مقتل ياسر أبو شباب يثير ارتباكاً داخل صفوف العملاء ويكشف صراعات نفوذ حادة

انفوبلس.. 

أعاد مقتل ياسر أبو شباب، قائد المليشيا المدعومة من الكيان الإسرائيلي في قطاع غزة، فتح ملف الجماعات المتعاونة أمنياً مع الاحتلال، مع تباين الروايات حول الجهة التي تقف خلف تصفيته.

فقد أثار خبر اغتياله صدمة واسعة في الإعلام العبري، بينما اعتبره ناشطون تطورًا يعكس هشاشة هذه المليشيات وتزايد الاختراقات داخل صفوفها، في وقت تتعاظم فيه عمليات المقاومة جنوب القطاع.

تضارب الروايات

أحدث إعلان إذاعة جيش الكيان الإسرائيلي مقتل ياسر أبو شباب على يد مجهولين تفاعلًا واسعًا على منصات التواصل الاجتماعي، خصوصًا أن الأجهزة الأمنية في الكيان رجّحت أن مقتله جاء على يد أحد عناصره.

ووصفت مصادر في الإذاعة الحادث بأنه "تطور سيئ للكيان الإسرائيلي"، بالنظر إلى الدور العملياتي الذي كانت تلعبه المليشيا داخل رفح.

وتحدث مغردون عن صدمة واضحة في وسائل الإعلام العبرية، إذ جاء نبأ مقتله بعد أيام من نشر مجموعته مقاطع توثق اعتقال مقاومين وتعذيبهم، وسط تكهنات بأن العملية جاءت كرد مباشر على تلك الانتهاكات.

ورغم تبني الإعلام العبري رواية "خلاف عائلي"، فإن نشطاء فلسطينيين تداولوا رواية مختلفة تقول إن المقاومة تمكنت من استهدافه في كمين داخل عمق رفح، في منطقة يفترض أنها محمية بالكامل ضمن "الخط الأصفر" حيث تنتشر قوات الاحتلال بكثافة.

لغز غسان الدهيني 

أشارت منشورات عديدة إلى أن نائب أبو شباب، غسان الدهيني، كان برفقته أثناء وقوع الكمين، بينما ما زال مصيره مجهولًا. ويرى مراقبون أن غياب المعلومات حوله يزيد من حالة الارتباك داخل المليشيات الأخرى المتعاونة مع الاحتلال، التي باتت تستشعر هشاشة الغطاء الأمني الذي كانت توفره لها القوات الإسرائيلية.

ووفق تعليقات كثيرة، فإن ما حدث سيترك مخاوف عميقة في صفوف تلك الجماعات، وقد يهزّ قدرتها على التحرك ميدانيًا، خصوصًا بعد فشل الاحتلال في حماية أبرز شخصية اعتمد عليها في رفح خلال العام الأخير.

تفاصيل الاغتيال وفق المصادر الإسرائيلية

وأكدت إذاعة جيش الكيان الإسرائيلي أن أبو شباب قُتل على يد مجهولين، مرجحة أن أحد عناصره يقف خلف العملية، ونقلت القناة 12 عن مسؤول أمني أن أبو شباب نُقل إلى مستشفى سوروكا، حيث توفي متأثرًا بجراحه التي نتجت عن "خلاف داخلي" بحسب الرواية الإسرائيلية.

كما أفادت مصادر أخرى بأن المعلومات المتداولة ما تزال متضاربة، غير أن المؤكد أن قائد ما يسمى بـ"القوات الشعبية" قد اغتيل، وفق رواية متعددة المصادر داخل الإعلام العبري.

وذكرت الإذاعة أن حركة حماس كانت تمتلك كمًا مهمًا من المعلومات الاستخباراتية حول تحركاته، وهو ما يعزز فرضية تعرضه لعملية منظمة.

تعاونه مع الاحتلال

كان أبو شباب يتحرك داخل مناطق رفح بتنسيق مباشر مع قوات الاحتلال، التي كانت تعتبره ركيزة أساسية لإقامة نموذج إداري بديل عن سلطة حماس، وفق تقديرات إعلامية إسرائيلية.

وينتمي أبو شباب إلى قبيلة الترابين، وقد وُلد عام 1990 في رفح، وكان معتقلًا قبل السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023 بتهم جنائية، قبل أن يُطلق سراحه عقب قصف الاحتلال لمقار الأجهزة الأمنية.

وبعد ظهوره العلني، شكّل قوة خاصة مزعومة تحت غطاء "تأمين المساعدات"، قبل أن تتطور لاحقًا إلى ما يسمى بـ"القوات الشعبية"، التي بلغ عدد عناصرها بين 100 و300 فرد.

وقد وثقت كتائب القسام في مايو/أيار 2025 استهداف قوة من "المستعربين" تبين أنها تضم مجموعة من العملاء الذين يعملون تحت قيادته. وأظهرت التسجيلات عمليات اقتحام واعتداءات نفذتها المجموعة داخل أحياء رفح، إضافة إلى عمليات نهب واسعة للمساعدات الإنسانية.

مواقع انتشار مجموعته وصلاتها بالمستعربين

تمركزت قوة أبو شباب في نقطتين رئيسيتين:

• شرق رفح قرب معبر كرم أبو سالم، حيث كانت تتمتع بحماية مباشرة من قوات الاحتلال.
• غرب رفح قرب نقاط توزيع المساعدات، ضمن الآلية الأميركية – الإسرائيلية لتوزيع الإغاثة.

وتشير تقارير أممية نقلتها صحيفة واشنطن بوست إلى أن المجموعة ضالعة في عمليات نهب ممنهجة للمساعدات الدولية، وهو ما جعل اسم قائدها حاضرًا في العديد من التقارير الحقوقية.

البراءة القبلية وسقوط الغطاء الاجتماعي

على الرغم من محاولات أبو شباب الاستناد إلى انتمائه القبلي للحصول على غطاء اجتماعي، فإن قبيلته أعلنت براءتها منه في بيان علني في مايو/أيار 2025، مؤكدة أن ممارساته لا تمت بصلة إلى القيم المتوارثة لدى القبيلة.

وجاء البيان بعد تأكيدات قدمتها المقاومة حول تورطه في دعم المستعربين وتوفير المعلومات لقوات الاحتلال. وأشار وجهاء القبيلة إلى أن ما قام به يمثل خيانة لا يمكن تبريرها، معلنين "هدر دمه" ما لم يسلم نفسه.

فرضيات الاغتيال الثلاث

تعددت القراءات السياسية والأمنية حول الجهة التي تقف خلف اغتياله، ويمكن تلخيصها في ثلاث فرضيات:

1- المقاومة الفلسطينية

يرى مختصون أن هذه الفرضية هي الأكثر ترجيحًا، خصوصًا أن المجموعة كانت تمثل هدفًا مباشرًا للمقاومة، وتسبب في أذى واسع للسكان المحليين. غير أن المقاومة لم تتبنَّ العملية علنًا حتى اللحظة.

2- مقتل خلال مهام ميدانية

تشير رواية أخرى إلى أن مقتله ربما وقع خلال عملية شاركت فيها مجموعته، إذ كان الاحتلال يدفع بعناصره إلى الخطوط الأولى لملاحقة المقاومين، ما يجعلهم عرضة للاستهداف بسهولة.

3- تصفية داخلية

تتحدث فرضية ثالثة عن صراع داخلي بين عناصر المجموعة، ناجم عن خلافات على النفوذ أو على إعادة هيكلة القيادة.

"حماس زرعت أحد عناصرها" رواية إضافية من الإعلام العبري

نقلت وسائل إعلام عبرية عن محلل عسكري تقديرات تشير إلى أن حركة حماس تمكنت من زرع أحد عناصرها داخل مليشيا أبو شباب، وهو ما سمح باستدراجه مع قادة آخرين إلى كمين محكم أدى إلى مصرعهم.

وتعزز هذه الفرضية من حجم اختراق المقاومة للمليشيات المتعاونة مع الاحتلال، وقدرتها على العمل داخل المناطق التي يعتبرها الكيان "آمنة بالكامل" ومحاطة بمراقبة استخباراتية غير مسبوقة.

ويكشف اغتيال ياسر أبو شباب عن مرحلة جديدة في الصراع الأمني داخل قطاع غزة، حيث تفقد المليشيات المتعاونة مع الاحتلال حصانتها واحدة تلو الأخرى. 

ومع استمرار المقاومة في توسيع نطاق عملياتها جنوب القطاع، ومع تزايد التصدعات داخل هذه الجماعات، يبدو أن الكيان الإسرائيلي يواجه تحديًا مركبًا يتجاوز العمليات العسكرية إلى أزمة ثقة داخل منظومته الاستخباراتية والتكتيكية.