السوداني يتراجع عن قرار التمويل المركزي للشركات النفطية.. هل يمكن الحفاظ على الأرباح والحوافز دون التمويل الذاتي؟
تعرف على ابعاد القصة
السوداني يتراجع عن قرار التمويل المركزي للشركات النفطية.. هل يمكن الحفاظ على الأرباح والحوافز دون التمويل الذاتي؟
انفوبلس/..
أثار الإجراء الحكومي بتحويل الشركات النفطية وغير النفطية الرابحة من نظام التمويل الذاتي إلى التمويل المركزي، انتقادات كبيرة خاصة خلال الفترة التي سبقت إقرار جداول الموازنة المالية الاتحادية لعام 2024 وما بعدها، الأمر الذي دفع رئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني إلى التراجع وتشكيل لجنة مراجعة لهذا القرار.
*التفاصيل
وجه رئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني، أمس السبت، بتشكيل لجنة لمراجعة قرار مجلس الوزراء الخاص بتحويل رواتب شركات وزارة النفط إلى التمويل المركزي.
وقال نائب رئيس مجلس الوزراء لشؤون الطاقة وزير النفط حيان عبد الغني في بيان، إن "الحكومة ووزارة النفط وحرصاً منهما على دعم العاملين في القطاع النفطي، فقد وجه رئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني بتشكيل لجنة لدراسة ومراجعة جميع الملاحظات المالية والقانونية لقرار مجلس الوزراء المرقم 24600 في 2024 وتصويبه بما يضمن المحافظة وعدم المساس برواتب وحوافز وأرباح المنتسبين في الشركات والتشكيلات النفطية".
وأضاف، أن "ذلك جاء بناءً على ملاحظات وزارة النفط بموجب كتابيها المرقمين (و/644 في 21/8/2024 ) و ( و/666 في 28/8/2024)"، مشدداً على أن "هذا الموضوع يحظى باهتمام وبمتابعة قيادة القطاع النفطي التي تؤكد حرصها على دعم حقوق وواجبات ومصالح العاملين في الشركات والتشكيلات النفطية ، وبما يضمن الحياة الحرة الكريمة".
*احتجاجات
وعمّت التظاهرات الاحتجاجية الشركات النفطية في أنحاء متفرقة من البصرة، ونقلت مصادر من البصرة، عن أن المتظاهرين احتجوا على قرار مجلس الوزراء (24600)، القاضي بتعديل حصة الخزينة من أرباح الشركات وزيادتها من 45% إلى 75%، وأقدم المتظاهرون على إغلاق بوابات مواقع (البرجسية، شركة نفط البصرة، الرميلة الشمالي والجنوبي، حقل مجنون، وحقل غرب القرنة1)، لكنهم أعادوا افتتاح بوابة الرميلة الشمالية لمساعدة الإداريين على تمشية الأمور.
*هل يمكن الحفاظ على الأرباح والحوافز دون التمويل الذاتي؟
وفي هذا الصدد، العضو في مجلس إدارة شركة نفط البصرة، محمد باجي عبود، إن المظاهرات التي اندلعت اليوم في المواقع الإنتاجية الرئيسية هناك، لا يمكن أن تتوقف بسهولة، وإن مسؤولين مهمين في قطاع البترول جنوب العراق سيدخلون على الخط، بما في ذلك وزير النفط الذي رفض قرار مجلس الوزراء تقليص الأرباح الذاتية وتحويلها إلى بغداد، محذراً من خطوات “تصعيد” وشيكة.
وقال عبود، إن "التمويل الذاتي لشركات القطاع النفطي مهم جداً ولا يمكن التنازل عنه لأي سبب، ووزير النفط يقف معنا ورفض تنفيذ القرار خلال اجتماعات مجلس الوزراء، وبعد أن استنفدنا كل السبل الدبلوماسية لجأنا للاحتجاج وهذا حق يكفله الدستور".
وبين، إن "العمليات الإنتاجية لم تتأثر خلال احتجاجنا، لم نفقد برميل نفط واحد، ومسؤول لجنتنا الاحتجاجية يشرف شخصياً على ديمومة الإنتاج النفطي في الشركة، مشيرا إلى أن قرار مجلس الوزراء بتحويل كافة إيرادات شركات الاستخراج والتصفية من ذاتية إلى مركزية، سيسبب العجز في كافة نشاطاتنا على مستوى الصيانة والتوسع، رغم عدم احتياج القطاع النفطي للمرور بالمركزية، لأن كل دقيقة تأخير هي خسارة براميل نفط فعلية على مستوى الإنتاج".
وتابع، إن "ذريعة إيقاف التمويل الذاتي بهدف تمويل تعديلات سلم رواتب موظفي الدولة غير حقيقية، ومن الأفضل دعمنا لزيادة الإنتاج لتحقيق هذا الهدف، فنحن لسنا ضد مطالب أخوتنا الموظفين"، مردفاً: "إذا لم يصل صوتنا إلى الحكومة المركزية، سنتجه نحو خطوات تصعيدية أخرى، وأهدافنا وطنية وليست حزبية أو سياسية، وكل طرق الاحتجاج متاحة أمامنا بحسب رد فعل الحكومة اتجاه مطالبنا المرفوعة".
*نمط مركزية قطاع النفط
وفي هذا الشأن، قال الخبير الاقتصادي، نبيل المرسومي، إن "نظام الشركات موجود في القطاع النفطي العراقي منذ منتصف ستينيات القرن الماضي والعراق كان ينتج النفط بفضل نظام التمويل الذاتي حتى إن النظام الدكتاتوري السابق قبل العام 2003 كان يطبق نظام الشركات العامة المستقلة ماليا وإداريا وهو عكس ما تريده الحكومات الحالية وما تم تطبيقه في موازنة 2024".
ويضيف المرسومي، إن "كل دول منظمة أوبك غادرت منذ زمن بعيد نمط الإدارة المركزية لقطاع النفط وأصبحت الشركات النفطية الخاصة والعامة التي تتمتع باستقلال مالي وإداري هي المسؤولة بشكل مباشر عن كل التفاصيل الفنية والمالية والإدارية المتعلقة بالحلقات المتعددة للصناعة النفطية ابتداءً من مرحلة الاستكشاف والحفر والاستخراج والنقل والتكرير والتسويق".
وأوضح، إن "دور الوزارة تنظيمي وتنسيقي بين الشركات النفطية وهذا الحال موجود في كل دول أوبك ومنها العراق، لذلك القرار الجديد بالعودة إلى النمط المركزي في إدارة صناعة النفط العراقية قد يشكل انتكاسة كبيرة لهذه الصناعة".
ويلفت، إلى أن “هكذا قرار ممكن أن يؤدي أيضا إلى تراجع في إنتاج النفط الخام ويقوض جهود الحكومة الرامية إلى تحقيق الاكتفاء الذاتي من المنتجات النفطية بسبب البيروقراطية والروتين وتعدد الحلقات الإدارية والازدواجية في اتخاذ القرارات والتأخر في اتخاذها في صناعة تتميز بالديناميكية وتحتاج إلى السرعة في اتخاذ القرارات".
ويؤكد المرسومي، إن "شركات الاستخراج ومنها شركة نفط البصرة أصبحت تُموَّل من الموازنة العامة والمصافي تم تقليص أرباحها من 7 آلاف و250 دينارا إلى ألفي دينار و250 دينارا للبرميل المكرر أي انخفضت أرباحها من 2 تريليون و329 مليار دينار إلى 722 مليار دينار".
وكان النائب المستقل مصطفى جبار سند، قد وصف في تغريدة على حسابه في موقع "أكس" قرار تحويل شركات التمويل الذاتي إلى مركزي بـ"الغبي"، مبينا أن الحكومة تقرر تحويل شركات التمويل الذاتي الرابحة في وزارة النفط، إلى تمويل مركزي، في جداول موازنة.
*حصر السيولة في وزارة المالية
وفي المقابل، يرى عضو لجنة النفط والغاز النيابية كاظم الطوكي، إن "تحويل الشركات النفطية إلى التمويل المركزي بدل الذاتي لن يضر الأرباح والرواتب التي يتقاضاها موظفوها، والصناعة النفطية العراقية لن تتضرر كما يشاع أو قد ينخفض الإنتاج لأن الشركات ستبقى بذات وتيرة العمل وتنفيذ مشاريعها وتعاقداتها".
ويبين الطوكي، أن “تحويل الشركات النفطية وغيرها إلى التمويل الذاتي بكل بساطة هو حصر كل السيولة الموجودة لدى الشركات النفطية وغير النفطية ذات التمويل الذاتي لتكون في وزارة المالية حصرا، ويمكن للشركات طلب أي مبالغ مالية أو تخصيصات تريدها مستقبلا من وزار المالية".
ويعتبر أن “نظام التمويل الذاتي حتى لو كان معتمدا منذ سنوات طويلة في الشركات النفطية لا يعني ضرورة الإبقاء عليه أو عدم تغييره إلى المركزي، فهذا الأمر يتوقف على أهداف وسياسات الحكومة في تنظيم أمورها المالية بما تراه ملائما".
يشار إلى أن العراق لديه 15 شركة نفطية تعمل بنظام التمويل الذاتي منذ سنوات طويلة وتدير مشاريعها وفقا للتعاقدات التي تشرف عليها وزارة النفط الاتحادية، حيث تساهم هذه الشركات مع الجهد الاستثماري بوصول العراق إلى إنتاج ثلاثة ملايين و800 ألف برميل يوميا وصولا إلى أربعة ملايين برميل يوميا.
وكانت وزارة النفط قد علقت مؤخرا على احتجاجات الشركات النفطية حول تمويلها إلى النظام المركزي، مؤكدة في بيان لها، أن حقوق منتسبي الوزارة في جميع التشكيلات النفطية محفوظة بما يتعلق بالرواتب والحوافز والأرباح وحسب ما معمول به ولا يوجد أي تغيير في قانون الموازنة يؤثر على هذه الاستحقاقات.
*يؤثر سلباً على الشركات
من جانبها، أوضحت لجنة النفط والطاقة والثروات الطبيعية في البرلمان، مدى تأثير قرار مجلس الوزراء بتحويل شركات النفط من التمويل الذاتي الى المركزي، على الاقتصاد العراقي وعمل الشركات هذه.
وقال عضو اللجنة النائب علي اللامي، إننا "أبدينا تحفظنا على قرار مجلس الوزراء بتحويل الشركات النفطية الى التمويل المركزي". مبيناً، إن "هذه الشركات تعمل بقانون الشركات المصوت عليه من قبل مجلس النواب، ومن غير الممكن ان يلغى العمل به بقرار من مجلس الوزراء". مؤكدا، إن "هذا القرار سيؤثر سلباً على عمل الشركات النفطية".
وأشار الى، أن "90% من موازنة الدولة العراقية هي من شركات النفط، لذلك أي قرار ليس بصالح الشركات سيؤثر سلباً على عمل هذه الشركات".
وكشف اللامي، "إننا في لجنة النفط لدينا استضافة يوم الأحد القادم لوزير النفط وكادر الوزارة المتقدم لمناقشة هذا الموضوع، وسنخرج بتوصيات وبيان الى مجلس الوزراء".