يوم حاسم في لبنان.. 9 مرشحين يتنافسون للظفر بمنصب الرئاسة
انفوبلس/ تقارير
تزامناً مع بدء توافد النواب إلى مبنى البرلمان اللبناني، سلّطت انفوبلس الضوء على الانتخابات اللبنانية لاختيار رئيس جديد للبلاد خلفاً لميشال عون، وفصّلت أبرز الأسماء المرشحة وكذلك أبرز العقبات أمام بعض هؤلاء المرشحين وفي مقدمتهم قائد الجيش جوزيف عون. فكيف ستجري الانتخابات؟ وما أسباب انسحاب سليمان فرنجية من السباق؟
الانتخابات اللبنانية.. ما يميزها وما يعقدها
أبرز ما يميّز الانتخابات الرئاسية اللبنانية هي أن الطامحين للرئاسة لا يتكبّدون عناء القيام بأي حملة انتخابية أو حتى تقديم برنامج انتخابي. لا بل أكثر من ذلك، فهم أصلاً غير مضطرين لإعلان ترشحهم من الأساس.
المفارقة هي أنه بالرغم من أن أعضاء البرلمان هم من ينتخبون الرئيس، غير أنه غالباً ما يكون هذا الرئيس غير منتمٍ لأي كتلة نيابية بعينها، خصوصاً في حقبة ما بعد اتفاق الطائف الذي وضع حداً للحرب الأهلية عام 1990.
معظم الأحيان لا يكون أي فريق سياسي نيابي قادراً على تأمين العدد المطلوب من الأصوات لانتخاب الرئيس، في ظل نظام يصعب فيه على أي طرف مهما كان حجمه التمثيلي، فرض خياراته بالكامل على الأطراف الأخرى.
وبحسب العُرف اللبناني، يفترض برئيس الجمهورية أن يكون مسيحياً مارونياً حصراً، ما يجعل لبنان الدولة العربية الوحيدة التي يرأسها مسيحي.
إما ما يعقّد المشهد هو عدم وجود قوة مهيمنة داخلياً أو خارجياً قادرة على فرض خيارها وإجبار الرافضين على التنازل - وهو الوضع القائم منذ نحو عامين وثلاثة أشهر، ويعطل انتخاب رئيس يخلف ميشال عون الذي انتهت ولايته في 31 أكتوبر/تشرين الأول 2022.
وهو أيضاً ما أخّر تعيين جلسة جديدة لانتخاب رئيس للجمهورية لأكثر من عام ونصف العام منذ جلسة الانتخاب الأخيرة في يونيو/حزيران الماضي التي فشلت كما سابقاتها في انتخاب رئيس. كان التعويل على متغير يكسر الاشتباك السياسي في اتجاه أو آخر.
وفي ما يلي أبرز الأسماء المرشحة والمطروحة للرئاسة في لبنان:
إبراهيم كنعان: تولّى النائب المتني أمانة سر "تكتل التغيير والإصلاح" و"لبنان القوي"، وبقي من أبرز الوجوه العونية. كان له الدور الأبرز مع شريكه "القواتي" ملحم رياشي في صياغة "اتفاق معراب" الذي عبد الطريق امام العماد ميشال عون للوصول الى قصر بعبدا عام 2016.
توّلى رئاسة لجنة المال والموازنة منذ عام 2019.
عام 2024، نتيجة لخلافات مع رئيس "التيار الوطني الحر" جبران باسيل، قدم كنعان استقالته من "التيار" لينضم إلى رفاقه النواب سيمون أبي رميا وآلان عون والياس بو صعب المبعدين أو المبتعدين عن "التيار".
طُرِحَ اسم كنعان مرشحا للرئاسة في عام 2023، وهو اليوم من بين الأسماء الجدية التي يتم تداولها.
لم تُبدِ أي كتلة نيابية تحفظا على اسمه، باستثناء "التيار الوطني الحر".
الياس البيسري: برز اسم اللواء الياس البيسري بعد توليه مهمات المديرية العامة للأمن العام خلفا للواء عباس إبرهيم.
طرح اسمه مرشحا رئاسيا من ضمن الأسماء الوسطية غير المحسوبة على طرف، كما تم تداوله في لائحة قطرية جرت مناقشتها مع عدد من الأفرقاء اللبنانيين.
لا يزال اسمه مطروحا بجدية، ولم تعلن أي جهة رفضها المباشر له، كما لم تتبنه أي جهة في المقابل.
جوزيف عون: يُعتبر قائد الجيش العماد جوزف عون من أبرز الأسماء المرشحة لرئاسة الجمهورية.
توّلى مسؤولية المؤسسة العسكرية عام 2017، أمضى حياته في الوحدات العملانية منفذا المهمات الميدانية، بخبرة وكفاية.
حافظ عون على علاقاته بمختلف الأطراف واستطاع أن يبعد الجيش عن المشادات السياسية واليوم يُطرح مرشحاً جدّياً يحظى بتأييد كتل نيابية وسياسية فاعلة.
جهاد أزعور: قادم من عالم المال والأعمال، حائز على دكتوراه في العلوم المالية الدولية ودرجة عليا في الاقتصاد الدولي والعلوم المالية، من معهد الدراسات السياسية في باريس، وله أبحاث تتّصل بالاقتصادات الصاعدة واندماجها في الاقتصاد العالمي في جامعة هارفارد.
سبق أن شغل منصب وزير المالية في حكومة فؤاد السنيورة عام 2005 إلى 2008، وهي الفترة التي نسق خلالها، بحسب صفحة صندوق النقد الدولي، "تنفيذ مبادرات مهمة للإصلاح، منها تحديث النظم الضريبية والجمركية اللبنانية"، كما سبق أن شارك في إعداد مؤتمري باريس 1 و2.
وخلال الفترة السابقة على عمله وزيرا للمال، ثم الفترة اللاحقة لها، تولى أزعور (57 عاما) مناصب عدة في القطاع الخاص، منها كما أورد "صندوق النقد" "عمله في شركة "ماكينزي" و"بوز آند كومباني"، حين كان نائبا للرئيس والمستشار التنفيذي الأول.
قبل انضمامه إلى الصندوق في شهر مارس عام 2017، كان مديرا شريكا في شركة إنفنتيس بارتنرز للاستشارات والاستثمار.
زياد بارود: دخل زياد بارود الحياة السياسية عبر توليه وزارة الداخلية عام 2008 في حكومة فؤاد السنيورة، اسما وسطيا بين الرئيس ميشال سليمان ورئيس "التيار الوطني الحر" آنذاك العماد ميشال عون، واستمر في موقعه في حكومة الرئيس سعد الحريري حتى عام 2011.
حافظ بارود على وسطيته وعلاقاته بمختلف الأطراف واتجه نحو العمل القانوني والأكاديمي، وكانت له المساهمة الكبيرة في إنتاج قانون انتخاب يعتمد على النسبية للمرة الأولى في لبنان، رغم التشويه الذي طاله بسبب التسويات.
ترشح عام 2018 على لائحة "التيار الوطني الحر" في كسروان ولم يحالفه الحظ، وعزف عن الترشح عام 2022 لعدم اقتناعه بالتحالفات التي نسجت يومها.
اليوم يُطرح بارود بجدية لتولي رئاسة الجمهورية، وينال اسمه موافقة "التيار الوطني الحر" بالدرجة الأولى، ولا تضع عليه "فيتو" أي جهة. ويعتبر أحد مرشحي الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون.
سمير عساف: دخل المصرفي اللبناني سمير عساف السباق الرئاسي من طائرة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، الذي اصطحبه معه إلى بيروت بعد زيارته لبنان عقب انفجار مرفأ بيروت عام 2020، ومذ ذاك بدأ اسمه يتردد على أنه الشخص المفضل للرئيس الفرنسي لتولي رئاسة الجمهورية اللبنانية.
يملك عساف "مروحة كبيرة" من العلاقات الدولية، ورفض تولّي منصب حاكمية مصرف لبنان أو وزارة المال في السنوات السابقة، معتبرا أن في إمكانه أن يخدم بلاده من دون أن يتولّى مسؤولية رسمية.
باستثناء الدعم الفرنسي، لا يبدو اسم عساف متداولا جديا لدى أغلبية الكتل النيابية.
فريد الياس الخازن: النائب والسفير السابق لدى الفاتيكان. فاز بالمقعد النيابي عن كسروان على لائحة "التيار الوطني الحر"، وبعد انتهاء الولاية اختار ان يكون سفيرا في الخارج، وهو الذي شغل قبل ذلك منصب رئيس قسم العلوم السياسية في الجامعة الأمريكية في بيروت. وله مؤلفات عدة في مجال الفكر السياسي.
فريد هيكل الخازن: تقلّب الخازن في التحالفات السياسية مرات عدة، فهو استقال من حكومة عمر كرامي عام 2005 بعد اغتيال رئيس الحكومة اللبنانية رفيق الحريري، وحضر اجتماعات "البريستول"، وحالف "القوات" والكتائب في دورتي 2005 و2009، قبل أن يتمركز مع سليمان فرنجية بعد انتخابات 2018 ويقترب جدا من ما يسمى "فريق 8 آذار"، ويتوسط بين "حزب الله" وبكركي.
ولا يزال الخازن اليوم ضمن تكتل يجمعه مع النواب طوني فرنجية وميشال المر وملحم طوق، إلا أنه عدّل خطابه السياسي وتمايز عن فرنجية في المرحلة الأخيرة لكن هذا الأمر لم يشفع له لدى قوى المعارضة التي يبدو خارج حساباتها، وتاليا يبقى اسماً غير مطروح للنقاش عندها، وكذلك لدى "التيار الوطني الحر".
نعمة افرام: رجل أعمال وسليل آل إفرام ونجل الوزير والنائب الراحل جورج إفرام، ومن القلائل الذين تقدموا بترشحهم لرئاسة الجمهورية وفق برنامج واضح ومعلن.
دخل الندوة البرلمانية للمرة الأولى عام 2018 محققا أعلى نسبة أصوات في كسروان ومتحالفا مع "التيار الوطني الحر".
جلس نحو سنة إلى طاولة "لبنان القوي" برئاسة النائب جبران باسيل، قبل أن يعلن انسحابه من التكتل عام 2019 ويتخذ مسارا معارضا للرئيس ميشال عون خلال ولايته الرئاسية.
عاد إفرام إلى البرلمان عام 2022 عبر لائحة ترأسها بالتحالف مع الكتائب وناشطين في الحراك المدني، وهو يتحرك بصفة مستقلة منذ ذلك الحين.
سياسياً، يُعتبر قريبا من المجموعة السيادية في لبنان، لكنه يحتفظ بخط وسطي ويسعى إلى إنشاء تكتل داعم من النواب الوسطيين والسنّة، منطلقا منهم نحو الرئاسة.
لا تحفظ واضحا من أي كتلة أو تكتل على ترشّحه، ويملك القدرة على التواصل مع الجميع.
عقبات أمام انتخاب عون
في هذا الإطار يبدو الترقب سيد الموقف قبل ساعات حتى من جلسة الانتخاب، بالرغم من بروز اسم قائد الجيش الحالي جوزيف عون بشكل كبير.
لكن انتخاب عون يواجه عقبات عدة أبرزها العقبة الدستورية.
فبحسب المادة 49 من الدستور اللبناني: "لا یجوز انتخاب القضاة وموظفي الفئة الأولى، وما یعادلها في جمیع الإدارات العامة والمؤسسات العامة وسائر الأشخاص المعنویین في القانون العام مدة قيامهم بوظيفتهم وخلال السنتين اللتين تليان تاريخ استقالتهم وانقطاعهم فعلياً عن وظيفتهم أو تاريخ إحالتهم على التقاعد".
وبالتالي فإن قائد الجيش الحالي لا يمكن أن ينتخب من دون تعديل دستوري يسمح بتجاوز هذا الشرط.
غير أن أحد الحلول التي تُطرح لذلك هو اعتبار انتخاب جوزيف عون من الدورة الأولى -أي بثلثي عدد النواب- تصويتاً ضمنياً على تعديل الدستور الذي يتطلب هو أيضا تصويت ثلثي أعضاء البرلمان أي 86 صوتاً من أصل مجموع 128 صوتاً.
لكن حتى لو أخذ بهذا الأمر حيث يكثر الجدل بشأن دستوريته، فإن المشكلة قد تبرز مجدداً في حال عدم فوز عون في الدورة الأولى وفوزه بالدورة الثانية التي تتطلب حصول المرشح على أغلبية عادية يعني نصف عدد النواب زائد واحد وهو 65 صوتاً.
في هذه الحالة سيكون الطعن بدستورية انتخابه أقوى بكثير، وسيثير ذلك جدلاً هائلاً وربما يُدخل البلاد في أزمة إضافية.
سليمان فرنجية يعلن انسحابه
بالمقابل، أعلن رئيس تيار المرده اللبناني سليمان فرنجيه، اليوم الأربعاء، عن انسحابه من السباق الرئاسي.
وذكر فرنجيه في بيان ورد لشبكة انفوبلس، أنه "أمّا وقد توفّرت ظروف انتخاب رئيس للجمهورية يوم غد، وإزاء ما آلت إليه الأمور، فإنني أعلن عن سحب ترشيحي الذي لم يكن يوماً هو العائق أمام عملية الانتخاب".
وأضاف، أنني "إذ أشكر كلّ من اقترع لي، فإنني – وانسجاماً مع ما كنت قد أعلنته في مواقف سابقة – داعم للعماد جوزيف عون الذي يتمتّع بمواصفات تحفظ موقع الرئاسة الأولى، وإنني أتمنّى للمجلس النيابي التوفيق في عملية الانتخاب، وللوطن أن يجتاز هذه المرحلة بالوحدة والوعي والمسؤولية".