عيد المقاومة والتحرير.. كيف أوجعت المقاومة اللبنانية "إسرائيل"؟.. تعرّف على تفاصيل نصر عام 2000 البارز
انفوبلس/ تقارير
يوم ككل أيام السنة كان ذلك قبل العام 2000، لكن هذا التاريخ من السنة بعد الألفية الثانية أصبح يعتبر من الأيام المجيدة للُبنان وشعبه، لا بل وتخطّى كل المناسبات التاريخية اللبنانية. 25 أيار هو يوم دحرَ فيه المقاومون الاحتلال وعملاءه وأزالوا عبئه عن كاهل الجنوب وأهله. "انفوبلس" سلّطت الضوء على الهزيمة الصهيونية الساحقة في الذكرى الثالثة والعشرين للنصر الإسلامي الأبرز عليهم وستفصّل كيف انسحبت تل أبيب من لبنان ونيران المقاومة تلاحقها.
*تفاصيل الحدث
كانت "إسرائيل" قد قامت في عام 1978 باجتياح لبنان، لأهداف أمنية خاصة بها، وجعلت ذلك على عدة مراحل. ففي المرحلة الأولى من هذا الاجتياح كانت تحتل منطقة امتدت من الحدود الإسرائيلية اللبنانية إلى حدود طرابلس في الشمال اللبناني بما في ذلك الجبال اللبنانية وبيروت العاصمة، لكنها اضطرت للانسحاب من معظم هذه الأراضي تحت ضغط هجمات المقاومة اللبنانية الناجحة. ونتيجة لذلك اقتصر احتلال "إسرائيل" على قرى الجنوب اللبناني وغرب البقاع التي تم تحريرها في 25 مايو عام 2000، بعد انسحاب الجيش "الإسرائيلي" منها مخلّفاً مليشيا جيش لبنان الجنوبي المتعاونة معه بقيادة "أنطوان لحد" تواجه مصيرها بنفسها. وكان ذلك باستثناء مزارع شبعا.
*عرس التحرير
التحرير بدأ في الحادي والعشرين من أيار، بعد أن أعلنت قيادة القطاع الأوسط في الجيش اللبناني الجنوبي (جيش لحد) المرتبط بإسرائيل الاستسلام بفعل ضربات المقاومة المستمرة، وعلى إثر هذا الخبر زحف الجنوبيون إلى الأراضي المحتلة، ومن البلدات الأولى التي تحررت هي بلدة القنطرة التي لم يدخلها أحد منذ العام 1978 ، وكان ذلك مدخلا لعودة الأهالي إلى بلدات الطيبة وديرسريان وعلمان وعدشيت.
في اليوم الثاني امتد موج التحرير ليشمل بلدات جنوبية جديدة انضمت إلى قافلة التحرير وهي بلدات حولا ومركبا وبليدا، بالإضافة إلى بني حيان وطلوسة والعديسة وبيت ياحون، ولحقت بها كل من كونين ورشاف ورب ثلاثين.
في اليوم الثالث كانت بلدة بنت جبيل وعيناثا، أول الغيث ولحقت بها يارون والقرى المجاورة لها. ومن أبرز الأحداث كان اقتحام الأهالي لمعتقل الخيام وتحرير كل المعتقلين، أما اليوم الرابع انتقلت قافلة التحرير لتشمل قرى وبلدات البقاع الغربي وحاصبيا.
*ربيع التحرير
لاشك أن التحرير كحدث تاريخي جمع اللبنانيين، حيث احتفل خلاله ابن العاصمة وابن الشمال والجبل مع ابن الجنوب في لحظة واحدة، متضامنين ومتكاتفين رافعين راية النصر الموحدة آنذاك في طرابلس وبيروت وعاليه، ويهتفون ويرفعون رايات الأحزاب اليسارية والإسلامية التي كان لها دور في المقاومة وصور سيد النصر والمقاومة، كما اكتسب الحزب جمهورا كبيرا في الدول العربية والإسلامية.
يمكن تلخيص ربيع التحرير على أصعدة عدة، أهمها الصعيد التاريخي والسياسي والاجتماعي والاقتصادي.
تاريخيا، أضاف لبنان إلى تاريخه إنجازا بارزا وهو تحرير الجنوب من الاحتلال الإسرائيلي ودحره أقوى جيوش العالم من خلال مقاومة امتلكت العزيمة والإيمان.
سياسيا.. بات للبنان دور مهم بالرغم من صغر حجمه وإمكانياته وكما أصبح العدو يحسب ألف حساب قبل الإقدام على أي خطوة.
اجتماعيا.. استطاعت المقاومة لفترة من الزمن توحيد اللبنانيين تحت شعار "المقاومة".
اقتصاديا.. استرجع لبنان مساحة جغرافية مهمة من أرضه، يمكن من خلالها أن يستفيد اقتصاديا من خلال الزراعة والصناعة والسياحة، بعد أن كانت تحت الاحتلال الصهيوني.
*انسحاب تل أبيب الذليل
كان للمقاومة الوطنية والإسلامية وعلى رأسها حزب الله في لبنان دور كبير في استنزاف قوات الاحتلال وجعل بقاءه في لبنان عبئا عسكريا واقتصاديا وأخلاقيا، وتهيأت لها ظروف معقولة تساعدها على الاستمرار والقوة، دعم لوجستي وسياسي وإعلامي من الدولة اللبنانية، وتأييد سوري وإيراني، وتمويل شعبي ورسمي، وشعبية كبيرة بين اللبنانيين والعرب.
*تحرير مُنظَّم
لم تقع المقاومة اللبنانية في التعصب أو الفساد والغرور والاعتداء على الناس والمؤسسات الرسمية والشعبية، كما أظهرت المقاومة مسؤولية وانضباطية عالية بحيث عومل سكان المناطق الجنوبية باحترام وإنسانية بخلاف ما كان متوقع، مما اكسبها احترام اللبنانيين وبخاصة المسيحيين. ولم تحاول استغلال شعبيتها في مكاسب تتجاوز الخدمة المباشرة للمقاومة. ويمكن اعتبارها حالة نموذجية في تاريخ المقاومة الشعبية.
*السيد حسن نصرالله: انتصار عام 2000 كسر مشروع "إسرائيل الكبرى"
وعن هذا النصر، قال الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله، إن "الانتصار الذي تحقق على الكيان الصهيوني عام 2000 كسر صورة الجيش الذي لا يُقهر وكسر مشروع إسرائيل الكبير".
ولفت السيد نصرالله إلى أن "انتصار عام 2000 هو أهم إنجاز في التاريخ المعاصر وهو انتصار لا غبار عليه وقوبل بافتخار عربي وإسلامي ووطني، وأعطى الأمل للشعب الفلسطيني بتحرير أرضه"، مشيرا إلى أنه "يجب إظهار من قاوم الاحتلال ومن تآمر ومن وقف على التل وذلك ليس لأجل فتح الجروح بل لمنع المزايدات وإثبات من هو السيادي".
وشدد على أنه "يجب إظهار التضحيات كافة فهذا النصر لم يأتِ بالمجان بل صُنع بالدماء والدموع والأيدي والأصابع على الزناد والعقول والقلوب والإرادة"، مبينا أنه "كان للكيان الصهيوني مشروع بالانسحاب وترك آليات العدو في الداخل اللبناني ليبقى الشريط الحدودي بيد جيش "لبنان الجنوبي" ليتصادم مع المقاومة ما يعيد شرارة الحرب الأهلية ويعطيها بُعدا طائفيا ولكن سرعة المقاومة أحبطت هذا المشروع".
وأضاف: "المقاومة لم تحتكر العمليات أو الانتصارات والإنجازات، بل هي التي حققت نصرا رغم أنها لم تكن تحكم في لبنان وخصوصا حزب الله الذي لم يطلب ذلك لأنه لم يقاتل لأجل السلطة بل لتحرير الأرض والشعب ولأجل الكرامة الوطنية".
وأفاد السيد نصرالله بأن "المقاومة التي انتصرت عام 2000 قاتلت في ظل الانقسام اللبناني ولم يكن هناك إجماع على خيار المقاومة وكانت بعض الوسائل الإعلامية تموّل جولات العنف في الجنوب وكان تسمي شهداء المقاومة بالقتلى".
*ردود فعل ما بعد الانسحاب
اعتبر لبنان والعرب الانسحاب نصرا كبيرا، فقد حُرِّرت أرض محتلة، وأعاد الانسحاب الاعتبار للمقاومة في الوقت الذي فشلت التسوية السياسية في تحقيق شيء يُذكر، وتأكد دور العقيدة في حياة الشعوب وتحررها، وحققت الحركات الشعبية مكاسب سياسية ومعنوية وأكدت قدرتها على العمل والتعاون برغم الاختلاف المذهبي والعقائدي والسياسي، وهي تجربة كبيرة للعمل الشعبي والأهلي العربي. وشجع هذا الانسحاب المسؤولين والسياسيين العرب على مزيد من الجرأة والتحرر وجعل الهيمنة الصهيونية والأمريكية أمرا يمكن مواجهته. وكان الانسحاب الإسرائيلي المتعجل والتخلي عن الميليشيات المتعاونة ذا تأثير كبير سواء على العرب أو على الصهاينة.