أمراض يخجل منها الرجال في العراق.. الأسباب والعلاج
انفوبلس/..
يعرف شهر تشرين الثاني نوفمبر من كل عام بأنه شهر توعية الرجال من مخاطر سرطان البروستات، الذي يحتل المرتبة التاسعة من أنواع السرطانات التي تصيب الرجال عالميا، والمرتبة الثامنة من حيث معدلات الوفاة، وكذلك لتشجيع الرجال على إجراء الفحوصات الدورية التي تخص كلا منهم، بالإضافة إلى التوعية بأهمية الصحة النفسية.
فمن المهم معرفة أنه كلما تقدّم الرجل في العمر، ارتفعت خطورة إصابته بسرطان البروستات، خصوصا إذا كان يعاني من السمنة أو إن كان لديه تاريخ عائلي مع هذا المرض.
ويعد الكشف المبكر عن الإصابة بسرطان البروستات أمر مهم جدا للمساعدة في اكتشاف المرض وزيادة نسبة الشفاء منه، وبالأخص إن كانت أعراضه لا تظهر على المريض بشكل واضح إلا في المراحل المتأخرة.
وسرطان البروستات هو نوع من السرطان يصيب الرجال عندما تتكون خلايا غير طبيعية في البروستات، ويمكن لهذه الخلايا أن تستمر في التضاعف بطريقة لا يمكن السيطرة عليها، وأحيانا تنتشر من خارج غدة البروستات إلى أجزاء قريبة أو بعيدة من الجسم.
وسرطان البروستات هو - بشكل عام - مرض بطيء النمو، ومعظم الرجال الذين يصابون بسرطان البروستات منخفض الدرجة يعيشون لسنوات عديدة من دون أعراض، ومن دون أن ينتشر المرض ويشكل خطرا على الحياة. إلا أن المرض في درجته المرتفعة ينتشر بسرعة ويكون قاتلا.
فوائد غدة البروستات
يقول الأخصائي في جراحة المسالك البولية، د.رامي كامل خدام، إن "الرجال فقط لديهم بروستات، وهي غدة صغيرة تقع عند بداية الإحليل وتحيط به عند عنق المثانة، ومن أبرز وظائفها فرز قسم من السائل المنوي الذي يقوم بتغذية الخصية، بالإضافة إلى التحكم بالإدرار مع عضلة المعصرة الداخلية، وكذلك تساعد في عملية قذف السائل المنوي، لأن تقلصها مع عضلة المعصرة الداخلية يساهم في خروج السائل المنوي نحو الأمام".
وتوصف البروستات أنها بحجم حبة الجوز، ومن الطبيعي أن تكبر مع تقدم الرجال في السن، وقد يشكل ذلك في بعض الأحيان مشاكل، مثل صعوبة التبوّل. وهذه المشاكل شائعة عند الرجال المسنين، وتضخمها لا يعني إصابة الرجل بالسرطان بالضرورة.
إصابات البروستات
يوضح خدام، أن "البروستات يحصل فيها مشاكل عديدة، أولها التهاب البروستات، وهذه قد تحدث في أي مرحلة عمرية، لكن ترتفع النسبة عند الرجال فوق سن الخمسين، وكذلك تضخم غدة البروستات وسرطان البروستات التي من أعراضها (الألم وصعوبة التبول وضعفه والحرارة)".
وتزداد احتمالية الإصابة بسرطان البروستات مع تقدم العمر أيضا، فخطر الإصابة بحلول سن الخامسة والسبعين هو 1 من بين كل 7 رجال. ويزداد هذا الخطر بحلول سن الخامسة والثمانين إلى 1 من بين كل 5 رجال.
أما تضخم البروستات - وكذلك سرطان البروستات - فسببها الرئيس غير معروف، لكن الوراثة العائلية تلعب دورا في ارتفاع نسبة الإصابة، وكذلك بعض الأمراض من السكري والسمنة والضغط وتناول بعض أدوية الضغط لفترات طويلة، فهذه جميعها يمكن أن تكون سببا في تضخم البروستات، فضلا عن الاضطرابات الهرمونية التي تحدث عند الرجال بعد سن الخمسين وانخفاض هرمون التستوستيرون، وفق الطبيب خدام.
أعراض تضخم البروستات
تنقسم الأعراض ما بين انسدادية وتخريجية، وتتمثل الأعراض الانسدادية بصعوبة التبول وضعف تدفق البول وعدم القدرة على تفريغ المثانة بالكامل، حيث يشعر المريض بأنه بحاجة للتبول بعد دقائق من تبوله، وهذا يؤدي إلى تكرار التبول خاصة خلال الليل، أما التخريجية فهي تشمل الألم وصعوبة التبول والحرقة بالإدرار والشعور بالتبول المتكرر أيضا.
تشخيص المرض
ينصح خدام الرجال من تجاوز عمره سن الخمسين، أن يجري فحص سونار لمعرفة حجم البروستات واحتمالية تضخمها، وكذلك لمعرفة إفراغ المثانة من عدمه بعد التبول، وكذلك تحليل الإدرار الذي يكشف الالتهابات، وتحليل دم (بي أس أي) الخاص بالكشف عن سرطان البروستات، ويتم التشخيص من خلال عمل مسحة (أخذ عينة من البروستات بالإبرة) وترسل إلى مختبر الفحص النسيجي، وهذا الإجراء يُبين هل هناك تضخما أو سرطانا بالبروستات أم لا.
علاج تضخم البروستات
يبدأ العلاج للمريض الذي يعاني من التهاب أو تضخم في البروستات دوائيا، وفي حال لم تستجب الحالة للعلاجات الدوائية حينها يكون العلاج بالفتح الجراحي أو القص بالمخثر الكهربائي أو بالليزر، بحسب الطبيب خدام.
دراسة علمية
أُجريت دراسة علمية رصدية في كلية الطب بجامعة ميسان حول المرضى الذكور المصابين بسرطان البروستات، خلال الفترة من تموز/يوليو 2018 إلى آذار/مارس 2019، وشارك فيها 53 مريضا من الذكور، لتكوين فكرة عن مدى انتشار هذا الورم الخبيث.
ووجدت الدراسة التي أجراها الدكتور حيدر سعدون قاسم، بأن هذا المرض وصل إلى ذروته بين المرضى ممن أعمارهم (70-80) سنة، وكانت نسبة (66.03٪) من المرضى المدخنون، ونسبة (13.2٪) ممن لديهم تاريخ عائلي من أنواع مختلفة من السرطان، وبنسبة (100٪) من المرضى كان لديهم سرطان منتشر، وبنسبة (56.6٪) من المرضى المصابين بسرطان عالي الدرجة (درجة جليسون ˃8)، وبنسبة (77.35٪) من المرضى لديهم مستوى PSA> 100 نانوغرام/مل.
وكشفت الدراسة، بأن سرطان البروستات يحدث بسبب وجود عامل خطر خاص مثل التقدم بالعمر، وارتفاع ضغط الدم، والتاريخ العائلي، وأقل احتمالا في وجود مرض السكري، ومن المرجح أن يتم إصابة المرضى بمرحلة متقدمة من سرطان البروستات (منتشر ودرجة عالية)، ويمكن تفسير ذلك في المقام الأول من خلال عدم وجود برنامج الفحص المبكر لسرطان البروستات في العراق.
تقليل خطر الإصابة
لا توجد أدلة علمية مؤكدة على وجود عوامل وقائية تمنع الإصابة بسرطان البروستات، لكن دراسات أوضحت أن تناول الكثير من اللحوم المصنّعة أو الأطعمة الغنية بالدهون قد يزيد من خطر الإصابة بالسرطان بشكل عام، ناهيك عن نمط الحياة، إذ أظهرت بعض الدراسات أن البيئة والنمط المعيشي قد يؤثران على خطر الإصابة بسرطان البروستات.
وفي هذا الجانب يقول الأخصائي في طب الأسرة، علي أبو طحين، إن "أكثر من 80% من الأمراض - بما فيها السرطان - لها علاقة بالطعام الذي يتم تناوله، حيث أن أغلب الأغذية حاليا تسبب مشاكل صحية، كونها غير طبيعية ومصنّعة، خاصة الأغذية الغنيّة باللحوم، ووجدت دراسات أن هناك علاقة ما بين تناول كميات كثيرة من اللحوم والأكلات الدسمة والتدخين والكحول وبين السمنة والسكري وأمراض القلب، التي تعد أكثر أسباب الوفيات في عموم العالم".
ويضيف أبو طحين، "كذلك قلّة تناول الخضروات لها علاقة بالإصابة بالعديد من أنواع السرطان"، مؤكدا أن "الأكلات الغنيّة بالألياف التي مصدرها نباتي وعشبي لها فوائد كثيرة".
الامراض الرجالية والخجل
يخجل كثير من الرجال الذين يعانون من أمراض البروستات، ولا يقدمون على زيارة الطبيب أو حتى الكشف المبكر للمرض، بل ينتظرون إلى أن يتطور حالهم الصحي، على الرغم من أن المرض أمر طبيعي للإنسان.
وفي هذا السياق يقول الباحث النفسي والاجتماعي الدكتور أحمد مهودر، إن "الخجل ظاهرة خطيرة تؤثر بدرجة كبيرة على سلوك الأفراد في المجتمع، خاصة أولئك الذين يعانون من أمراض أو مشاكل صحية أو عوق، ما يجعلهم ينسحبون من مجمل نشاطهم وتفاعلهم مع المجتمع".
ويتابع مهودر، "كذلك يؤثّر الخجل على بناء الشخصية السوية بالنسبة للأفراد، وأظهرت دراسات أن الذين لديهم أمراض جسمانية أو عيوب بالنطق وغيرها، يعانون من الخجل وعدم القدرة على التواصل بشكل سليم مع الآخرين والمجتمع، ما ينتج عنها آثار سلبية خطيرة".
ويؤكد المختص على ضرورة أن "يتقبل الفرد ذاته وأن يكابد الآلام والأمراض، وأن يسعى إلى أن يكون جزءا فاعلا في المجتمع، ويبدأ ذلك بالدرجة الأساس من عائلته التي تُقدم له الإسناد والدعم ليتغلب على مرضه، وكذلك بالنسبة بقية المؤسسات الأخرى التي تكون المدرسة جزءا منها في مرحلة من مراحل العمر".
ويضيف، "كذلك يمكن تقديم الدعم النفسي للمرضى عن طريق المختصين النفسانيين - سواء الأطباء أو الباحثين - لتخفيف حدة الخجل، وتسهيل عملية اندماج الفرد في المجتمع، وكذلك توعية المجتمع من خلال الندوات والورش والمؤتمرات بضرورة تقبل هؤلاء الأفراد كما هم، بعيوبهم وأمراضهم، وبالمشاكل التي يعانون منها".
وفي عام 2021، قالت منظمة الصحة العالمية، إن واحدا من كل أربعة عراقيين يعاني من هشاشة نفسية في بلد يوجد فيه ثلاثة أطباء نفسيين لكل مليون شخص، في مقابل 209 أشخاص في فرنسا مثلا.