ما هي العقوبات التي سترفع عن سوريا بعد تغيير النظام هناك؟
تعرف عليها بالتفصيل
ما هي العقوبات التي سترفع عن سوريا بعد تغيير النظام هناك؟
انفوبلس/..
بعد أكثر من عقد من الصراع الذي مزّق سوريا، جاء سقوط نظام بشار الأسد ليشكل منعطفًا تاريخيًا حادًا. ومع تغير المعادلة السياسية في دمشق، تبرز تساؤلات حول العقوبات الدولية التي أنهكت البلاد، وهل سيتم رفعها مع ظهور حكومة جديدة.
العقوبات على سوريا لم تكن وليدة الأزمة الأخيرة فحسب، بل جاءت نتيجة تراكمية لعقود من العزلة. لكن السنوات الـ13 الماضية شهدت أكثر العقوبات صرامةً في تاريخ البلاد.
فرضت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، حزمة عقوبات مشددة، مستهدفة النظام ورموزه الاقتصادية عبر تجميد الأصول وحظر التعاملات التجارية، وصولاً إلى منع تصدير النفط السوري. وفي ذروة هذه القيود، جاء “قانون قيصر” عام 2020 ليضيق الخناق أكثر على نظام بشار الأسد. فما مصير هذه العقوبات؟
في هذا الصدد، قال "رئيس الائتلاف السوري" هادي البحرة: إن "الحكومة الحالية ستتابع عملها حتى الانتهاء من تشكيل هيئة الحكومة الانتقالية وتسلمها الأعمال من الحكومة الحالية، مؤكداً أنه لن يكون هناك انقطاع في أي من الخدمات الحكومية، وسيستمر جميع موظفي الدولة في أعمالهم إلى أن يتم تحسين وتطوير أدائهم خلال الفترة المقبلة".
وأشار البحرة إلى، أن "رفع العقوبات عن سوريا سيكون من أول مطالب المعارضة بعد تسلمها مقاليد الحكم في البلاد، متوقعاً أن تستغرق عملية انتقال السلطة نحو 18 شهراً، والتي تبدأ بالاستفتاء على الدستور خلال 6 أشهر ثم إجراء انتخابات حرة ونزيهة للبرلمان أو الرئاسة وفقاً للنظام الذي سيختاره السوريون".
*قانون قيصر
استهدف قانون "قيصر"، الأفراد والشركات المرتبطة بالحكومة السورية، وأي جهات دولية تقدم الدعم للنظام.
ووفقًا لتقرير للبنك الدولي، أسهم القانون في تفاقم الأزمة الاقتصادية السورية، مما أدى إلى ارتفاع معدلات التضخم والفقر، وتأثرت حياة ملايين السوريين بشكل مباشر، خاصة بعد انهيار سعر العملة الوطنية إلى مستويات قياسية.
الرئيس الأميركي المنتخب حديثاً دونالد ترامب وصف سقوط الأسد بأنه نهاية لحقبة من "الديكتاتورية المدعومة من روسيا"، وفق ما صرّح به عبر منصته "تروث سوشال". ومع ذلك، لم يُعلن ترامب حتى الآن عن موقفه من إمكانية رفع العقوبات أو تخفيفها في ظل الواقع السياسي الجديد. ترامب، الذي استخدم قانون قيصر كورقة ضغط على النظام السوري، قد يرى استمرار العقوبات ضرورياً لضمان تحقيق الانتقال السياسي المنشود، بحسب ما يرى المحلل السياسي عامر ملحم.
وقال ملحم، إن "رفع أو إبقاء قانون قيصر يعتمد على عدة عوامل. أولها، مستوى الاستقرار في سوريا بعد رحيل الأسد". وأضاف: "مع غياب رؤية واضحة لقيادة جديدة أو عملية سياسية متكاملة، قد تُبقي واشنطن العقوبات كأداة ضغط" وفق قوله.
ووفقًا لتحليل نشرته صحيفة "واشنطن بوست"، فإن إدارة ترامب ترى في العقوبات وسيلة لضمان عدم تصاعد نفوذ إيران في سوريا، الذي يشكل تهديدًا مباشرًا لحلفاء الولايات المتحدة في المنطقة، خاصة إسرائيل، وفق الصحيفة.
على الجانب الآخر، هناك دعوات لتخفيف العقوبات لدعم تعافي الاقتصاد السوري المتدهور.
ويرى محللون في "مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية" أن رفع القيود بشكل جزئي قد يكون حلاً وسطًا، إذا اقترن بشروط تضمن الشروع في إعادة بناء المؤسسات السورية واستبعاد الجهات المتورطة في الانتهاكات الإنسانية.
ودعت روسيا وإيران، إلى احترام سيادة سوريا ومنع التدخلات الخارجية. الخارجية الإيرانية صرّحت بأن "الشعب السوري وحده يملك الحق في تقرير مستقبله"، فيما أكدت روسيا على أهمية الحوار بين السوريين بعيدًا عن أي ضغوط دولية.
ويعتقد ملحم، أن "رفع قانون قيصر أو الإبقاء عليه سيعتمد أيضًا على تفاعل المعارضة السورية والمجتمع الدولي مع هذه المرحلة الجديدة"، مضيفًا "إذا تمكنت المعارضة من تشكيل حكومة انتقالية مدعومة دوليًا وتبنّي إصلاحات ديمقراطية، فقد تجد واشنطن مبررًا لتخفيف العقوبات تدريجيًا". أما في حال غياب رؤية واضحة أو تصاعد الفوضى، فمن المرجح أن تستمر العقوبات، بحسب ملحم.
مستقبل غير واضح
في السياق، قال الخبير في العلاقات الدولية رستم فانسو، إن مستقبل سوريا بعد مغادرة بشار الأسد منصبه غير واضح، مرجحا أن يوفر الفراغ السياسي في البلاد حيزاً لتعزيز نمو تنظيم "داعش" الإرهابي.
وأشار فانسو في حديث لوكالة "تاس" الروسية إلى، أن "رئيس الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية هادي البحرة اقترح مؤخراً فترة انتقالية مدتها 18 شهرا بهدف خلق بيئة آمنة ومحايدة لإجراء انتخابات عامة".
وأضاف: "من المفترض أن يتم خلال الأشهر الستة الأولى تقديم مشروع دستور وإتاحة الفرصة للشعب لإجراء استفتاء حول نظام الحكم، مع استمرار عمل الموظفين الحكوميين خلال الفترة الانتقالية".
ووفقا له، "يبدو مستقبل سوريا السياسي هشّاً وغير واضح بسبب تنوعها العِرقي والطائفي، حيث يشكل الأكراد المدعومون من الولايات المتحدة حوالي 10% من السكان ويسيطرون على ثلث أراضيها، بينما يشكل المسلمون الشيعة نحو 13% ويفقدون هيمنتهم، والأهم من ذلك هو مسألة وحدة جماعات المعارضة بعد الإطاحة بالأسد، ففي الماضي ربما كانوا متحدين عندما أرادوا الإطاحة بالحكومة، ولكن هل سيتمكنون من الحفاظ على هذه الوحدة بعد تحقيق هدفهم؟".
وقال: "النقطة الأخيرة، لا يزال تنظيم "داعش" موجودا في سوريا حتى ولو في منطقة صغيرة منها فقط، ليس هناك ما يضمن أن الصراع السياسي في المستقبل لن يخلق فراغاً لنموه وتوسعه".
في 27 نوفمبر، شنَّ مسلحون هجوماً على مواقع الجيش السوري في محافظتي حلب وإدلب.
وبحلول مساء 7 ديسمبر الجاري سيطروا على حلب ودرعا وحماة وحمص، وفي صباح يوم 8 ديسمبر دخلوا دمشق وأعلنوا سقوط نظام الرئيس بشار الأسد.