غانتس وآخرون ينسحبون.. ملامح خسارة الحرب واضحة.. حكومة نتنياهو تتفتت والجدل يتصاعد داخل إسرائيل
انفوبلس/..
لم يكن رئيس الوزراء في حكومة الكيان الصهيوني بنيامين نتنياهو، يتوقع جدية إقدام الوزير في ما تسمى "حكومة الحرب" بيني غانتس على استقالته، ليس وحده فقط بل مع الوزير الآخر غادي آيزنكوت، وذلك في خضم اشتداد الحرب مع المقاومة الإسلامية في فلسطين، مما وجه ضربة قاصمة لنتنياهو.
*البداية من التلميح
وبينما كان غانتس يلمح لإعلان استقالته من الحكومة الاسرائيلية، قال رئيس الوزراء الصهيوني بنيامين نتنياهو، إنه "حان الوقت للتوقف عن السياسة التافهة".
وقال نتنياهو: "في خضم الحرب، غانتس يريد الاستقالة من الحكومة!.. حان الوقت للتوقف عن السياسة التافهة".
*إعلان الاستقالة
أعلن الوزير بيني غانتس أمس الأحد استقالته من حكومة الحرب الإسرائيلية بعد أن هدد الشهر الماضي بالانسحاب لغياب استراتيجية لفترة ما بعد الحرب في قطاع غزة.
وقال غانتس في خطاب متلفز، إن "رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو يمنعنا من المضي نحو نصر حقيقي، ولهذا السبب نترك حكومة الطوارئ اليوم بقلب مثقل، ولكن بإخلاص تام".
واعتبر، أن "نتنياهو بصدد الفشل في الحرب ضد حماس في غزة".
كما دعا بيني غانتس إلى إجراء انتخابات مبكرة، قائلاً "يجب أن تجرى انتخابات تؤدي في نهاية المطاف إلى تشكيل حكومة تحظى بثقة الشعب وتكون قادرة على مواجهة التحديات".
وتابع، "أدعو نتنياهو لتحديد موعد متفق عليه للانتخابات".
ويتمسك نتنياهو بالاستمرار في منصبه، ويرفض دعوات متصاعدة منذ أشهر لإجراء انتخابات مبكرة، بزعم أن من شأنها "شلّ الدولة" وتجميد مفاوضات تبادل الأسرى لفترة قد تصل إلى 8 أشهر.
ومتفقاً مع غانتس، قال آيزنكوت، رئيس الأركان السابق (2015-2019): "شهدنا مؤخرا أن القرارات التي اتخذها نتنياهو ليست بالضرورة بدافع مصلحة البلاد".
وتابع في رسالة استقالة أرسلها إلى نتنياهو، إن مجلس الوزراء "لم يتخذ قرارات حاسمة مطلوبة لتحقيق أهداف الحرب"، وفق صحيفة "يديعوت أحرونوت" العبرية.
*رد
وفي أعقاب ذلك، صرّح رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو رداً على استقالة الوزير بيني غانتس من مجلس الحرب، بأن إسرائيل تخوض حرباً وجودية على عدة جبهات وهذا ليس الوقت المناسب للانسحاب.
وقال نتنياهو في منشور على منصة "إكس": "قبل ساعات قليلة، نعَت إسرائيل بأكملها وأَحيت بطل إسرائيل الراحل أرنون زامورا. إسرائيل تخوض حرباً وجودية على عدة جبهات يا بيني غانتس، هذا ليس الوقت المناسب للتخلي عن الحملة، بل هذا هو الوقت المناسب لتوحيد القوى".
وأضاف: "يا مواطني إسرائيل، سنستمر حتى النصر، وتحقيق جميع أهداف الحرب، وفي مقدمتها إطلاق سراح جميع الرهائن، والقضاء على حماس".
وقال، إن بابه "سيظل مفتوحا أمام أي حزب إسرائيلي مستعد للمساعدة على تحقيق النصر على أعدائنا وضمان أمن مواطنينا".
وسارع نتنياهو وحلفاؤه في الائتلاف، بما في ذلك وزير المالية بتسلئيل سموتريتش، ووزير الأمن القومي، إيتمار بن غفير، بإصدار تصريحات شديدة اللهجة ضد غانتس و"المعسكر الوطني"، واتهموه بـ"الانسحاب من المعركة" وبالعمل على تعزيز الانقسام وإحداث شرخ في المجتمع الإسرائيلي عوضاً عن الحفاظ على الوحدة في زمن الحرب.
وقبل استقالة غانتس بساعات قليلة، أعلن قائد فرقة غزة في الجيش الإسرائيلي آفي روزنفيلد استقالته في رسالة بعث بها إلى رؤساء بلديات غلاف قطاع غزة، مؤكدا فيها أنه "فشل في مهمة حياته بالدفاع عن الغلاف".
ومن المرجح أن تؤدي استقالة غانتس إلى زيادة حدة التوتر الواضح أصلاً في العلاقات مع الولايات المتحدة وتصاعد الضغط الشعبي في الداخل، مع عدم تحقيق أهداف الحرب المتواصلة منذ 264 يوما.
*مصير حكومة الاحتلال
وانسحاب "معسكر الدولة" لا يعني تفكيك الحكومة، فحين انضم إليها كان نتنياهو مدعوما بالفعل من 64 نائبا، مما يخول لحكومته الاستمرار في السلطة طالما تحظى بثقة 61 نائبا على الأقل.
وانضم غانتس وآيزنكوت إلى حكومة نتنياهو إثر اندلاع الحرب على غزة، وباتت تُسمى حكومة الطوارئ، وعلى إثرها جرى تشكيل حكومة أو مجلس الحرب المصغر.
وأمهل غانتس، في 19 مايو/ أيار الماضي، نتنياهو حتى 8 يونيو/حزيران الجاري، لوضع استراتيجية واضحة للحرب على غزة وما بعدها، وإلا فإنه سيستقيل من الحكومة، وهو ما لم يحدث.
*فرصة لبن غفير وسموتريتش
ويمثل انسحاب غانتس وآيزنكوت من الحكومة انفراجة لحزبي "القوة اليهودية"، برئاسة وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير، و"الصهيونية الدينية" بقيادة وزير المالية بتسلئيل سموتريتش.
وكثيرا ما أعرب الحزبان، وهما من اليمين المتطرف، عن عدم رضاهما عن كون قرارات الحرب بيد حكومة حرب لا تضم ممثلين عنهما.
وفي أكثر من مناسبة، دعا ابن غفير وسموتريتش، وهما من أشد الداعمين لاستمرار الحرب على غزة، إلى الانضمام لحكومة الحرب أو على أقل تقدير حلها.
وتتهم المعارضة، نتنياهو، بالخضوع لابن غفير وسموتريتش، اللذين يرفضان إبرام اتفاق مع حركة المقاومة الإسلامية حماس لوقف إطلاق النار وتبادل الأسرى، وهددا مراراً بالاستقالة وإسقاط الحكومة.
وتقدر تل أبيب وجود 120 أسيرا إسرائيليا بغزة، في حين أعلنت حماس مقتل أكثر من 70 منهم في غارات عشوائية شنتها إسرائيل، التي تحتجز بسجونها ما لا يقل عن 9500 فلسطيني.
وبينما وصف سموتريتش الاستقالة بـ"خطوة غير مسؤولة"، تحيّن ابن غفير الفرصة، فسارع إلى دعوة نتنياهو، عبر منصة "إكس" مساء الأحد، إلى ضمه لمجلس الحرب.
وقال ابن غفير: "وجهت طلبا إلى رئيس الوزراء أطالب فيه بالانضمام إلى مجلس الحرب، حان الوقت لاتخاذ قرارات شجاعة وتحقيق ردع حقيقي وتحقيق الأمن على حدود غزة وعلى حدود لبنان وإسرائيل ككل".
لكن نقلا عن مقربين من نتنياهو لم تسمِّهم، قالت المحللة الحزبية بصحيفة "معاريف" العبرية آنا بارسكي، إن انسحاب غانتس وآيزنكوت سيدفع نتنياهو إلى حل مجلس وزراء الحرب.
*تحشيد المعارضة
ومن شأن استقالة غانتس وآيزنكوت أن تزيد من تحشيد المعارضة ضد نتنياهو، مما يعني زيادة ضغوط المعارضة والشارع متمثلا باحتجاجات أهالي الأسرى عليه باتجاه إبرام اتفاق مع حماس.
وفي الأشهر الماضية، دعت المعارضة الإسرائيلية برئاسة زعيم حزب "هناك مستقبل" يائير لبيد وزيرَي مجلس الحرب غانتس وآيزنكوت إلى الانسحاب من الحكومة.
وتريد المعارضة أن ينضم غانتس وآيزنكوت إلى صفوفها، في محاولة لإسقاط الحكومة، والدفع باتجاه إجراء انتخابات مبكرة.
ومُرحباً بالاستقالة، قال لبيد، إن قرار غانتس وآيزنكوت الخروج من الحكومة "الفاشلة" أمر "مهم وصائب".
واعتبر أن الوقت حان لإقالة هذه "الحكومة المتطرفة"، وتشكيل "حكومة عاقلة تعيد الأمن والمخطوفين، وتستعيد مكانة إسرائيل الدولية".
كما قال زعيم حزب "إسرائيل بيتنا" أفيغدور ليبرمان، إن إعلان الاستقالة "جيد وحتى لو جاء متأخرا، والوقت حان لتشكيل ائتلاف صهيوني".