مسيرة في النجف تلفت الانتباه إلى سعة انتشار التشيّع في أفريقيا.. تعرف على الحقائق والمعاناة هناك
انفوبلس/ تقرير
أضحى انتشار التشيّع في أفريقيا حقيقة ملموسة بالنسبة للمجتمع المسلم الأفريقي، وأصبحت مواكب عاشوراء الأليمة ذكرى استشهاد الإمام الحسين (عليه السلام) في القارة السمراء تقليداً سنوياً يُقام على نطاق واسع كل عام، وفي هذا التقرير سنتعرف على بعض الحقائق التاريخية.
27 جالية أفريقية تشارك في مسيرة العشق الحسيني بمحافظة النجف الأشرف
شارك مقيمون من طلبة العلوم الدينية من 27 جالية أفريقية، الخميس الماضي، في مسيرة العشق الحسيني بمحافظة النجف الأشرف حاملين القرآن الكريم رداً على الإساءات المتكررة.
وقالت مصادر محلية لـ"انفوبلس"، إن "مسيرة العشق الحسيني أقامها مركز الدراسات الأفريقية التابع لقسم الشؤون الفكرية والثقافية في العتبة العباسية المقدسة للجاليات الأفريقية في العراق وشارك في المسيرة طلاب مقيمون في النجف الأشرف وكربلاء المقدسة من سبع وعشرين دولة أفريقية، وانطلقت المسيرة الراجلة من قلب النجف الأشرف في (ساحة الميدان) نحو مرقد أمير المؤمنين عليه السلام حاملةً القرآن الكريم رداً على الإساءات المتكررة".
وقال مدير المركز الشيخ سعد ستار الشمري، إنه "إحياءً للشعائر الحسينية ولتقديم العزاء للمولى أمير المؤمنين عليه السلام وحفيده الإمام صاحب العصر والزمان الإمام المهدي عليه السلام، نظّم مركز الدراسات الأفريقية يوم الرابع عشر من محرم الحرام الجاري مسيرة العشق الحسيني للجاليات الأفريقية في العراق شاركت فيها سبع وعشرون دولة وغالبية المشاركين كانوا من طلبة العلوم الدينية".
وأضاف الشمري، إن "جموعاً من الأفارقة من طلبة الحوزة العلمية المقيمين في العراق وخصوصاً في محافظتي النجف الأشرف وكربلاء المقدسة، شاركوا في المسيرة"، مشيراً إلى أن المسيرة انطلقت من منطقة "ساحة الميدان" لمرقد أمير المؤمنين عليه السلام حيث قدّم المعزّون تعازيهم للمولى عليه السلام بهذه الذكرى الأليمة ورفعوا القرآن الكريم رداً على الإساءات التي حدثت في السويد على حُرمة كتاب الله العزيز حاملين ومرددين الشعارات الحسينية وأعلام دولهم وردّدوا الهتافات الحسينية، وأُقيم في حرم أمير المؤمنين عليه السلام مجلس عزاء حسيني حيث أُلقيت قصائد حسينية من مبلّغي مركز الدراسات الأفريقية".
*شيعة آل البيت (ع) من الأفارقة وازدهار المذهب بينهم
وفقا للتقارير التي نشرها "مجمع شباب أهل البيت" ـ إحدى وسائل الإعلام الشيعية ـ وصل تعداد الشيعة في السنغال إلى 500 ألف من إجمالي 12 مليون نسمة، وقد تضاعف في السنوات الأخيرة. وفي غينيا، أُنشئ مركز شيعي تحت اسم "مجمع شباب أهل البيت" ليكون شاهدا على الإقبال المتزايد على المذهب الشيعي في المنطقة، وذلك حسب محمود عبد الله إبراهيم زعيم شيعة جزر القمر".
وقد أنشأ الشيعة عدة مدارس في بعض البلدان الأفريقية منها جمهورية غانا وسيراليون ونيجيريا، حيث يُقدر عدد الشيعة بحوالي عشرة ملايين، إلى جانب السنغال وغينيا وتنزانيا، مع إنشاء مركز كبير لتدريس التعاليم الشيعية في مدينة أروشا. وينتشر التشيّع في كينيا وجزر القمر والسودان من خلال نفس الاستراتيجية القائمة على التعليم وطرق التدريس.
أما في النيجر، فقد أُقيمت حوزة علمية تحت راية مدرسة خاصة في العاصمة نيامي سنة 1995، وتم تخصيص "مدرسة الرسول الأكرم" لاستيعاب الطلاب المنقطعين عن التعليم التقليدي بسبب الفقر وبُعد المرافق في كثير من الأحيان خاصة أن القطاع العام يعاني من أوجه قصور لتؤثر على قدرته على استيعاب الطلاب.
لم يكن للتشيع وجود في نيجيريا حتى عام 1980، حيث بدأ النيجيري إبراهيم زاكزاكي (زعيم شيعة نيجيريا) باعتناق المذهب الشيعي، وبدأ بنشره داخل البلاد من خلال قراءة الترجمات الإنجليزية للكتب الشيعية، الأمر الذي دفع المراقبين إلى القول: إن زاكزاكي قد يكون "حسن نصر الله الأفريقي".
وتمكنت الطائفة الشيعية في النيجر منذ سنة 2010 من فتح عدة مدارس ابتدائية في العاصمة وفي مناطق معينة، وكذلك جامعة إسلامية في نيامي تسمى "جامعة المصطفى الدولية" طلابها من حاملي المنح الدراسية ويستفيدون من نظام الإقامة مع الطعام المجاني، وهي معروفة باستقطاب ألمع الطلاب في إفريقيا.
الإعلام، يُعد من الطرق المستخدمة لنشر المذهب الشيعي في إفريقيا باعتباره الأكثر قدرة على توجيه الرأي العام والتأثير عليه. وقد نجحت الديناميكية الشيعية في النيجر في اختراق وسائل الإعلام المعروفة، لاسيما التلفزيون العام والمحطات الإذاعية، بعد إدخال الموظفين المدربين في الحوزة العلمية في نيامي أو المتدربين في المدارس الشيعية في غانا، الذين تتمثل مهامهم في إصدار الفتاوى للجماهير وإيعاظهم بحسب أحكام العقيدة أو المذهب الشيعي.
تحظى نيجيريا بأهمية خاصة في القارة الأفريقية لعدّة أسباب بينها موقعها الجغرافي الاستراتيجي على المحيط الأطلسي وخليج غينيا، وكثافتها السكّانية العالية، حيث يصل مجموع السكّان فيها إلى حدود 170 مليون نسمة، وهي ثالث أكبر دولة من حيث عدد المسلمين في العالم.
وبسبب التدخلات السعودية والإسرائيلية، تعرضت الحركة الإسلامية في نيجيريا لمضايقات كثيرة، ووصل الأمر إلى إطلاق النار من قبل الجيش النيجيري على أنصار هذه الحركة خلال إقامة مراسم عزاء أربعينية الإمام الحسين "عليه السلام" في تشرين الثاني/ نوفمبر من عام 2016 بمدينة "كانو"، ما أدى إلى استشهاد مئة منهم على الأقل وجرح عدد كبير برصاص الجيش والشرطة.
كما تعرض منزل الشيخ الزكزاكي وحسينيته إلى هجوم من قبل الجيش النيجيري أثناء إحياء مراسم ولادة الرسول الأكرم (ص) في كانون الأول/ ديسمبر عام 2015 ما أدى إلى إصابته بجروح خطيرة واعتقاله واستشهاد عدد من أتباعه بينهم الكثير من النساء والأطفال.
وأطلقت إيران 2016، أكبر مشروع لنشر التشيّع في ثلاثين دولة أفريقية، تحت عنوان "الدعوة والترويج ونشر التشيّع"، والتعريف بالإمام المهدي، ورسالة المهدي في الدول الأفريقية.
*تاريخ انتشار المذهب الشيعي في أفريقيا
وبحسب ما دونه المؤرخون عن هذا التاريخ المهم للوجود الشيعي في أفريقيا، فقد أصبح "يوصف بأنه تاريخ عظيم ورائع يمتد من مطلع القرن التاسع عشر وحتى يومنا هذا".
وأشار المؤرخون إلى أن "الإسلام الشيعي قد وصل أفريقيا لأول مرة مع مجتمع الخوجة التجاري، وهي طائفة من الهند تحوّلت من الهندوسية إلى الإسلام، حيث بدأَ الخوجة في الاستقرار في شرق إفريقيا في القرن التاسع عشر بسبب الجفاف والمجاعات والاضطهاد الديني في وطنهم".
وأوضحوا أيضاً بأن "الحاج علي ناثو الرئيس القديم لمجتمع الخوجة الشيعي في زنجبار، وهي أرخبيل في المحيط الهندي قبالة سواحل تنزانيا، قد طلب من الحكومة الاستعمارية البريطانية أن يكون اليوم العاشر من المحرّم، عطلة رسمية وتم منح هذا في عام 1920".
وتابعوا بأنّ "الوجود الشيعي في المنطقة أصبح على نطاق واسع بمرور السنين، وأضحت مواكب عاشوراء وإحياء ذكرى استشهاد الإمام الحسين (عليه السلام) تقليداً مُتّبعاً يُقام كل عام تعظيماً للشعائر الحسينية".
ويلفت المؤرخون إلى، أن "الأفارقة تأثروا كثيراً بمبادئ وثقافة المذهب الشيعي، حتى اعتنقه الآلاف منهم وصارت لهم هم أيضاً مواكبهم الحسينية ومراسيمهم الخاصة لإحياء شعائر الإمام سيد الشهداء (عليه السلام)".