السياحة البرية والتخييم في العراق.. تزايد الإقبال على التمتع بأجواء الطبيعة بعيداً عن ضجيج المدن وانفوبلس تكشف تفاصيل الرحلات وتكاليفها
انفوبلس/ تقرير
بعيداً عن ضجيج المدن المكتظة بالسكان وعن صخب السوشال ميديا، يتزايد الإقبال من قبل العراقيين على رحلات السفاري البرية والتخييم في الصحاري، وذلك بعد الهدوء الأمني الذي تحقق في السنوات الماضية بعد دحر تنظيم "داعش" الإرهابي واستقرار أغلب المحافظات، ويسلط تقرير شبكة "انفوبلس" على أبرز تفاصيل الرحلات وتكاليفها والمناطق الأكثر شهرة.
تدبُّ الحياة في الصحراء مجددا مع اعتدال الجو في فبراير/ شباط، ويبدأ موسم السياحة البرية في العراق ويستمر طوال أيام فصل الربيع، ويكون معظم الوافدين من المحافظات والمناطق القريبة الراغبين في التمتع بأجواء الطبيعة.
يقول صانع المحتوى والمهتم بالرحلات البرية بارق العيثاوي، إن "جميع محافظات العراق بها مناطق صحراوية، خصوصا المحافظات الغربية والجنوبية المحاذية للحدود مع الأردن والسعودية، لكن أفضل مناطق البر هي بادية السماوة".
ويوضح العيثاوي، إن "براري العراق تتميز بخصوبة الأرض وكثرة العشب وتنوعه ولطافة جوّها خلال موسم الربيع، وهو ما يجعلها أرضا ممتازة لرعي الأغنام والإبل، بالإضافة إلى وجود كثير من الطيور المهاجرة، حتى أصبحت المنطقة من أهم وأغنى مناطق الخليج العربي للصيد بالصقور ويتوافد عليها الصيادون خلال كل موسم".
وتزهر في البوادي العراقية خلال موسم الربيع أنواع من النباتات، مثل الخزامى والنوير، والكمأ الذي يكثر في موسم الربيع بعد هطول الأمطار، وفي بعض المناطق ينبت شجر الغضا ونوع آخر اسمه السمر.
ويشير العيثاوي إلى، أن "العراق تأثر بظاهرة الاحتباس الحراري وتغير المناخ العالمي وقلّت الأمطار، وكان لذلك أثرا سلبيا على مناطق البادية، وهو ما جعلها مناطق صحراوية جرداء، بعدما كانت بعض مناطقها تحتوي على غابات من شجر الغضا الشهير".
ويستدرك قائلا، "بسبب قلة الأمطار وكثرة الحطابين والإهمال الحكومي، اختفت معظم هذه الغابات، كما اختفت أكثر الحيوانات البرية، كظباء الصحراء، بسبب انتقالها إلى مناطق أخرى خارج الحدود أو قتلها بالصيد الجائر".
غير أن "الأوضاع الأمنية المتوترة التي شهدها العراق في العقدين الأخيرين جعلت رحلات الصيد والتخييم في مناطق البر محفوفة بالمخاطر"، وفق العيثاوي.
ويبين، "بعد الاستقرار الأمني في البلد، والانفتاح الثقافي وكثرة الصفحات في مواقع التواصل الاجتماعي التي تروّج للتخييم والصيد في مناطق البر، ازداد الإقبال على البر خلال موسمي الشتاء والربيع، الذي يبدأ مع طلوع نجم سهيل".
*مواسم الرحلات البرية
مع حلول موسم الرحلات، تزدحم كثير من المناطق البرية الموجودة في عموم العراق بالمتنزهين وهواة الصيد وجامعي الكمأ. ويقول حيدر الأسدي، الذي يعمل في تجهيز الرحلات البرية، إن "أعدادا كبيرة من الخليجيين يدخلون العراق خلال الموسم من منفذ سفوان الحدودي مع الكويت، ويتجهون مع كامل تجهيزاتهم إلى بادية السماوة، في حين يستغل العراقيون الموسم لتجربة حياة البر".
ويرى الأسدي، إن "مواقع التواصل الاجتماعي لعبت دورا كبيرا في الترويج للرحلات البرية، خصوصا بعد انتشار مقاطع لرحلات الخليجيين ومخيماتهم في البوادي العراقية المعروفة".
تتخلل الرحلات البرية في العراق فعاليات وحفلات شواء تُضفي أجواءً من الفرح والبهجة. ويشير حسن إسماعيل، وهو صانع محتوى ومهتم بهذا المجال، إلى أن "الخيم تُنصب في الساعات الأولى من التخييم في مكان مرتفع نسبيا تحسبا لحدوث سيول أو ما شابه، ومن بعدها يتم تحضير وجبة الفطور والانطلاق للصيد أو جمع الكمأ".
ويقول إسماعيل، إن "بادية السماوة تتميز بعشبها الكثيف في الربع الأول من العام، وهو ما يجذب الطيور البرية من دول المنطقة والعالم، ويجلب السياح من دول الجوار لممارسة هواية الصيد بالصقور أو جمع الكمأ، الذي يصل سعر الكيلوغرام الواحد منه، أحيانا، إلى أكثر من 80 دولارا، بفضل مذاقه اللذيذ الذي يشبه مذاق اللحم".
ويشير إسماعيل إلى أن "المتعة في طريقة جمع الكمأ تكمن في أنه لا ينبت إلا في المساحات المفتوحة التي لا يصل الإنسان إليها غالبا".
الاستقرار الأمني ينعش رحلات التنزه
ورغم الاستقرار الأمني الذي يشهده العراق حاليا، فإن متخصصين شدّدوا على أهمية الحذر من المخلفات الحربية والألغام المنتشرة في بعض المناطق التي عاشت الحروب سابقا. ويقول الباحث العراقي هاتف العتبي إن "الخروج إلى الصحراء تحفّه بعض المخاطر، وهو ما يستوجب الحذر".
ويرى العتبي، أنه "من الأفضل أن يقوم السياح والعائلات الذاهبة إلى البر بإبلاغ القوات الأمنية وأخذ المشورة من الجهات المعنية لضمان سلامتهم".
ويقترح العتبي على الحكومة "إلزام شركات الاتصالات العراقية بوضع أبراج لتأمين الإرسال في المناطق الصحراوية التي تشهد إقبالا من السياح بهدف تواصلهم مع بعضهم بعضا أو مع السلطات المختصة في حال التَيْه".
وحول المخاطر، يشير العتيبي إلى أنه "رغم إزالة كثير من الألغام التي خلفتها الحرب العراقية الإيرانية (1980-1988)، فإن ذلك لا يمنع السائح من اتخاذ الحيطة والحذر".
ويرى الباحث العراقي أن "تنمية السياحة البرية تتطلب من الحكومة الاهتمام بهذا الجانب، بالإضافة إلى وضع لوائح لحماية الحيوانات البرية وإيقاف الصيد الجائر الذي يطالها".
وعن التكلفة، فقد يكشف عشاق التخييم البري في العراق، أن الرحلة الواحدة قد تكلف مليون دينار عراقي أو أكثر حسب عدد الأشخاص وأيام الرحلة.
محمد الموسوي أحد عشاق التخييم يبين، "سفراتنا للبرّ تكون بشكل منتظم ودوري، والشتاء هو الوقت المناسب للذهاب إلى البر، ونجهّز الاحتياجات من الأمتعة والغذاء وفحم الشواء وغيرها لنضمن البقاء في البر ليومين أو ثلاثة أيام".
ويردف، "لا نبتعد لمسافات طويلة في عمق البر، فليس الجميع لديه معرفة كافية بالمناطق الصحراوية، الغرض من السفر إلى البر هو الابتعاد عن صخب المدينة، والاستراحة يومين من رنين الهاتف وإشعارات مواقع التواصل، شبكة الجوال غير متوفرة هنا تماماً".