كييف تنفي لكن صحف تكشف الأسرار.. ما قصة الاتهامات الروسية لأوكرانيا بالتورط في سوريا؟
انفوبلس/ تقرير
في الأيام الماضية، ظهرت اتهامات روسية إلى أوكرانيا بتقديم دعم عسكري، خاصة بالطائرات المسيرة، للجماعات الإرهابية المتمثلة بـ"هيئة تحرير الشام"، في الهجوم الواسع الذي تشنه على القوات السورية وحلفائها في شمال غربي سوريا منذ الأربعاء الماضي، فما حقيقة هذه الاتهامات وكيف ردت كييف؟
شهد الشمال السوري تطورات ميدانية وسياسية متسارعة تُنبئ بتحولات كبيرة في ميزان القوى المحلية والإقليمية، لتتجاوز هذه الأحداث كونها معارك عسكرية إلى كونها خطوات على طريق إعادة تشكيل الجغرافيا السياسية للمنطقة بما يتماشى مع مصالح الأطراف الفاعلة.
*روسيا تتهم أوكرانيا بالتورط في الصراع السوري
اتهم السفير الروسي لدى الأمم المتحدة فاسيلي نيبينزيا أوكرانيا بتقديم دعم عسكري، خاصة بالطائرات المسيرة، لمقاتلي "هيئة تحرير الشام" في الهجوم الواسع الذي تشنه على القوات السورية وحلفائها في شمال غربي سوريا منذ الأربعاء الماضي، والذي سيطرت خلاله على مساحات واسعة، من بينها مدينة حلب ثاني كبرى المدن السورية والعاصمة الاقتصادية للبلاد.
وقال نيبينزيا في اجتماع عقده مجلس الأمن الدولي لبحث التصعيد في سوريا، "نود لفت الانتباه خصوصا إلى وجود آثار يمكن التعرف عليها تشير إلى ضلوع المديرية الرئيسية للاستخبارات الأوكرانية في تنظيم الأعمال العدائية وتزويد المقاتلين بأسلحة في شمال غربي سوريا".
وأضاف، "نشير إلى تحديد هوية مدربين عسكريين أوكرانيين كانوا يدربون مقاتلي هيئة تحرير الشام على العمليات القتالية".
وتابع السفير الروسي، إن "مقاتلي هيئة تحرير الشام لا يخفون حقيقة أنهم مدعومون من أوكرانيا فحسب، بل يتباهون بذلك"، متهماً أوكرانيا بتزويدهم بطائرات مسيرة على وجه الخصوص.
وأضاف، إن "التعاون بين الإرهابيين الأوكرانيين والسوريين المدفوعين بالكراهية لسوريا وروسيا مستمر لتجنيد مقاتلين في القوات المسلحة الأوكرانية وتنظيم هجمات ضد القوات الروسية والسورية في سوريا".
كما ذكرت المتحدثة باسم الخارجية الروسية، ماريا زاخاروفا، أن فصائل المعارضة "لم تكن لتجرؤ على ارتكاب مثل هذا العمل الجريء لولا التحريض والدعم الشامل من القوى الخارجية التي تسعى إلى إثارة جولة جديدة من المواجهة في سوريا، وإطلاق دوامة من العنف"، مشيرة إلى "أثر أوكراني واضح في التصعيد في سوريا".
وفي سياق متصل، حذرت زاخاروفا، من موجة هجرة جديدة، على خلفية التطورات الأخيرة في سوريا، وأعربت عن تضامن روسيا مع النظام والشعب السوريين، والتزام موسكو بوحدة وسيادة الأراضي السورية.
وفي ذات السياق، قالت زاخاروفا إن روسيا على اتصال مستمر مع تركيا وإيران، بصفتها الدول الـ3 الضامنة لمحادثات أستانا، وأن وزراء خارجية البلدان هذه على تواصل وثيق، فيما يخص التطورات السورية.
وبدأت الجماعات الإرهابية المتمثلة بـ"هيئة تحرير الشام"، الأربعاء الماضي هجوما عسكريا حمل اسم عملية "ردع العدوان"، هو الأوسع منذ سنوات، سيطرت خلاله على مساحات واسعة ومدن وبلدات رئيسية شمال غربي البلاد، شملت معظم مدينة حلب بما فيها مطارها الدولي، واستكملت سيطرتها على كامل مساحة محافظة إدلب وعشرات القرى والبلدات في ريف حماة وباتت على مشارف مدينة حماة.
وقال حسن عبد الغني الناطق باسم إدارة العمليات العسكرية - التي تشمل هيئة تحرير الشام والجبهة الوطنية للتحرير وفصائل أخرى- إن الهدف من العملية توجيه "ضربة استباقية" لحشود قوات النظام التي تهدد المواقع التي تسيطر عليها المعارضة.
وهذا التقدم هو الأول من نوعه منذ مارس/آذار 2020 عندما اتفقت روسيا -التي تدعم الرئيس السوري بشار الأسد- وتركيا، التي تدعم فصائل معارضة، على وقف لإطلاق النار أدى إلى وقف المواجهات العسكرية في آخر معقل كبير للمعارضة في شمال غرب سوريا.
*أوكرانيا ترفض الاتهامات
نفت وزارة الخارجية الأوكرانية الاتهامات التي وجهتها روسيا بشأن تدخل كييف في المعارك بين الجماعات الإرهابية المتمثلة بـ"هيئة تحرير الشام" والقوات السورية، وتطورها في تدهور الأوضاع الأمنية في سوريا.
وفي بيان لها، قالت الخارجية الأوكرانية، إنها "ترفض بشكل قاطع الاتهامات، التي لا أساس لها من الصحة، التي يوجهها الاتحاد الروسي ضد أوكرانيا، بالتورط المزعوم في تدهور الوضع الأمني في سوريا". وشدد البيان على أنه "على عكس روسيا، تلتزم أوكرانيا دون قيد أو شرط بقواعد القانون الدولي، ومبادئ حرمة السيادة والسلامة الإقليمية للدول الأخرى".
وحمّلت وزارة الخارجية الأوكرانية، روسيا وإيران "المسؤولية عن الاتجاه المستمر لتدهور الوضع الأمني في سوريا"، مشيرة إلى أن "جرائم النظام السوري ضد شعبه، وعدم رغبته في ضمان حوار عادل داخل البلاد، عرّض بقاء سوريا كدولة مستقلة واحدة للخطر".
لكن صحيفة "كييف بوست" الناطقة بالإنجليزية ذكرت مؤخراً أن الاستخبارات العسكرية الأوكرانية شاركت في تدريب معارضين إسلاميين في سوريا. يأتي هذا الاتهام في وقت تتعرض فيه أوكرانيا، التي تواجه هجوما عسكريا روسيّاً منذ ما يقرب من ثلاث سنوات، لضغط شديد على جبهتها الداخلية.
كما في وقت سابق، نشرت الصحيفة التركية "آيدين لينك" تقريرًا أكدت فيه أن حكومة كييف تجري مباحثات مع "هيئة تحرير الشام" من أجل السماح لمقاتلين إسلاميين لا ترغب الهيئة بوجودهم في إدلب وغيرها من المناطق في شمال غرب سوريا التي تسيطر عليها الهيئة، للانتقال إلى الجبهات المشتعلة بين الروس والأوكرانيين والقتال إلى جانب الجيش الأوكراني.
ذهبت صحيفة "آيدين لينك" في تقريرها أيضًا إلى أن أوكرانيا حددت لهيئة تحرير الشام طلبها من المقاتلين، بمجموعتين من مواطني جورجيا والشيشان معظمهم موقوفون في سجونها، ثم ذهب تقرير الصحيفة إلى أبعد من هذا حين أشارت إلى أن الأوكرانيين عرضوا على الهيئة مقابل إطلاق سراح مَن تريدهم من المقاتلين نحو 57 طائرة مسيرة "درون drone" ومن الطراز الحديث.
*المسيّرات الأوكرانية تظهر في المعركة
وبعد المعلومات التي كشفت وجود تنسيق استخباراتي بين "هيئة تحرير الشام" في إدلب وأوكرانيا بهدف تنفيذ عمليات ضدّ مواقع روسية في سوريا، السلاح الأوكراني بدأ يظهر في المعركة.
مع استمرار المعارك العنيفة بين الجيش السوري و"هيئة تحرير الشام" وحلفائها على جبهتي جنوب شرق إدلب وغرب حلب، بدأ السلاح الأوكراني الذي سلّمته أوكرانيا للهيئة يظهر في المعركة.
وتبيّن في مقاطع مصوّرة استخدام "هيئة تحرير الشام" طائرة انقضاضية متطوّرة في استهداف أحد مواقع الجيش السوري غربي حلب.
وأظهرت المقاطع المصوّرة التي جرى تداولها عبر منصات التواصل الاجتماعي أيضاً استخدام "هيئة تحرير الشام" أنواعاً متطورة من الطائرات المسيّرة المزوّدة بقنابل وعدسات تصوير عالية الجودة لاستهداف مواقع انتشار الجيش السوري وآلياته.
وكشف ناشطون امتلاك ما تسمّى بغرفة عمليات "ردّ العدوان" تقنيات متطوّرة في إدارة المعركة على الأرض، إضافة إلى تزويدها بأجهزة اتصال حديثة وكميات كبيرة من السترات الواقية للرصاص، إلى جانب عشرات الآليات المصفّحة التي تستخدم للمرة الأولى بعد تعديل هيكلها.
وكانت "هيئة تحرير الشام" (جبهة النصرة سابقاً) تحاول تغذية نفوذها بالانخراط في الصراعات الإقليمية، في محاولة منها لتنفيذ أجندات الدول التي تسعى لضرب مصالح حلفاء سوريا، مثل إيران وروسيا، وذلك بعد الكشف عن تنسيق وتعاون بينها وبين الاستخبارات الأوكرانية.