حسين أمير عبداللهيان سيرة الدبلوماسية الشجاعة تتجسد في رجل.. ماذا تعرف عن وزير الخارجية الإيراني؟
إيران تخسر "جندي سليماني"
حسين أمير عبداللهيان سيرة الدبلوماسية الشجاعة تتجسد في رجل.. ماذا تعرف عن وزير الخارجية الإيراني؟
انفوبلس/..
في حادث صادم، وقع عصر أمس الأحد، لطائرة تُقلُّ رئيس الجمهورية الإسلامية الإيرانية إبراهيم رئيسي، ووزير الخارجية حسين أمير عبد اللهيان، بسبب سوء الأحوال الجوية، ليُعلَن صباح اليوم الاثنين، بشكل رسمي عن استشهادهما.
وأعلنت إيران اليوم الاثنين، وفاة الرئيس إبراهيم رئيسي ووزير الخارجية حسين أمير عبد اللهيان ومسؤولين آخرين إثر تحطم المروحية التي كانت تقلهم في محافظة أذربيجان الشرقية شمالي غربي إيران أمس الأحد.
وتحطمت المروحية في منطقة جلفا الجبلية الوعرة وسط ظروف جوية صعبة خلال عودة الرئيس من حفل حضره صباح أمس الأحد مع نظيره الأذربيجاني إلهام علييف لتدشين سد مشترك على نهر آراس الحدودي بين البلدين.
*ماذا نعرف عن عبد اللهيان؟
حسين أمير عبد اللهيان، هو دبلوماسي إيراني محافظ، من مواليد عام 1964، رشحه الرئيس إبراهيم رئيسي عقب فوزه في انتخابات 2021 لمنصب وزير الخارجية، وحظي بثقة البرلمان المحافظ، ويُعرف بقربه من قائد الثورة الإسلامية السيد علي خامنئي وحركات المقاومة الإسلامية في المنطقة.
* المولد والنشأة
وُلد حسين أمير عبد اللهيان عام 1964 في مدينة دامغان بمحافظة سمنان (شرق العاصمة الإيرانية طهران). نشأ وترعرع في أسرة متدينة شيعية بمحافظة سمنان، وتكفلت والدته وأخوه الأكبر بإدارة العائلة بعد وفاة أبيه عندما كان في السادسة من عمره. تزوج عام 1994 وله ولد وبنت.
*الدراسة والتكوين العلمي
بعد دراساته الابتدائية في مسقط رأسه وانتقاله إلى العاصمة طهران، التحق عبد اللهيان عام 1988 بكلية العلاقات الدولية التابعة للخارجية الإيرانية، وحصل بعد 4 أعوام على شهادة الإجازة (البكالوريوس).
عام 1993 قرر مواصلة دراساته الأكاديمية في جامعة طهران في الفرع ذاته، حيث تخرج عام 1996 منها حاملا شهادة الماجستير، مما مهد له الطريق لمواصلة دراساته العليا في جامعة طهران إلى أن ناقش عام 2000 رسالة الدكتوراه في العلاقات الدولية، ونالها بدرجة امتياز.
*الوظائف والمسؤوليات
ما إن تخرج من كلية العلاقات الدولية التابعة لوزارة الخارجية الإيرانية حتى تم تعيينه في السلك الدبلوماسي، قبل أن ينتقل إلى سفارة بلاده لدى بغداد متقلداً منصب نائب السفير، واستمرت مهمته هذه من عام 1997 حتى 2001.
وبعد عودته إلى إيران، تولى منصب نائب الدائرة الأولى للشؤون الخليجية بوزارة الخارجية طوال 3 أعوام، وعقب الغزو الأميركي للعراق عام 2003 تم تعيينه وكيلا للمساعد الخاص لوزير الخارجية في الشؤون العراقية حتى عام 2006.
وخلال العام الأخير من مهمته عُيّن عضوا في اللجنة الأمنية السياسية للمفاوضات النووية مع الترويكا الأوروبية (بريطانيا وألمانيا وفرنسا).
وفي عام 2006 شغل منصب مساعد المدير العام لدائرة الشؤون الخليجية والشرق الأوسط، قبل أن يترقى في العام ذاته إلى رئاسة اللجنة الخاصة بالشؤون العراقية حتى عام 2007.
كما شارك عضوا في المفاوضات المشتركة مع الجانبين العراقي والأميركي بخصوص الملف العراقي الساخن آنذاك.
وبعد تعيينه سفيرا في البحرين عام 2007، غادر المنامة عام 2010 عائدا إلى طهران ليتولى من جديد منصب نائب وزير الخارجية للشؤون الخليجية والشرق الأوسط، وتمت ترقيته في العام التالي نائبا لوزير الخارجية لشؤون الدول العربية والأفريقية.
مكث في منصبه ذاك حتى عام 2016 حيث أقاله محمد جواد ظريف، وزير الخارجية الإيراني في حقبة الرئيس السابق حسن روحاني، ليعمل بعد ذلك مساعدا خاصا لرئاسة البرلمان الإيراني، واستمر في هذا المنصب حتى عام 2021 حيث تم تعيينه وزيرا للخارجية من طرف الرئيس إبراهيم رئيسي.
كما شغل منصب الأمين العام للأمانة الدائمة للمؤتمر الدولي لدعم الانتفاضة الفلسطينية في طهران.
*مواقفه السياسية
المعروف عن عبد اللهيان علاقاته الوثيقة بالحرس الثوري وقادته، وعلى رأسهم الشهيد القائد قاسم سليماني، كما يُعد وزير الخارجية الراحل على ارتباط قوي مع حركات المقاومة الإسلامية، وذلك بسبب المناصب الدبلوماسية التي أُوكلت إليه في الشؤون العربية والشرق الأوسط، مما أدى إلى تكوين علاقات شخصية وطيدة مع قادة حركات المقاومة المناهضة للكيان الصهيوني.
وعقب عملية طوفان الأقصى التي شنتها المقاومة الفلسطينية يوم السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023 على مستوطنات غلاف غزة، قام عبد اللهيان بجولة إقليمية شملت كُلّاً من العاصمة العراقية بغداد واللبنانية بيروت والسورية دمشق والقطرية الدوحة، وتحدث لأول مرة عن احتمالات لما وصفه بالتحرك الوقائي من قبل "محور المقاومة لوضع حد لحرب الإبادة الإسرائيلية على غزة".
*مؤلفاته
ألّف حسين أمير عبد اللهيان عددا من الكتب وكتب عددا من المقالات في السياسة والعلاقات الدولية، وكان آخرها كتاب "صبح شام" (صباح الشام) الذي أصدره عام 2020، ويروي فيه مذكراته الدبلوماسية عن الأزمة السورية واللقاءات التي أجراها مع أطراف إقليمية ودولية بشأن هذه الأزمة الإقليمية.
*الكتب
-"الاستراتيجية الأميركية للاحتواء المزدوج" عام 1999.
-"الديمقراطية المتضاربة للولايات المتحدة الأميركية في العراق الجديد" عام 2007.
-"إخفاق المشروع الأميركي للشرق الأوسط الكبير" عام 2012.
-كتاب "صباح الشام" 2020.
*المقالات
-"الاستراتيجية الأميركية للاحتواء المزدوج في مشروع داماتو"، ونُشر عام 1997 في مجلة كلية الحقوق والعلوم السياسية بجامعة طهران.
-"الاتفاق الأمني بين بغداد وواشنطن: دراسة السلوك الأميركي في العراق الجديد"، ونُشر في ربيع عام 2009 بفصلية السياسة الخارجية الصادرة عن معهد الدراسات السياسية والدولية في وزارة الخارجية الإيرانية.
-"تطورات الشرق الأوسط؛ البحرين أنموذجا"، ونشر صيف 2011 في فصلية الدراسات الاستراتيجية.
-"الأزمة السورية والأمن الإقليمي غير المستقر"، نشر صيف 2013 في فصلية الدراسات الاستراتيجية.
-"أسباب التطورات في سوريا وتداعياتها"، ونشر خريف عام 2016 في فصلية المؤتمر الدولي بجامعة العلامة الطباطبائي.
*المسؤوليات العلمية والبحثية
-مدير مسؤول فصلية الدراسات الفلسطينية.
-مستشار علمي وعضو هيئة التحرير في فصلية طهران لدراسات السياسة الخارجية.
-عضو مؤسس لمركز دراسات غرب آسيا.
-أستاذ محاضر في كلية "دراسات العالم" بجامعة طهران.
-أستاذ محاضر في كلية العلاقات الدولية التابعة للخارجية الإيرانية.
-أستاذ مشرف على عدد من الرسائل والأطروحات الجامعية بجامعة "طهران" وجامعة "العلامة الطباطبائي" وكلية "العلاقات الدولية" وجامعة "الدفاع الوطني".
*"سليماني الدبلوماسية"
بحسب تقرير نشرته مجلة "فورين بوليسي"، بعد تشكيل الحكومة الجديدة في طهران عام 2021، وصف أحد المشرعين الإيرانيين عبد اللهيان بأنه "قاسم سليماني آخر في مجال الدبلوماسية"، وذلك استناداً إلى ما يعرف عنه من مواقف داعمة لـ"محور المقاومة" في الشرق الأوسط.
وقد وصف عبد اللهيان نفسه ذات مرة، وفقاً للمجلة، بـ"جندي سليماني"، لافتاً إلى أنه في كل مرة يذهب إلى دولة ما كمبعوث دبلوماسي وتفاوضي، فإنه يتشاور أولاً مع قاسم سليماني للحصول على التوجيه اللازم، وأشار إلى أنه منذ بداية حياته المهنية، عمل بشكل وثيق مع قائد فيلق القدس، وكان حاضراً خلال المفاوضات المباشرة عام 2007 مع الأميركيين في العراق، عندما كان الفريق الإيراني تحت إشراف الشهيد سليماني يتفاوض مع مسؤولي وكالة المخابرات المركزية ووزارة الدفاع الأميركية.
*لغة القوة
ومنذ تسلّمه منصبه عام 2021، أعلن حسين أمير عبد اللهيان بشكل واضح ما يريد تحقيقه من خلال وزارة الخارجية، قائلاً "نحن في الشرق الأوسط نتطلع إلى تعزيز إنجازات محور المقاومة. نحن فخورون بدعم حلفائنا".
وذكرت المجلة الأميركية أن موقف عبد اللهيان تجاه الاتفاق النووي يتمثّل في أن "الدبلوماسية لا تفهم إلا لغة القوة"، إذ يعتقد أنه، كي ترفع الولايات المتحدة العقوبات عن إيران، يجب على الأخيرة زيادة نفوذها في المفاوضات من خلال تطوير برنامجها النووي، كما أيد التشريع الذي بموجبه خفضت طهران بشكل كبير التزاماتها النووية، وقيدت بشكل وصول الوكالة الدولية للطاقة الذرية إلى المنشآت النووية.
وكان من المتوقع أن تشهد وزارة الخارجية الإيرانية خلال تسلّم عبد اللهيان لشؤونها توسعاً كبيراً في دورها، لا سيما في ظل الدعم والثقة اللذين يحظى بهما من قبل السيد علي خامنئي والحرس الثوري.
*الأولوية للجيران
فور تعيينه في منصبه خلال اب 2021، كتب عبد اللهيان تغريدة عبر حسابه في منصة "إكس"، قال فيها: "عقدت العزم على متابعة سياسة خارجية متوازنة وفاعلة وذكية تعتمد على مبادئ العزة والحكمة والمصلحة. الأولوية لجيراننا والقارة الآسيوية".
وفاته في تحطم طائرة
في يوم الاثنين 20 مايو/أيار 2024 أعلنت إيران وفاة عبد اللهيان رفقة الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي ومسؤولين آخرين إثر تحطم الطائرة المروحية التي كانت تقلهم في محافظة أذربيجان الشرقية شمالي غربي البلاد.
وتحطمت المروحية في منطقة جلفا الجبلية الوعرة في اليوم السابق (الأحد 19 مايو/أيار 2024) وسط ظروف جوية صعبة خلال عودة الوفد من حفل حضره صباح اليوم نفسه مع نظيره الأذربيجاني إلهام علييف لتدشين سد مشترك على نهر آراس الحدودي بين البلدين.
وجاء الإعلان عن وفاة عبد اللهيان والرئيس الإيراني ومرافقيهما بعد عملية بحث صعبة شاركت فيها عشرات من فرق الإنقاذ وسط ضباب كثيف ورياح شديدة.