من "صفقة القرن" إلى "السيطرة على غزة".. خطة ترامب وكوشنر تُواجه رفضا دوليا واسعا

حلفاء واشنطن يرفضون الخطة
انفوبلس/..
قوبل اقتراح الرئيس الاميركي دونالد ترامب، بأن تتولى الولايات المتحدة السيطرة على قطاع غزة وإعادة توطين سكانه الفلسطينيين في دول مجاورة، برفض واسع من حلفاء الولايات المتحدة الرئيسيين، فقد أعربت المملكة العربية السعودية عن رفضها القاطع لأي مساس بحقوق الشعب الفلسطيني المشروعة، مؤكدةً أن موقفها ثابت في دعم إقامة دولة فلسطينية مستقلة.
كما رفضت مصر والأردن الفكرة، حيث أصدرت وزارة الخارجية المصرية بيانًا يؤكد على ضرورة إعادة إعمار غزة دون إخراج الفلسطينيين من القطاع. وفي السياق نفسه، شددت المملكة الأردنية على أهمية احترام حقوق الفلسطينيين ورفض أي محاولات لتهجيرهم.
بالإضافة إلى ذلك، أعربت دول أخرى مثل أستراليا وتركيا عن معارضتها للخطة، فقد أكد رئيس الوزراء الأسترالي أنتوني ألبانيز، أن موقف بلاده الداعم لحل الدولتين لم يتغير، فيما وصف وزير الخارجية التركي هاكان فيدان الاقتراح بأنه "خاطئ وسخيف".
وبالنظر إلى الرفض الدولي الواسع لخطة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بشأن قطاع غزة، يتوقع العديد من المحللين أن هذه الخطة ستواجه مصيرًا مشابهًا لما سُمي بـ"صفقة القرن"، التي باءت بالفشل سابقًا، فقد قوبلت خطة ترامب الأخيرة بإدانات شديدة من حلفاء الولايات المتحدة وخصومها على حد سواء، حيث اعتُبرت انتهاكًا صارخًا للقانون الدولي وحقوق الإنسان.
مشروع صهر ترامب
وفي مارس 2024، أدلى جاريد كوشنر، صهر الرئيس الأمريكي دونالد، بتصريحات وصف فيها "واجهة غزة البحرية بأنها قيّمة للغاية"، تلك التصريحات كانت تشير إلى مشروع اقتصادي يطمح كوشنر لتطبيقه في غزة.
كوشنر، الذي كان المهندس الرئيسي لما سُمي بـ"صفقة القرن"، بدأ يتحدث عن غزة كأرض خصبة للاستثمار العقاري، خاصة في ظل الدمار الذي لحق بالمنطقة نتيجة الحروب.
اليوم، بعد عشرة أشهر من تلك التصريحات، يبدو أن خطة كوشنر بدأت تتضح، ولكن هذه المرة ليس في إطار "صفقة القرن" بل في صيغة مشروع عقاري يقوده ترامب.
هذا الحديث هو بناء رؤية جديدة للمنطقة، وليس مجرد حديث عن "فرص اقتصادية"، حيث كان كوشنر يرى أن الأموال التي صُرفت على الأنفاق والذخائر يمكن أن توجه لإعادة إعمار غزة وتحويلها إلى مشروع اقتصادي ضخم، ولم يخفِ كوشنر أنه يرى واجهة غزة البحرية كـ"كنز" يمكن الاستفادة منه سياحيا وعقاريا.
المشروع يركز على تحويل غزة إلى "ريفييرا الشرق الأوسط"، وكأنه امتداد لفكرة كوشنر، الذي كان يدفع في اتجاه "إعادة بناء" المنطقة، لكن ليس كما يتخيل البعض، بدلاً من أن تكون غزة حاضنة للسلام، يتم الحديث عن تحويلها إلى منتجع سياحي، مع تهجير أصحاب الأرض السكان الفلسطينيين منها.
"صفقة القرن" و "صفقة غزة"
كوشنر، الذي لعب دورًا محوريًّا في الترويج لخطة "صفقة القرن"، يُعتبر الآن مهندسًا خفيًّا لمشروع اقتصادي قد يكون أكثر تحوّلا في المنطقة، بعد أن كانت خطته تستهدف إعادة توطين الفلسطينيين وإعادة رسم الحدود الجغرافية لفلسطين، يبدو أنه يخطط لنقل سكان غزة إلى مناطق أخرى، بينما يتم تحويل المنطقة إلى مستعمرة سياحية.
ترامب أكد أنه يتطلع إلى "ملكية طويلة الأمد" لأمريكا في غزة، في خطوة لإضفاء طابع شرعي على استثمار أمريكي طويل الأمد، مما يثير تساؤلات حول مصير الفلسطينيين. بينما يُظهر ترامب تفاؤله بأن هذه الخطة ستخلق "آلاف الوظائف" وتؤدي إلى "تحويل غزة إلى ريفييرا الشرق الأوسط"، فإنها تتزامن مع خطة لإعادة توطين الفلسطينيين في دول أخرى.
من "صفقة القرن" إلى صفقة عقارية، تبدو غزة وكأنها تتحول إلى ورقة ضغط في يد القوى الكبرى، مع تساؤلات حول المستقبل الذي ينتظر الفلسطينيين.
تصريحات ترامب
وأثار الإعلان المفاجئ للرئيس الأميركي دونالد ترامب عن عزم واشنطن بسط سيطرتها على قطاع غزة -بعد إعادة توطين الفلسطينيين في أماكن أخرى- ردود فعل حادة.
وقال ترامب في تصريحاته الجديدة، إنه "يتطلع إلى أن تكون للولايات المتحدة "ملكية طويلة الأمد" في القطاع، مؤكداً أن بلاده ستتولى السيطرة على قطاع غزة، وستقوم بمهمة فيه أيضا"، على حد قوله.
وأضاف، "سنطلق خطة تنمية اقتصادية (في القطاع) تهدف إلى توفير عدد غير محدود من الوظائف والمساكن لسكان المنطقة"، مشيراً الى أن "فكرة سيطرتنا على قطاع غزة حظيت بتأييد وإشادة واسعين من مختلف مستويات القيادة"، ومعتبرا أن غزة "مكان مليء بالحطام الآيل للسقوط، ويمكن تهجير الغزيين إلى أماكن أخرى ليعيشوا بسلام".
وتوقع ترامب - خلال مؤتمر صحفي مشترك مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو -أن يتحول قطاع غزة -الذي يضم أكثر من مليوني فلسطيني- بعد أن تسيطر عليه أميركا إلى "ريفييرا الشرق الأوسط".
وعندما سُئل عمن سيعيش هناك، قال ترامب إنها قد تصبح موطنا "لشعوب العالم"، وتوقع أن تصبح "ريفييرا الشرق الأوسط" بعد أن سوّى العدوان الإسرائيلي مساحات شاسعة منها بالأرض.
الرد الفلسطيني على المقترح
وفي أول رد فلسطيني حول مشروع ترامب، أعلنت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) رفضها مقترح ترامب بشأن تهجير الفلسطينيين في غزة، وقالت إن هدف الاحتلال الحقيقي من حربه على غزة هو تهجير الفلسطينيين من القطاع.
وذكرت الحركة، إنه "بدلاً من محاسبة الاحتلال الصهيوني على جريمة الإبادة الجماعية والتهجير، يُكافأ ولا يُعاقب. فيما وصفت التصريحات الأميركية بالعنصرية، وقالت إنها تعكس غياب المعايير الأخلاقية والإنسانية".
وأكدت، إن المقاومة مستمرة حتى حصول الشعب الفلسطيني على حريته واستقلاله، وإن الإعمار ممكن مع بقاء أهالي غزة وعدم تهجيرهم كما يطرح اليمين الصهيوني.
السفير الفلسطيني في الأمم المتحدة، رياض منصور، ذكر أنه "على زعماء العالم وشعوبهم احترام رغبة الفلسطينيين بالبقاء في غزة. مضيفاً، أن "وطننا هو وطننا، وإذا دُمر جزء منه (قطاع غزة) فإن الشعب الفلسطيني اختار العودة إليه، وأعتقد أن على القادة والناس احترام رغبة الشعب الفلسطيني".
ولفت إلى أنه بالنسبة لأولئك الذين يريدون إرسال الفلسطينيين "إلى مكان سعيد وجميل دعوهم يعودون إلى منازلهم الأصلية داخل إسرائيل، توجد هناك أماكن جميلة، وسيكونون مسرورين بالعودة إلى هذه الأماكن".
موقف السعودية
تصريحات الرئيس الأميركي دونالد ترامب الأخيرة التي قال فيها إن السعودية لا تطالب بدولة فلسطينية، صدرت بعدها تصريحات سعودية يبدو أنها رد على ما ذكر، حيث قالت وزارة الخارجية السعودية، إن "موقف المملكة من قيام الدولة الفلسطينية راسخ وثابت وليس محل تفاوض أو مزايدات".
وأضافت الخارجية السعودية -في بيان- إن "محمد بن سلمان أكد على هذا الموقف (قيام دولة فلسطينية) بشكل واضح وصريح خلال الخطاب الذي ألقاه يوم 18 سبتمبر/أيلول 2024 وخلال قمة الرياض في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي".
وقالت الخارجية، إن "ابن سلمان يؤكد على أن السعودية لن تتوقف عن عملها الدؤوب في سبيل قيام دولة فلسطينية مستقلة وعاصمتها القدس الشرقية، وأن المملكة لن تقيم علاقات دبلوماسية مع إسرائيل بدون ذلك.
الموقف الفرنسي والبريطاني
وزير الخارجية البريطاني ديفيد لامي، قال إن على المجتمع الدولي ضمان مستقبل الفلسطينيين في وطنهم، كما قال متحدث الخارجية الفرنسية كريستوف لوموان إن بلاده ترفض خطط ترامب.
جاء ذلك ضمن عرض الوزير الموقف البريطاني بشأن مستقبل الفلسطينيين، في مؤتمر صحفي بالعاصمة الأوكرانية كييف، ردا على مقترحات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بشأن "نقل الفلسطينيين من قطاع غزة إلى مصر والأردن"، حيث قال: "نريد رؤية الفلسطينيين في ازدهار بقطاع غزة والضفة الغربية"، وأكد التزام المملكة المتحدة بحل الدولتين.
كذلك رفضت فرنسا اليوم الأربعاء تعليقات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، وصرح المتحدث باسم الخارجية الفرنسية كريستوف لوموان، في بيان له، بأن "فرنسا تكرر معارضتها لأي تهجير قسري للسكان الفلسطينيين في قطاع غزة، وهو ما سيشكل انتهاكا خطيرا للقانون الدولي، وهجوما ضد التطلعات المشروعة للفلسطينيين، وكذلك عقبة كبرى أمام حل الدولتين، وعامل زعزعة استقرار رئيسي لشركائنا المقربين مصر والأردن، والمنطقة بأكملها".
مواقف أميركية رافضة
وفي أميركا، قال السيناتور الأميركي الديمقراطي كريس ميرفي في منشور على إكس "لقد فقد عقله تماما، سيؤدي غزو الولايات المتحدة لغزة إلى مذبحة لآلاف الجنود الأميركيين وحرب في الشرق الأوسط لعقود، إنها مثل مزحة رديئة".
بدوره، قال عضو مجلس النواب الديمقراطي جيك أوشينكلوس، إن الاقتراح "متهور وغير معقول". مضيفا، إنه قد يفسد المرحلة الثانية من وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحماس.
وأكد، إنه "يتعين علينا أن ننظر إلى دوافع ترامب، وكما هو الحال دائما عندما يقترح ترامب بندا سياسيا فهناك صلة بالمحسوبية وخدمة الذات"، حسب قوله.
وفي إشارة إلى ترامب وصهره جاريد كوشنر، قال "يريدان تحويل هذا المكان إلى منتجعات".
من جهته، قال رئيس برنامج الشرق الأوسط في مركز واشنطن للدراسات الاستراتيجية والدولية جون ألترمان "ينحدر العديد من سكان غزة من فلسطينيين فروا من أجزاء من إسرائيل الحالية، ولم يتمكنوا قط من العودة إلى ديارهم السابقة، وأنا أشك في أن الكثيرين منهم قد يكونون على استعداد لمغادرة غزة المحطمة".
أستراليا
وفي أستراليا، قال رئيس الوزراء أنتوني ألبانيز اليوم الأربعاء، إن حكومته تؤيد حل الدولتين في الشرق الأوسط، وذلك في أعقاب إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب المفاجئ عزمه تولي السيطرة على قطاع غزة.
وأضاف ألبانيز في مؤتمر صحفي، "موقف أستراليا هذا الصباح هو نفسه ما كان في العام الماضي، والحكومة الأسترالية تؤيد حل الدولتين".
وبدعم أميركي ارتكبت إسرائيل بين 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 و19 يناير/كانون الثاني 2025 إبادة جماعية في غزة خلفت أكثر من 159 ألف شهيد وجريح فلسطيني -معظمهم أطفال ونساء- وما يزيد على 14 ألف مفقود.