ازدياد جرائم النصب والاحتيال ضد العرب في كردستان.. وأغلب عمليات الاحتيال تتم عبر العقارات
انفوبلس/..
تصاعدت حالات النصب والاحتيال في محافظات العراق الشمالية، الواقعة داخل الحدود الإدارية لإقليم كردستان، حيث تكررت حالات الاحتيال على العرب العراقيين الذين يتجهون لشراء وحدات سكنية داخل الإقليم.
ويروي مواطن عراقي، قصة تورطه في مشروع استثمار في إقليم كردستان، حيث أشار الى شرائه وحدات سكنية متعددة برفقه أقربائه، ليكتشف أن المشروع وهمي وغير قانوني بعد أن دفع مئات آلاف الدولارات للوحدات السكنية التي اتفق عليها بعد أن استشار هيئة استثمار الإقليم والمستشار القانوني.
وأشار المواطن، في حوار متلفز، أنه "قام هو وإخوته ببيع منازلهم في بغداد، لغرض الاستثمار في الإقليم بالعقارات، دون أن ينتبه الى ما ينتظره هناك، حيث إن هيئة الاستثمار والمستشار القانوني أخبروه أنه مشروع (كابيتال تاور) وتمت إجابته بإجازة المشروع و قانونيته.
وأضاف، أنه "أقبل على شراء وحدات سكنية في المشروع، بعد التأكد من الهيئة والمستشار القانوني، لكن فوجئ بعد 4 أشهر بتوقف العمل بالمشروع، وتم إخباره من قبل موظفي هيئة استثمار أربيل أن المشروع غير قانوني وغير مسجل".
ويؤكد المواطن، أنه لجأ إلى القضاء الآن، وقدم دعوات جزائية ومدنية لاسترجاع أمواله، وتظاهر أمام مجلس الوزراء لأكثر من مرة للوقوف معه واسترجاع حقوقه، مؤكدا أن المشروع كان تابعاً لشركة كار التابعة للمستثمر الكردي باز البرزنجي ويسكن المواطن الآن في الإيجار، حيث ذهبت أموال منزله الى الشركة الكردية الوهمية.
لا توجد ضمانات قانونية
وتوجه الكثير من العرب العراقيين الى شراء وحدات سكنية في إقليم كردستان، وخاصة محافظة أربيل عاصمة الإقليم، إلا أن ضعف الضمانات القانونية أو انعدامها جعل الزبون العراقي من القومية غير الكردية يمتنع عن التداول في سوق العقارات مؤخرا، بعد أن كان العرب في الإقليم هم العمود الفقري في صفقات شراء الوحدات السكنية التي تقدمها الشركات في إقليم كردستان.
وتؤكد مصادر مطلعة، أنه "لا يوجد نص قانوني يشير إلى منع سكان بقية المحافظات العراقية من الشراء والتملك في المناطق الكردية، فيما أشار إلى وجود تعليمات إدارية تم اتخاذها منذ خروج هذه المناطق عن سيطرة الحكومة وتمتعها بالإدارة الذاتية عقب حرب عام 1991 واستمرت الحكومات المتعاقبة بعد عام 2003 في العمل بهذا الإجراء".
وتمنع تلك التعليمات تمليك المنازل للمواطنين العراقيين، من غير القومية الكردية في مدينة أربيل، وعموم مناطق إقليم كردستان، ويُسمح بها فقط داخل المجمعات السكنية الاستثمارية التي تم بناؤها مؤخراً، والذي يؤكد أن وثيقة الشراء في المجمعات تكون مؤقتة وليست سند شراء دائم مثل المعمول به مع العقارات خارج هذه المجمعات.
تعليمات المنع دفعت ببعض العراقيين من خارج الإقليم إلى شراء العقارات وتسجيلها بأسماء أصدقائهم من الأكراد، إلا أن هذه الطريقة تحمل مخاطر كبيرة مما دفع الزبائن إلى ترك أربيل والتوجه إلى مدينة السليمانية التي قامت مؤخراً بإصدار تشريع يسمح بتمليك الوحدات السكنية والأراضي لكل من يحمل الجنسية العراقية وهو ما اعتبره قانونيون بأنه سحب للبساط وضربة كبيرة لسوق العقارات في أربيل.
عمليات احتيال ونصب
وتشهد محافظات إقليم كردستان، عمليات نصب واحتيال على المواطنين العرب الراغبين في شراء عقارات في الإقليم وخاصة محافظة أربيل، حيث أفاد مصدر امني في الإقليم منتصف 2023، بتعرض عشرات المواطنين لعمليات احتيال من قبل شخص في أربيل بـ 5 ملايين دولار قبل أن يهرب الى المانيا.
وقال المصدر، إن "شخصا من سكنة محافظة أربيل احتال وسرق 500 دفتر "5 ملايين دولار" من مواطنين بحجة الاستثمار في أحد مطارات المحافظة"، مبينا أنه "هرب بعدها الى ألمانيا بجواز دومينيكا قبل أن يقوم بتسليم نفسه الى السلطات الألمانية بجنسيته العراقية كلاجئ".
وأوضح، أن "هناك شخصا مثلا أُخِذ منه 120 دفترا بحجة الاستثمار لكنه تعرض للنصب والاحتيال، فضلا عن أشخاص آخرين سلّموا له عشرات الدفاتر لكنهم وقعوا جميعا في ذات الفخ".
وبدأت عمليات النصب والاحتيال تنتشر بشكل كبير في إقليم كردستان والعراق عمومًا، وذلك مع تزايد الازمات الاقتصادية، وعلى سبيل المثال بلغ عدد المعتقلين في السليمانية لوحدها عام 2022 أكثر من 3 آلاف و100 شخص بعمليات سرقة ونصب واحتيال، من أصل 9 آلاف معتقل بقضايا مختلفة، أي إن نحو 40% من المعتقلين كانوا بتُهم سرقة ونصب واحتيال.
وكانت مديرية شرطة أربيل، قد أعلنت في وقت سابق، اعتقال شخص استحوذ على ۸۰۰ ألف دولار بالاحتيال على عدد من الاشخاص في المحافظة.
وقالت المديرية، إن "قوة من الشرطة اعتقلت شخصا متهما بالاستحواذ على ۸۰۰ الف دولار امريكي من خلال الاحتيال على مواطنين".
من جانبها، أعلنت المديرية العامة لشرطة إقليم كردستان ارتفاع معدل جرائم النصب والاحتيال في العام المنصرم، حيث شهدت أعوام 2019، و2020، و2021 ارتفاع حوادث النصب والاحتيال، حيث سُجلت 1300 قضية احتيال، و6780 جريمة نصب.
تراجع نشاط سوق العقارات
وباتت أربيل مؤخرا، غير مفضّلة لدى العرب الذين يأتون من بغداد والمحافظات، إذ بدأوا يفضلون شراء المنازل والشقق في أماكن أخرى أكثر استقرارا في مدن بإقليم كردستان مثل السليمانية أو دهوك، أو الذهاب إلى تركيا.
وعزا مراقبون، تراجع أسعار العقارات في أربيل إلى أسباب عديدة، أبرزها الأزمة الاقتصادية التي يشهدها الإقليم نتيجة عدم صرف رواتب الموظفين في موعدها، وعدم وجود سيولة مالية كافية.
وقال أصحاب مكاتب عقارات في الإقليم، "كنّا نعتمد على سكان محافظات وسط وجنوب العراق؛ لكن مع الازمة الاقتصادية والتهديدات الأمنية، لم يعُد الطلب على العقار في أربيل قائما".
وأشارت وسائل إعلام محلية إلى انخفاض حركة سوق العقارات في أربيل بنسبة 70% خلال الشهرين الماضيين، ما تسبّب في أضرار كبيرة للمستثمرين والعاملين في القطاع العقاري؛ كما انخفضت أسعار الشقق والمنازل والأراضي بنسبة 25 بالمئة.
ومن أسباب تراجع الإقبال على شراء العقارات في الإقليم، إخلال الشركات بشروط التعاقد مثل نوع الخدمات المتوفرة في الوحدة السكنية، والتلاعب بجودة المواد المستخدمة في البناء، هو سبب آخر لكساد سوق العقارات في أربيل بحسب خبير عقاري، والذي يعمل في وظيفة مستشار لدى اتحاد المقاولين في كردستان، إذ يؤكد أن الزبون يرى مواصفات مختلفة بين مرحلتي الشراء والاستلام وحتى تصل الأمور إلى عدم إكمال الشركة للمشروع.