اختفاء 50 ألف باكستاني خلال زيارة عاشوراء.. هل تسربوا لسوق العمل أم سيبقون حتى الأربعينية؟
انفوبلس/ تقرير
تانية عن اختفاء نحو 50 ألف باكستاني في العراق خلال زيارات شهر محرم الحرام، أثار الجدل لما يمكن من أن يشكل هؤلاء من مخاطر على الأمن وتأثيرهم على سوق العمالة، وسط مطالبات للحكومية العراقية التوضيح والتعليق على الأمر، ويسلط تقرير شبكة "انفوبلس"، الضوء على تداعيات القضية "الغامضة".
ونحو 95 بالمئة من هذه العمالة الأجنبية تدخل البلد بطرق غير شرعية، لتجنب السياقات القانونية في العراق وتجديد الإقامة، بحسب المتحدث باسم وزارة الداخلية خالد المحنا.
*الحكومة الباكستانية تكشف
كشف وزير الشؤون الدينية الباكستاني شودري سالك حسين، اليوم الخميس 25 تموز/ يوليو 2024، عن اختفاء نحو 50 ألف باكستاني في العراق خلال زيارة شهر محرم الحرام، دون تحديد الفترة التي اختفوا فيها.
وقال حسين خلال اجتماع لجنة بمجلس الشيوخ برئاسة السيناتور عطا الرحمن، إن "نحو 50 ألف باكستاني اختفوا في العراق"، مبيناً أن "الحكومة العراقية تصدر تأشيرات مجانية للحجاج، لكن منظمي الرحلات السياحية يتقاضون 80 إلى 90 دولارا".
وأشار وزير الشؤون الدينية إلى أن "هناك خطوات يتم اتخاذها للسيطرة على قضايا الأشخاص الذين يسافرون بشكل غير قانوني إلى دول أخرى". كما وأبلغ السكرتير الإضافي للجنة للشؤون الدينية عن "سياسة جديدة لزائري العراق وإيران وسوريا، والتي تنتظر موافقة مجلس الوزراء".
*مشعان الجبوري يعلق
علق النائب السابق مشعان الجبوري، اليوم الخميس 25 تموز/يوليو 2024، بشأن حادثة اختفاء 50 ألف باكستاني خلال زيارة عاشوراء في العراق. وقال الجبوري في تدوينة عبر منصة أكس (تويتر سابقا) وتابعتها شبكة "انفوبلس"، إن "ما كشفه وزير الشؤون الدينية الباكستاني شودري سالك حسين أمام لجنة برلمانية عن اختفاء نحو 50 ألف باكستاني في العراق خلال زيارة محرم يتطلب من الحكومة العراقية التعليق على الأمر لما يمكن أن يشكله هؤلاء من مخاطر على الامن وتأثير على سوق العمالة".
وبحسب مراقبين تحدثوا لشبكة "انفوبلس"، فإن البلاد شهدت في السنوات الاخيرة تزايداً ملحوظاً في أعداد العمالة الأجنبية الوافدة من دولة الباكستان في الوقت الذي يشكو فيه العراق من ارتفاع نسبة البطالة بين أوساط الشباب، مشيرين الى أن أغلب هؤلاء يدخلون العراق عن طريق التهريب أو بحجة الزيارة الاربعينية وقليل منهم من جاء بفيزا قانونية للعمل في العراق.
ويضيفون، أن الباكستانيين ولاسيما السنة منهم كالبلوش وغيرهم معروفون بالشراسة والهمجية والعنف لذا قد يرتكبون الجرائم بكل بساطة، مبينين، "نحتاج إلى تشديد في الإجراءات مثل أي دولة في العالم تشدد في دخول الأجانب بعد أخذ الموافقات الاستخبارية، فضلا عن الوضع الصحي لهؤلاء وسط جائحة يمر بها العالم أجمع".
وتمثل العمالة الأجنبية تهديدا للاقتصاد العراقي ولسوق العمل، فهي تارة تقوض فرص العمل للشباب العاطلين والباحثين عنه في الأسواق المحلية والقطاع الخاص المتمثل بالمصانع والمشاريع الاستثمارية، الذي يُعد السبيل الوحيد بعد إيقاف التعيينات جراء الترهل الوظيفي في دوائر الدولة وقلة الإيرادات المالية التي تعيق خلق درجات وظيفية للكم الهائل من العاطلين والخريجين، وتارة تُعد العمالة الأجنبية الطريق الشرعي لتهريب العملة الصعبة (الدولار) الى خارج البلاد.
ويعمل في العراق وفق وزارة العمل والشؤون الاجتماعية مليون عامل أجنبي، المسجل منهم بأوراق رسمية 71 ألف عامل فقط، حيث الإعداد الرسمية المسجلة تحول أموالا خارج العراق بقيمة 600 مليون دولار سنويا، ووفق لجنة العمل في البرلمان فإن الأرقام الرسمية التي اطلعت عليها عن طريق رصد التحويلات المالية للعاملين الأجانب تبلغ أكثر من 350 مليون دولار شهرياً أي ما يعادل 4 مليارات و200 مليون دولار سنويًا.
*الباكستانيون يريدون وظائف أكثر في العراق
نقلت صحيفة "Dawn" الباكستانية الناطقة بالإنكليزية الأسبوع الماضي، طلب وزارة المغتربين الباكستانية من حكومة العراق، مضاعفة حصة الزوّار الباكستانيين القادمين إلى العتبات المقدسة، وفقاً لوزير داخلية باكستان محسن نقوي، إلى جانب منح تأشيرات الدخول المجانية.
ويقول الصحيفة في تقرير، إن وزارة المغتربين الباكستانية وقسم تنمية الموارد البشرية تعمل على خطة لتأمين إصدار تصاريح العمل للمواطنين الباكستانيين في العراق، ولهذا الغرض، سيتم قريباً توقيع مذكرة تفاهم بين وزارة المغتربين الباكستانيين ووزارة العمل العراقية.
ونوقشت هذه القضية في اجتماع بين وزير الباكستانيين في الخارج وتنمية الموارد البشرية شودري سالك حسين وسفير العراق حامد عباس لفتة، بحضور وزير الداخلية محسن نقوي، بحسب التقرير.
يقول سالك حسين: "مذكرة التفاهم ستسهل على المواطنين الباكستانيين الحصول على تصاريح عمل في العراق، وسيؤدي ذلك أيضاً إلى زيادة الهجرة القانونية وتقليل الدخول غير القانوني إلى العراق".
وأضاف التقرير، إن "الاجتماع ركز على تقديم أقصى التسهيلات للزوّار، بما في ذلك إصدار تأشيرات دخول مجانية وزيادة حصة الزوّار الباكستانيين".
وزير الداخلية محسن نقفي أكد للمبعوث العراقي أنه سيتم اتخاذ إجراءات ضد وكلاء السفر الذين فرضوا رسوماً إضافية على الزوّار، وقال إن مئات الآلاف من الباكستانيين يزورون العراق كل عام، لكنهم يواجهون بعض المشاكل، خاصة خلال شهري محرم وصفر. وأضاف: الحكومة تعمل على تقديم أقصى التسهيلات لهؤلاء الزوّار، وإذا سمحت الحكومة العراقية بمنح تأشيرات دخول مجانية لهم فإن ذلك سييسر أمرهم بشكل كبير.
ووافق السفير العراقي على التعاون الكامل في هذا الشأن لتسهيل سفر الزوّار الباكستانيين، كما قدم السفير العراقي قائمة بأسماء وكلاء السفر الذين فرضوا رسوماً إضافية على الزوّار، وقال إنه سيتم اتخاذ إجراءات صارمة ضد وكلاء السفر هؤلاء في غضون أسبوع، وفقاً للتقرير الذي أكد الجانبان اتفقا خلال الاجتماع على الانتهاء قريباً من اتفاق حول الإعفاء من التأشيرة لحاملي جوازات السفر الدبلوماسية والرسمية.
*جرائم الباكستانيين في العراق
منذ مطلع العام الحالي، تنشغل القوات الأمنية بملاحقة العمال الآسيويين في بغداد لاسيما الباكستانيين الذين تنامَوا بشكل لافت حتى باتوا يشكلون تهديدا للسلم الأهلي، إذ أصبحوا يمارسون عمليات الخطف والابتزاز في مختلف المناطق بل تطور الأمر بهم إلى إشهارهم السلاح بوجه قوات الأمن.
في السادس عشر من شهر تموز/يوليو الجاري، فككت القوات الأمنية عصابة باكستانية للاختطاف قامت بعملية خطف مهندس من نفس الجنسية في العاصمة العراقية بغداد. وقال مصدر أمني، إن "معلومات وردت بوجود حالة خطف لمواطن باكستاني الجنسية يعمل مهندساً لصيانة عجلات نوع (BMW)، مبينا أن الخاطفين تواصلوا مع اهل المخطوف، وقد طلبوا مبلغ فدية مقداره أربعة آلاف دولار أمريكي.
وأضاف أنه تم تفريغ الكاميرات ومتابعة سير الخاطفين حيث اتضح ان المخطوف يتواجد ضمن منطقة التاجي شمالي العاصمة، مشيرا إلى تشكيل فريق عمل مختص ونشر القوات وتطويق المنطقة بالكامل. وتابع المصدر بالقول، إن قوة أمنية تمكنت من إلقاء القبض على أربعة أشخاص باكستانيي الجنسية، وتحرير المخطوف، وقد وجد مقيدا بسلاسل حديد.
اما في مارس الماضي، أقدم شخص باكستاني الجنسية يدعى "شعيب" على إطلاق النار على مواطنين خلال حفل إفطار جماعي بالقرب من جامع الإمام أبو حنيفة، في منطقة الأعظمية وسط العاصمة بغداد، مستخدماً مسدساً، لكنه لم يُصِب أحداً، فيما جرت ملاحقته واعتقاله في أحد الأزقة، لكنه وأثناء الملاحقة أصاب أحد عناصر الشرطة بطلقٍ ناري.
وتوالت الجرائم المشابهة، واستفحل الباكستانيون في بغداد، فبعد عملية الأعظمية، وعملية الكرخ، أعلنت وزارة الداخلية في تاريخ (3 أيار 2024)، القبض على شبكة خطف وابتزاز من الجنسية الباكستانية في منطقة الرصافة بالعاصمة بغداد.
وذكرت الوزارة في بيان ورد لـ "انفوبلس"، أن "مفارز من فوج طوارئ بغداد الرصافة الثاني وبالتعاون مع الأجهزة الأمنية الأخرى تمكنت من القبض على شبكة خطف وابتزاز مكونة من (12) شخصا من الجنسية الباكستانية".
وأوضح البيان، أن "أعضاء الشبكة يقومون بخطف وابتزاز اشخاص باكستانيين ومساومة ذويهم". لافتا الى "أنه تم تنفيذ واجب مشترك ضمن منطقة بغداد الجديدة / النعيرية أسفر عن إلقاء القبض عليهم ليتم تسليمهم الى جهة الطلب أصوليا".
عصابة الشعب
كما قلنا، توالى الكشف عن العصابات الباكستانية، إذ وفي الرابع من أيار أيضا من العام الحالي، أعلنت المديرية العامة للاستخبارات والأمن بوزارة الدفاع، الإطاحة بعصابة خطف وابتزاز "باكستانية" مكونة من 9 متهمين في العاصمة بغداد.
وذكرت المديرية في بيان تلقته شبكة انفوبلس، أن "مفارز مديرية استخبارات وأمن بغداد التابعة إلى المديرية العامة للاستخبارات والأمن بوزارة الدفاع، تمكنت من إلقاء القبض على عصابة متخصصة بعمليات خطف وابتزاز بمنطقة الشعب ببغداد".
وأوضحت، أن "العصابة تتكون من 9 متهمين من جنسيات باكستانية كانت تقوم بخطف أشخاص من جنسيات أجنبية أخرى وابتزازهم مقابل مبالغ مالية"، مبينةً أنه "تمت إحالتهم إلى الجهات المختصة أصوليا لإكمال أوراقهم التحقيقية".
بالمقابل، يرى مراقبون، أن ما يحدث هو جريمة منظمة حقيقية لا غبار عليها، كون الجرائم وعمليات الخطف والابتزاز تتم بخطط مدروسة ومتقنة لا يمكن تجاوزها على أنها حدثا عابرا. ويحذر هؤلاء من خطورة تنامي هذه العصابات، مؤكدين أن جهات كبيرة تقف خلفهم لا يُستبعد أن تكون أمنية أو سياسية، لغرض تصفية الحسابات الشخصية لهم.