مع قدوم شهر محرم الحرام.. آل خليفة يواصلون انتهاك حقوق الأغلبية الشيعية في البحرين
انفوبلس..
بسبب هتاف "الموت لإسرائيل.. الموت لأمريكا" استدعت السلطات البحرينية خطيبا في مأتم السنابس الحسيني وهددته باتخاذ إجراءات قانونية ضده بسبب الهتاف الصادر من الجالسين في المأتم، وسبق ذلك فرض السلطات تصريحا أمنيا على المواطنين قبل السفر إلى العراق، لتستمر بذلك عمليات التضييق المستمرة لآل خليفة ضد الأغلبية الشيعية في البحرين.
المعارضة البحرينية
ويوم أمس، أعلنت جمعية الوفاق الوطني الإسلامية البحرينية الشيعية المعارضة، قيام السلطات الأمنية باستدعاء رئيس مأتم السنابس وتهديده باتخاذ إجراءات بسبب هتاف المعزين ضد الاحتلال الإسرائيلي وداعميه.
ونشرت الجمعية على صفحتها الرسمية على منصة إكس فيديو يظهر قيام عدد من البحرينيين بالهتاف "الموت لأمريكا الموت لإسرائيل".
وفي 19 كانون الثاني/ يناير الماضي، اعتبرت جمعية الوفاق، أنّ ما أقدمت عليه حكومة المنامة، بانضمامها لتحالف من أجل حماية مصالح الاحتلال الإسرائيلي في البحر الأحمر "مغامرة متهورة غير محسوبة العواقب".
وأضافت في بيان لهان إنّ "الانخراط في هذا التحالف يجعلها شريكة بشكلٍ مباشر في دماء الفلسطينيين الغزيرة التي تُسفك كل يوم".
كما اعتبرت أن هذا القرار "الفاقد للمشروعية الشعبية والقانونية والوطنية بشكلٍ تام"، يُدخلها في خانة "أعداء القضية المركزية للأمة"، وبالتالي يجعلها في "حالة حرب" مع كل الأمة العربية والإسلامية، داعيةً الحكومة للانسحاب الفوري منه.
وأكّد البيان، أنّ شعب البحرين يقف في مواجهة مباشرة مع كل من يساهم في "الحرب المجنونة والوحشية على غزّة"، وكل ما هو ضد إقامة الدولة الفلسطينية على كامل الأراضي الفلسطينية وعاصمتها القدس الشريف.
وفي 16 أيلول/ سبتمبر 2020 وقَّعت البحرين والإمارات اتفاقية التطبيع مع الاحتلال الإسرائيلي في البيت الأبيض برعاية الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، رغم الرفض والإدانة الواسعة من الجانب الفلسطيني.
وفي 17 تموز/ يوليو 2016 أصدرت محكمة بحرينية قرارا بحل جمعية الوفاق الوطني الإسلامية وتصفية أموالها لصالح خزينة الدولة، وذلك بموجب الدعوى التي رفعتها بحقها وزارة العدل والشؤون الإسلامية في 14 حزيران/ يونيو 2016، واتهمتها فيها بأنها "تستهدف مبدأ احترام حكم القانون"، وتوفر "بيئة حاضنة للإرهاب والتطرف والعنف".
وتأسست الجمعية رسميا عام 2001 بعد إصدار ملك البحرين حمد بن عيسى آل خليفة عفوا عاما، تبعته عودة قياديي الجمعية من المنفى بلندن، وتحول الوفاق إلى أكبر جمعية سياسية من حيث عدد الأعضاء في البحرين.
تصريح سفر
وفي حزيران/ يونيو الماضي، وبعد عودة الرحلات الجوية بين المنامة وبغداد مؤخرا عقب 4 سنوات من التوقف بسبب جائحة فيروس كورونا، اشتكى مواطنون بحرينيون من أن السلطات اشترطت عليهم الحصول على تصريح أمني مسبق قبل السماح لهم بالسفر للعراق.
وسادت حالة من الجدل في البحرين بسبب "فرض السلطات تصريحا أمنيا قبل السفر للعراق"، وهو قرار لم تعلنه السلطات البحرينية بشكل رسمي، لكن عددا من المواطنين أكدوا عدم السماح لهم بمغادرة مطار البحرين دون الحصول على "التصريح الأمني".
بالنظر إلى "تحذيرات السفر" الصادرة عن وزارة الخارجية البحرينية، وهي لائحة تشمل دولا عدة تبدأ بأوكرانيا وتنتهي عند ليبيا، لم يكن العراق ضمن تلك القائمة.
ولم يرد مركز الاتصال الحكومي في البحرين على أسئلة وسائل الإعلام الموجهة عبر البريد الإلكتروني لتأكيد ما إذا كانت السلطات قد فرضت تصريحات أمنيا على مواطنيها للسفر للعراق من عدمه.
وأكدت مصادر بحرينية وجود مثل هذا الإجراء بالفعل، وهي خطوة كانت الحكومة السعودية اتخذتها على مواطنيها خلال وقت سابق.
وقمعت البحرين، بدعم من قوة عسكرية من السعودية المجاورة، احتجاجات عام 2011 التي طالبت بملكية دستورية ورئيس وزراء منتخب، وواجهت انتقادات أميركية في ذلك الوقت، وفرض الرئيس حينها باراك أوباما حظرا على بيعها الأسلحة لمدة أربع سنوات، لكن خلفه دونالد ترامب أعاد زخم العلاقات مع المنامة التي أقامت علاقات مع الكيان الإسرائيلي بوساطة من واشنطن.
في الأول من حزيران/ يونيو الماضي، استأنفت شركة "طيران الخليج"، الناقل الوطني لمملكة البحرين، رحلاتها من المنامة إلى بغداد والنجف الأشرف.
ويرى منتقدون أن هذا القرار "غير قانوني"، على اعتبار أن حرية التنقل والسفر حق للمواطنين، معتبرين أن هذه الخطوة "طائفية" لأن كثيرا من البحرينيين الشيعة يقصدون العراق بهدف زيارة المواقع المقدسة.
وقال سيد طاهر الموسوي، القيادي في جمعية الوفاق الإسلامية المعارضة التي حلتها السلطة، إنه "لا يوجد سند قانوني أو دستوري ولا مبرر أمني أو صحي لفرض تصريح أمني على السفر للعراق".
واعتبر الموسوي في تدوينة عبر منصة "أكس" للتواصل الاجتماعي، أن مبرر هذا الإجراء هو "الطائفية"، واصفا ذلك بـ "أم المشكلات".
وفي وقت سابق، ذكرت جمعية الوفاق، التي كانت جزءا من البرلمان البحريني في دورتين متتاليتين قبل استقالة كتلتها بشكل جماعي عام 2011، أن "هذه الخطوة البوليسية تعكس الرغبة في مراقبة الحريات الفردية ووضع العراقيل أمام وجهة دينية بحتة".
ومنذ 2011، تكثفت محاكمات المعارضين وسُجن مئات المنشقين وتم تجريدهم من جنسياتهم. كما تمّ حل الحركة الرئيسية للمعارضة الشيعية "الوفاق"، وكذلك جماعة المعارضة الليبرالية "وعد".
"هيومن رايتس ووتش" تشخّص التمييز
في تموز/ يوليو من العام الماضي، قالت "هيومن رايتس ووتش" إن السلطات البحرينية منعت المصلين الشيعة من أداء صلاة الجمعة، في أكبر مسجد شيعي في البحرين، يومَي جمعة في يونيو/حزيران من عام 2023.
ويقع "جامع الإمام الصادق عليه السلام" في منطقة الدراز، وهو الموقع الرئيسي لصلاة الجمعة لدى الشيعة في البحرين.
جاءت القيود على الوصول إلى المسجد بعد أن احتجزت السلطات البحرينية لفترة وجيزة رجل الدين الشيعي البارز الشيخ محمد صنقور، الذي غالبا ما كان يلقي خطبا في جامع الإمام الصادق، وكذلك إعدام شيعيَّيْن بحرينيَّيْن من قبل السعودية، الذي أثار احتجاجات في البحرين.
وقبل أيام قليلة من اعتقاله، دعا الشيخ صنقور، السلطات البحرينية، إلى إعلام عائلات المحتجزين في سجن جو البحريني بحال أبنائهم، قائلا إن العائلات كانت قد سمعت مؤخرا عن تعرض المحتجزين هناك للانتهاكات.
في حين استمر التواجد الكبير للشرطة في الدراز ومحيطها وحول جامع الإمام الصادق يوم الجمعة 23 يونيو/حزيران 2023، فقد خُفّفت القيود على الحي منذئذ.
كما قالت نيكو جعفرنيا، باحثة البحرين واليمن في هيومن رايتس ووتش: "لطالما ميّزت السلطات البحرينية ضد الأغلبية الشيعية في البلاد. مؤخرا، منعت السلطات المصلّين من أداء صلاة الجمعة. ينبغي ألا يُمنع أحد من ممارسة عقيدته".
ومارست الحكومة البحرينية التمييز ضد الأغلبية الشيعية لسنوات، بسُبلٍ شملت استهداف رجال الدين الشيعة واعتقال ومحاكمة الحقوقيين من خلفيات شيعية، بمن فيهم عبد الهادي الخواجة في العام 2011. في العام 2016، أعربت مجموعة خبراء من الأمم المتحدة عن قلقها من أن الشيعة "يُستهدفون بشكل واضح على أساس دينهم".
تحدثت هيومن رايتس ووتش إلى ستة أشخاص بشأن الوضع في منطقة الدراز في يونيو/ حزيران، بينهم أربعة أشخاص من الطائفة الشيعية منعتهم السلطات عند نقاط التفتيش عند محاولتهم الوصول إلى المسجد لحضور صلاة الجمعة، وممثلين عن المجتمع المدني في البحرين، وذلك بعد الأحداث.
في 22 مايو/ أيار 2023، اعتقلت السلطات البحرينية الشيخ صنقور بعد أن دعا السلطات إلى "تطمين الناس وذوي السجناء على أبنائهم". أدلى الشيخ صنقور بهذه التصريحات ردا على التقارير الأخيرة عن إساءة معاملة محتجزين في سجن جو. بعد الاحتجاجات، أفرجت السلطات عن الشيخ صنقور في 25 مايو/ أيار 2023، لكنّ أشخاصا تمت مقابلتهم قالوا إنه لم يعُد إلى المسجد منذ ذلك الحين.
في 29 مايو/ أيار 2023، أعدمت السعودية شيعيَّيْن بحرينيَّيْن، ما أثار احتجاج أعضاء من الطائفة الشيعية في البحرين.
قال أشخاص تمت مقابلتهم لـ هيومن رايتس ووتش، إن السلطات البحرينية أقامت نقاط تفتيش في منطقة الدراز ومحيطها ابتداءً من الجمعة 2 يونيو/ حزيران 2023.
شُدِّدت القيود في يومي الجمعة التاليين في 9 و16 يونيو/ حزيران. وصفت المصادر التي تحدثت إلى هيومن رايتس ووتش نقاط التفتيش عند كل نقطة دخول إلى منطقة الدراز في هذين التاريخين، في نقاط شملت دوار سار، ودوار الدراز، وشارع النخيل. أفاد من تمت مقابلتهم أن الشرطة البحرينية – بما فيها شرطة مكافحة الشغب وشرطة المرور – كانت موجودة عند نقاط التفتيش.
بحسب الذين تحدثوا إلى هيومن رايتس ووتش، دققت السلطات في وثائق هوية الذين يحاولون المرور عبر نقاط التفتيش إلى منطقة الدراز. قال أشخاص تمت مقابلتهم لـ هيومن رايتس ووتش، إن الشرطة استمرت في السماح لغير البحرينيين وسكان الدراز والأحياء المجاورة بدخول المنطقة.
يخدم جامع الإمام الصادق جزءا كبيرا من الطائفة الشيعية في البحرين، الذين يعيش معظمهم خارج منطقة الدراز. أوضح الأشخاص الذين تمت مقابلتهم أن البحرينيين السُنة عادةً ما يحضرون صلاة الجمعة في "مسجد الفاتح" في المنامة، عاصمة البحرين.
قال أحد الأشخاص الذين تمت مقابلتهم، والذي مُنع من دخول منطقة الدراز في 16 يونيو/ حزيران للمشاركة في الصلاة: "جامع الإمام الصادق هو المسجد الرئيسي للطائفة الشيعية [في البحرين] والموقع الرئيسي لأداء صلاة الجمعة. إنه المكان الذي يناقش فيه الشيعة معاناتهم، واحتياجاتهم، ومخاوفهم، وقضاياهم الاجتماعية والاقتصادية، والمشاكل في الحكومة، والقمع".
قال شخص آخر: "أذهب للصلاة في الدراز منذ 30 إلى 40 سنة، كل أسبوع". في 9 يونيو/ حزيران، كان هذا الشخص في طريقه لأداء الصلاة في المسجد لكن الشرطة البحرينية أوقفته عند نقطة تفتيش وعاد أدراجه.
كذلك قال شخص آخر، كان يريد أيضا المشاركة في الصلاة لكنه مُنع من دخول الدراز في 16 يونيو/ حزيران: "رأيتُ عمالا مهاجرين على الدراجات سُمح لهم بالدخول دون سؤال. أي شخص لم يبدُ أنه شيعي كان يُسمح له بالدخول".
يُظهر فيديو على "تويتر" أجانب يركبون دراجات وهم يقطعون نقاط التفتيش دون توقف، على عكس مقاطع الفيديو والصور المنشورة في 9 و16 يونيو/ حزيران والتي تُظهر السلطات وهي تمنع البحرينيين الشيعة من دخول المنطقة.
لم يكن إغلاق الطريق إلى جامع الإمام الصادق في 9 و16 يونيو/ حزيران المرة الأولى التي تقيّد فيها السلطات البحرينية الوصول إليه، فقد منعت السلطات الوصول إلى المسجد، وكذلك المنطقة بأكملها في العام 2016، إثر احتجاجات حاشدة بعد أن سحبت السلطات الجنسية البحرينية من رجل الدين الشيعي البارز آية الله الشيخ عيسى أحمد قاسم. قال الأشخاص الذين تمت مقابلتهم لـ هيومن رايتس ووتش إنهم تضايقوا خصوصا من القيود الأخيرة المفروضة على الدراز والمسجد، لأن السلطات البحرينية فرضت مؤخرا، في العام 2022، مجموعة أخرى من القيود طويلة الأمد على الوصول إلى المسجد.
يحمي دستور البحرين حرية العقيدة ويضمن حرية أداء الشعائر الدينية بموجب المادة 22. تحمي المادتان 18 و21 من "العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية"، الذي صادقت عليه البحرين، حقوق الأفراد في حرية الدين، وحرية ممارسة الشعائر الدينية، والتجمع، وحرية التعبير.
قالت جعفرنيا: "منع السلطات البحرينية مؤخرا المصلين الشيعة من المشاركة في صلاة الجمعة هو تذكير آخر بالتمييز الذي لطالما عانى منه الشيعة. على السلطات البحرينية إنهاء جميع أشكال التمييز ضد الطائفة الشيعية فورا".