد، ليس لأن الكوفية والخرز هدية من عمته من القدس، ولكن لأنه حدث في بلد مسلم، ما يُعطي انطباعًا خاطئًا عن مكة، وأن هذا دليل على أن الفلسطينيين ليس لديهم صوت.
وقال الناشط البريطاني: "لقد أعطتني هذه التجربة لمحة بسيطة عما قد يشعر به الفلسطينيون المجرَّدون من حقوقهم لمجرد وجودهم، لكن ما حدث معي سيكون بمثابة تذكير لتشجيعي وتشجيعكم جميعًا على مواصلة رفع مستوى الوعي، لمواجهة إسكات أصوات الفلسطينيين ورموز الأمل والمقاومة مثل هذه الكوفية حتى في الأماكن التي لا تتوقعها".
وتعليقاً على ذلك، قال رئيس مركز وموقع "هنا عدن" للدراسات الاستراتيجية أنيس منصور في تغريدة تابعتها "انفوبلس"، إن "الصهاينة في السعودية، وليس في إسرائيل".
كما كشفت أوساط سعودية معارضة عن اعتقالات تطال معتمرين من داخل الحرم المكي في السعودية بسبب مناصرتهم فلسطين والتضامن مع قطاع غزة في ظل ما يتعرضون له من مجازر إسرائيلية.
وقالت الأوساط، إن العديد من المعتمرين الذي يحملون عدة جنسيات تم إيقافهم في الحرم المكي والمدني لأنهم ارتدوا الشال الفلسطيني، مشيرة الى أنه تم احتجاز هؤلاء في غرفة منفردة لمدة 6 ساعات وعُمِلوا بطريقة مهينة ثم تم تهديدهم بالسجن ثم أُفرج عنهم بعد توقيعهم تعهدا بعدم تكرار ذلك.
وفي الوقت الذي يقف فيه مناصرو العدالة من كل مكان في بقاع الأرض، ويدعمون القضية الفلسطينية بكافة أشكال الدعم من احتجاجات من قِبل الشعوب التي خرجت إلى الشوارع للمطالبة بوقف الحرب على غزة، أو من قبل بعض الحكومات التي ألغت بعضها الحفلات مثلما فعلت سلطنة عمان، مصر، الكويت، باستثناء السعودية التي تُصر على عدم إيقاف الفعاليات الترفيهية حتى إشعار آخر، بحسب منظمات سعودية معارضة.
وهذا التوجه الرسمي لسلطات السعودية لا يمثل موقف الشعب السعودية، فغالبية الشعب مع القضية الفلسطينية، ويتعرض لضغط شديد وإرهاب من المستبد الذي يقمع كل صوت حر، حيث لا أحد يستطيع أن يكتب أو يعبّر بحرية، فضلاً على أن يخرج إلى الشارع أسوة ببقية الشعوب الحيّة، وفقا للمنظمات.
وأضافت، "من يجرؤ على ذلك فمصيره سيكون الاعتقال والتعذيب والإذلال، والسجون تشهد على ذلك، فما يزال معتقلو الرأي الذين ناصروا القضية الفلسطينية خلف القضبان، منهم على سبيل الذكر لا الحصر الناشط الحقوقي خالد العمير الذي اعتُقل في 1 يناير 2009 لخروجه في مظاهرات في الرياض لدعم القضية الفلسطينية وكان من ضمن أقواله، "سأنزل للتظاهر من أجل غزة ولو كنتُ وحيداً".
الناشط الحقوقي محمد الربيعة الذي تم وصمه بالخائن في الصحف المحلية وقد اعتُقل في 18 مايو 2018 وتعرض للتعذيب الوحشي والصعق بالكهرباء والجلد بالعصي، وواجه عدة تهم منها مخالفته نظام مكافحة الإرهاب وتمويله بارتكاب أفعال مُجرمة.. وغيرها من التهم.
وفي نفس الوسم غردت الناشطة الحقوقية وفي حقوق المرأة- سلمى الشهاب- على منصة إكس بقولها "عاشت فلسطين حرة عربية. الحرية لمعتقلي سجون الصهاينة".
سلمى الشهاب اعتُقلت في 15 يناير 2021 حُكم عليها بالسجن لمدة 27 عاماً تتلوها سنوات مثلها منع من السفر.
المدون عبد العزيز العودة الذي لا يزال معتقلاً رغم انتهاء محكوميته، رد في وقت سابق على تغريدة بنيامين نتنياهو الذي قال فيها أثناء الحديث عن التطبيع وسعي بعض الدول إليه لا سيما الخليجية منها "أكبر عقبة أمام توسيع دائرة السلام ليست زعماء الدول التي تحيط بنا بل هي الرأي العام في الشارع العربي الذي تعرّض على مدار سنوات طويلة لدعاية عرضت إسرائيل بشكل خاطئ ومنحاز".
وقد رد عليه، "حتى رئيس الكيان المحتل يرى أنكم أهم عقبة أمام مشروعهم الإجرامي، لم يقُل الحكومات بل قال أنتم.. لذلك لا تحقّروا من رفضكم وحروفكم الغاضبة، تذكروا دائما أنتم العقبة التي يحاولون عبثاً تجاوزها".
ومن أبرز معتقلي الرأي الذين دافعوا عن القضية الفلسطينية، الدكتور سلمان العودة الذي تم اعتقاله يوم 9 سبتمبر 2017 حيث وُجِّهت له 37 تهمة منها السعي في الإفساد المتكرر، عدم الدعاء لولي الأمر بما فيه الكفاية، وقد عومل بطريقة سيئة وعانى من الانتهاكات حيث فقد نصف سمعه وبصره.
الصحفية مها الرفيدي، التي ناصرت القضية الفلسطينية ودعمت معتقلي الرأي حتى باتت واحدة منهم، إذ تم اعتقالها في 28 سبتمبر 2019.
وكذلك الخبير الاقتصادي عصام الزامل الذي تم اعتقاله في المطار في سبتمبر 2017 أثناء عودته من أحد المؤتمرات الدولية الاقتصادية في الولايات المتحدة الأمريكية ضمن حملة شملت كل المؤثرين وأصحاب الرأي في البلد، كان أيضاً من مناصري القضية الفلسطينية.
وأيضا الأستاذ الجامعي علي العمري الذي تم اعتقاله في التاسع من سبتمبر 2017 حيث وجهت له النيابة أكثر من 30 تهمة، منها: "تشكيل منظمة شبابية لتحقيق أهداف تنظيم إرهابي داخل المملكة"، وقد تعرض لعدة انتهاكات منها الحبس الانفرادي لمدة طويلة – والتعذيب القاسي، بما في ذلك بالضرب والصعق الكهربائي وإطفاء السجائر على جسده لانتراع الاعترافات منه.
وممن ناصر ودعم القضية الفلسطينية الكاتب والأكاديمي المعتقل عبد الله المالكي، الذي تم اعتقاله في 12 سبتمبر 2012 بتهم تتعلق بنشاطه الثقافي وحيازة كتب غير مُصرَّح بها، والدفاع عن أعضاء جمعية حسم.
كذلك الطبيبة والناشطة لينا الشريف التي اعتُقلت في مايو 2021، والباحث الشرعي الذي لا يزال معتقلاً حسن فرحان المالكي، والمدون داود العلي الذي اعتُقل في ديسمبر 2020 بعد تغريدات انتقد فيها التطبيع مع "إسرائيل"، وقد حُكم عليه في سبتمبر 2022 بالسجن لمدة 25 عاماً.
كذلك الأستاذ الجامعي وعالم الدين عوض القرني، كان من ضمن كوكبة معتقلي الرأي الذين ناصروا فلسطين، وقد اعتُقل في التاسع من سبتمبر 2017، والأستاذ الجامعي أيضاً علي بادحدح الذي اعتُقل في 12 سبتمبر2017.
وأكد وزير الاستثمار السعودي خالد الفالح مؤخراً، أن تطبيع العلاقات مع الكيان "الإسرائيلي"، ما زال مطروحا على الطاولة، في وقت يواصل الكيان الصهيوني ارتكب أبشع الجرائم بحق الشعب الفلسطيني.
ومنذ 40 يوماً يشنّ الاحتلال الاسرائيلي حرباً على غزة، قتل خلالها 11 ألفاً و320 فلسطينياً، بينهم 4650 طفلاً و3145 امرأة، فضلاً عن 29 ألفاً و200 مصاب، 70% منهم من الأطفال والنساء، وفقاً لمصادر رسمية فلسطينية، مساء أمس الثلاثاء.
ومنذ اندلاع الحرب، تقطع "إسرائيل" إمدادات الماء والغذاء والأدوية والكهرباء والوقود عن سكان غزة، وهم نحو 2.3 مليون فلسطيني يعانون بالأساس من أوضاع متدهورة للغاية، جراء حصار إسرائيلي متواصل منذ أن فازت "حماس" بالانتخابات التشريعية في 2006.