حصيلة حكم الجولاني.. 41 قتيلا في اليوم و3 كل ساعتين.. أكثر من رُبعهم أُعدموا ميدانيا

انفوبلس..
في ظل فراغ أمني قاتل أعقب سقوط نظام الأسد، تكشفت حكومة الجولاني بوصفها أداة قمع دموية، حصدت أرواح ما يقارب عشرة آلاف سوري خلال ثمانية أشهر، بينهم آلاف المدنيين. ومع تصاعد الإعدامات الميدانية والانتهاكات الطائفية، تتهاوى آمال الاستقرار وتغرق سوريا في جولة جديدة من العنف المنهجي.
مضت ثمانية أشهر على سقوط نظام الأسد وحلّ مؤسسات الجيش والأمن التابعة له، وهو الحدث الذي خلّف فراغاً سياسياً وأمنياً واسعاً في عموم المحافظات السورية.
في حين رافقت انهيار النظام السابق موجة فوضى عمّت معظم المناطق، استغلتها جماعات الجولاني للاستيلاء على ممتلكات عامة وتحقيق مكاسب شخصية على حساب الصالح العام. بالتوازي مع ذلك، تعرّضت مختلف المناطق لاستهدافات على أساس طائفي، في وقت ارتفعت فيه وتيرة الجريمة، وتكررت حوادث التصفية الجسدية والمجازر ذات الطابع الطائفي أو السياسي، خصوصاً ضد العلويين والأقليات في سوريا.
هذه الانتهاكات لم تكن عشوائية، بل اتخذ بعضها طابعاً ممنهجاً يهدف إلى تطهير عرقي، الأمر الذي يقوض أي احتمال لإقامة دولة حقيقية.
وإلى جانب هذه الحوادث سُجلت أيضاً مئات حالات القتل التعذيب في سجون حكومة الجولاني الجديدة.
وفي هذا الصدد، وثّق المرصد السوري لحقوق الإنسان مقتل 9889 شخصاً في مختلف أنحاء سوريا، خلال الفترة الممتدة من 8 كانون الأول 2024 وحتى 6 آب 2025، نتيجة استمرار أعمال العنف والانتهاكات على يد أطراف محلية وخارجية، إلى جانب الفوضى الأمنية العارمة. من بين الضحايا، سقط 7449 مدنياً، منهم 396 طفلا و541 سيدة، مما يعكس هشاشة الواقع الأمني والخطر المتزايد على الفئات الأضعف في المجتمع.
وتوزعت حصيلة الخسائر البشرية على الشكل التالي:
من 8 كانون الأول وحتى نهاية 2024:
2354 ضحية، بينهم 1894 مدنياً (1839 رجلاً، 21 سيدة، 34 طفلاً) و460 غير مدنيين.
كانون الثاني 2025:
-1122 ضحية، بينهم 679 مدنياً (480 رجلاً، 146 سيدة، 53 طفلاً) و443 غير مدنيين.
شباط 2025:
-603 ضحايا، بينهم 435 مدنياً (347 رجلاً، 46 سيدة، 42 طفلاً) و168 غير مدنيين.
آذار 2025:
-2644 ضحية، منهم 2069 مدنياً (1828 رجلاً، 144 سيدة، 97 طفلاً) و575 غير مدنيين.
نيسان 2025:
-452 ضحية، بينهم 352 مدنياً (287 رجلاً، 40 سيدة، 25 طفلاً) و100 غير مدنيين.
أيار 2025:
-428 ضحية، منهم 295 مدنياً (227 رجلاً، 19 سيدة، 49 طفلاً) و133 غير مدنيين.
حزيران 2025:
-391 ضحية، منهم 360 مدنياً (304 رجلاً، 31 سيدة، 25 طفلا) و31 غير مدنيين.
تموز 2025:
-1733 ضحية، منهم 1225 مدنياً (1076 رجلاً، 89 سيدة، 60 طفلا) و508 غير مدنيين.
حتى السادس من آب:
-162 ضحية، منهم 140 مدنياً (124 رجلاً، 5 سيدة، 11 طفلا) و22 غير مدنيين.
ظروف استشهاد المدنيين كالتالي:
رصاص عشوائي واقتتال: 320 شخصاً هم: (235 رجلا، و26 سيدة، و59 طفلاً).
غير ذلك: 28 شخصاً هم: (21 رجلا، و2 سيدة، و5 أطفال).
على يد فصائل الجيش الوطني: 19 شخصاً هم: (15 رجلا، و3 سيدات، و1 طفل).
ظروف مجهولة: 1750 شخصاً هم: (1730 رجلا، و10 سيدات، و10 أطفال).
تردي الأوضاع المعيشية: 1 طفل.
آليات مفخخة: 55 شخصاً هم: (30 رجلا، و22 سيدة، و3 أطفال).
تعذيب في سجون إدارة العمليات العسكرية: 50 رجلاً.
تعذيب في سجون فصائل الجيش الوطني: 2 رجال.
على يد تنظيم “داعش”: 34 شخصاً هم: (32 رجلا، و2 سيدات).
بقصف إسرائيلي: 32 شخصاً هم: (31 رجلا، و1 سيدة).
بقصف تركي: 129 شخصاً هم: (90 رجلا، و10 سيدات، و29 طفلا).
برصاص حرس الحدود الأردني: 4 رجال.
برصاص الجندرما التركية: 2 أشخاص هم: (1 رجل، و1 طفل).
انفجارات ألغام/عبوات ناسفة: 58 شخصاً هم: (39 رجلا، و7 سيدات، و12 طفلا).
اشتباكات محلية: 17 شخصاً هم: (7 رجال، و3 سيدات، و7 أطفال).
تعذيب في السجون: 1 رجل.
جرائم القتل: 381 شخصاً هم: (294 رجلا، و64 سيدة، و23 طفلاً).
برصاص مجهولين: 590 شخصا هم: (538 رجلا، و28 سيدة، و24 طفلا).
رصاص إدارة العمليات العسكرية: 866 شخصاً هم: (784 رجلا، و58 سيدة، و24 طفلا).
بمخلفات الحرب: 571 شخصاً هم: (383 رجلا، و38 سيدة، و150 طفلاً).
مجازر الإعدام الميداني: 2535 حالة قتل على الهوية والانتماء
واحدة من أبرز ملامح هذه المرحلة المأساوية هي تصاعد الإعدامات الميدانية والقتل على الهوية، والتي وثّقها المرصد بـ2535 حالة، ارتُكبت بطرق وصفت بـ”الوحشية”، معظمها تم خلال شهر آذار الذي شهد لوحده 1726 حالة تصفية.
وتوزعت هذه الحالات على النحو التالي:
من 8 كانون الأول وحتى نهاية 2024: 141 حالة.
كانون الثاني 2025: 74 حالة.
شباط 2025: 60 حالة.
آذار 2025: 1726 حالة.
نيسان 2025: 75 حالة.
أيار 2025: 41 حالة.
حزيران 2025: 46 حالة.
تموز 2025: 300 حالة.
حتى السادس من آب 2025: 72 حالة.
القتلى غير المدنيين 2440
-عناصر تنظيم “الدولة الإسلامية”: 29
-عناصر إدارة العمليات العسكرية: 1010
-قوات سوريا الديمقراطية والتشكيلات العسكرية التابعة لها: 268
-فصائل مقاتلة وإسلامية: 630
-مسلحون محليون: 374
-عسكريون سابقون في قوات النظام: 83
-غير ذلك: 22
-قتلى أتراك: 8
-جهاديون: 6
ثمانية أشهر فقط كانت كافية لتحويل سوريا إلى واحدة من أكثر مناطق العالم دموية، بعد انهيار نظام الأسد وتفكك بنيته الأمنية والعسكرية، وظهور "حكومة الجولاني" كسلطة أمر واقع فرضت قبضتها الحديدية على المناطق الخارجة عن سيطرة النظام السابق. ما جرى لم يكن "تحرراً" من ديكتاتورية الأسد بقدر ما كان استبدالاً لمشهد قمعي بآخر أشد فتكاً، ولكن بلون طائفي صريح وقناع ديني مشبوه.
9889 قتيلاً في أقل من 250 يوماً، بمعدل يزيد عن 41 شخصاً يومياً، أي أكثر من 3 قتلى كل ساعتين، يشير إلى أن العنف في "سوريا الجولاني" ليس نتاج صراعات طارئة أو انفلات أمني فقط، بل هو جزء من منظومة مدروسة لقمع المجتمع وتطهيره على أسس طائفية وعرقية.
ما يلفت النظر أن أكثر من 75% من الضحايا هم من المدنيين، وبينهم مئات الأطفال والنساء، ما يفند مزاعم الجولاني بأن عملياته العسكرية "تستهدف خلايا معادية".
النسبة المرتفعة من الأطفال (396) والسيدات (541) تشير إلى أن الاستهداف يشمل البيوت، المخيمات، والمرافق العامة، وليس مناطق المواجهة.
آذار 2025 كان شهراً مفصلياً في ترسيخ الطابع الطائفي لحكم الجولاني، إذ سجل لوحده 1726 حالة إعدام ميداني، معظمها على الهوية والانتماء الطائفي، استهدفت بشكل خاص العلويين والمسيحيين والدروز، إضافة إلى عدد من أبناء العشائر الذين رفضوا الانخراط في سلطته.
لم تختلف سجون الجولاني عن فروع الأمن السياسي والعسكري التي عرفها السوريون خلال عقود حكم الأسد. حالات التعذيب المسجلة (50 في سجون الجولاني، و2 في سجون الجيش الوطني، إضافة إلى مئات الحالات غير الموثقة) تؤكد أن آلة التعذيب لم تتوقف، بل تبدّلت الجهة الفاعلة فقط.
أكثر من 1750 ضحية قُتلوا في ظروف مجهولة، وهو رقم مقلق يعكس ضعف آليات الرصد أو خوف ذويهم من التبليغ. كما تُظهر الإحصائيات استسهال الجريمة في ظل غياب أي مؤسسة قانونية أو ضوابط، فيما توزعت بقية الضحايا على مشاهد مألوفة من سوريا ما بعد الثورة: قنص، ألغام، قصف إسرائيلي، تركي، أو انفجارات مفخخة.
تُعدّ 2535 حالة إعدام ميداني رقماً صادماً، لا يمكن أن يُبرر بأي حجة عسكرية أو أمنية. القتل هنا لم يكن دفاعاً عن النفس، بل تطهيراً طائفياً وسياسياً متعمداً، يكشف نية مبيتة لتصفية الخصوم وتغيير التركيبة الديموغرافية للمنطقة. والأخطر أن معظم هذه الحالات تمّت في مناطق يُفترض أنها "آمنة"، لا في جبهات قتال.
2440 من القتلى غير المدنيين ينتمون إلى تشكيلات مختلفة، من مقاتلين سابقين في المعارضة، إلى قوات سوريا الديمقراطية، إلى عسكريين سابقين وحتى عناصر من داعش. هذا التنوع يكشف أن سياسة الجولاني قائمة على تصفية كل من لا يدور في فلكه، حتى لو كانوا بالأمس شركاء في السلاح أو العقيدة.
تكشف كل هذه الأرقام أن حكومة الجولاني لم تكن بديلاً لنظام الأسد، بل هي وجه آخر للاستبداد، مبني على شعارات دينية وطائفية، وتوظيف ممنهج للعنف. "هيئة تحرير الشام" التي تقود هذا المشروع، وتدعي تمثيل الثورة، لم تعد تخجل من سحق أبناء الثورة أنفسهم إذا اعترضوا طريقها.
أمام هذا المشهد الدموي، تسقط جميع الادعاءات بأن "ما بعد الأسد" أفضل، على الأقل في مناطق نفوذ الجولاني. فقد اختزلت هذه الحكومة شعارات الثورة السورية إلى خطاب تحريضي طائفي، واستبدلت الحلم بالحرية بواقع من الفوضى والقمع والمجازر. والأهم، إن ما يحدث اليوم يهدد وحدة سوريا ومستقبلها، ويؤجل إلى أجل غير مسمى أمل إقامة دولة مدنية حقيقية، يحكمها القانون لا السلاح، والمواطنة لا الهوية الطائفية.