معركة الديموغرافية.. مخطط تهجير أهل غزة بين الرفض العربي والضغوط الأمريكية: الأردن ومصر والسعودية في مواجهة تحدي ترامب

انفوبلس/..
في ظل الانتهاكات المستمرة من الجانب الإسرائيلي على غزة، عاد الحديث مجدداً عن مخطط تهجير الفلسطينيين، هذه المرة باتجاه مصر والأردن، وسط تحذيرات من كارثة إنسانية وأبعاد سياسية خطيرة قد تغير معادلة الصراع في المنطقة.
ومع تزايد الضغوط الإسرائيلية والغربية، برز موقف عربي صريح برفض أي مخطط يهدف إلى تفريغ القطاع من سكانه، حيث أكدت كل من الأردن ومصر والسعودية بشكل واضح وحاسم رفضها المطلق لأي مشاريع تهجير قسري للفلسطينيين، معتبرة ذلك انتهاكا للقانون الدولي وتهديدا للاستقرار الإقليمي.
*الموقف الأردني
الموقف الأردني جاء في تصريحات الملك عبد الله الثاني، الذي حذر من أن “أي محاولات لتهجير الفلسطينيين إلى الأردن هي خط أحمر”، مشددًا على أن الأردن لن يسمح بأن يكون طرفًا في أي سيناريو يستهدف تصفية القضية الفلسطينية أو تغيير التركيبة الديموغرافية في المنطقة.
وأكد العاهل الأردني، عبدالله الثاني، على ضرورة تحقيق السلام العادل والشامل على أساس حل الدولتين، بما يفضي إلى قيام الدولة الفلسطينية المستقلة على خطوط الرابع من عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، ووقف إجراءات الاستيطان، ورفض أية محاولات لضم الأراضي وتهجير الفلسطينيين في غزة والضفة الغربية، مشددا على ضرورة تثبيت الفلسطينيين على أرضهم.
وجاء ذلك خلال استقباله رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس في قصر الحسينية في عمان والذي جدد فيه ملك الأردن على وقوف بلاده الكامل مع الفلسطينيين لنيل حقوقهم المشروعة من خلال التنسيق الوثيق مع الدول الصديقة في كيفية التعامل مع قضايا المنطقة والتوصل إلى تهدئة شاملة في الإقليم.
كما جدد الملك الأردني التأكيد على ضرورة استدامة وقف إطلاق النار في قطاع غزة، وتكثيف الجهود الدولية لمضاعفة المساعدات الإنسانية وضمان وصولها لجميع مناطق القطاع مطالبا المجتمع الدولي بدور أكثر فعالية لوقف التصعيد في الضفة الغربية والاعتداءات على المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس.
بدوره، ثمّن الرئيس عباس، خلال اللقاء، موقف الأردن بقيادة الملك في دعم القضية الفلسطينية وصمود الشعب الفلسطيني على أرضه ونيل حقوقه المشروعة ومساهمته الفاعلة في دعم وقف إطلاق نار مستدام، مشيدا بجهود المملكة المستمرة في تأمين تدفق المساعدات الإنسانية إلى غزة، بما يسهم بتخفيف معاناة الشعب الفلسطيني في ظل الأوضاع الإنسانية الصعبة.
*مصر.. ماذا تقول؟
أما مصر، التي تدرك خطورة المخطط على أمنها القومي، فقد أكدت قيادتها رفض أي محاولات لفرض واقع جديد في غزة، حيث شددت وزارة الخارجية على أن “الحدود المصرية محمية ولن يُسمح بتهجير الفلسطينيين إليها”، مشيرا إلى أن ذلك سيحول القطاع إلى بؤرة صراع دائمة ويقضي على حلم الدولة الفلسطينية.
وأعلنت مصر في بيان، الإثنين قبل الماضي، رفضها التام لأية تصريحات تستهدف تهجير الشعب الفلسطيني.
وقالت الخارجية المصرية في بيان: "مصر تعرب عن استيائها من تصريحات رئيس الوزراء الإسرائيلي التي تتضمن ادعاءات وتشكيكا مغرضا ومرفوضا يتنافى مع جهود القاهرة منذ بدء العدوان على غزة".
وشدد البيان على أن مصر "تعلن عن رفضها التام لأية تصريحات تستهدف تهجير الشعب الفلسطيني".
وأضاف، أن مصر "تعرب عن تضامنها مع أبناء قطاع غزة الذين يتمسكون بأرضهم رغم كل ما يتعرضون له".
وأشار البيان إلى موقف مصر "الثابت من القضية الفلسطينية وحل الدولتين"، والتأكيد على التزام القاهرة "بتقديم المساعدات الإنسانية للفلسطينيين".
*تحرك مصري
قالت مصر، الجمعة الماضية، إنها تكثف اتصالاتها مع الدول العربية ومنها الأردن والسعودية والإمارات لتأكيد الرفض في المنطقة لتهجير الفلسطينيين، بعد أن قال الرئيس الأميركي دونالد ترامب إن عليهم الرحيل من غزة.
وذكر بيان لوزارة الخارجية، أن الوزير بدر عبد العاطي على اتصال بنظرائه من 11 دولة. وأضاف، أن "التأكيد على ثوابت الموقف العربي إزاء القضية الفلسطينية الرافض لأي إجراءات تستهدف تهجير الشعب الفلسطيني من أرضه، أو تشجيع نقلهم إلى دول أخرى خارج الأراضي الفلسطينية".
وأكد بيان الخارجية المصرية، "ضرورة السعي نحو التوصل لحل سياسي دائم وعادل للقضية الفلسطينية من خلال المسار العملي الوحيد، والذي يتمثل في إقامة دولة فلسطينية مستقلة على خطوط الرابع من يونيو/حزيران 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، وفقا لمقررات الشرعية الدولية".
واعتبر، أن مقترحات تهجير الفلسطينيين "انتهاك صارخ للقانون الدولي، وتعد على الحقوق الفلسطينية، وهي تهدد الأمن والاستقرار في المنطقة وتقوّض فرص السلام والتعايش بين شعوبها".
وعُقد في القاهرة في بداية الشهر الجاري اجتماع بدعوة من مصر على مستوى وزراء الخارجية شاركت فيه كل من الأردن، والإمارات والسعودية، وقطر، بالإضافة إلى أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية عن دولة فلسطين وأمين عام جامعة الدول العربية.
وأعلن المجتمعون عن رفضهم تهجير أو تشجيع نقل أو اقتلاع الفلسطينيين من أرضهم بأي صورة من الصور أو تحت أي ظروف ومبررات، بما يهدد الاستقرار وينذر بمزيد من امتداد الصراع إلى المنطقة.
*ماذا عن السعودية؟
من جهتها، أكدت السعودية في أكثر من مناسبة دعمها لحقوق الشعب الفلسطيني ورفضها القاطع لأي تهجير، حيث اعتبرت الخارجية السعودية أن الحل يكمن في إنهاء الاحتلال الإسرائيلي وليس في ترحيل السكان الأصليين من أراضيهم.
وأكدت السعودية دعمها "الثابت" لقيام دولة فلسطينية، بعد تصريحات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن السيطرة على غزة، خلال مؤتمر صحفي، مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في البيت الأبيض.
وشددت وزارة الخارجية السعودية، في بيان عبر منصة إكس (تويتر سابقا)، على أن موقف بلادها من قيام الدولة الفلسطينية "راسخ وثابت ولا يتزعزع، وليس محل تفاوض أو مزايدات".
وأضافت، أن ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان "أكد هذا الموقف بشكل واضح وصريح لا يحتمل التأويل بأي حال من الأحوال خلال الخطاب الذي ألقاه في افتتاح أعمال السنة الأولى من الدورة التاسعة لمجلس الشورى في 18 سبتمبر/ أيلول 2024، حيث شدد على أن المملكة العربية السعودية لن تتوقف عن عملها الدؤوب في سبيل قيام دولة فلسطينية مستقلة وعاصمتها القدس الشرقية وأن المملكة لن تقيم علاقات دبلوماسية مع إسرائيل دون ذلك".
وتابعت، أن ولي العهد "أبدى هذا الموقف خلال القمة العربية الإسلامية غير العادية المنعقدة في الرياض في نوفمبر، تشرين الثاني 2024 حيث أكد على مواصلة الجهود لإقامة الدولة الفلسطينية على حدود 1967 وعاصمتها القدس الشرقية والمطالبة بإنهاء الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية، وحث المزيد من الدول المحبة للسلام للاعتراف بدولة فلسطين وأهمية حشد المجتمع الدولي لدعم حقوق الشعب الفلسطيني الذي عبرت عنه قرارات الجمعية العامة للأمم المتحدة باعتبار فلسطين مؤهلة للعضوية الكاملة للأمم المتحدة".
ووفقا للبيان، تؤكد السعودية أن "هذا الموقف الثابت ليس محل تفاوض أو مزايدات، وأن السلام الدائم والعادل لا يمكن تحقيقه دون حصول الشعب الفلسطيني على حقوقه المشروعة وفقًا لقرارات الشرعية الدولية، وهذا ما سبق إيضاحه للإدارة الأمريكية السابقة والإدارة الحالية".
كما تشدد السعودية على ما سبق أن أعلنته من "رفضها القاطع المساس بحقوق الشعب الفلسطيني المشروعة سواء من خلال سياسات الاستيطان الإسرائيلي، أو ضم الأراضي الفلسطينية، أو السعي لتهجير الشعب الفلسطيني من أرضه، وإن واجب المجتمع الدولي اليوم هو العمل على رفع المعاناة الإنسانية القاسية التي يرزح تحت وطأتها الشعب الفلسطيني الذي سيظل متمسكًا بأرضه ولن يتزحزح عنها".
بعد ذلك، أصدرت الرياض بيانا آخر أكدت فيه رفضها القاطع لتصريحات رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، معتبره أنها تستهدف صرف النظر عن الجرائم التي ترتكبها إسرائيل تجاه الفلسطينيين في غزة.
ونقلت وكالة الأنباء السعودية "واس" عن وزارة الخارجية بيانا جاء فيه: "تثمّن المملكة العربية السعودية ما أعلنته الدول الشقيقة من شجب واستهجان ورفض تام حيال ما صرح به بنيامين نتنياهو بشأن تهجير الشعب الفلسطيني من أرضه، كما تثمن المملكة هذه المواقف التي تؤكد على مركزية القضية الفلسطينية لدى الدول العربية والإسلامية".
وأضاف: "تؤكد المملكة رفضها القاطع لمثل هذه التصريحات التي تستهدف صرف النظر عن الجرائم المتتالية التي يرتكبها الاحتلال الإسرائيلي تجاه الأشقاء الفلسطينيين في غزة، بما في ذلك ما يتعرضون له من تطهير عرقي".
وأوضح: "تشير المملكة إلى أن هذه العقلية المتطرفة المحتلة لا تستوعب ما تعنيه الأرض الفلسطينية لشعب فلسطين الشقيق وارتباطه الوجداني والتاريخي والقانوني بهذه الأرض، ولا تنظر إلى أن الشعب الفلسطيني يستحق الحياة أساساً؛ فقد دمرت قطاع غزة بالكامل، وقتلت وأصابت ما يزيد على (160) ألف أكثرهم من الأطفال والنساء، دون أدنى شعور إنساني أو مسؤولية أخلاقية".
وتابع: "تؤكد أن الشعب الفلسطيني الشقيق صاحب حق في أرضه، وليسوا دخلاء عليها أو مهاجرين إليها يمكن طردهم متى شاء الاحتلال الإسرائيلي الغاشم".
وجاء في البيان: "تُشير إلى أن أصحاب هذه الأفكار المتطرفة هم الذين منعوا قبول إسرائيل للسلام، من خلال رفض التعايش السلمي، ورفض مبادرات السلام التي تبنتها الدول العربية، وممارسة الظلم بشكل ممنهج تجاه الشعب الفلسطيني لمدة تزيد على (75) عاماً، غير آبهين بالحق والعدل والقانون والقيم الراسخة في ميثاق الأمم المتحدة ومن ذلك حق الإنسان في العيش بكرامة على أرضه".
وذكر: "تؤكد المملكة أن حق الشعب الفلسطيني الشقيق سيبقى راسخاً، ولن يستطيع أحد سلبه منه مهما طال الزمن، وأن السلام الدائم لن يتحقق إلا بالعودة إلى منطق العقل، والقبول بمبدأ التعايش السلمي من خلال حل الدولتين".
*تهديد ترامب
في المقابل، يواجه هذا الرفض العربي ضغوطا امريكية، حيث هدد الرئيس الامريكي دونالد ترامب بقطع المعونات عن الدول التي ترفض استقبال الفلسطينيين المهجّرين، في خطوة تعكس رؤية أميركية منحازة لمخططات الاحتلال. فترامب، الذي يتبنى سياسات أكثر تشددًا تجاه القضية الفلسطينية، يسعى إلى فرض “صفقة الأمر الواقع” بدلاً من “صفقة القرن”، عبر ترهيب الدول العربية ودفعها لقبول حل على حساب الفلسطينيين.
ولوّح الرئيس الامريكي دونالد ترامب، بإمكانية وقف المساعدات لمصر والأردن إذا لم يستقبلا اللاجئين الفلسطينيين بموجب خطته لتهجير سكان قطاع غزة.
وقال ترامب في تصريحات للصحفيين من البيت الأبيض: "ربما أوقف المساعدات للأردن ومصر إذا لم يستقبلا اللاجئين".
وكان ترامب طرح خطته بشأن قطاع غزة، التي تشمل تهجير سكانه إلى مصر والأردن قبل إعادة إعماره، و"امتلاكه" من جانب الولايات المتحدة.
وقال ترامب في مقتطفات من مقابلة مع قناة "فوكس نيوز"، إن الفلسطينيين لن يكون لهم حق العودة إلى غزة.
وأثارت خطة ترامب استنكارا عالميا، إذ قال زعماء إقليميون وعالميون إن مثل هذه الخطوة من شأنها أن تهدد الاستقرار الإقليمي.
وأبلغ وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي نظيره الأميركي ماركو روبيو في واشنطن، بتأييد الدول العربية للفلسطينيين في رفضهم خطة ترامب لتهجيرهم من غزة والسيطرة على القطاع.