مراجعة دقيقة لخسائر المستوطنات الإسرائيلية في الشمال والجنوب.. تفكك تام ولا رغبة بالعودة
انفوبلس/ تقارير
رغم وقف إطلاق النار مع لبنان، ما زالت غالبية المستوطنات الإسرائيلية في الشمال والجنوب فارغة من المستوطنين الذين يرفض قسم منهم العودة، فيما يجد الآخر صعوبة كبير في تحقيق ذلك جرّاء تفككها وتدميرها من قبل رجال الله، انفوبلس سلّطت الضوء على حجم تلك الأضرار ومواقعها وأبرز ما تكبده المستوطنون من خسائر طوال الفترة السابقة.
المستوطنات فارغة وتأثير صواريخ حزب الله مستمر
يبدو أن المستوطنين الصهاينة الذين هجروا مستوطناتهم، في شمال فلسطين المحتلة، يئسوا من أمر العودة إليها بسبب العمليات التي نفذتها المقاومة الإسلامية حزب الله نصرة للشعب الفلسطيني ومقاومته الباسلة، وباشروا بتأسيس حياة جديدة لهم بعيدة عن الحدود مع لبنان.
وفي هذا السياق، كتبت صحيفة "إسرائيل هيوم" الإسرائيلية: "على مدخل مدينة طبريا؛ يجري حاليًا إنشاء مدرسة لأبناء المهجّرين من مستوطنات الشمال.. استثمرت "إسرائيل" 22 مليون شيكل في المدرسة التي سيستغرق بناؤها خمسة أسابيع، وفي الأسبوع المقبل، سيأتي 1000 طالب في الصفوف 1-12 للدراسة هناك. 36 فصلًا و18 غرفة محصّنة، واستثمارًا كبيرًا في التفاصيل الصغيرة".
وفقًا للصحيفة، يقول رئيس بلدية طبريا بوعز يوسف، في أثناء قيامه بجولة في المكان: "نحن نستعد حتى لنهاية العام الدراسي". وتُشير الصحيفة إلى أن طبريا استوعبت 11 ألف لاجئ حتى الآن. وأضاف بوعز يوسف: "جرى توزيع 1100 طالب في مدارسنا، أي 20% من طلاب المدينة، والباقي في مستوطنات المنطقة".
ولفت تقرير الصحيفة إلى أن الحكومة الصهيونية بينما مدّدت مدة الإخلاء لمستوطني الشمال حتى 29 شباط القادم، تستعدّ لإقامة طويلة؛ فهي تُدرك أن هؤلاء سيبقون خارج منازلهم حتى الصيف القادم على الأقل. في هذه الأثناء؛ هي تقوم بتمديد عملية الإخلاء كل شهر، ويستعدّ الكثير من مستوطني الشمال بناءً على ذلك لإقامة طويلة.
ووفقًا لهذا التقرير، فقد أُرسل 60 ألف شخص إلى فنادق الشمال، بينما بقي 26 ألفًا في منازلهم، وكل يوم تغادر المزيد من عائلات المستوطنين بحثًا عن منازل في المنطقة.
وتنقل صحيفة "إسرائيل هيوم"، عن أحد المستوطنين الذين غادروا الفندق، قوله: "يجب أن يفهم الناس أنهم بحاجة إلى الوقوف على أقدامهم وبناء حياة في مكان جديد. الأمر قد يستغرق حتى الصيف، وإذا كنت تريد إنشاء عائلة كما ينبغي، لا يمكن القيام بذلك في غرفة الفندق.. الأمر أيضا أزمة من ناحية الأطفال.. كل يوم يغادر طفل آخر.. الناس يندمجون في أماكن أخرى، وسيكون من الصعب عليهم العودة".
وإذ لفتت الصحيفة إلى أن سلطات الاحتلال أجلت أكثر من 80% من مستوطني المطلة، في بداية الحرب، إلى الفنادق تؤكد أن اليوم لم يبقَ في الفنادق سوى 25% فقط منهم، أمّا الباقون فقد وجدوا حلولاً أخرى، وأغلبهم استأجروا شققًا في أنحاء متفرقة.
وتختم مؤكدة أن: "الأمر لا يتعلق فقط بالمجتمعات القوية، فالوضع مماثل في جميع المستوطنات الشمالية، وقد أفاد مجلس الجليل الأعلى الإقليمي أنه في الشهر الماضي وحده غادر ربع نزلاء الفنادق".
مستوطنات كاملة تتفكّك على الحدود
كما تسبّبت حرب غزة في تفريغ أجزاء واسعة مِن المستوطنات الإسرائيلية في القطاع وعلى الحدود مع لبنان، قد يصعّب العودة إليها مرة أخرى، وفق صحيفة "يديعوت أحرنوت" العبرية.
وألمحت الصحيفة، في تقرير لها، إلى أن هناك صعوبة تواجه الحكومة في إقناع سكان المستوطنات بالعودة إليها مرّة أخرى منذ الهجوم الذي شنّته حركة حماس على مستوطنات غلاف غزة، شمال القطاع، في 7 أكتوبر الماضي، وأدى إلى مقتل 1200 إسرائيلي.
وعدّدت أمثلة للخسائر الواسعة في البنية التحتية وغيرها التي تُظهر صعوبة المعيشة هناك الآن، نتيجة الهجمات المتبادلة بين الجيش الإسرائيلي والفصائل الفلسطينية، قائلة إنه في مستوطنات غلاف غزة فإن مجتمعات بأكملها تفككت، وتم إحراق البنية التحتية، وتقدّر الأضرار بنحو 5.5 مليار دولار.
الأمر ذاته يحدُث في شمال إسرائيل، مع حملة القصف الصاروخي التي شنّها حزب الله من لبنان، حيث بلغت الخسارة المالية ما يقرب من 1.6 مليار دولار.
ويبلغ عدد المستوطنين الذين تم إجلاؤهم، من الشمال والجنوب، نحو 125 ألف شخص، والعناية بهم تكلّف المليارات بالفعل، وتم نقل بعضهم إلى مجتمعات آمنة من الصواريخ، بينما يُقيم آخرون في الفنادق مع أسرهم.
صعوبات ومخاوف من العودة
تُبدي الكثير من العائلات الإسرائيلية التي تم إجلاؤها من مستوطنات و"كيبوتسات غلاف غزة" والنقب الغربي مع بدء معركة "طوفان الأقصى"، رغبتها بعدم العودة إلى "مناطق الغلاف"، في ظل استمرار القتال وفشل الجيش الإسرائيلي بـ"القضاء على حركة حماس".
وكانت الحكومة الإسرائيلية قد اتخذت قرارا سريعا بإخلاء جميع السكان في الكيبوتسات والمستوطنات المحاذية لقطاع غزة وعددها 25، عقب الهجوم المفاجئ الذي شنته حركة المقاومة الإسلامية "حماس" في السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023.
وبموجب القرار الذي اتخذ بموجب أنظمة الطوارئ، تم إخلاء المنطقة التي تبعد عن حدود قطاع غزة مسافة من 0 إلى 7 كيلومترات، وبلغ تعداد من تم إخلاؤهم 65 ألف شخص، كما تم إخلاء 60 ألف شخص آخرين من البلدات الحدودية مع لبنان في الجليل الأعلى، بسبب القصف المتبادل بين الجيش الإسرائيلي وحزب الله.
وإضافة إلى هذه المعطيات الرسمية التي أقرت بها وزارة الأمن الإسرائيلية، نزح عشرات الآلاف من سكان مناطق النقب الغربي وسديروت وعسقلان بمبادرة ذاتية منهم وبدون أن تلزمهم تعليمات الجبهة الداخلية بذلك، حيث يبلغ سكان هذه المنطقة القريبة من الغلاف أكثر من 200 ألف.
حجم ومواقع الأضرار التي طالت المستوطنات
في أواخر العام الماضي، كشف تقرير عبري عن المستوطنات التي تعرضت لأكبر قدر من الضرر جراء تبادل إطلاق النار مع "حزب الله" اللبناني منذ 8 أكتوبر 2023.
وبحسب ما ذكرت صحيفة "معاريف"، أفادت وزارة الدفاع الإسرائيلية بأنه منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر الماضي، تم تسجيل أكثر من 1645 حادثة تدمير للممتلكات في مستوطنات الحدود الشمالية، ونتجت الإصابات بشكل رئيسي عن هجمات "حزب الله"، حيث نسبت 79% من الأضرار إلى "الحزب"، في حين أن 21% من الإصابات حدثت بسبب أنشطة قوات الجيش الإسرائيلي، خاصة في المراحل الأولى من الحرب، تلك التي لحقت بالمنازل الخاصة والمباني العامة والشركات والبنية التحتية في المنطقة".
ووفق ما نقلت "معاريف"، "كان هناك منذ بداية الحرب وحتى اليوم، أكثر من 1645 إصابة مختلفة في منطقة خط النزاع، بدءا من المنازل الخاصة والمباني السكنية الشاهقة والمباني العامة والشركات والزراعة وغيرها".
وأوضحت أن "54% من الهجمات التي نفذها "حزب الله" أصابت مباني سكنية خاصة، و11% مباني عامة، و4% حظائر للدجاج أو غيرها من الحظائر، و3% البنية التحتية، و2% الأراضي الزراعية أو المراعي والبساتين. بالإضافة إلى ذلك، هناك 2% في هيكل الأعمال و19% أخرى لم يتم تصنيفها بعد، نتيجة عدم القدرة على دخول المجال ومخاطر العوامل المهنية".
وعند تقسيمها إلى مجالس وسلطات محلية ومدن في المنطقة الشمالية، عانت كريات شمونة من أكبر عدد من الحوادث: 218 إصابة، ووصفت معظم الإصابات كالآتي: 117، بالخفيفة، و48 بالخفيفة جدا، و39 بالمتوسطة، و7 بالشديدة"، حسبما جاء في "معاريف".
كما "تعرض كيبوتس "منارة" لأكبر عدد من الضربات، ومن بين 73 حادثة في المستوطنة، تم تصنيف 9 إصابات بالخطيرة جدا، و34 إصابة خطيرة، و30 إصابة متوسطة، وسجلت في شتولا 68 حادثة، 19 منها وصفت بالثقيلة، و6 شديدة جدا، و43 أخرى متوسطة".
ويظهر التوزيع حسب المجالس أن المدن والمجالس المحلية الواقعة على الحدود الشمالية تعرضت لأكبر قدر من الأضرار: 533 حادثة إضرار على مختلف المستويات، يليها المجلس الإقليمي معاليه يوسف بـ366 حادثا، وميتا آشر بـ319 حادثا، والمجلس الإقليمي الجليل الأعلى بـ269 حادثا، وماروم الجليل بـ82 حادثا، وموافوت حرمون بـ63 حادثا.