شمخاني يودع مجلس الأمن القومي الإيراني باستقالة غامضة.. ما أسرار التغييرات الكبيرة في المجلس؟
انفوبلس/ تقارير
في تغريدة احتوت على بيت شعري باللغة الفارسية، أكد أمين مجلس الأمن القومي الإيراني، الأدميرال علي شمخاني، ليل أمس الأحد، صحة الشائعات التي دارت خلال الفترة الأخيرة في الأوساط السياسية والإعلامية عن رحيله من منصبه قريباً، قبل أن يعلن الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي، اليوم الإثنين، رسمياً تعيين العميد علي أكبر أحمديان أميناً لمجلس الأمن القومي خلفاً له.
وذكرت مواقع إيرانية أن نائب الرئيس الإيراني للشؤون الاقتصادية محسن رضائي حمل رسالة من رئيسي إلى علي شمخاني، للحديث معه عن تركه منصبه.
وتأتي استقالة شمخاني من منصبه الحساس، في ذروة نشاطه الدبلوماسي لكسر الجليد بين إيران والدول العربية، وتحسين العلاقات الإيرانية العربية.
*علاقة الجاسوس علي رضا أكبري بالاستقالة
كان شمخاني قد تعرض قبل أشهر لبعض الانتقادات جراء قضية علي أكبري، أحد المقربين منه، الذي أُدين بالتجسس لصالح بريطانيا، حيث هاجمه ناشطون على منصات التواصل الاجتماعي، بتهمة عدم تأديته واجبه بكفاءة في المجال الأمني في إيران.
وبدأت الهجمات على شمخاني عندما قيل على مواقع التواصل الاجتماعي، إن أكبري كان مقرباً من شخصية أمنية وكان يعمل نائبا لهذا الشخص خلال فترة وزارة الدفاع، حيث حملت هذه التكهنات عنوانين مثل: علي شمخاني؛ أمين المجلس الأعلى للأمن القومي ووزير الدفاع في حكومة محمد خاتمي.
وفي غضون هذا، وبحسب الأخبار غير الرسمية التي نشرها بعض أقارب أكبري على منصات التواصل، فقد كان الجاسوس على صلة بشمخاني، ولا تزال هذه القضية ذريعة لمهاجمة شمخاني.
وكانت أذرع المهاجمين على يقين تام من استقالة شمخاني أو إقالته، لدرجة أنهم ذكروا أسماء مرشحين ليحلوا محله في أمانة سر المجلس الأعلى للأمن القومي.
*تغييرات مناسبة في إيران
واعتبر شمخاني في كلمة خلال ختام الملتقى الدولي الذي استضافته جامعة الدفاع الوطني العليا بالعاصمة طهران، تحت عنوان "هندسة النظام العالمي الجديد"، أن الظروف الدولية الجديدة خلقت تغييرات وتحولات ضخمة ستستمر، مؤكداً أن إيران والمنطقة معرضتان لهذه التغييرات، ولذلك "علينا إحداث التغييرات المناسبة".
*مَن هو شمخاني؟
ويُعد شمخاني من السياسيين البارزين في إيران، إذ لعب دوراً كبيراً في المحادثات التي استضافتها بكين نهاية مارس الماضي، وأفضت إلى توقيع اتفاق عودة العلاقات بين إيران والسعودية، كما كان له دور مؤثر في رسم السياسة الخارجية الإيرانية مع انتخاب الحكومة الجديدة برئاسة إبراهيم رئيسي في أغسطس من عام 2021.
ويُنظر إلى شمخاني على أنه واحد من الشخصيات ذات الوزن في إيران، وذلك في ضوء توليه أعلى منصب في المجلس الأعلى للأمن القومي، وهو جهاز مهم، يتولى ملفات حساسة وذات أهمية في السياسية الخارجية، على غرار مفاوضات الاتفاق النووي مع الولايات المتحدة، والتي تشارك فيها أيضاً جهات رسمية أخرى كوزارة الخارجية وإدارة الطاقة النووية زمام الملف النووي.
ويُعتبر المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني الذي تأسس عام 1989 من أجهزة السلطة المقرّبة إلى المرشد علي خامنئي، إذ يشغل الأخير منصب رئيس المجلس، بحسب الدستور.
وتتمثل مسؤولياته بحسب الدستور، في تحديد سياسات الدفاع والأمن القومي للبلاد في إطار السياسات العامة التي يحددها المرشد، وتنسيق الأنشطة السياسية والمخابراتية والاجتماعية والثقافية والاقتصادية المتعلقة بالسياسات العامة للدفاع والأمن القومي.
كما يتولى المجلس استغلال الموارد المادية والفكرية للبلاد لمواجهة التهديدات الداخلية والخارجية.
*مهمات اقتصادية
إلى جانب مهماته السياسية والأمنية، طغت خلال العام الأخير أجندة اقتصادية على زيارات شمخاني الخارجية ولقاءاته مع المسؤولين الأجانب، وذلك لمساعدة إيران في الالتفاف على العقوبات الأميركية المشددة المفروضة عليها منذ عام 2018، من جراء الانسحاب الأميركي من الاتفاق النووي.
وفي السياق، كشفت مصادر مطلعة على حيثيات العلاقات الإيرانية الروسية، في الخامس من إبريل/ نيسان الماضي، عن أن زيارة أمين مجلس الأمن القومي الإيراني علي شمخاني إلى روسيا في التاسع من فبراير/ شباط الماضي، شكلت "مرحلة جديدة" في العمل المشترك ضد العقوبات الأميركية والغربية، مشيرة إلى أن شمخاني أجرى، خلال هذه الزيارة، "لقاءً خاصاً" مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، استغرق "عدة ساعات".
وأضافت المصادر، أن اللقاء الذي لم يكشف عنه في الإعلام حتى الآن، تناول "عدة مواضيع سياسية واقتصادية وأمنية"، مؤكدة أن "أحد أهم بنود أجندة اللقاء كان قد بحث سبل إفشال العقوبات الاقتصادية الأميركية المفروضة على طهران وموسكو، وأنه تم التوصل إلى "توافقات" بين شمخاني والرئيس الروسي، مثل إلغاء الدولار من التجارة الثنائية".
*رئيسي يشكر شمخاني
وأورد التلفزيون الإيراني أن رئيسي أعرب عن شكره لشمخاني على جهوده، خلال السنوات الـ10 لتوليه منصب أمين مجلس الأمن القومي الإيراني.
*إسناد المهمة إلى أحمديان
بعد استقالة شمخاني بيوم، ذكر موقع الرئاسة الإيرانية أن الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي عيّن علي أكبر أحمديان أمينًا لمجلس الأمن القومي الإيراني.
وكان أحمديان يشغل منصب رئاسة المركز الاستراتيجي للحرس الثوري منذ عام 2007، وهو من أعضاء مجمع تشخيص مصلحة النظام.
وقبل ذلك كان قائدا للقوات البحرية في الحرس الثوري الإيراني منذ عام 1997 حتى عام 2000.