كيف تتحكم شخصيات الظل في إدارة حكومة الجولاني التكفيرية؟ تعرف على أبرز الفاعلين فيها
حكومة الجولاني الشكلية

حكومة الجولاني الشكلية
انفوبلس/.
في خضم التحولات السياسية والعسكرية التي شهدتها سوريا مؤخرًا، برزت شخصيات قيادية لعبت أدوارًا محورية في تشكيل المشهد الحالي.
ورغم أن أحمد الشرع، المعروف بلقبه الحركي "أبو محمد الجولاني"، تصدر الساحة كزعيم لـ"هيئة تحرير الشام" (جبهة النصرة سابقًا)، والتي كانت فرعًا لتنظيم القاعدة في سوريا، يُعتبر الوجه البارز للهيئة، إلا أن تقارير متعددة تشير إلى أن إدارة الشؤون الداخلية تعتمد بشكل كبير على شخصيات أخرى.
من أبرز هؤلاء أنس خطاب، المعروف بلقبه "أبو أحمد حدود"، الذي تم تعيينه رئيساً لجهاز الاستخبارات العامة السوري، ومرهف أبو قصرة، المعروف بلقبه "أبو حسن 600" الذي تم تعيينه وزيرًا للدفاع في الحكومة الانتقالية السورية، كجزء من جهود توحيد الفصائل العسكرية المعارضة.
تُظهر هذه التطورات أن القيادة الفعلية داخل "هيئة تحرير الشام" تتوزع بين عدة شخصيات، لكل منها دور محدد في توجيه سياسات التنظيم وإدارة عملياته.
في حين يظل الجولاني الوجه العام للهيئة، فإن الشخصيات مثل أنس خطاب ومرهف أبو قصرة تلعب أدوارًا حاسمة في صياغة الاستراتيجيات وتنفيذها على الأرض، مما يعكس تعقيد الهيكل القيادي داخل التنظيم.
أبو أحمد حدود
وأعلنت ما يسمى "إدارة العمليات العسكرية" التي يظهر للعلن في قيادتها أبو محمد الجولاني (أحمد الشرع) تعيين أنس خطاب رئيساً لجهاز الاستخبارات العامة السوري، ويوصف خطاب بأنه رجل الظل في تحرير الشام، والمتحكم الأول بخيوطها للشؤون السياسة والأمنية.
وأنس خطاب الذي كان معروفا في السابق باسم "أبو أحمد حدود"، أحد العناصر الأمنية التي تحيط بقيادة "هيئة تحرير الشام" يتزعمها أبو محمد الجولاني قبل تنصيب نفسه رئيسا للحكومة السورية، ويعرف بأنه أمني بارز في هيئة تحرير الشام، ويعتبر من الدائرة الضيقة المقربة من الجولاني.
وُلد خطاب عام 1987 في مدينة جيرود بمحافظة ريف دمشق، بعد إكمال دراسته الثانوية، التحق بجامعة دمشق لدراسة الهندسة، لكنه لم يكمل تعليمه وغادر إلى العراق في 2008، ثم أُدرج اسم أنس خطَاب في قائمة الإرهاب في سبتمبر 2014، لارتباطه بتنظيم القاعدة، ومن ثم أصبح الأمير الإداري لجبهة النصرة لأهل الشام في مطلع عام 2014، بحسب تقرير لجنة العقوبات التابعة لمجلس الأمن الدولي.
وكان في أواخر عام 2013 أحد قادة جبهة النصرة والأمير الإداري العام لهذه الجماعة، كما أصبح خطاب أيضا عضوا في مجلس الشورى التابع لجبهة النصرة.
وكان خطاب يجري اتصالات بشكل دوري مع قيادة تنظيم القاعدة في العراق، لتلقي المساعدات المالية والمادية، وقد ساعد على تيسير التمويل والأسلحة لجبهة النصرة، بحسب تقرير مجلس الأمن.
يعتبر خطّاب من أقرب الشخصيات في سوريا للجولاني، وكان نائبه الأوّل، وهو المسؤول عن الملف الأمني في الهيئة، أحد أبرز الملفات الاستراتيجية فيها، ووفق مصادر مطلعة، فإن خطاب كان الأمير الأمني العام في إدلب و"هيئة تحرير الشام" وهو بالتالي المسؤول عن "لعبة الأمن" التي تفاخر الشرع بها في معرض حديثه عن موضوع حمايته الشخصية من الاغتيال.
و"أبو أحمد حدود" هو المشرف على جهاز الأمن العام الذي انتشر في معظم المحافظات التي سيطرت عليها الهيئة، وبدأ يتولى فيها مهمات تثبيت الأمن وجمع المعلومات وبناء شبكات استعلام.
أبو الحسن 600
أما أبو الحسن 600 أو (مرهف أبو قصرة) فقد أعلنت جماعة الجولاني، تعيينه رسميا وزيرا للدفاع في الحكومة الجديدة التي شكلتها هيئة تحرير الشام" المتورطة بجرائم إرهاب وقتل بحق السوريين منذ تأسيسها.
أبو قصرة المعروف بلقب "أبو الحسن 600" من مواليد مدينة حلفايا شمال محافظة حماة، ويحمل درجة البكالوريوس في الهندسة الزراعية، وبرز كمهندس للقدرات العسكرية في المناطق المحررة منذ انطلاق الثورة السورية، وكان له دور محوري في إدارة العمليات العسكرية وقيادة معظم الحملات في تلك المناطق.
وشغل أبو قصرة منصب القائد العام للجناح العسكري في "هيئة تحرير الشام"، حيث ساهم بشكل كبير في تطوير التنظيم العسكري ورفع مستوى الكفاءة القتالية للفصائل المسلحة، ويُعتبر أحد قيادات الصف الأول في عملية "ردع العدوان"، التي تُعد من أبرز العمليات العسكرية في المناطق المحررة.
زيد العطار وأبو عزام والشيخ
وإلى جانب تكليف أبو قصرة بمهام وزارة الدفاع، أعلنت القيادة العامة في سوريا عن تعيين أسعد حسن الشيباني وزيرًا للخارجية في الحكومة الانتقالية، ويُعرف الشيباني، الملقب بـ"زيد العطار"، بأنه من مؤسسي "جبهة النصرة" ومن أبرز القيادات السياسية في "هيئة تحرير الشام"، كما كان مسؤولًا إعلاميًا في الجبهة ومشرفًا على المراسلات التنظيمية.
وفي وقت سابق تم تعيين عزام غريب، المعروف بـ"أبو العز سراقب"، محافظًا لمحافظة حلب، ويُعد غريب أحد قادة "الجبهة الشامية"، التابعة لما يُعرف بـ"الجيش الوطني السوري"، كما تم تكليف عامر الشيخ، قائد "أحرار الشام"، بتسيير شؤون محافظة ريف دمشق.
وتتضح حقيقة أن القيادة التي يترأسها أبو محمد الجولاني ليست سوى واجهة شكلية، بينما تكمن السلطة الفعلية بيد شخصيات بارزة مثل أنس خطاب ومرهف أبو قصرة. فالجولاني، رغم كونه الوجه العام لهيئة تحرير الشام، يبدو أنه يلعب دورًا رمزيًا أكثر منه فعليًا، حيث تُدار الملفات الأمنية والعسكرية من قبل هؤلاء القادة الذين يمتلكون النفوذ الحقيقي.
في المحصلة، فإن هيئة تحرير الشام، رغم محاولاتها تقديم صورة أكثر تنظيمًا للحكم، تبقى محكومة بتوازنات داخلية تُدار من قبل رجال الظل، مما يجعل الجولاني مجرد واجهة سياسية أمام المجتمع الدولي والإقليمي، بينما تستمر السيطرة الحقيقية بيد هؤلاء أصحاب التاريخ الإرهابي في التنظيمات التكفيرية في سوريا والمنطقة.