حيدر الزاملي.. اسم جديد على لائحة ضحايا التطهير الطائفي في سوريا

من ريف دمشق إلى بابل
انفوبلس/..
في جريمة طائفية مروّعة تكشف مجدداً وحشية التنظيمات الإرهابية المدعومة من حكومة "هيئة تحرير الشام" التي يتزعمها أبو محمد الجولاني، قُتل المواطن العراقي حيدر الزاملي بطريقة بشعة أثناء زيارة عائلية إلى سوريا، في حادثة تؤكد استمرار الانتهاكات ضد المدنيين من الطائفة الشيعية، تحت أعين من يدّعون "التحرير" وهم يغرقون في مستنقع الطائفية والتصفية العرقية.
الضحية، حيدر الزاملي، وهو مواطن عراقي يحمل الجنسية الأمريكية أيضاً، كان يعيش بين العراق والولايات المتحدة ويزور زوجته السورية بشكل دوري منذ زواجهما قبل عامين.
إلا أن رحلته الأخيرة إلى سوريا انتهت بجريمة اغتيال مروعة، حيث تشير مصادر محلية إلى أن فصائل تابعة للجولاني اختطفته من أحد شوارع ريف دمشق، ثم قتلته بدم بارد ومثّلت بجثته، بسبب انتمائه الطائفي كونه شيعياً من محافظة بابل.
حاولت عائلة الزوجة التنصل من الحادثة بادعاء أن الزاملي تعرض لعملية تسليب عادية في الشارع، لكن تقارير موثوقة وتصريحات مقربين من الضحية نفت هذه الرواية، مؤكدين أن الجريمة تحمل بصمات طائفية واضحة
في البداية، حاولت عائلة الزوجة التنصل من الحادثة بادعاء أن الزاملي تعرض لعملية تسليب عادية في الشارع، لكن تقارير موثوقة وتصريحات مقربين من الضحية نفت هذه الرواية، مؤكدين أن الجريمة تحمل بصمات طائفية واضحة، وهي نمط متكرر تمارسه الفصائل التابعة للجولاني في مناطق سيطرتها، خصوصاً في مناطق مثل السيدة زينب.
مراسم تشييع جثمان الزاملي في محافظة بابل العراقية كانت صادمة، حيث لم تُكشف الكثير من التفاصيل حول كيفية نقل جثمانه إلى العراق، في ظل إغلاق المعابر الرسمية كمنفذ القائم، إلا أن بعض المصادر أشارت إلى وجود طرق غير رسمية تمر بها الحملات الدينية نحو مقام السيدة زينب، ما قد يفسر كيفية إدخال جثمانه.
دوافع الكراهية الطائفية
رغم التستر ومحاولات طمس الحقيقة، فقد فضحت وسائل إعلام عراقية تفاصيل الحادثة، كما شهدت منصات التواصل الاجتماعي موجة غضب عارمة، إذ أكدت معارف الضحية في الولايات المتحدة أن مجلس عزاء أُقيم له في مركز الإمام علي الإسلامي بولاية تكساس، مشيرين إلى أن الجريمة وقعت بدافع الكراهية الطائفية.
الصحفي العراقي الذي غطى الحادثة أكد أن العملية تحمل توقيع فصائل الجولاني الإرهابية، وكتب: "زوجة السيد حيدر الزاملي بريئة، لكن الجريمة نفذها أنصار الجولاني لدوافع طائفية بغيضة". في حين قال أحد المغردين: "عاد حيدر إلى بلده العراق جثة مقطعة الأوصال، فقط لأنه شيعي، ضحية جديدة لحكم الجولاني القائم على الدم والكراهية".
ما حدث مع حيدر الزاملي ليس عملاً معزولاً، بل هو جزء من سلسلة طويلة من الجرائم التي ترتكبها "هيئة تحرير الشام" في مناطقها ضد أبناء الطوائف غير السنية، ضمن سياسة ممنهجة هدفها تفريغ هذه المناطق من كل من يختلف معهم مذهبياً أو سياسياً.
إن هذه الجريمة الدنيئة تستوجب تحقيقاً دولياً عاجلاً، ومحاسبة كل من يثبت تورطه في إدارة أو تنفيذ هذا الاغتيال، بدءاً من قادة "هيئة تحرير الشام" وصولاً إلى الأيادي التي نفذت. كما يجب على الحكومة العراقية والولايات المتحدة التحرك الدبلوماسي والحقوقي لحماية مواطنيها، ولجم التمدد الطائفي المسلح في سوريا الذي بات يهدد الأمن الإقليمي والإنساني.
وصول جثمانه إلى العراق
وكشفت مصادر محلية صباح اليوم الخميس، 24 نيسان 2025، عن وصول جثمانه إلى العاصمة بغداد، حيث تسود حالة من الحزن والغضب الشعبي إزاء بشاعة ما تعرض له.
وتشير المعلومات الأولية إلى أن الضحية كان متزوجاً من سيدة سورية، وقد توجه إلى سوريا في زيارة عائلية انتهت بجريمة مروّعة، راح ضحيتها بطريقة تثير الفزع وتؤكد استهداف المدنيين الشيعة على الهوية.
وفي تصريح لوسائل الإعلام، أوضح حسام الزاملي، شقيق الضحية، أن شقيقه كان مقيماً في سوريا منذ قرابة السنتين، وليس مجرد زائر كما أُشيع، مؤكداً أن لديه منزلاً هناك وكان يعيش حياة مستقرة نسبياً، قبل أن تطاله يد الغدر.
وأضاف، أن حيدر كان قد أقام سابقاً في الولايات المتحدة الأميركية، قبل أن يستقر في سوريا.
شقيق الضحية: الجريمة بدافع طائفي
وفي تصعيد واضح للاتهامات، حمّل حسام الزاملي المسؤولية الكاملة لما حصل لشقيقه "عصابات الجولاني"، مؤكداً أن الجريمة تمت بدافع طائفي بحت، قائلاً: "ابننا تعرض للاغتيال لأنه من الطائفة الشيعية"، في إشارة إلى ما وصفه بـ"الاستهداف الممنهج للشيعة في المناطق التي تسيطر عليها الجماعات الإرهابية المدعومة من الخارج".
الجدير بالذكر أن حيدر الزاملي، الذي ينحدر من مدينة الحلّة بمحافظة بابل، قد توفي بتاريخ 19 نيسان الجاري خلال تواجده في سوريا، وأقيم مجلس عزائه اليوم الخميس في مدينته الأم، وسط أجواء من الحداد والغضب الشعبي المطالب بمحاسبة مرتكبي الجريمة، وكشف المتورطين في دعم الإرهاب الطائفي الذي ما زال يحصد أرواح الأبرياء.
تشير الحادثة البشعة التي راح ضحيتها المواطن العراقي حيدر الزاملي، إلى صورة أوسع وأكثر قتامة لما يجري في المناطق الخاضعة لسيطرة ما تُعرف بـ"هيئة تحرير الشام"، بقيادة أبو محمد الجولاني. فبعيداً عن الشعارات الإعلامية التي تحاول تجميل حضور هذه الجماعة، تتكشف يوماً بعد آخر حقيقة سلطة الأمر الواقع التي تمارس القمع والتصفية على أسس طائفية وعرقية، حيث لا ينجو منها حتى المدنيون الأبرياء الذين لا ذنب لهم سوى انتمائهم الديني أو المذهبي.
فمنذ سيطرة التنظيم على أجزاء من سوريا ودخول العاصمة دمشق، برزت تقارير متواترة عن حملات تصفية عرقية منظمة طالت أبناء الطائفة العلوية، واعتقالات تعسفية، وعمليات تهجير قسري، ومحاكمات صورية، فضلاً عن إعدامات ميدانية مارستها "الهيئة" بحق معارضين أو مدنيين لا يدينون لها بالولاء المطلق.
في ظل صمت دولي مريب وتغاضٍ إقليمي مشبوه، تواصل هذه العصابات تمددها على حساب المدنيين، بينما تتحول المناطق الواقعة تحت سيطرتها إلى ساحات مفتوحة للفوضى والدم، في مشهد يعيد إلى الأذهان أسوأ فصول الصراعات الطائفية في المنطقة. وما لم يكن هناك موقف دولي حازم ومحاسبة عادلة، فإن هذه الجرائم مرشحة للاستمرار، ومعها يستمر نزيف الأبرياء في أرضٍ أنهكتها الحرب والتطرف.