الذكرى الخامسة لمأساة عبّارة الموصل.. هكذا حرّف الإعلام "السني" الحقيقة وأغفل دور عبيد الحديدي المقرب من الخنجر.. كيف تم استغلال عوائل الضحايا؟
انفوبلس/ تقارير
في مثل هذا اليوم قبل خمس سنوات، وقعت حادثة العبّارة الأليمة في الموصل والتي راح ضحيتها أكثر من ١٢٠ شخصاً غالبيتهم من النساء والأطفال. انفوبلس سلّطت الضوء على هذه الذكرى وكيف استغلها الإعلام "السني" وأغفل الدور الأساسي للمستثمر عبيد الحديدي المقرب من خميس الخنجر واتهمَ آخرين، لتتواتر بعدها الأكاذيب ويُطوى ملف الحادثة في عام ٢٠٢٢.
*وقوع الحادثة
في يوم الخميس 21 مارس 2019 غَرِقت عبّارة سياحيّة في نهر دجلة بمدينة الموصل، وكانت العبَّارة تنقل مجموعة من العائلات إلى جزيرة أم الربيعين في غابات الموصل.
وأدى ذلك بغرق أكثر من 120 شخصاً (من النساء والأطفال والرجال) وأعلنت إدارة الجزيرة السياحية التي كانت تقصدها العبَّارة أن سبب الحادثة يرجع إلى انقطاع سلك مثبَّت بأحد الأعمدة المسؤولة عن سحب وتثبيت العبارة فأدى ذلك إلى غرقها. إلا أن مصدر أمني أفاد خلاف ذلك، بأن العبارة كانت تحمل عدداً من الركاب يفوق قدرتها الاستيعابية حيث تستوعب حوالي 50 راكباً، والذين ركبوا يزيدون عن مائتي شخص، وهو الذي أدى بالتالي إلى غرقها.
*إهمال وفساد
تسببت هذا الحادثة بصدمة وغضب شعبي وحزن شديد في الموصل بشكل خاص، وفي جميع أنحاء العراق بشكل عام. لأن منذ اللحظات الأولى لوقوع هذا الحادث، كان واضحاً للجميع بأن الأسباب المباشرة لوقوع هذا الحادث هو الإهمال وانعدام إجراءات السلامة والأمان، والمجازفة بحياة الناس، حيث تم تحميل هذه العبارة بأكثر من طاقتها، لغرض زيادة الكسب المالي للأشخاص الذين يملكون هذا المشروع السياحي.
الصحفي الموصلي "عبد الجبار الجبوري" الذي فقد زوجته وثلاثة من بناته في تلك الحادثة، قال في حديث له بتاريخ 26 آذار من نفس عام الفاجعة، "إن هذه العبَّارة مصممة لنقل 50 شخصا فقط، وإن المسؤولين في الجزيرة قاموا بتحميل حوالي 287 شخصا فيها".
كما ذكر الصحفي عبد الجبار الجبوري في ذلك اللقاء: "محافظ نينوى نوفل العاگوب وجميع المسؤولين في الموصل كانوا خارج مدينة الموصل عند وقوع حادثة غرق العبارة، وأن أغلب هؤلاء المسؤولين كانوا في إقليم كردستان لأغراض السياحة هم وعوائلهم، وأن المحافظ العاگوب وصل للموصل بعد 3 ساعات من وقوع الحادثة".
*دور المستثمر عبيد الحديدي بالفاجعة
بعد هذا الحادث مباشرةً بدأت المعلومات المسرَّبة حول تفاصيل هذه الكارثة تظهر في الإعلام وفي وسائل التواصل الاجتماعي، حيث ظهر أن منتجع جزيرة "أم الربيعين" الذي حدثت فيه الفاجعة هي من أملاك الدولة ولكنها مؤجَّرة كمشروع استثماري، وتبين أن المالك الرئيسي لهذا المشروع هو شخص من أهل الموصل اسمه "عبيد الحديدي" يُدير هذا المشروع عن طريق ابنه "ريان عبيد الحديدي".
الحديدي الذي جرى اعتقال ابنه ريان عقب الحادثة بعد هروبه للإقليم، هو مقرب من السياسي ورئيس تحالف السيادة خميس الخنجر، كما أنه مرشح سابق للانتخابات لم ينَل ثقة الجماهير.
*كيف أغفل الإعلام السني دور "الحديدي" واتهم آخرين؟
لقد كشفت التحقيقات، أن المستثمر عبيد وابنه ريان متورطان بهذه الحادثة نتيجة إغفالهما جميع شروط السلامة والأمان لكن الإعلام "السني" بدأ بإبعاد الشبهات عنهم عبر اتهام جهات أخرى وتلفيق ارتباطها بالحشد الشعبي، مستغلاً بذلك دماء الأبرياء التي اختلطت بدجلة.
ومن أولى خطوات النواب والاعلام السني لإغفال دور الحديدي هو ما قالته النائب في البرلمان عن محافظة نينوى "إخلاص الدليمي" في 21 آذار والتي ذكرت أن : "حركة -عصائب أهل الحق- تمتلك حصة في جزيرة "أم الربيعين" السياحية، والعصائب تتحمل جزء كبير من المسؤولية عن حادث غرق العبارة". حيث تبين أن هنالك شخص اسمه "حيدر الساعدي" ويلقب بـ"حيدر رينكو" له حصة 30% من هذا المشروع السياحي".
لكن النائب الدليمي، لم تقدم أي دليل يثبت صحة ادعاءاتها، بينما كانت الأدلة على الحديدي تملأ الرفوف دون أن تحرك هي أو غيرها ساكناً.
*القنوات السنية توجه بوصلتها نحو الحشد.. الشرقية نموذجاً
وبعد الدليمي، أقدم العديد من النواب في البرلمان عن الموصل مثل "رحيم الشمري" و"أحمد الجبوري" و"نايف الشمري"، على ذات الخطوة عندما زعموا بأن "هنالك فصيل مسلح ينتمي للحشد الشعبي يسيطر على منتجع جزيرة "أم الربيعين" السياحية"، وأن "هذا الفصيل المسلح يمنع أي جهة أمنية أو حكومية من الدخول للمنتجع للتفتيش او التدقيق على إجراءات السلامة والأمان في منشآت هذا المنتجع السياحي، ومن ضمنها العبّارة النهرية".
واصل الإعلام السني إغفال الحقيقة، ووجه بوصلته هذه المرة صوب الحشد الشعبي بشكل صريح، حيث ورد اسم "وعد الله القدو-أبو جعفر-" قائد لواء 30 "حشد الشبك" التابع للحشد الشعبي في الكثير من التقارير التلفزيونية للقنوات السنية أبرزها قناة الشرقية التي تحدثت عن عمليات تهريب الحديد والخردة من الموصل واتهمت الحشد بأنه يحمي هؤلاء فيما افتقرت أيضا الى تقديم أي دليل على ذلك.
*تواتر الأكاذيب
بعد كل ذلك، تواترت الأكاذيب واستمر الإعلام السني بحرف حقيقة الأحداث، حتى أنه برَّأ الحديدي والخنجر وزعم أن الأهالي تنازلوا عن حقهم بعد دفع المستثمرين ديّة لهم وتعويضهم، فيما واصل اتهامه للحشد الشعبي والفصائل رغم أن دور هؤلاء محدودا في المدينة.
وفي أكثر من مناسبة، زعم الإعلام السني أن ما حدث مفتعل ورغم أن ذلك صحيحا لكنه حرّف سبب الافتعال والجهات التي تقف وراءه وبرّأَ جميع "السنة" في المدينة مستغلاً دماء الأبرياء لتنفيذ أجنداته الخاصة.