محاباة أمريكية مستمرة.. جيش الاحتلال يقتل متضامنة أمريكية من أصل تركي في الضفة الغربية.. قائمة بأبرز الضحايا الأجانب في فلسطين
انفوبلس..
يوم أمس الجمعة، استخدم جيش الاحتلال الإسرائيلي الرصاص الحي لمواجهة مسيرة سلمية انطلقت في الضفة الغربية، فقتل ناشطة أمريكية تركية متضامنة مع الفلسطينيين تدعى عائشة نور ازجي ايجي، كانت متواجدة في المسيرة، ليعقب ذلك موقفا أمريكا باردا تجاه استهتار تل أبيب ويذكّر بمواقفها المعتادة السابقة وازدواجية معاييرها ومحاباتها لكل ما يصدر عن الكيان المحتل. فما هو تاريخ واشنطن من التخاذل أمام تل أبيب؟ وكيف تصرفت عند استهداف الاحتلال لراشيل كوري وشيرين أبو عاقلة وضحايا المطبخ العالمي وغيرهم؟
قتل جيش الاحتلال الإسرائيلي متضامنة أمريكية في بلدة بيتا جنوب مدينة نابلس شمال الضفة الغربية.
ونقلت وكالة الأنباء الفلسطينية عن مدير مستشفى رفيديا الحكومي في نابلس فؤاد نافعة تأكيده مقتل المتضامنة الأمريكية من أصول تركية عائشة نور ازجي ايجي (26 عاما).
من جانبهم أوضح مسعفون ميدانيون أن المتضامنة أُصيبت برصاصة في الرأس ونُقلت بحالة خطرة إلى المستشفى الذي أعلن وفاتها.
وكانت مسيرة سلمية انطلقت في بيتا باتجاه جبل صبيح حيث يقيم الاحتلال بؤرة استيطانية فاندلعت مواجهات أسفرت عن قتل المتضامنة الأمريكية.
وقال محافظ نابلس غسان دغلس، إن قوات الاحتلال ارتكبت اليوم جريمة جديدة بإطلاق النار على المتضامنة الامريكية مؤكدا أن المسيرة كانت سلمية لكن الاحتلال استخدم الرصاص الحي صوب المشاركين فيها.
وطالب دغلس في تصريح صحفي، الحكومة الأمريكية، بإيقاف دعم القتل والإجرام اللذَين يرتكبهما الاحتلال في قطاع غزة والضفة الغربية.
يذكر أن المتضامنة الأمريكية هي واحدة من المتطوعين الأجانب في حملة يطلق عليها اسم (فزعة) لدعم المزارعين الفلسطينيين في مواجهة انتهاكات جيش الاحتلال والمستوطنين.
وتعليقاً على تلك الجريمة، قال متحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية، إن المسؤولين "يجمعون بشكل عاجل المزيد من المعلومات حول ظروف وفاتها"، فيما قال وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، إن الولايات المتحدة تأسف لفقدان أحد مواطنيها وإنه يجب تحديد تفاصيل وفاتها، دون توجيه أي إدانة أو حتى اتهام للكيان المحتل.
وبالمقابل، وصفت وزارة الخارجية التركية الحادث بأنه "جريمة قتل" وقالت إنها "قُتلت على يد قوات الاحتلال الإسرائيلي في نابلس بالضفة الغربية".
وذكرت وزارة الخارجية التركية، في بيان، إنها تلقت ببالغ الحزن نبأ مقتل الناشطة عائشة نور في محافظة نابلس بالضفة الغربية، على يد "جنود الاحتلال الإسرائيلي".
وأعربت عن إدانتها "جريمة القتل التي ارتكبتها حكومة نتنياهو".
واتهمت الخارجية التركية إسرائيل بأنها تسعى لإسكات وترهيب "كلّ من يهب لنجدة الفلسطينيين ويكافح سلمياً ضد الإبادة الجماعية".
وأكدت أن سياسة العنف هذه لن تجدي نفعاً، وأن "المؤسسات الإسرائيلية ومن يقدمون لها الدعم غير المشروط سيحاسبون بالتأكيد أمام المحاكم الدولية".
وكتب الرئيس التركي رجب طيب أردوغان على منصة إكس: "أدين تدخل إسرائيل الهمجي ضد الاحتجاج السلمي المناهض للاحتلال في الضفة الغربية".
وأضاف: "أدعو الله بالرحمة على مواطنتنا عائشة نور أزغي أيغي التي قُتلت على يد إسرائيل في الضفة الغربية".
وقال أردوغان: "سنواصل بذل الجهود في كافة المحافل لضمان محاسبة إسرائيل أمام القانون عن الجرائم التي ارتكبتها ضد الإنسانية".
وأدانت فلسطين بأشد العبارات ما وصفته بـ"جريمة الإعدام البشعة التي ارتكبتها قوات الاحتلال الإسرائيلي".
واعتبرت وزارة الخارجية والمغتربين، في بيان، أن "هذه الجريمة جزء لا يتجزأ من جرائم الاحتلال ضد شعبنا، بما فيها جريمة الإبادة الجماعية والتهجير، واستهداف من يتضامن مع قضية شعبنا وحقوقه الوطنية العادلة والمشروعة".
وقالت الوزارة، إن واقعة قتل المواطنة الأميركية التركية "ترجمة عملية لتعليمات وتوجيهات المستوى السياسي في دولة الاحتلال التي تسهل على الجنود استخدام الرصاص الحي بهدف قتل الفلسطينيين وكل من يتضامن معهم".
وحمّلت الوزارة الفلسطينية الحكومة الإسرائيلية "المسؤولية الكاملة والمباشرة عن هذه الجريمة البشعة التي تثبت من جديد مخططاتها المسبقة لتصعيد وتفجير الأوضاع في ساحة الصراع للتغطية على مشاريعها الاستعمارية التهويدية العنصرية في الأرض الفلسطينية المحتلة".
وطالبت وزارة الخارجية الفلسطينية، المجتمع الدولي ومنظماته الأممية والإنسانية والحقوقية، "بسرعة التحرك لتوفير الحماية الدولية للشعب الفلسطيني وتحمل مسؤولياته القانونية والأخلاقية تجاه ما يتعرض له شعبنا من انتهاكات وجرائم، وفي مقدمتها جريمة الإبادة الجماعية والتهجير والاستيطان والقتل خارج أي قانون، وصولاً لمحاسبة ومحاكمة مجرمي الحرب الإسرائيليين".
وأثار تصاعد الهجمات العنيفة التي يشنها المستوطنون الإسرائيليون على قرى فلسطينية في الضفة الغربية، غضباً متزايداً بين الحلفاء الغربيين لإسرائيل.
وقبل عدة أسابيع هاجم نحو 100 مستوطن قرية جيت في شمال الضفة الغربية؛ ما أثار إدانة عالمية ووعداً من الحكومة الإسرائيلية باتخاذ إجراءات سريعة ضد أي شخص تثبت إدانته بارتكاب أعمال عنف.
ويتهم الفلسطينيون وجماعات حقوق الإنسان بانتظام، القوات الإسرائيلية بالوقوف موقف المتفرج بينما تقع الهجمات، بل وتشارك فيها بنفسها.
تاريخ قتل الأجانب المتضامنين
في عام 2003، لقيت الناشطة الأمريكية راشيل كوري حتفها عندما قتلتها جرافة إسرائيلية كانت بصدد هدم منزل فلسطيني في قطاع غزة، في 17 مارس/آذار من ذلك العام.
وُلدت كوري عام 1979 في أوليمبيا بولاية واشنطن الأمريكية وعُرفت بميولها الليبرالية، وبعد وفاتها أشاد بها والداها لاهتمامها بحقوق الإنسان وكرامته، مشيرين إلى أنها "كرست حياتها من أجل الجميع".
انظمت كوري لحركة التضامن العالمية التي انتهجت وسائل سلمية، كما تصف الحركة نفسها، ويتركز عمل نشطاء الحركة في التصدي للجيش الإسرائيلي في الضفة الغربية المحتلة وغزة.
وكانت كوري بين ثمانية نشطاء آخرين من حركة التضامن الدولية، الذين جعلوا من أنفسهم دروعاً بشرية لحماية مخيم رفح للاجئين.
وكان الجيش الإسرائيلي قد أغلق ملف التحقيق الذي أجراه بمقتل الناشطة الأمريكية في عام 2003، قائلاً: "إن مقتل راشيل كان حادثاً عرضياً، ولن يُحاسب الجنود الإسرائيليون على حادث لا يتحملون مسؤوليته".
وقال الجيش الإسرائيلي، إن الشرطة العسكرية التي كانت تحقق في الحادث وجدت أن راشيل قُتلت نتيجة انهيار بناء عليها عندما كانت تحاول تسلق تلة من الأنقاض كانت الجرافة تقوم بتسويتها في مخيم رفح للاجئين.
وجاء في بيان للجيش الإسرائيلي، إنه "في الوقت الذي يعبر فيه الجيش الإسرائيلي عن الحزن لمقتل الناشطة الأمريكية، فإنه يعتقد أن الأعمال غير المسؤولة وغير القانونية التي تقوم بها حركة التضامن العالمية ساهمت في الحادث المأساوي الذي أدى إلى مقتل راشيل كوري".
وبعدها بعام واحد، توفي توم هرندل، ناشط السلام البريطاني، إثر إصابته على يد أحد جنود الجيش الإسرائيلي قرب مدينة رفح، جنوبي قطاع غزة.
وأُصيب هرندل برصاصة في رأسه أطلقها قناص إسرائيلي في غزة، وتركته هذه الإصابة في غيبوبة لمدة 9 أشهر وتوفي في 13 يناير/ كانون الثاني عام 2004، عن عمر يناهز 22 عاماً.
كان هرندل عضواً في حركة التضامن الدولية (ISM)، وتقول الحركة حول مقتل هرندل، "كان الجيش الإسرائيلي يغزو مدينة رفح في قطاع غزة عندما رأى توم هرندل ومتطوعون آخرون في الحركة مجموعة من الأطفال في شارع حيث كان القناصة يطلقون النار. يقول شهود العيان إن الرصاص كان يُطلق حول الأطفال، الذين أُصيبوا بالشلل من الخوف وأصبحوا غير قادرين على الحركة. نجح توم في سحب طفل إلى مكان آمن، ولكن عندما عاد لجلب طفل آخر، أُصيب برصاصة في رأسه أطلقها قناص".
وفي 2003 أيضا، قُتل البريطاني جيمس ميلر، 34 عاماً، أثناء تصويره فيلماً في مخيم للاجئين الفلسطينيين في مدينة رفح في قطاع غزة عام 2003، لرصد واقع الأطفال الفلسطينيين هناك.
وكان ميلر مصوراً ومنتجاً ومخرجاً وحاصلًا على العديد من الجوائز، بما في ذلك جوائز إيمي الشهيرة، وحمل آخر أفلامه الذي حاز على إحدى جوائز إيمي، اسم "الموت في غزة".
وأُغلقت تحقيقات الشرطة العسكرية الإسرائيلية في وفاة ميلر في 2005، بإعلان أن الجندي المشتبه به في إطلاق النار "لن يتم توجيه الاتهام إليه؛ لأنهم لم يتمكنوا من إثبات أن رصاصته كانت مسؤولة عن الوفاة، على الرغم من أنه سيعاقب لانتهاكه قواعد الاشتباك وتغيير روايته للحادث".
وفي 2006، أصدرت هيئة محلفين التحقيق في محكمة سانت بانكراس كورونر، في لندن، "حكماً بالقتل غير المشروع"، حيث وجدت أن ميلر "قُتِل بشكل غير قانوني بقصد قتله".
وقالت المراسلة سايرا شاه، التي كانت تقف بجانب السيد ميلر عندما أُطلق عليه الرصاص: "اقتربنا ببطء من جنود الجيش الإسرائيلي ونحن نرفع العلم الأبيض عالياً، لكن ميلر كان قد أُصيب إصابةً حرجة".
وقال مفتش شرطة العاصمة لندن آنذاك، روبرت أندرسون، إن إسرائيل كانت "غير متعاونة مع شرطة العاصمة حيث لم تسمح لنا بالوصول إلى الجنود والشهود".
وقال وزير الخارجية البريطاني آنذاك، كيم هاولز: "نشعر بخيبة أمل لأن تحقيق الشرطة العسكرية لم يوصِ بتوجيه اتهام وأن أحداً لم يُحاسب على وفاة جيمس".
وفي 2010، قُتل 9 من النشطاء الأتراك - كان أحدهم يحمل أيضا الجنسية الأمريكية إضافة إلى التركية - عندما باغتت وحدات كوماندوز تابعة للبحرية الإسرائيلية السفينة، سفينة مافي مرمرة، التي كانت ضمن "أسطول الحرية" المتوجه إلى غزة لكسر الحصار الإسرائيلي، في 31 مايو/أيار 2010.
وضم الأسطول ست سفن كانت في المياه الدولية على بعد نحو 130 كيلومتر من سواحل إسرائيل.
واختلفت روايتا الجانبين، فالناشطون قالوا إن الجنود الإسرائيليين بدأوا إطلاق النار فور نزولهم على سطح السفينة، أما المسؤولون الإسرائيليون فقالوا إن الجنود أطلقوا النار بعد أن هاجمهم الناشطون بالسكاكين والمضارب واستولى أحدهم على مسدس من جندي.
وقد بث الجيش الإسرائيلي شريط فيديو للعملية لكنه ينتهي قبل بدء إطلاق الرصاص، في المقابل لم تتمكن لجنة التحقيق التي شكلتها الأمم المتحدة من تحديد النقطة التي بدأ عندها الكوماندوز في إطلاق الذخيرة الحية.
وفي عام 2022، قتلت إسرائيل الصحفية الفلسطينية الحاملة للجنسية الأمريكية شيرين أبو عاقلة والتي تعمل مراسلة لقناة الجزيرة أثناء تأديتها مهامّها بتغطية اقتحام القوات الإسرائيلية لمخيم جنين بالضفة الغربية، في 11 مايو/ أيار من ذلك العام.
ومنذ نشأتها تنال إسرائيل دعما أميركيا غير محدود، سياسيا وماليا وعسكريا ودبلوماسيا، ولم يكن رد الفعل الأميركي الرسمي على اغتيال الصحفية شيرين أبو عاقلة استثناءً، وتأرجح هذا الموقف بين محاولات إخفاء حقيقة ما جرى ومجرد الإشارة الخجولة بالاتهام لإسرائيل.
ولم تشفع جنسية شيرين الأميركية عند إدارة بايدن للضغط على إسرائيل وتحميلها مسؤولية قتلها، في وقد تبنى البيت الأبيض بصورة كاملة الرواية الإسرائيلية للجريمة.
ووجدت صحيفة "تايمز" (The Times) الأميركية كذلك أنه لم يكن هناك مقاتلون فلسطينيون في المكان الذي كانت تعمل فيه شيرين أبو عاقلة عندما أطلقت النار عليها، مما يدحض ادعاءات الجيش الإسرائيلي بوجود اشتباكات مع مسلحين فلسطينيين في المنطقة في ذلك الوقت، وخلصت إلى نفس النتائج تحقيقات مستقلة قامت بها وكالة "أسوشيتد برس" (Associated Press) وشبكة "سي إن إن" (CNN).
وفي 24 يونيو/حزيران الماضي خلصت مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان إلى أن شيرين أبو عاقلة قُتلت برصاصة أطلقها الجيش الإسرائيلي، وذلك بناءً على معلومات قدمها الجيش الإسرائيلي والنائب العام الفلسطيني، فضلا عن مراجعة الصور ومقاطع الفيديو والمواد الصوتية وزيارة مكان الحادث واستشارة الخبراء ومراجعة الاتصالات الرسمية وإجراء مقابلات مع الشهود.
وفي مطلع شهر نيسان الماضي، قتلت غارة إسرائيلية، 7 موظفين عاملين في منظمة المطبخ العالمي، وطالبت المنظمة بتشكيل لجنة تحقيق مستقلة في الحادثة، مؤكدة أن الجيش الإسرائيلي "لا يمكنه التحقيق بمصداقية في إخفاقه هو نفسه". وقال الرئيس التنفيذي للمنظمة إيرين جور، إن الاعتذار "عن القتل الفظيع لزملائنا يمثل عزاءً بارداً.. تحتاج إسرائيل إلى اتخاذ خطوات ملموسة لضمان سلامة عمال الإغاثة الإنسانية".
واستهدفت قوات الاحتلال الإسرائيلي سيارة تابعة لمنظمة المطبخ العالمي المركزي في مدينة دير البلح، وسط قطاع غزة، ما أدى إلى سقوط سبعة شهداء، وفق المنظمة.
وأكدت المنظمة غير الحكومية التي تتخذ مقراً في واشنطن في بيان، "مقتل سبعة عناصر من فريقنا بضربة نفذتها القوات المسلحة الإسرائيلية في غزة"، موضحة أن القتلى "من أستراليا وبولندا والمملكة المتحدة"، وأحدهم "يحمل الجنسيات الأميركية والكندية والفلسطينية".