أزمة بين ذي قار والمثنى بسبب عائدية ناحية "بصية".. استعمار أم مخلّفات صدام؟
انفوبلس/ تقارير
جدل كبير تحوّل إلى أزمة بسبب ناحية بصية بين محافظتي ذي قار والمثنى، فالأولى تقول إن الناحية تابعة لها وأن المقبور صدام اقتطعها منها وطالبت بإرجاعها، في حين انتقدت الثانية هذا التصرف وعدّته تعدياً على حدودها الإدارية. أزمة تطورت إلى تظاهرات كبيرة وتراشق في الاتهامات استدعت تدخل جحافل من القوات الأمنية وحضور وزير الداخلية بنفسه لحلها. فما أصل القصة؟ ولمن تتبع الناحية بالضبط؟
*أصل القصة
بصية، هي ناحية تقع بمنطقة حدودية بين محافظتي ذي قار والمثنى، كانت تابعة لمحافظة ذي قار وتم تحويلها إلى محافظة المثنى عام 1969، المنطقة غنية بالموارد الطبيعية وخاصة المراعي والزراعة.
قبل أيام، تظاهر أهالي من ذي قار في الناحية للمطالبة بإعادتها لمحافظتهم، في حين انتقدت حكومة المثنى هذا التصرف واعتبرته تعدياً على مناطقها الإدارية.
بعد ذلك، دعت حكومة ذي قار الى التهدئة والاحتجاج بالطرق الدستورية وضمن إطار القانون، ثم عقد مجلسا وحكومتا المحافظتين مؤتمرا في الناحية واحتكما إلى القانون وتصفير الأزمات.
*محافظ ذي قار يروي التفاصيل
عقب ذلك، قال محافظ ذي قار مرتضى الإبراهيمي، إن ما حصل في ناحية بصية هو أن مجموعة من عشائر المحافظة ذهبت الى هناك للتظاهر والتعبير عن رأيها على المراعي في تلك الناحية.
وأضاف، إن "العراقيين متساوون في الحقوق والواجبات ومن حق كل محافظة وأي فرد يمتلك في المحافظة الأخرى والمراعي مفتوحة".
وأشار المحافظ إلى أن "الإشكالية التي حصلت تم احتواؤها من عقلاء القوم والحكومة المحلية بشقَيها التنفيذي والتشريعي".
وأكد الابراهيمي، إن "رئيس مجلس محافظة ذي قار شكل وفداً وانتقل الى محافظة المثنى والتقى بنظيره وتم التفاهم على حل الاشكاليات بين المحافظتين".
*هل يوجد تداخل في الحدود الإدارية بين ذي قار والمثنى؟
بهذا الصدد، قال رئيس مجلس محافظة المثنى أحمد محسن، إن تجاوز بعض العشائر في ناحية "بصية" كانت له مطالب، مبينا أن مناطق الرعي في الناحية مفتوحة للجميع وأي تجاوز يجب إنهاؤه بالدستور والقانون.
وأضاف محسن في حديث له تابعته شبكة انفوبلس، أنه "توجد لدينا استراتيجية جديدة لفتح المنفذ الحدودي مع السعودية"، مشددا على "عدم وجود أي تداخل في الحدود الإدارية بين محافظتي المثنى وذي قار".
*امكانية ضم الناحية إلى ذي قار
من جانبه، أكد نائب محافظ ذي قار ماجد العتابي، أمس الاثنين، عدم وجود اعتراض رسمي على ضم ناحية بصية لذي قار.
وقال العتابي، في حديث له تابعته شبكة انفوبلس، إن "ناحية بصية تمثل المركز الرئيسي للرعي لأهالي الجنوب"، مشيرا الى أنه "لا يوجد أي اعتراض رسمي بضم الناحية لذي قار".
وأوضح، إن "هناك تواصل دائم بين حكومتي ذي قار والمثنى ولا توجد أية إشكالات بينهما في أي ملف"، مؤكدا أن "ما يرتئيه القانون بشأن ملف ناحية بصية، فإن محافظة ذي قار ستلتزم به".
وبين العتابي، إن "ما يتم ترويجه عن وجود خلافات بين حكومتي ذي قار والمثنى غير صحيح".
*وزير الداخلية يصل المثنى، فهل انتهت المشكلة؟
إلى ذلك، قال وزير الداخلية عبد الأمير الشمري، إنه تم تجاوز مشكلة ناحية بصيّة من قبل محافظتي ذي قار والمثنى.
ووفق مؤتمر صحفي عقده وزير الداخلية من المثنى، وتابعته شبكة انفوبلس، فإنّ الشمري تحدث عن زيارة لاحقة إلى محافظة ذي قار لبحث موضوع ناحية بصيّة، مستدركًا بالقول: "لكن بالمجمل تم تجاوزه من قبل المحافظتين".
*انفوبلس تتقصى.. ما المشكلة الأساسية في الناحية؟
ووفق المعلومات المتوفرة، فإنّ مشكلة ناحية بصيّة، سببها خلافات حدودية بين محافظتي ذي قار والمثنى، إذ تعود إلى 1969 عبر قرار مجلس قيادة الثورة القاضي بتحويل قضاء السماوة إلى لواء.
وبحسب القرار، فقد تم ضم جزء من الأراضي الصحراوية التابعة إلى محافظة ذي قار لمدينة السماوة، ما جعل جزءًا من أراضي عشائر ذي قار تحت تصرف حكومة المثنى ولاسيما المراعي الطبيعية، وهو ما سبب الخلافات.
وشهدت ناحية بصيّة التابعة إلى محافظة المثنى تظاهرات للعشرات للمطالبة بإيقاف تأجير الأراضي التابعة للناحية باعتبارها مراعي طبيعية.
وعلى خلفية التظاهرات، أصدرت حكومة محافظة المثنى، بيانًا حول الأمر، استنكرت فيه ما حصل، معتبرة أنه "تدخل سافر في شؤون محافظة أخرى"، مطالبة "حكومة محافظة ذي قار والجهات التي تبنت التظاهرة بالاعتذار الرسمي".
وبالعودة إلى المؤتمر الصحفي، للشمري، فإنه تحدث عن زيارته إلى المثنى، حيث "تأتي للاطلاع على الوضع الأمني والمصحة القسرية لعلاج متعاطي المخدرات، فضلًا عن تعزيز عناصر الشرطة وتجهيزها بالعجلات والأسلحة".
وقال الشمري، إنّ "المحافظة مستقرة أمنيًا وزيارتنا للاطلاع على الأوضاع".
وأضاف: "بحثنا مع المحافظ وأعضاء مجلس المحافظة تعزيز قيادة الشرطة وتجهيزها بالعجلات والأسلحة".
وأكد الشمري على ملاحقة "تجار المخدرات في المحافظة ومتابعة علاج المتعاطين في المصحة الصحية القسرية".
*مدونون: الأمر أكبر بكثير!
عقب ما حدث، وبعد انتهاء الازمة وفق الطرفين ووزير الداخلية، علّق مدونون من المثنى على ما دار، وذكروا أن أهل ذي قار يقولون إن الأراضي التي تمت إحالتها إلى شركات استثمارية هي عبارة عن أراضي مراعي وهم أصحاب مواشي لكن الأمر في الحقيقة أكبر بكثير.
وأضافوا، إن حكومة المثنى لديها شكوك كبيرة بشأن التظاهرات التي شهدتها الناحية، كونها حصلت دون تنسيق مع القوات الامنية في المحافظة.
وأشاروا إلى أن بيانات حكومة ذي قار، كانت تمسك العصا من الوسط ولم تكن حاسمة في ذات الوقت، وفيها تواطؤ كبير مع المتظاهرين ولن "نسمح لأي محافظة مجاورة أن تسوق متظاهريها إلى المثنى".
وبين أهالي المثنى، أن "هناك أطماعاً استعمارية في أرض محافظتهم.. لقد رصدنا مسؤولين حكوميين بزيّ عربي ضمن التظاهرات التي قامت بها عشائر البدور داخل أراضي المثنى".
وتابعوا، "تم تقديم أدلة كاملة وصور لهؤلاء المسؤولين، وستصدر بحقهم قرارات قضائية قريبا، وبعضهم يشغلون مناصب حكومية في ذي قار بدرجة مستشارين للمحافظ ومعاونين له".
*مخلفات صدام
وفق المعلومات والمصادر وكما تم ذكره أعلاه، فإن ناحية بصية كانت تتبع إلى الحدود الإدارية لمحافظة ذي قار حتى عام 1969 عندما أقدم المقبور صدام على اقتطاعها وضمها إلى حدود المثنى.
وبهذا الصدد، يؤكد مراقبون أن كل ما حدث من أزمة بين محافظتي المثنى وذي قار يعود إلى مخلفات المقبور صدام كون قراراته كانت غير مدروسة ومتفردة ولا زالت تداعياتها تؤثر على المشهد العراقي إلى الآن.
بالمقابل، يرى أهالي ذي قار ومزارعوها، أن الناحية عائدة لهم وكانوا يجنون منها استثمارات كونها غنية بالموارد الطبيعية والمراعي والزراعة، لكن المقبور اقتطعها منهم قبل أكثر من نصف قرن وظل الأمر طي النسيان.