د. فاوتشي يعود إلى الواجهة.. طبيب البيت الأبيض يكشف عن إجراءات "غير علمية" روّجت لها واشنطن خلال انتشار جائحة كورونا
انفوبلس..
ادعاءات مزيفة وإجراءات غير مبنية على تجارب سريرية تم اختراعها في الولايات المتحدة الأمريكية وتطبيقها في العالم لمكافحة انتشار وباء كورونا، ظهرت مرة أخرى في الآونة الأخيرة مع ظهور طبيب البيت الأبيض السابق في مجلس الشيوخ الأمريكي للإدلاء باعترافات وتوضيحات حول الجائحة وإجراءاتها.
"أنتوني فاوتشي"، من لا يذكر هذا الاسم الذي كان الألمع خلال فترة انتشار فيروس كورونا عام 2020 وما بعده، بصفته مدير المعهد الوطني للأمراض المعدية في الولايات المتحدة.
لكن رغم انحسار الجائحة، عاد اسمه إلى الأوساط الصحية والإعلامية، مطلع الشهر الجاري، بسبب تطورات ومعلومات صدمت العالم.
بدون أساس علمي
فقد كشفت شهادة لفاوتشي أدلى بها أمام الكونغرس بداية العام الحالي، أنه وضع قاعدة التباعد الاجتماعي التي يبلغ طولها 6 أقدام وإجراءات أخرى لحماية الناس من فيروس كورونا، دون أسس علمية.
ونشر الجمهوريون النص الكامل لمقابلتهم مع الطبيب الأشهر قبل أيام قليلة من شهادته العامة المرتقبة، كونهم يخططون لاستجوابه مجددا بشأن قيود فيروس كورونا التي فرضها، والتي اعترف بأنها لم تفعل الكثير لإبطاء انتشار الفيروس، وفقا لصحيفة "ديلي ميل".
وفي حديثه إلى المحامي نيابة عن اللجنة الفرعية المختارة المعنية بجائحة فيروس كورونا في مجلس النواب في وقت سابق من هذا العام، أخبر فاوتسي الجمهوريين أن قاعدة التباعد الاجتماعي التي يبلغ طولها ستة أقدام "ظهرت فجأة"، وأنه لا يتذكر كيف طفت، أي إنها لم تكن مبينة على دراسات وأساسات علمية.
كما أضاف، أنه لم يكن على علم أو اطلاع على دراسات تدعم التباعد الاجتماعي، معترفا بأن مثل هذه الدراسات "سيكون من الصعب جدا" القيام بها.
إضافة إلى عدم تذكر أي دليل يدعم التباعد الاجتماعي، أخبر فاوتشي أيضا مستشار اللجنة أنه لا يتذكر قراءة أي شيء يدعم أن ارتداء الأطفال للكمامات أو حتى غيابهم عن المدارس من شأنه أن يمنع فيروس كورونا.
ولعل تلك الشهادات قد أعادت للأذهان الإجراءات الاحترازية التي فرضتها دول برمتها على أنها كفيلة بالتخلص من فيروس كورونا المستجد، متناسية أثرها على الجوانب الأخرى.
يذكر أنه كان قد تم توثيق فقدان التعلم لدى الأطفال والنكسات الاجتماعية بسبب إجراءات كورونا، حيث وصفت إحدى الدراسات التي أجراها المعهد الوطني للصحة (NIH) تأثير استخدام الأقنعة على معرفة الطلاب بالقراءة والكتابة والتعلم بأنه سلبي للغاية.
ووجدت دراسة أخرى للمعاهد الوطنية للصحة أن تأثيرات التباعد الاجتماعي تسببت في "الاكتئاب والقلق العام والتوتر الحاد والأفكار المتطفلة".
كذلك خصصت لجنة الفيروسات التاجية أشهرا لاكتشاف أصول الفيروس الذي قلب حياة الكثيرين رأسا على عقب وأدى إلى وفاة 6 ملايين شخص على مستوى العالم.
وكثيرا ما كان فاوتشي يتنازع مع الجمهوريين بشأن تفويضات الأقنعة واللقاحات.
وكان الجمهوريون في الكونغرس قد توعدوا بفتح تحقيقات موسعة حول كبير الأمراض المعدية الدكتور أنتوني فاوتشي إذا استعادوا السيطرة على مجلس النواب أو مجلس الشيوخ في انتخابات التجديد النصفي، وفقاً لما قاله السيناتور الجمهوري راند بول قبل أشهر.
إلى ذلك، وصف كبير خبراء الأمراض المعدية في الولايات المتحدة السابق، الدكتور أنتوني فاوتشي، أمام الكونغرس الاثنين، مزاعم الجمهوريين بأنه حاول التستر على أصول فيروس كوفيد-19 بأنها "غير معقولة".
وكانت لجنة فرعية يقودها الحزب الجمهوري قد أمضت أكثر من عام في التحقيق في استجابة البلاد للوباء، وما إذا كان للأبحاث التي تمولها الولايات المتحدة في الصين أي دور في كيفية ظهور الوباء – لكنها لم تجد أي دليل يربط فاوتشي بارتكاب مخالفات، وفقا لتقرير أسوشيتدبرس.
وكان أعضاء الكونغرس قد استجوبوا فاوتشي، خلف أبواب مغلقة لمدة 14 ساعة على مدار يومين في كانون الثاني (يناير). لكنه أدلى بشهادته على نحو طوعي علنا وأمام الكاميرا في جلسة استماع تحولت بسرعة إلى هجمات حزبية.
اتهامات متلاحقة
وكرر الجمهوريون اتهامات ضد عالم معاهد الصحة الوطنية منذ فترة طويلة، بينما اعتذر الديمقراطيون عن المشاركة في توجيه الاتهامات، وأبدوا أسفهم على ما وصفوه بضياع فرصة الاستعداد للتفشي التالي.
قال النائب الديمقراطي جيمي راسكين عن فاوتشي "إنه ليس الشرير في قصة في كتاب هزلي"، وأضاف، أن اللجنة الفرعية المختارة المعنية بجائحة فيروس كورونا فشلت في إثبات صحة قائمة من المزاعم الضارة.
وكان فاوتشي المتحدث الرسمي لاستجابة الحكومة المبكرة لكوفيد-19 في عهد الرئيس آنذاك دونالد ترامب، ولاحقا كمستشار للرئيس جو بايدن. وكان صوتا وثق به ملايين الأميركيين، وكان أيضا هدفا للغضب الحزبي.
وبدا متأثرا الاثنين عندما تذكر التهديدات بالقتل وغيرها من المضايقات التي تعرض لها هو وعائلته، وهي التهديدات التي قال إنها لا تزال مستمرة.
أصل القصة
يعتقد العديد من العلماء أن الفيروس ظهر على الأرجح في الطبيعة وانتقل من الحيوانات إلى البشر، ربما في سوق للحياة البرية في ووهان، المدينة الصينية حيث بدأ تفشي المرض. ولا توجد معلومات علمية جديدة تدعم أن الفيروس ربما تسرب من المختبر. ويقول تحليل للاستخبارات الأميركية إنه لا توجد أدلة كافية لإثبات أي من الاتجاهين.
ولطالما قال فاوتشي علناً منذ فترة طويلة إنه منفتح على كلتا النظريتين، ولكن هناك مزيد من الأدلة التي تدعم الأصول الطبيعية لـCOVID-19، أي بالطريقة التي انتقلت فيها الفيروسات القاتلة الأخرى، بما في ذلك أبناء عمومة فيروس كورونا، SARS وMERS، إلى البشر. وهو الموقف الذي كرره الاثنين عندما تساءل المشرعون الجمهوريون عما إذا كان قد عمل خلف الكواليس لإخماد نظرية التسرب من المختبر، أو حتى حاول التأثير على وكالات الاستخبارات.
وقال فاوتشي: "لقد ذكرت مرارا وتكرارا أن لديّ عقلا منفتحا تماما لأي من الاحتمالين، وأنه إذا توفر دليل قاطع للتحقق من صحة أو دحض أي من النظريتين، فسوف أقبله، وعلى استعداد لقبوله". وسخر فاوتشي من نظرية المؤامرة التي تصوره، بحسب قوله، على أنه عميل سري في فيلم خيالي، قائلا كأنني "كنت أنزل بالمظلة في وكالة المخابرات المركزية مثل جيسون بورن وأخبرت وكالة المخابرات المركزية أنه لا ينبغي عليهم حقا التحدث عن تسرب الفيروس من المختبر".
واتهم الجمهوريون فاوتشي بالكذب على الكونغرس من خلال إنكاره أن وكالته موّلت أبحاث "اكتساب الوظيفة" – وهي ممارسة تعزيز الفيروس في المختبر لدراسة تأثيره المحتمل في العالم الحقيقي – في مختبر في ووهان.
ويغطي تعريف "اكتساب الوظيفة" كلا من الأبحاث العامة، والتجارب المحفوفة بالمخاطر بشكل خاص من أجل "تعزيز" قدرة مسببات الأمراض الوبائية المحتملة على الانتشار أو التسبب في مرض شديد لدى البشر. وشدد فاوتشي على أنه كان يستخدم تعريف التجربة المحفوفة بالمخاطر، قائلا: "سيكون من المستحيل جزيئيا" أن تتحول فيروسات الخفافيش التي تمت دراستها بأموال إيكوهيلث إلى الفيروس الذي تسبب في الوباء.
تسريب المختبر
في حوار مع النائب الجمهوري مورغان غريفيث، أقر فاوتشي بأن تسرب المختبر لا يزال سؤالا مفتوحا لأنه من المستحيل معرفة ما إذا كانت بعض المختبرات الأخرى، غير الممولة من أموال المعاهد الوطنية للصحة، تجري أبحاثا محفوفة بالمخاطر مع فيروسات كورونا.
واجه فاوتشي مجموعة جديدة من الأسئلة حول مصداقية المعهد الوطني للحساسية والأمراض المعدية التابع للمعاهد الوطنية للصحة، والذي قاده لمدة 38 عاما.
في الشهر الماضي، كشفت لجنة مجلس النواب عن رسائل بريد إلكتروني من زميل في NIAID حول طرق التهرب من قوانين السجلات العامة، بما في ذلك عدم مناقشة القضايا الوبائية المثيرة للجدل في البريد الإلكتروني الحكومي.
وندد فاوتشي بتصرفات ذلك الزميل وأصر على أنه "على حد علمي لم أقم مطلقا بإجراء أي عمل رسمي عبر بريدي الإلكتروني الشخصي".
اجراءات الوقاية
لم تكن أصول الوباء هي الموضوع الساخن الوحيد. إذ انتقدت لجنة مجلس النواب أيضا بعض إجراءات الصحة العامة المتخذة لإبطاء انتشار الفيروس قبل أن تساعد لقاحات كوفيد-19، التي حفزتها أبحاث NIAID، والسماح بالعودة إلى الحياة الطبيعية.
ووصف رئيس اللجنة الفرعية النائب الجمهوري براد وينستروب الإجراءات التي تمثلت في مطالبة الناس بالبقاء على مسافة 6 أقدام ما أدى إلى إغلاق العديد من الشركات والمدارس والكنائس، بأنها "مرهقة" وتعسفية، مشيرا إلى أن فاوتشي أقر في شهادته السابقة خلف الأبواب المغلقة بأن تلك الإجراءات غير مدعومة علميا.
ورد فاوتشي بأن مسافة 6 أقدام لم تكن مبدأه التوجيهي، بل هو المبدأ الذي أنشأته مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها قبل أن يعلم العلماء أن الفيروس الجديد ينتقل عبر الهواء، ولا ينتشر ببساطة عن طريق القطرات المنبعثة من مسافة معينة.