ما قصة المنتسب الذي خلع "الميري" واتهم السيسي بالخيانة؟.. هل يؤدي تآمر عسكر مصر على فلسطين إلى سقوطهم؟
انفوبلس/ تقارير
ضجة في مصر وبوادر ثورة تلوح بالأفق، بعد إقدام منتسب في قوى الأمن على خلع "الميري" – زيّه الشرطي - واتهام السيسي بالخيانة وسط الإسكندرية، ليختفي المنتسب بعد ذلك وسط تحذيرات من اختطافاه أو قتله من قبل النظام الحاكم، فما تفاصيل الحادثة؟ وهل يؤدي تآمر عسكر مصر على فلسطين إلى سقوطهم؟
*ماذا حدث؟
يوم الجمعة الماضي، انتشر فيديو على مواقع التواصل الاجتماعي لشخص يهتف ضد السيسي وسط الإسكندرية ويردد شعارات مؤيدة لفلسطين.
بعد ذلك، وردت تفاصيل الفيديو، وتبين أن الشخص الذي كان يهتف ضد السيسي رافعاً علم فلسطين هو أمين شرطة في قسم كرموز بالإسكندرية ويدعى عبد الجواد محمد.
ويظهر في الفيديو، صعود أمين الشرطة فوق لوحة إعلانية وسط الإسكندرية ملوّحاً بعلم فلسطين وهو يهتف، "السيسي خائن وعميل مش خايف منك يا سيسي الله أكبر الله أكبر تحيا فلسطين".
*اختفاء المنتسب بعد الحادثة
بعد الحادثة، تم اعتقال المنتسب، ليختفي بعد ذلك، ويبقى مصيره مجهولا إلى الآن. وهذا ما وضحته الشبكة المصرية لحقوق الإنسان عندما أصدرت بيانا قالت فيه، "لليوم الرابع لازال مصير أمين الشرطة عبد الجواد محمد السهلمي مجهولاً والتخوف يتصاعد على حياته بعد رفعه علم فلسطين ووصف السيسي بالخائن".
وأعلنت الشبكة المصرية، "رصدها استمرار الإخفاء القسري لأمين الشرطة بمركز شرطة كرموز بالإسكندرية الذي يبلغ من العمر 45 عاما وأب لابنتين وولد، كما أنه من قرية بيبان مركز كوم حماده بمحافظة البحيرة، وذلك لليوم الرابع ولم يُعرض على أيٍّ من جهات التحقيق وانقطاع سبل التواصل به وذلك بعد القبض عليه يوم الجمعة الماضية من ميدان سيدي جابر بالإسكندرية".
وتابعت، حصلت الشبكة المصرية على شهادة من أحد معارفه يقول فيها "السلام عليكم أنا، قريب لعبد الجواد محمد السهلمي أمين الشرطة كان بيقعد معانا بيبكي بمعنى الكلمة ومتقطع من جواه على أحداث فلسطين وعلى اللي بيحصل في غزة وبيقول حرام المفروض الحدود تنفتح علشان دول إخوتنا وده ظلم والناس بتموت .
وهو حقيقةً من أرجل الناس اللي ممكن تتعامل معاها ونضيف والحمدلله ولا نزكيه إلا الله ملهوش في الرشاوي والشمال يا ريت توصلوا رسالتى يللناس وتعرف الناس عليه والناس تدعمه ونعرف مكانه".
وأعلنت الشبكة المصرية، "تضامنها الكامل مع أمين الشرطة فيما حمّلت وزارة الداخلية المصرية المسؤولية الكاملة عن حياته وأمنه وسلامته".
كما طالبت، "بإخلاء سبيله لعدم ارتكابه جرما إلا الدفاع عن القضية الفلسطينية وحزنه على أوضاع أهلنا في فلسطين المحتلة".
*بوادر ثورة
لاقت الحادثة ردود فعل صاخبة، وضجت مواقع التواصل الاجتماعي بها، وتصاعدت المطالبات لعزل السيسي نتيجة استمرار القمع وسياسية تكميم الأفواه، حتى بدأ البعض بالتحشيد لتظاهرات كبرى أعادت إلى الأذهان ثورة 25 يناير عام 2011.
وبهذا الصدد، قال أحد المدونين، "توقع كل شيء في دولة كثر فيها الذكور وقل فيها الرجال تحكمها مجموعة مسلّطة صهيونية من الجياع الجهلة وشعب يصمت ويوافق بل ويؤيدهم بشدة".
وأضاف، "يا مصريين كونوا رجالا واخرجوا وإلا والله سوف تدفعون ثمن خياناتكم وجبنكم هذا إلى ما لا نهاية".
في حين قال مدون آخر، "لو لم يتحرك الشعب المصري لوقف هذا الظلم في هذه الفترة فملوش قومة أبدا".
وأضاف، "والله لو أمناء الشرطة وقفوا وقفة راجل واحد ليفرجوا عنه وعن زميله بطل اسكندرية اللي صفى ٢ من أحفاد الصهاينة لتتشل الداخلية بأكملها على طول البلد وعرضها".
ثم قال آخر، "عبد الجواد رجل حُر حتى ولو كان خلف القضبان.. نحن من يجب أن نتحرر ونكسر وثاق الصمت الذي كبل أيدينا وعقولنا وحتى اصواتنا لدرجة أننا بتنا كالنعام ندس رؤوسنا في التراب كلما رأينا مظلوم يستنجد بنا او حتى مخاطر تهدد مستقبلنا وحياتنا".
وأضاف، "حكام العرب لا بارك الله فيهم جميعهم خائفون من صحوة الشعوب العربية والإسلامية ولكن يا أوغاد مهما فعلتم الله متم امره".
أما أحد الناشطين المصريين فقال، "هذا الضابط برّأ نفسه أمام الله من دم أهل غزة اما من استمر في هذا الجيش فسيحاسبه الله على تجويع اهله في غزة".
وأضاف، "شعب مصر مات لا نخوه ولا دين ولا عروبة كفاية قبل فوات الأوان!".
*تآمر عسكر مصر على فلسطين
إن حدود مصر وغزة هي الحدود المعترف بها دوليا بين فلسطين ومصر من عهد الانتداب البريطاني، وبينما لم يظهر القطاع في شكله الحالي إلا بعد حرب 1948، فإن حدود القطاع وإسرائيل لم يحددها اتفاق سياسي وإنما الحروب الإسرائيلية المصرية وما تبعها من اتفاقات وقف إطلاق نار.
ويبلغ طول الحدود بين مصر والقطاع 14 كيلومترا تجعل مصر الدولة العربية الوحيدة المتاخمة له، ومنفذه الوحيد على العالم.
وتلاحظ إحدى الباحثات المصريات أن مصر لم تضم غزة ولم تطالب بالسيادة عليها، وأولت إدارتها إلى جنرال مصري إلى حين احتلالها إسرائيلياً في 1967، مشيرة إلى أن العوامل الجيوسياسية المحلية والاعتبارات الأمنية ونظام تحالفات الدول العربية في المنطقة، جعلت القاهرة المؤثر الرئيسي في القطاع في السياق الفلسطيني.
ولفهم الأسئلة المتعلقة في ملف علاقة مصر والقطاع، تقترح الباحثة العودة إلى 3 أحداث رئيسية شكلت سياسة القاهرة في غزة والمسألة الفلسطينية عموما، وهي:
حرب 1956: عندما احتلت إسرائيل القطاع وهو حينها تحت السيطرة المصرية، وكانت إحدى الذرائع نشاط الفدائيين داخل الأراضي الإسرائيلية، علما أن وحدات الفدائيين أُنشئت بمبادرة مصرية وتحت سيطرة ضابط المخابرات المصري مصطفى حافظ.
حرب 1967: التي أخرجت غزة من السيطرة المصرية وأفرزت واقعا جديدا، فقد كان النظام الناصري قبل 1967 يعامل فلسطين على أنها جزء من الأمة العربية مهم للأمة المصرية، وقد لعب في هذا السياق دورا أساسيا في تشكيل منظمة التحرير الفلسطينية في 1964.
اتفاقية كامب ديفيد 1978: التي أخرجت مصر من دائرة المواجهة مع إسرائيل وشكلت ملامح سياستها الخارجية، وربطتها بالمصالح والاستراتيجية الأميركية والإسرائيلية لتُحجَّم المسألة الفلسطينية منذ ذلك التاريخ إلى مجرد قطاع وضفة غربية، ويقتصرَ الطموح على إعلان دولة على الحدود المحتلة في 1967.
*السيسي "خائن"
في عام 2020، وعلى غرار دعوة الجيش لعزل الرئيس الراحل محمد مرسي قبيل الانقلاب العسكري في صيف 2013 دشن نشطاء وسماً يطالب الجيش المصري بالتدخل وعزل الرئيس عبد الفتاح السيسي بتهمة الخيانة.
وتحت عنوان "السيسي خاين جيشنا فين" عدّد رواد مواقع التواصل الاجتماعي الأزمات التي تسبب فيها السيسي، ووصفوها بـ"الخيانة".
وتصدَّر الوسم آنذاك مواقع التواصل في مصر، وشارك المغردون بصور وتعليقات تتهم السيسي بالخيانة، مطالبين الجيش المصري بالتدخل قبل تفاقم الأزمات أكثر من ذلك.
وأبرز الأزمات التي تحدث عنها المغردون كانت قضية سد النهضة الإثيوبي، خاصة مع تعثر المفاوضات بين مصر والسودان وإثيوبيا، وإصرار أديس أبابا على ملء بحيرة السد دون انتظار انتهاء المفاوضات الثلاثية برعاية الاتحاد الأفريقي.