نتائج "مبهرة" تحققها حركة مقاطعة إسرائيل (BDS) منذ بداية طوفان الأقصى.. ماذا تعرف عنها؟
انفوبلس/ تقرير
منذ اندلاع الحرب الإسرائيلية الأخير على غزة، والمستمرة منذ أكثر من عام، زاد الاهتمام بحملات مقاطعة المنتجات الإسرائيلية ومنتجات الشركات الداعمة لـ"إسرائيل"، إذ نشأت حملات تدعو لمقاطعة منتجات بعينها، فيما اتجهت مبادرات لإنشاء مواقع وتطبيقات لمنتجات المقاطعة، ويسلط تقرير شبكة "انفوبلس"، الضوء على ما حققته حركة مقاطعة إسرائيل وسحب الاستثمارات منها وفرض العقوبات عليها (BDS) منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023.
القائمون على مواقع وتطبيقات المقاطعة التي انتشرت بشكلٍ واسع في الأسابيع والأشهر الأخيرة، وفَّروا تعريفاً بالمنتجات التي يدعون لمقاطعتها، فيما قدم بعضهم خاصية لتصوير المنتجات والمسح الضوئي لتحديد ما إذا كانت ضمن المنتجات التي دُعي لمقاطعتها.
*ماذا تعرف عن حركة مقاطعة إسرائيل (BDS)؟
بدأت حركة مقاطعة إسرائيل (BDS) في القيام بحملات ضد شركات بعينها منذ نحو عقدين. إذ تأسست حركة المقاطعة في عام 2005، وذلك بعد عام واحد من حكم محكمة العدل الدولية بأن الجدار العازل في الضفة الغربية يشكل انتهاكاً للقانون الدولي.
تدعو هذه الحركة إلى مقاطعة الشركات المتعاونة مع إسرائيل أو الجيش الإسرائيلي أو التي تقدم خدمات في المستوطنات الإسرائيلية بالأراضي الفلسطينية المعترف بها دولياً ضمن حدود 1967 (الضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية، وقطاع غزة). كما تدعو الحركة هذه، الشركات، إلى سحب الاستثمارات وفرض العقوبات.
تقدم الحملة قائمة لأبرز حملاتها ضد شركات بعينها شارحةً أسباب ضمها لحملتها للمقاطعة عبر موقعها الرسمي.
أما الكاتبة الباكستانية رامين صديقي فقد نشرت مقالاً بموقع "مودرن دبلوماسي" حول حركة مقاطعة إسرائيل (بي دي إس-BDS)، قالت فيه، إن حركة مقاطعة إسرائيل هي حملة شعبية عالمية تهدف إلى ممارسة الضغط الاقتصادي والسياسي على إسرائيل، ردا على احتلالها الأراضي الفلسطينية، وانتهاكها حقوق الإنسان، وتعني "المقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات".
وفي مقالها بالموقع الأوروبي – نشرت في شهر مايو الماضي 2024، حيث ذكرت صديقي، إن "بي دي إس" في أبسط صورها حركة احتجاجية سلمية في جميع أنحاء العالم، تسعى إلى استخدام المقاطعة الاقتصادية والثقافية والمالية، وسحب الاستثمارات والعقوبات الحكومية ضد إسرائيل لإجبارها على الامتثال للقانون الدولي، ووقف سياسة الفصل العنصري تجاه الفلسطينيين.
وأوضحت، أن هذه الحركة تستمد إلهامها مباشرةً من النضال ضد الفصل العنصري في جنوب أفريقيا وحركة الحقوق المدنية في الولايات المتحدة، إذ استخدم كلاهما المقاطعة لتحقيق أهدافهما.
تأثير المقاطعة
وعن تأثير حركة المقاطعة لإسرائيل، أكدت الكاتبة، أن التاريخ يقدم أمثلة عديدة لنجاح المقاطعة الناجحة، مثل الحملة التي جرت في إنجلترا عام 1791 للحث على مقاطعة السُكر الذي ينتجه تجار العبيد، وأدى ذلك إلى انخفاض الأرباح وتحول في المشاعر العامة ضد تجارة الرقيق عبر المحيط الأطلسي، مما أدى إلى إلغائها بعد بضعة عقود.
كما لعبت حركة المقاطعة المناهضة للفصل العنصري ضد جنوب أفريقيا دورا محوريا في تفكيك نظام الفصل العنصري في نهاية المطاف عام 1994.
*جهد عالمي
وأوضحت الكاتبة، أن حركة المقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات ضد إسرائيل بدأت رسميا عام 2005، بعد أن أعلنت محكمة العدل الدولية أن الحواجز الأمنية الإسرائيلية في الضفة الغربية المحتلة تنتهك القانون الدولي، وأدى هذا القرار إلى إطلاق جهد عالمي لجذب الانتباه إلى القضية الفلسطينية والضغط من أجل وضع حد لسياسات الفصل العنصري الإسرائيلية.
وذكرت، أنه في باكستان، أقر كبار المسؤولين في سلاسل المتاجر الكبرى في البلاد بحدوث تحول في تفضيلات المستهلكين نحو الخيارات المحلية للمشروبات، مثل المشروبات الغازية والعصائر والمياه المعبَّأة والحليب المعبأ ومنتجات الألبان، بما في ذلك الزبدة والجبن والكريمات، وعلى مدى الأشهر الستة الماضية، كان هناك اتجاه ملحوظ لإغلاق حوالي 12 منفذا لشركات غربية معروفة، مع انخفاض المبيعات المعلن عنه بنسبة تتراوح بين 20% إلى 30%.
واستجابةً لهذا التحول، قامت العلامات التجارية المحلية بتوسيع تواجدها في السوق بسرعة، وفي الوقت نفسه، يقال إن العلامات التجارية غير الناجحة مثل "ماستر كولا" الباكستانية تستعد لإعادة فتح مصانعها المغلقة للاستفادة من الطلب المتزايد على المشروبات المحلية.
ويحث جانب سحب الاستثمارات في حركة المقاطعة الشركات على تجنب التعامل مع الشركات الإسرائيلية، ويشجع المستثمرين على الامتناع عن الاستثمار في إسرائيل، وينصح البنوك وصناديق التقاعد بعدم استخدام أموال العملاء لدعم الاقتصاد الإسرائيلي.
وفي السابق، أثرت حركة المقاطعة بشكل فعّال على صناديق التقاعد الحكومية في لوكسمبورغ ونيوزيلندا والنرويج لحملها على سحب استثماراتها من إسرائيل، وتدعو إلى فرض عقوبات عليها تنطوي على فرض حظر على الأسلحة ووقف المساعدات العسكرية، فضلا عن وقف العلاقات التجارية والدبلوماسية مع إسرائيل.
تتجاوز مشتريات المستهلكين
وبيّنت الكاتبة أن المقاطعة، التي تستهدف إسرائيل، تتجاوز مجرد التدقيق في مشتريات المستهلكين، بل تدعو مناصريها إلى تجنب التعامل مع الكيانات الثقافية الإسرائيلية، وتجنب التعاون مع الجامعات والعلماء الإسرائيليين المتهمين بإدامة الروايات اللاإنسانية عن الفلسطينيين والأراضي الواقعة تحت الاحتلال.
وتتمتع التكتيكات التي تستخدمها حركة المقاطعة بسجل جيد باعتبارها من أكثر الأدوات فعالية في الترسانة السلمية، بدءاً من مقاطعة الحافلات وصولا إلى سحب الاستثمارات في الوقود الأحفوري، وإن تبني هذه التكتيكات واستخدامها في هذا المنعطف الحرج للبشرية يُعد ضرورة أخلاقية.
ونقلت صديقي عن عمر البرغوثي، أحد الشخصيات الرئيسية في تأسيس وقيادة حركة المقاطعة، تأكيده أن "الالتزام الأخلاقي الأعمق في هذه الأوقات هو العمل على إنهاء التواطؤ، وبهذه الطريقة فقط يمكننا أن نأمل حقا في إنهاء القمع والعنف".
وقال البرغوثي، إن هذا الالتزام مُلحّ بشكل خاص بالنسبة للذين تُصر حكوماتهم على تزويد إسرائيل بالأسلحة الفتاكة، والاتفاقيات التجارية المربحة، وتدعمها بحق النقض في الأمم المتحدة.
*ماذا حقق حركة مقاطعة إسرائيل (BDS) حتى الآن؟
أكد محمود نواجعة -المنسق العام لحركة مقاطعة إسرائيل وسحب الاستثمارات منها وفرض العقوبات عليها (BDS)- ، أنه بعد السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023 توسعت رقعة المقاطعة بشكل استثنائي، ما انعكس بالسلب على الاقتصاد الإسرائيلي.
وعن تأثير المقاطعة والحرب على اقتصاد إسرائيل، قال نواجعة في حواره متلفز تابعته شبكة "انفوبلس"، "نشهد حالة غير مسبوقة من التآكل في الاقتصاد الإسرائيلي، فهناك ما يزيد عن 45 ألف شركة أُغلقت بشكل كامل و80% من الشركات الناشئة تشكو من الخسائر و50% منها لن تصمد خلال الـ6 أشهر المقبلة، ومن ناحية أخرى هناك عدة مؤسسات في تركيا وإسبانيا والنرويج ألغت عقودها مع مشاريع تجارية تدعم إسرائيل".
المقاطعة من اليابان إلى النرويج
وتابع المنسق العام عن بعض الأمثلة لمؤسسات دولية غيّرت رأيها بشأن التعامل مع إسرائيل، "أُلغي عقد ضخم في اليابان بسبب ضغط فرع منظمتنا هناك على شركتين، إضافة إلى سحب صندوق البترول النرويجي الذي تفوق قدراته المالية التريليون دولار كل استثماراته من البنوك الإسرائيلية والشركات المتورطة بالإبادة".
المقاطعة في الدول العربية
وكشف نواجعة عن قائمة أبرز الدول والشعوب التي قاطعت منذ السابع من أكتوبر "الأردن تميزت بمقاطعة (كارفور) ما أدى لإغلاق بعض متاجره هناك".
وأضاف، "مصر أيضًا كانت تأثيرات المقاطعة فيها بارزة على شركة (أورانج) وأثرت بشكل كبير، إضافة إلى الحملات الواسعة في المغرب وعمان والولايات المتحدة وإندونيسيا وماليزيا وجنوب إفريقيا وأمريكا اللاتينية".
المقاطعة وخفض التصنيفات الائتمانية لإسرائيل
قال نواجعة، إن المسؤولين في إسرائيل يمنعون صدور الأرقام التي تخص المقاطعة كجزء من حربه النفسية، حين يتحدثون عن عدم وجود خسائر وأن هناك إمكانية للتعافي، ولكن التخفيضات على "التصنيفات الائتمانية" ستخلق نوعا من المخاطرة على فكرة الاستثمار هناك، وهناك حالة من التهالك في العديد من القطاعات تحتاج لسنوات طويلة للتحسن.
معيار نجاح مقاطعة إسرائيل
وعن المعيار الذي يحدد نجاح المقاطعة من عدمه، قال نواجعة، "حسب الهدف الذي نضعه، فمثلا شركة (إنتل) التي كانت تنوي إقامة مصنع لتصنيع الرقائق داخل إسرائيل، وردتنا معلومات آنذاك بأن هناك ضغطا داخليا فيها للابتعاد عن هذا الفعل وبالتالي كثفنا ضغطنا الخارجي، ما أدى لإلغاء الصفقة".
وأضاف، "مثال آخر هي شركة (بوما) التي كان هدفنا أن تفسخ عقدها مع المنتخب الإسرائيلي ونجحنا في ذلك، فالأمر يعتمد على مدى تحقق ما سعينا له بالأساس".
مستقبل حركة مقاطعة إسرائيل
اختتم نواجعة بحديثه عن الخطوات المستقبلية لحركة مقاطعة إسرائيل (BDS) بقوله، "الفترة المقبلة ستصادف 20 عاما على إنشاء حركتنا في 2005، وهذا يعني بناء استراتيجيات وسياسات تتسق مع الوضع الحالي والمستقبلي، وفي هذا السياق نعمل مع الأمم المتحدة لمناهضة الفصل العنصري، وهناك توجه للعالم الجنوبي مثل إندونيسيا وماليزيا وإفريقيا وأمريكا اللاتينية".
وَفق موقعها الرسمي، حركة مقاطعة إسرائيل وسحب الاستثمارات منها وفرض العقوبات عليها (BDS) هي حركة فلسطينية المنشأ عالمية الامتداد "تسعى لمقاومة الاحتلال والاستعمار-الاستيطاني والأبارتايد الإسرائيلي، من أجل تحقيق الحرية والعدالة والمساواة في فلسطين وصولا إلى حق تقرير المصير لكل الشعب الفلسطيني في الوطن والشتات".
حركة مقاطعة إسرائيل وسحب الاستثمارات منها وفرض العقوبات تُعرف بالإنجليزية Boycott, Divestment and Sanctions، لذلك تُعرف اختصاراً بالأحرف الأولى من الكلمات الثلاث BDS.
حركة مقاطعة؛ لأنها تنادي بوقف التعامل مع إسرائيل، ومقاطعة الشركات الإسرائيلية أو المتعاونة معها، وكذلك مقاطعة المؤسسات والنشاطات الرياضية والثقافية والأكاديمية الإسرائيلية.
سحب الاستثمارات؛ لأنها تسعى إلى سحب الاستثمارات والضغط على المستثمرين والمتعاقدين مع الشركات الإسرائيلية والدولية المتعاونة معها، سواء كانوا مستثمرين أو متعاقدين أفراداً، أو مؤسسات، وصناديق سيادية، أو صناديق تقاعد، كنائس، بنوك، مجالس محلية، جهات خاصة، جمعيات خيرية، أو جامعات.
فرض العقوبات؛ المقصود بالعقوبات (العسكرية والاقتصادية والثقافية) الإجراءات العقابية التي تتخذها الحكومات والمؤسسات الرسمية والأممية ضد دولة أو جهة تنتهك حقوق الإنسان، بهدف إجبارها على وقف هذه الانتهاكات.
نوع العقوبات التي تسعى الحركة إلى تطبيقها، يشمل وقف التعاون العسكري، أو وقف اتفاقيات التجارة الحرة، أو طرد إسرائيل من المحافل الدولية.
فيما خلّفت حرب إسرائيل بدعم أمريكي على غزة منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، أكثر من 135 ألف شهيد وجريح فلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 10 آلاف مفقود، وسط دمار هائل ومجاعة قتلت عشرات الأطفال.