شقيقة تسوركوف تهاجم السوداني لإحراج الوفد العراقي بواشنطن.. ما قصة المؤسسات البحثية الأميركية التي دفعتها وسهّلت عملية "التشويه"
انفوبلس/ تقارير
تداول نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي، مقطع فيديو لإيما تسوركوف، شقيقة الباحثة الإسرائيلية إليزابيث تسوركوف، وهي توجه انتقادات لرئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني، وتطالبه بالكشف عن مصير شقيقتها. وسط تأكيدات بأن شقيقة الجاسوسة الشهيرة تعرضت للتوجيه بغية تشويه صورة الوفد العراقي بالتواطؤ مع مؤسسات بحثية أميركية، انفوبلس سلّطت الضوء على الموضوع وفصّلت أسباب انزعاج "إسرائيل" من زيارة السوداني إلى واشنطن وكذلك أسباب عدم تطرق شقيقة تسوركوف بأن الأخيرة دخلت العراق بصورة غير شرعية واعترفت بعملها لصالح الموساد.
*إيما تسوركوف تهاجم السوداني
يوم أمس، وجهت شقيقة الباحثة الإسرائيلية إليزابيث تسوركوف، الملقى القبض عليها في العراق بتهمة التجسس لصالح الموساد انتقادات حادة لرئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني لعدم قيامه "بما يجب" لتأمين إطلاق سراحها.
ولم تتطرق إيما تسوركوف إلى أسباب اختفاء شقيقتها وأنها دخلت العراق بجواز روسي غير جوازها الإسرائيلي لغرض التجسس لصالح الموساد.
وأظهرت مقاطع فيديو منشورة على منصة "إكس" إيما تسوركوف وهي تقاطع السوداني خلال استضافته من قبل المجلس الأطلسي في واشنطن وتصرخ بوجهه قائلة "إنك لا تفعل ما يكفي لتأمين إطلاق سراحها"، مضيفة أن شقيقتها "محتجزة كرهينة" في العراق.
وتابعت تسوركوف، التي كانت حاضرة على ما يبدو ضمن الضيوف الذين حضروا الحدث، موجهة كلامها للسوداني: "أنت لا تفعل أي شيء لإنقاذها، لأنهم (الخاطفين) شركاء في حكومتك".
وواصلت القول: "إنهم موظفون في الحكومة العراقية ويجب أن تخجل من نفسك لأنك لا تفعل أي شيء لمساعدتها وإنقاذها.. إنها بريئة وأنت تعرف ذلك."
واضطر المجلس الأطلسي لقطع بثه المباشر لنحو 3 دقائق أثناء الحادثة قبل أن يستأنف المقابلة مع السوداني الذي أكد أن السلطات العراقية لديها "فريق تحقيق يتابع كافة جوانب هذه الجريمة"، مضيفا: "لقد اقتربنا من تحديد مكانها".
وأوضحت إيما: "نمر بوقت عصيب للغاية. لم يحدث الأمر بشكل مفاجئ، لقد استغرق الأمر بنا وقتاً لفهم ما كان يحصل"، مبينة أن العائلة على "اتصال دائم بالسلطات الإسرائيلية".
*هل تبدو إسرائيل منزعجة من زيارة السوداني إلى واشنطن؟
جاءت زيارة السوداني في أصعب توقيت ممكن مع هذا التوتر بين إسرائيل وأمريكا من جهة وإيران من جهة أخرى. يتمثل جزء كبير من المهمة السياسية لأي رئيس وزراء في العراق اليوم - في قدرته على إقامة علاقة قوية مع كل من إيران وأمريكا، وكلما توتر الوضع بين واشنطن وطهران أصبحت تلك المهمة أصعب.
لقد عُرف العراق منذ زمن طويل، بمعاداته للكيان الصهيوني حكومةً وشعباً، ولهذا فإن الكيان الصهيوني لا يريد أي تقارب عراقي من الممول الرئيسي والاساسي له وهي الولايات المتحدة الامريكية، وفق مراقبون.
ويرى هؤلاء، أن "مشاركة المقاومة الإسلامية في العراق جنباً إلى جنب مع المقاومة في غزة والتصريحات العراقية المؤيدة للقضية الفلسطينية من انطلاق طوفان الأقصى وحتى قبلها، وقرب السوداني من الفصائل ونجاحه في خلق مقبولية له لدى واشنطن، كلها دلالات تزعج الكيان الصهيوني وتجعله يقوم بشتى الأعمال لإحراج الحكومة العراقية ونسف وجودها الدولية".
وأضافوا، أن "خير دليل على الانزعاج الصهيوني من زيارة السوداني إلى واشنطن هو الانفجار الذي حدث في قاعدة "كالسو" للحشد الشعبي بمحافظة بابل الذي حدث الليلة الماضية والذي جاء توقيته بالتزامن مع انتهاء الزيارة".
ويصف المراقبون الهجوم، بأنه "خطوة مفضوحة تدل دلالة واضحة على توجيه مفتعلته من قبل مؤسسات بحثية أمريكية داعمة لإسرائيل وفي خطوة تبرز مستوى الانزعاج الصهيوني الكبير من هذه الزيارة".
*لمَ الانزعاج الإسرائيلي؟
قبيل انطلاق زيارة السوداني وفريقه الى واشنطن، تصاعدت التحذيرات من قبل نواب جمهوريين من تقويض الدعم الأميركي لإسرائيل لصالح إيران، والتذكير بالعمليات التي شنتها فصائل المقاومة العراقية ضد الوجود الأمريكي في العراق والمنطقة.
ووجه السيناتور الجمهوري توم كوتون، مع 7 نواب آخرين، رسالةً إلى بايدن تطالبه بوضع شروط على العراق، أبرزها "عدم تقديم المزيد من التنازلات لإيران"، والتدخل "لاستئناف تصدير النفط من إقليم كردستان العراق".
وذكر السيناتور توم كوتون، إن "استضافة رئيس الوزراء العراقي تضخم رسالة الحملة المستمرة لتقويض رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، مقابل استرضاء إيران، وليس دعم الحلفاء".
وذكّرت رسالة السيناتور، بـ"الهجمات التي شنتها فصائل المقاومة ضد القوات الأميركية العراق بما فيها مواضع الاحتلال في كردستان، التي وصلت إلى أكثر من 180 هجوماً منذ 7 أكتوبر 2023، وأسفرت عن مقتل 3 جنود أميركيين وإصابة أكثر من 100 آخرين".
وقال المشرعون الجمهوريون إنه "رغم ذلك، تواصل إدارة بايدن منح العراق إعفاءات من العقوبات على طهران لاستيراد الكهرباء والغاز الطبيعي الإيراني، فضلاً عن استخدام الدولارات الأميركية المحولة إلى العراق من الاحتياطي الفيدرالي".
حديث الجمهوريين جاء بدفع من اللوبي الكردي الذي شكله مسعود بارزاني لعرقلة الزيارة لكنه لم ينجح، كما أن مسؤولين إسرائيليين تفاعلوا معه وأيّدوه وأبدَوا غضبهم من الزيارة كونها قد تقوض الدعم الأميركي للكيان عبر مطالبة السوداني لواشنطن رفع العقوبات عن إيران.
*ادعاءات باطلة
بعد مزاعم تواجدها في العراق لإجراء بحوث علمية وأن سفرها مُسجل لدى حكومتها بطريقة رسمية، قطعت جامعة برنستون الأمريكية حبال الكذب الإسرائيلي بعد تأكيدها بأن الضابطة السابقة في الاستخبارات الصهيونية اليزابيث تسوركوف والتي سافرت الى العراق بذريعة إكمال بحثها في الدراسات العليا لم تكن مخوّلة بالسفر الى البلاد.
وكشف تقرير لصحيفة ديلي برنستون الامريكية، أن الضابطة السابقة في الاستخبارات الاسرائيلية اليزابيث تسوركوف والتي سافرت الى العراق بذريعة إكمال بحثها في الدراسات العليا لم تكن مخولة بالسفر الى البلاد.
ونقلت الصحيفة في تقرير تابعته شبكة انفوبلس، عن المتحدث الرسمي باسم جامعة برنستون الامريكية مايكل هوتشكيس والتي يزعم أنها تدرس فيها، قوله إن "إليزابيث تسوركوف لم تكن في العراق لإجراء بحث أطروحتها كجزء من دراساتها المعتمدة من الجامعة".
وتابع التقرير، أن "تسوركوف خلال زيارتها للعراق أخفت هويتها الاسرائيلية وادعت زوراً على أنها باحثة روسية مهتمة بالشأن الشيعي، لكن في الواقع، كانت تسوركوف تتبنى منذ فترة طويلة وجهة نظر عدائية مناهضة للشيعة في السياسة الإقليمية، وقد أيّدت صراحة التدخل العسكري الأمريكي في المنطقة، وخاصة ضد سوريا".
*هجوم موجه بالتواطؤ مع مؤسسات بحثية أمريكية
لم يكن هجوم إيما تسوركوف على السوداني محض صدفة، بل كان هجوما موجها يهدف إلى إحراج الوفد العراقي في واشنطن، وفق مدونون ومتابعون للشأن المحلي.
ويؤكد هؤلاء، أن إيما تسوركوف متواطئة مع مؤسسات بحثية في أميركا، بل وتعمل لديها، واستغل هؤلاء تواجد السوداني في واشنطن لتمرير اجنداتهم على هيئة أسئلة أو تحت غطاء المطالبة بكشف مصير "تسوركوف" من قبل شقيقتها.
وعند التمعن جيدا في الهجوم الذي شنته شقيقة الجاسوسة الأسيرة في العراق على السوداني، يُلاحظ فيه أنه ركّز على فصائل المقاومة بالأسماء وحاولت "إيما" تسليط الضوء على تلك الفصائل والتحريض عليها بغية إحراج السوداني أمام الرأي العام.
ولم تتطرق شقيقة الجاسوسة لأسباب أسر شقيقتها في العراق وحاولت جاهدة التركيز على تشويه صورة القوات الأمنية العراقية، مستفيدة من المعلومات المزيفة التي قدمتها له المؤسسات البحثية في أميركا.
*جاسوسة باعترافها
في تشرين الثاني الماضي، ظهرت الجاسوسة الإسرائيلية الأسيرة في العراق، إليزابيث تسوركوف، بمقطع فيديو تناقلته وسائل الإعلام المحلية والعالمية اعترفت فيه بأنّها عملت لصالح جهاز "الموساد" الإسرائيلي، وجهاز "سي آي أي" الأميركي في العراق وسوريا.
وقالت تسوركوف في الفيديو: إنّها عملت في العراق على دعم وتعميق الخلافات "الشيعية - الشيعية" من خلال تنسيق تظاهرات تشرين الأول/ أكتوبر 2019.
وأشارت إلى أنّها عملت في سوريا عام 2022، من أجل إقامة علاقات بين "قوات سوريا الديمقراطية" و"إسرائيل" في شمالي شرقي سوريا.
يُشار إلى أنّ تسوركوف عملت على إعداد "أبحاث ميدانية" في العراق وسوريا وفلسطين المحتلة، خلال الأعوام الماضية، لمصلحة معهد أبحاث السياسة الخارجية، ومقره فيلادلفيا في أميركا، ومنتدى التفكير الإقليمي، وهو مركز أبحاث إسرائيلي، مقرّه القدس المحتلة، وذلك للتغطية على عملها الاستخباري لصالح "إسرائيل".
*نبذة من تاريخ أسر الجاسوسة
مكتب نتنياهو ذكر، في السادس من يوليو/ تموز الماضي، أن مواطنة "إسرائيلية" من أصل روسي مفقودة منذ عدة أشهر في العراق، ما زالت محتجزة لدى كتائب حزب الله، محمّلاً بغداد المسؤولية عن سلامتها.
ولفت المكتب في بيان إلى أن "المواطنة إليزابيث تسوركوف صاحبة الجنسية المزدوجة الإسرائيلية والروسية، ما زالت على قيد الحياة، ونرى العراق مسؤولاً عن مصيرها وسلامتها". وتابع أن الجهات ذات الصلة في "إسرائيل" تتعامل مع الموقف.
وأضاف، أن المواطنة التي تعمل في المجال الأكاديمي، زارت العراق مستخدمة جواز سفرها الروسي، موضحاً أنها ذهبت إلى العراق لأغراض بحثية موفدة عن "جامعة برينستون" في الولايات المتحدة. ولم ترد تفاصيل حتى الآن عن حالتها.
ونقلت وسائل إعلام "إسرائيلية" عن مسؤول كبير قوله، إن تسوركوف لا تتبع جهاز الاستخبارات الإسرائيلي "الموساد"، مؤكداً غياب التواصل بين الحكومة والمواطنة المختطفة.
وذكرت صحيفة "يديعوت أحرونوت" الإسرائيلية، أن تسوركوف كانت تعمل سابقاً مساعدة لناتان شارانسكي، وهو مؤلف ووزير إسرائيلي سابق من أصل سوفيتي.
وقال شارانسكي لـ"يديعوت أحرونوت" إن تسوركوف اختُطفت في أوائل مارس الماضي، أثناء تواجدها في بغداد، مؤكداً إنه قلق على سلامتها، وهو ما أكده مصدر في الاستخبارات العراقية لوكالة "فرانس برس" أيضاً.
خدمت تسوركوف في جيش الاحتلال "الإسرائيلي"، وحصلت لاحقًا على درجة البكالوريوس في العلاقات الدولية من الجامعة العبرية في القدس، ودرجة الماجستير في دراسات الشرق الأوسط من جامعة تل أبيب والعلوم السياسية من جامعة شيكاغو، فيما تعيش في إسطنبول وفقا لموقعها على الإنترنت.
ووفقا لمعهد "فان لير" البحثي في القدس، تركز أبحاثها على سوريا والعراق، وتستند إلى "شبكة واسعة من الاتصالات والرحلات البحثية في الشرق الأوسط".
أمضت تسوركوف 10 سنوات في العمل مع منظمات حقوق الإنسان في إسرائيل والشرق الأوسط، بحسب ما ورد عنها في الإعلام العبري.
وتعود آخر تغريدة لتسوركوف إلى 21 مارس/ آذار الماضي، وقد شاركت فيها مقالاً أعدّته لـ"معهد نيو لاينز للأبحاث" ومقرّه الولايات المتحدة.
وفي بغداد، ركّزت تسوركوف في بحثها على فصائل المقاومة العراقية وعلى التيار الصدري، وفقاً للعديد من الصحافيين الذين التقوا بها.
وقال مصدر في الاستخبارات العراقية، إنّ تسوركوف خُطفت بينما كانت تغادر مقهى في حيّ الكرّادة بالعاصمة العراقية.
يذكر أنه في عام 2011، ذكرت تسوركوف في تغريدة أنها شاركت في حرب تموز ضد لبنان عام 2006.