الطحين التركي المستورد.. المطاحن الأهلية تهاجم والتجارة تبرر.. إليك أسرار العقود المتبادلة وقصة النخالة "المتكدسة"
انفوبلس/ تقارير
كَثُر الحديث في الآونة الأخيرة عن مطاحن القمح في العراق، حتى وصل الأمر إلى المهاجمة والتشكيك بنوعية الطحين الذي يستهلكه المواطن العراقي. المطاحن الأهلية في العراق هاجمت مؤخرا الطحين التركي المستورد مؤكدة انه يحتوي على مبيضات تسبب السرطان. فما هي عقود تلك المطاحن مع وزارة التجارة؟ وما قصة طحين "النخالة"؟.
*الطحين التركي
هيمنت تركيا على تجارة الأغذية الرئيسية في العراق خصوصاً الطحين الأبيض، حيث إن كلفة الاستيراد السنوي للطحين الابيض تبلغ 1.3 بليون دولار، في حين لا تتخطى كلفة تصنيعه محلياً ربع هذا المبلغ.
وبهذا الصدد، كشف الخبير الاقتصادي ناصر الكناني، عن مساوئ عديدة ورداءة في نوعية الطحين التركي المستورد إلى العراق، طيلة السنوات الماضية، مشيراً إلى أن هذا الطحين يتسبب بأمراض عدة للمواطنين، ومنها السرطان.
وقال الكناني، إن "مادة الطحين الصفر التي يتناولها الشعب العراقي، مسحوب منها كل المواد العضوية، وبالتالي فإن المتبقي منها لا تعدو غير كونها بلاستيك".
*أمراض سرطانية وتلاعب بالجينات الارثية
الكناني، أوضح أن "تعديلات جرت على هذه الجينة الارثية للبذور، الهدف منها زيادة المحصول المستخلص منها"، مبيناً أن "المتعارف عليه أن الدونم الواحد المزروع يعطي طناً وربع الطن من الحنطة والشعير، لكن في ضوء هذه التعديلات فإن الدونم الواحد بات يعطي أكثر من هذه الكمية".
وأردف أن "هذا التلاعب بالجينات يتسبب بأمراض سرطانية للبشر"، مضيفاً أن "الطحين الصفر المستورد من تركيا يتسبب بهذه الأمراض للمواطن العراقي".
*إيقاف إجازات المطاحن الاهلية
في الخامس من أكتوبر الماضي، كشف عضو اللجنة القانونية النيابية النائب محمد جاسم الخفاجي، عن إيقاف وزارة التجارة منح إجازات لمطاحن أهلية لمدة خمسة سنوات بسبب الفساد.
وقال الخفاجي عقب اجتماع عقد في اللجنة القانونية بحضور وكيل وزارة التجارة ومدير عام تصنيع الحبوب واتحاد الصناعيين، إن ” مشاكل المطاحن الاهلية وعدم امكانية عملها وفق طاقتها التصميمية تسببت في خسائر مالية كبيرة، مبينا أن الوزارة تمنح عشرات الاجازات لمطاحن اهلية فائضة عن الحاجة".
*رفع أجور المطاحن الحكومية والأهلية
وفي يونيو الماضي، أعلنت الشركة العامة لتصنيع الحبوب في وزارة التجارة، عن رفع أجور طحن الطن الواحد من الحنطة للمطاحن الحكومية والأهلية إلى 25 ألف دينار للطن الواحد اعتباراً من الحصة الثالثة ضمن إجراءات دعم تلك المطاحن، فيما أحصت عددها في عموم العراق.
وقال مدير عام الشركة خالد إسماعيل، إن "الدولة قررت رفع أجور إنتاج طحن الطن الواحد من الحنطة للمطاحن الحكومية والأهلية من 10 دولار إلى 25 ألف دينار للطن الواحد اعتباراً من الحصة الثالثة على أن يكون المنتج بالكميات التي هي ضمن الخطة الموضوعة"، مبيناً، أن" هذا الإجراء يحقق الجانب الربحي، بالإضافة إلى الجانب الخدمي المقدم للمواطن العراقي".
*17 مطحنة حكومية و285 مطحنة أهلية
وأضاف النداوي، أن، عدد المطاحن الحكومية جميعها هي 17 مطحنة في عموم المحافظات 4 منها في بغداد وباقي المطاحن موزعة على المحافظات لكل محافظة مطحنة واحدة"، مشيراً إلى، أن" هناك بعض المحافظات لا توجد فيها مطاحن حكومية منها: محافظات كردستان وكذلك محافظات نينوى وصلاح الدين لا توجد فيها مطاحن حكومية؛ بسبب عمليات التخريب عليها".
وبشأن المطاحن الأهلية، أوضح النداوي، أن" المطاحن الأهلية عددها 285 مطحنة موزعة على مختلف محافظات العراق"، لافتاً إلى، أن" المطاحن الأهلية موزعة توزيعا اقتصاديا وجغرافيا، إذ إن المردود المالي أو الجدوى الاقتصادية للمطاحن الأهلية جيدة خصوصاً بعد أن أصبح سعر طحن الطن الواحد 25 ألف دينار أصبحت الجدوى الاقتصادية متحققة".
*النخالة .. تكدس وأموال على الرف
وبشأن طحين النخالة، دعت عضو لجنة النزاهة ، وزارة التجارة الى معالجة الكميات الكبيرة المتكدسة من مادة "النخالة" في مطاحن العراق، والاستفادة من أموالها، مشددة على أهمية الإسراع ببيعها، قبل أن تتعرض للتحجر والتلف.
وأكدت النزاهة النيابية، أن "تأخير بيع كميات النخالة بالوقت المناسب يؤدي الى حصول جفاف فيها، ما يفقدها الكثير من وزنها، ويؤثر على جودتها ومن ثم يؤثر على أسعار بيعها"، مبينا أن "كميات كبيرة تتجاوز الـ5000 طن مكدسة في محافظة كربلاء تصل قيامها الى أكثر من 700 مليون دينار عراقي، فضلا عن وجود كميات كبيرة أخرى في المحافظات مركونة وغير مباعة وتتعرض للجفاف والتلف".
*عقود التجارة مع المطاحن الأهلية
في وقت سابق، اعلنت الشركة العامة لتصنيع الحبوب في وزارة التجارة عن مناقشة مشروع عقد الطحين المعدل والذي حصلت المصادقة على توصيات اللجنة المركزية المشكلة لدراسة العقد من قبل وزير التجارة .
واكد مدير عام الشركة طه ياسين في بيان، أن "مناقشة العقد مع اصحاب المطاحن يأتي من اجل توضيح الفقرات المثبتة بالعقد وتبادل وجهات النظر ولدراسة وتوضيح الملاحظات وبما يتوافق مع المصلحة العامة لكلا الطرفين بالإضافة الى مناقشة الفقرات الفنية والادارية الخاصة بالعقد مع اصحاب المطاحن" .
وأشار ياسين إلى العقد مع اصحاب المطاحن يأتي لتنظيم العلاقة بين الوزارة والمطاحن العاملة على انتاج مادة الطحين الاساسية والتي تدخل ضمن مفردات البطاقة التموينية؟، مؤكدا ان الملاحظات التي يتم تدارسها بعد المناقشة تحول الى اللجنة المركزية لغرض دراستها واصدار التوصية المناسبة فيما اذا تم الاتفاق عليها لدرجها ضمن العقد المزمع ابرامه مع اصحاب المطاحن .
*عقود توفر 3 مليارات للدولة
وفي عام 2021، كشفت وزارة التجارة، عن خطة عمل للتنسيق بين القطاع الخاص المحلي والأجنبي لإقامة المشاريع الاستثمارية، وفيما أكدت وجود خطة لتأهيل الأسواق المركزية في البلاد، أعلنت عن قرب توقيع عقد جديد لإنتاج الطحين يوفر 3 مليارات دينار للدولة.
وقال المتحدث باسم الوزارة محمد حنون إن "وزارة التجارة تسير بعملية دعم شركات القطاع الخاص بشقين متوازيين الأول يتعلق بدعم الشركات من خلال الدائرة المعنية بتطوير القطاع الخاص والشق الآخر من خلال الإسراع في عملية منح هذه الشركات الرخصة الاستثمارية او اجازة الاستيراد التي تمنح من خلال الشركة العامة للمعارض والخدمات التجارية العراقية فضلا عن تسجيل هذه الشركات من خلال دائرة مسجل الشركات وهي الدائرة المعنية بتسجيل الشركات العربية والاجنبية".
وأضاف، أن "الوزارة لديها برنامج واضح في موضوع العمل مع الشركات الاستثمارية، فضلا عن وجود خطة عمل للتنسيق بين القطاع الخاص العراقي والقطاع الخاص الاجنبي من خلال الحوارات المشتركة التي تجري في الداخل والخارج والتي تهدف الى فسح المجال امام هذه الشركات لاقامة مشاريع استثمارية من خلال اقامة الشراكة مع شركات القطاع الخاص العراقي".
*ملف الأسواق المركزية
وحول ملف الاسواق المركزية أكد حنون أن "الوزارة فتحت ملف الاسواق المركزية منذ اكثر من 7 سنوات ولديها قرار 28 الصادر من مجلس الوزراء والذي حدد الية عمل الاسواق المركزية من خلال منح العقارات والاراضي وعرض الاسواق الموجودة الى الاستثمار عبر الاعلان عنها في وسائل الاعلام المحلية والاجنبة".
وكشف عن "وجود خطة لتأهيل الاسواق المركزية، لدى ادارة الشركة العامة الاسواق المركزية الحالية تتضمن عرض الاسواق للاستثمار عبر خيارين الأول بالشراكة والثاني عرضها عبر وسائل الاعلام بانتظار تلقي عروض بشأنها".
ولفت إلى أن "شركة دايكو الاماراتية تعاقدت على تطوير 5 اسواق مركزية سبق وتم سحب الرخص منها لعدم ايفائها بالتزاماتها والإعلان عنها مجددا".
وأضاف، أن "هنالك تنسيقا جديدا مع شركة لولو الاماراتية لاقامة 4 مشاريع استثمارية داخل 4 محافظات، حيث إن العمل مستمر لاستثمار هذه الاسواق واعادة الحياة لها من خلال الشراكة مع القطاع الخاص المحلي".
*تعامل التجارة والمطاحن الأهلية
وبشأن كيفية التعامل مع المطاحن الاهلية علق حنون، أن "الوزارة تتعامل مع المطاحن الاهلية كشريك اساسي لها في توفير مادة الطحين الجيدة للمواطنين"، مبينا أن "هنالك 300 مطحنة اهلية تتوزع بين بغداد والمحافظات".
وأشار إلى أن "هذه المطاحن يذهب انتاجها الى وكلاء المواد الغذائية عبر شبكة تشرف عليها الشركة العامة لتصنيع الحبوب وهنالك متابعة يومية لعمل المطاحن الاهلية من قبل دائرة الرقابة التجارية".
وأضاف، أن "الوزارة تأمل توقيع عقد لإنتاج الطحين الاصفر والابيض مع المطاحن الاهلية خلال الايام المقبلة"، مؤكدا أن "هذا المشروع سيوفر للحكومة 3 مليارات دينار".