مجزرة "قانا" اللبنانية بذكراها الـ27.. هكذا لاحقت آلة القتل الصهيونية من احتموا من جحيمها
انفوبلس/ تقارير
يميّز اللبنانيون بين مجزرتَي بلدة "قانا" الأولى والثانية، من حيث التاريخ فقط لا وحشية الكيان الصهيوني، الذي احتل بلادهم وهاجم أراضيها برًا وجوًا وبحرًا، فروّع وقتل وترك دمارًا وخرابًا. "انفوبلس" سلّطت الضوء على المجزرة بذكراها السابعة والعشرين وكيف وقف المجتمع الدولي متفرجا أمام جرائم الصهاينة.
*مجزرتان لـ"قانا"
توضح هنا شبكة انفوبلس، الفرق بين مجزرة قانا الأولى والثانية، فمجزرة قانا الثانية لها حكاية أخرى تُروى، ارتكبتها آلة القتل الإسرائيلية ومن خلفها حكومة الاحتلال في حرب يوليو/ تموز 2006، أما مجزرة قانا الأولى فتعود ذكراها إلى الثامن عشر من أبريل/ نيسان 1996.
*عدوان عناقيد الغضب
ارتكب الكيان الصهيوني مجزرة "قانا" ضمن عدوان شنّه على جنوب لبنان عام 1996، وأطلق عليه اسم "عناقيد الغضب"، مودياً بحياة 175 شخصًا إضافة إلى 300 جريح.
ارتقى قرابة مئة من الشهداء في ذلك اليوم الأسود، الذي استهدف فيه الكيان الصهيوني مركز قيادة "فيجي" التابع لقوات الأمم المتحدة لحفظ السلام.
*تفاصيل استهداف مركز "فيجي"
مركز فيجي الذي هرب إليه حينها 800 لبناني للاحتماء من جحيم القصف، وكانوا معظمهم من الأطفال والنساء والشيوخ، تحوّل إلى هدف آخر للإجرام الصهيوني.
وأدت الضربات عليه إلى استشهاد 106 أشخاص بينهم عشرات الأطفال، فيما أُصيب نحو 150 آخرين بجروح وإصابات بدنية.
*شهادات الناجين
جميل سلامة، الناجي من مجزرة قانا، تحدث عن أشلاء الشهداء التي شاهدها، وعن أثر القذائف الفوسفورية التي أشعلت الأجساد فتحولت إلى رماد.
كان على رأس الحكومة الصهيونية في ذلك الوقت شمعون بيريز، الذي يرتبط اسمه بجرائم ارتكبها الاحتلال بحق اللبنانيين والفلسطينيين، وببداية الاستيطان في الضفة الغربية المحتلة، وبهندسة العدوان الثلاثي على مصر عام 1956.
*تفاصيل المجزرة
شنّ الكيان الصهيوني في الحادي عشر من نيسان عام 1996 على لبنان حرباً أسماها "عناقيد الغضب"، وكان أسلوبه الحرب عن بُعد، حملة جوية شاملة وقصف من البر والبحر دون توغل بري، قصفت مدن لبنان وقراها خلالها بما لا يقل عن 23 ألف قذيفة وانتُهِكت سماؤه بـ 523 غارة جوية حصيلتها 5 مجازر آخرها مجزرة قانا.
*التركيز على الجنوب
ركّز القصف الإسرائيلي على الجنوب، معقل المقاومة، مما دفع أهل القرى إلى النزوح شمالاً، وبلغ مجموع العائلات النازحة حتى مساء الخامس والعشرين من نيسان عام 1996 م 22945 عائلة مسجّلة علماً بأن 40% من مجمل النازحين غير مسجلين لدى هيئة الإغاثة أو لدى أي مؤسسة أخرى لأنهم نزلوا عند أقارب لهم، تم إخلاء ما يزيد على 100 قرية وبعض من بقي من أهلها التجأ أيام القصف المكثّف إلى مراكز هيئة الأمم المتحدة العاملة في الجوار طلباً للمأوى والحماية.
*ذروة الحرب
وبلغت الحرب ذروتها في الثامن عشر من نيسان مما أجبر مجموعة من أهالي قانا المدنيين اللجوء إلى معسكر للأمم المتحدة لحماية الأطفال والنساء والشيوخ، ظناً منهم أنّ القوات الإسرائيلية لا تقصف مراكز قوات الطوارئ الدولية، ولكن في الساعة الثانية بعد ظهر 18 نيسان إنهار وابل من قذائف المدفعية الإسرائيلية الثقيلة على مقرّ فيجي لقوات الأمم المتحدة في قانا. وبعد أقل من ربع ساعة تحول 107 من المدنيين اللبنانيين إلى جثث محترقة وأشلاء يصعب تمييزها.
بعد إطلاق قذائف الهاون رفعت قاعدة قانا "تقريراً عن الحادث" إلى قيادة "يونيفيل" وأصدرت تحذيراً عبر أجهزة الميكروفون إلى جنود القوة الدولية بأنّ عليهم أن يرتدوا السترات الواقية من الرصاص، فإنّ أولى القذائف بدأت تسقط قرب موقع الهون بعد انقضاء حوالي 8 إلى 10 دقائق على التحذير الموجّه عبر الميكروفون، في الساعة 2.08 أو 2.10 تقريباً بعد الظهر، ثم تعرضت القاعدة ذاتها إلى القصف، وسقطت القذيفة الأولى على محيط المجمع، قرب المدخل الرئيسي، ودُمِّرت بنايتان من النوع المسبق الصنع. وأدّت القذائف الثلاثة الأولى إلى تدمير خطوط الكهرباء والاتصالات. وقال الكولونيل واهمي: "كانت مواقعنا في التلال تنقل إلينا ما يجري كنّا هنا في انتظار الموت. لم يكن هناك إطلاقاً ما يمكن أن نفعله".
*اشتعال المباني
وأضاف: "كان هناك الكثير من الصُراخ، وكانت المباني تشتعل، لم نستطع أن نصدّق أنّ قاعدتنا تتعرض إلى هجوم، كان صوت القذائف الآتية، تعقبها الانفجارات، ومنظر القتلى يفوق حدود الوصف. كانت هناك أشلاء في كل مكان".
وأبلغ موظف في "يونيفيل" كان موجوداً أثناء الهجوم، أنّ العائلات المشرّدة كانت متجمّعة في ثمانية مواقع في القاعدة. ودمّر القصف بشكل كامل ثلاثة مبانٍ جاهزة كانت تؤوي حوالي 240 شخصاً ـ كل ما تبقّى عند زيارتي للمكان حفرة مستطيلة ضخمة أحدثها القصف ـ وقال : "كان هناك 126 شخصاً آخرين داخل منزل "فأتوا" حيث انفجرت قنبلة في الجوّ فوقه وقتلت 52 شخصاً".
* القذائف المستخدمة
أوردَ الجنرال فرانكلين فان كابن، في تقريره بتاريخ 1 أيار 1996 م حول الهجوم على قانا، أنه "كانت هناك أدلّة مهمة على انفجار قذائف مدفعية، مزوّدة بصواعق تفجير، فعند الاقتراب من الهدف، فوق المجمع مباشرةً، وتغطيتها لجزء كبير من مساحته، وعلى الرغم أنّ عدد القذائف لا يمكن أن يحدَّد بالضبط، فإنّ الأدلة المتوفرة تشير إلى أنّ ثماني قذائف من هذا النوع انفجرت فوق المجمّع ولم تنفجر سوى قذيفة واحدة خارجه".
ويرجع العدد المرتفع للشهداء إلى نوع القذائف التي استُخدِمت في القصف، فحوالي ثلثي مجموع القذائف كانت من التي تنفجر في الجوّ فوق الهدف؛ وهذه القذائف الشديدة الانفجار أسلحة مضادة للأفراد ومصمّمة لتنفجر فوق الأرض وتنشر الشظايا على امتداد منطقة واسعة بهدف زيادة حجم الإصابات على الأرض إلى أقصى ما يمكن.
*ردود فعل مُخجِلة وضعيفة
ورغم هول الجريمة وفظاعة المجزرة كانت ردود الفعل ضعيفة ومحدودة، واكتفت غالبا بالمطالبة بالهدوء ووقف إطلاق النار، حيث دعا الرئيس الأميركي وقتها بيل كلينتون جميع الأطراف لوقف إطلاق النار، ووجه الرئيس الفرنسي جاك شيراك نداءً إلى إسرائيل بضرورة الاستجابة لمطالب وقف إطلاق النار، وانتقدت روسيا إسرائيل وأعربت عن قلقها لتدهور الوضع في لبنان.
وعلى المستوى العربي، لم يتجاوز الموقف الرسمي حدود الإدانة وبعث رسائل تؤكد خطورة الموقف وضرورة وقف العمليات العسكرية في لبنان.
وطالب رئيس وزراء لبنان حينها الراحل رفيق الحريري بوقف النار وتطبيق “اتفاق التفاهم” المعروف باتفاق الكاتيوشا عام 1993 بين حزب الله وإسرائيل القاضي بعدم ضرب المدنيين في الجانبين، والبدء في تنفيذ قرار مجلس الأمن الداعي لانسحاب القوات الإسرائيلية من جنوب لبنان.
أما الاحتلال الذي شنّ العدوان وقتل مئات المدنيين، فقد حمّل حزب الله مسؤولية سقوط ضحايا من المدنيين، وقالت حكومته إن قصف "قانا" جاء ردّاً على صواريخ كاتيوشا أطلقها الحزب من موقع قريب من المعسكر.