أسرار جديدة عن "إقليم الأنبار".. انفوبلس ترصد تحركات الشيخ رعد السليمان لتنفيذ المشروع "الطائفي"
انفوبلس/ تقرير
تكشفت، اليوم السبت 14 أيلول/ سبتمبر 2024، أسرار جديدة عن قضية إقامة إقليم الأنبار والدول الخليجية التي تدعمه والخطوات التي يتخذها الشيخ رعد عبد الستار السليمان من أجل تمهيد الطريق لتنفيذ المشروع الذي تفاجأ برفض شعبي غير متوقع لمشروعه الخارجي، فيما أعلنت عشيرته براءتها من السليمان وخطواته الطائفية، ويسلط تقرير شبكة "انفوبلس"، الضوء على التطورات الجديدة في هذا الملف.
*اجتماعات سرية في الكويت
وبحسب حديث أحد شيوخ ووجهاء محافظة الانبار شهر تموز الماضي 2024، فإن الشيخ رعد السليمان يمهد الطريق لإقامة إقليم الانبار، حيث إنه وصل وبصورة سرية الى الكويت والتقى بعدد من المسؤولين لاطلاعهم على الاتصالات والحوارات التي أجراها مع شخصيات سياسية وعشائرية في محافظة الانبار والمحافظات الاخرى لتكوين جبهة داخلية تؤيد مقترح الكويت في إقامة إقليم للسنة في الانبار قبل التوسع لمحافظات نينوى وصلاح الدين وديالى.
وأضاف الشيخ عبد الرزاق احمد الدليمي، إن السليمان حصل على دعم مادي كبير من دولة الكويت للمضي قدماً في إقناع شخصيات سياسية وعشائرية وإغرائهم بالأموال لتنفيذ هذا المشروع الذي قوبل بالرفض من قبل هذه الشخصيات التي أيقنت أن دوافعه خارجية وأداته محلية مدفوعة الثمن، مشيرا الى أن عددا من المسؤولين في الكويت استقبلوا السليمان وتعهدوا بدعم المؤيدين للمشروع بمبالغ مالية ضخمة وتسخير كافة الامكانيات لدعمهم دوليا.
*عشائر الأنبار تتبرأ من رعد سليمان
اليوم السبت 16 أيلول/ سبتمبر 2024، أعلن شيوخ ووجهاء محافظة الانبار، إعلان براءتهم من الشيخ رعد سليمان لوجود اتصالات سرية بينه وبين الكويت لإقامة اقليم الانبار. وقال الشيخ عبد الستار احمد الدليمي ايضاً، إن الاتصالات كشفت أن السليمان تبنى أجندة من الكويت لتفكيك العراق عبر الاقليم، مبينا أن الاتفاق ينص على إقامة الاقليم في الانبار قبل امتداده لمحافظات أخرى.
وطالب بمساءلة السليمان بتهمة التخابر لصالح دولة اجنبية، لافتا الى أن السليمان أجرى اتصالات مع بعض المسؤولين وعدد من الشخصيات الداعمة لهذا المشروع من اجل الترتيب لعقد مؤتمر يمهد لطرح مشروع إقامة اقليم الانبار بعد افتتاح فندق الانبار الدولي في الرمادي وبحضور شخصيات تقيم في الكويت والاردن وتركيا وامريكيا ودول اخرى بينهم قيادات من حزب البعث المنحل.
وبحسب حديث الدليمي، فإن عددا من المسؤولين في الكويت استقبلوا السليمان، لكن تفاجأ برفض شعبي غير متوقع لمشروعه الخارجي، فيما أعلنت عشيرته براءتها من السليمان ومشروعه الطائفي.
*تأجيل الموعد
أعلنت اللجنة التحضيرية لإقليم وسط وغرب العراق، يوم أمس الجمعة، تأجيل عقد الإعلان، وذلك لأسباب تنظيمية منها عدم اكتمال فندق الأنبار الكبير.
اللجنة ذكرت في بيان، "انسجاماً مع مطلب إقامة الاقليم، كنا قد أعلنا سابقاً عن عقد مؤتمر جامع ومؤسس للمطالبة بإقليم خاص بمحافظاتنا في شهر ايلول الجاري، وتم إكمال كافة المتطلبات اللوجستية والفنية لعقد المؤتمر في محافظة الانبار بالتزامن مع افتتاح فندق الانبار الكبير"، مضيفة، "نظراً لتأخر افتتاح الفندق لأمور فنية؛ تم الاتفاق على عقد المؤتمر في اربيل، لضمان وصول عدد كبير من الشخصيات من داخل العراق وخارجه، لكنه وقبل المدة المحددة أُبلغنا من قبل حكومة اربيل - وبسبب محددات فنية وقرب موعد انتخابات الاقليم - عدم إمكانية عقد هذا المؤتمر".
وأضافت، "نحن بدورنا نعلن تأجيل عقد هذا المؤتمر في الوقت الحالي لحين تهيئة كافة الظروف الملائمة لعقده وبأقرب وقت ممكن - إن شاء الله - ونعاهد أبناءنا المطالبين بالإقليم في الأنبار والمحافظات الاخرى بأننا ماضون بالعمل لإكمال هذا المشروع بكل ما أوتينا من قوة وبما يتلاءم ووحدة العراق الفيدرالي التي لا نفرط بها، ومن الله التوفيق".
ويلاحظ سياسي سني أن "القادة السياسيين السنة يحجمون عن الحديث علناً حول قضية الإقليم، ولعلهم يبدون قدراً من الاستياء العلني من تحركات السليمان، لكنهم يضمرون سعادة خفية، و(يريدون) التعبير عن رغباتهم الدفينة ورغبات مواطنيهم شبه العلنية".
ويعزو السياسي – رفض الكشف عن هويته - ذلك إلى "معرفة القادة السنة الدقيقة بممانعة الشيعة رغم إقرار الدستور بحق المحافظات في إقرار إقليمها. فضلاً عن الانقسامات الشديدة داخل البيت السني التي تعدّ من بين الأسباب التي تحول دون تحقيق مطلب الإقليم".
وتعطي "المادة 119" من دستور البلاد الدائم الحق لكل محافظة أو أكثر في إنشاء إقليمها الخاص من خلال استفتاء ينفذ بطريقتين: أولاً: طلب من ثلث الأعضاء في كل مجلس من مجالس المحافظات التي تروم تكوين الإقليم. ثانياً: طلب من عُشر الناخبين في كل محافظة من المحافظات التي تروم تكوين الإقليم".
وترى تحليلات ان المطالبات بالإقليم هي وسيلة للضغط على القوى السياسية الشيعية في إطار عملية انتخاب رئيس البرلمان والحصول على المزيد من التنازلات السياسية. والقوى السنية قد تستخدم ورقة الإقليم للحصول على تنازلات فيما يتعلق بالمشاركة السياسية وتوزيع المناصب الحكومية.
سكان المناطق الغربية مثل هيت، وحديثة، وعنه، ورآه، والقائم، والرطبة قد يفضلون إنشاء محافظة جديدة بدلاً من إقليم، وذلك لعدم ثقتهم بالأحزاب السنية المحلية التي قد تنفرد بإدارة الإقليم وامتيازاته، مما قد يؤدي إلى ديكتاتورية جديدة.
وكانت أنباء متواترة أفادت، بعقد "اجتماع سري" في الرمادي – حصل في شهر شباط - حضره علي حاتم سليمان، الذي عاد توا الى العراق بعد تصفية قضايا كانت مرفوعة ضده، واحمد ابو ريشة، اضافة الى رئيس البرلمان المعبد محمد الحلبوسي، وبحسب تلك الأنباء فأن الاجتماع كان قد ناقش اعادة احياء فكرة الاقليم السُني، الذي ظهر الحديث عنه أول مرة في ظروف مشابهة حين انسحبت القوات الامريكية اول مرة في 2011.
وكان مجلس القضاء الأعلى ذكر مؤخراً في بيان أن، رئيس مجلس القضاء الأعلى القاضي فائق زيدان استقبل، محافظ الأنبار محمد نوري الكربولي ورئيس مجلس المحافظة عمر مشعان دبوس، وبحث معهم التعاون المستقبلي بين القضاء وإدارة المحافظة لتعزيز الأمن والاستقرار المجتمعي وضرورة الإسراع في إكمال إجراءات التحقيق ومحاكمة من ارتكب جرائم الفساد الإداري أياً كان موقعه الوظيفي.
وبين أن "فكرة إنشاء أقاليم أخرى في أي منطقة في العراق مرفوضة لأنها تهدد وحدة العراق وأمنه"، مؤكداً "على دعم إدارة المحافظة الجديدة في الوقوف ضد أي أفكار تهدد وحدة وسلامة أمن العراق".
من جهته يقول القيادي في الإطار التنسيقي علي الزبيدي، أن "هناك جهات وشخصية اصحبت مفلسة سياسيا فهي تسعى الى إعادة تصديرها نفسها الى المشهد عبر الطرح والترويج الى فكرة الأقاليم بهدف تقسيم العراق، وهناك دعم خارجي لذلك وهذا الامر لا يخفى على أحد".
*تحركات سابقة للحلبوسي
في نيسان 2023، كشفت مصادر سياسية عراقية عن تحركات مكثفة يجريها رئيس البرلمان المعبد محمد الحلبوسي، لإنشاء إقليم سُني في العراق على غرار إقليم كردستان، ويدّعى إقليم الأنبار، من خلال عقده لقاءات عدة لاسيما مع شيوخ العشائر السُنية في المدينة غربي البلاد، لدعم المشروع.
بحسب المصادر، فقد التقى الحلبوسي، عدداً من شيوخ عشائر المحافظة التي تقع غرب العراق وتحدها 3 دول (السعودية، الأردن، سوريا)، وتحدث معهم عن مشروع إقليم الأنبار، وضرورة المُضي في إعلانه خلال المرحلة المقبلة.
أشارت أيضاً إلى أن من بين الحاضرين خلال اللقاء، الشيخ طارق خلف عبد لله الحلبوسي، والشيخ أحمد الساجر الملاحمة، والشيخ أحمد تركي مصلح شيخ البو فراج، والشيخ أحمد عبود عيادة شيخ البو جليب، إضافة إلى شيوخ آخرين يتجاوز عددهم الـ20 شيخاً.
*"ورقة سياسية"
من جهته، أكد طه عبد الغني العضو السابق بمجلس المحافظة والقيادي في تحالف "الأنبار الموحد"، أن موضوع إقامة الإقليم السُني في العراق "سمعنا عنه حديثاً بالفعل يجري من بعض الشخصيات القريبة من السياسيين السُّنة، حول إقامة الإقليم في الوقت الحالي".
وعن الهدف من طرح فكرة إقامة الإقليم، أكد عبد الغني أنه "ليست له علاقة بخدمة مدينة الأنبار، وإنما جاء نتيجة ضغط السوداني، الذي حصل نتيجة فتح ملفات فساد في الأنبار تتعلق بجهات مدعومة من قوى سياسية متنفذة بشكل كبير في المحافظة".
اعتبر كذلك أن إحياء فكرة إقليم الأنبار جاء "وسيلة للضغط على الحكومة الاتحادية في بغداد، وتحديداً على رئيس الحكومة، بالتالي فإن ما يحصل للمساومة ومحاولة تخفيف الضغط المتعلق بملفات الفساد في الأنبار".
حول فكرة الإقليم السُني في العراق بالنسبة إلى الأهالي السُنة لاسيما في الأنبار، قال عبد الغني إنها لا تلقى قبولاً في الوقت الحالي إلا ممن يتحدثون عنها، وهم جهات وأحزاب معينة. كذلك نفى عبد الغني وجود مؤشرات لوجستية وترتيبات متعلقة بإعلان مثل هذا المشروع الضخم في الأنبار.
*مشروع بدعم إماراتي
لم يكن طرح موضوع إقليم الأنبار جديداً، فقد أُثير عام 2020، بعدما استضافت العاصمة الإماراتية أبو ظبي اجتماعاً لعدد من الشخصيات البرلمانية ورجال الأعمال السُّنة؛ للتباحث في موضوع إقامة إقليم سُني في العراق.
وتناقلت وسائل الإعلام المختلفة حينها، أحاديث حول علاقة وثيقة بين الحلبوسي والإمارات، وعن زيارات سرية قام بها المسؤول العراقي وقتها لأبو ظبي، ولقائه شخصيات مهمة، حتى قبل وصوله إلى رئاسة البرلمان.
سبق كذلك أن قدمت الإمارات دعماً سخياً إلى الحلبوسي من أجل إعادة إعمار محافظة الأنبار التي كان يسيطر عليها تنظيم "داعش" الإرهابي منذ عام 2014 إلى 2017، وتهيئتها لتكون إقليماً منفصلاً، بحسب المصادر ذاتها.
وعلّق حينها السياسي العراقي البارز عزت الشابندر على تواصل الإمارات مع الحلبوسي حول مشروع الإقليم، بقوله عبر "تويتر"، إن "الدول العربية الصديقة والمعنية بوحدة العراق، لا تتحمل وترفض الإيحاء بمسؤوليتها عن اجتماعات مشبوهة لشخصيات عراقية نيابية وغير نيابية، تبحث مشروع أقلمة العراق على أساس طائفي باتجاه تقسيمه".