العراق يدق أبواب "الإنتربول" للحد من التسول.. مَن يقف خلف تجّار التقاطعات؟
انفوبلس/ تقارير
تُعيد الحملة التي أطلقتها وزارة الداخلية اليوم للحد من التسول والاتجار بالبشر، إلى الأذهان واحداً من أبرز وأعقد الملفات خلال الألفية الحالية، فلم يقع أحد على العلّة الحقيقية لهذا الملف وما يحتويه من دهاليز مظلمة، التسول وما وراءه من كواليس مخيفة هو محور هذا التقرير الذي سلّط الضوء على العصابات والمافيات التي تقف وراء من يملؤون التقاطعات بهوية مزيفة لاسيما وأن حملة الداخلية جاءت بالتعاون مع "الإنتربول"، فهل ينجحان معاً بتنظيف الشوارع من هؤلاء؟
*حملة جديدة بالتعاون مع الإنتربول
وبهذا الصدد، كشف المتحدث باسم وزارة الداخلية وخلية الإعلام الأمني العميد مقداد ميري، اليوم الاثنين (6 أيار 2024)، عن انطلاق حملة إعلامية للحد من التسول والاتجار بالبشر.
وقال الموسوي في مؤتمر صحفي تابعته شبكة انفوبلس، إنه "تم إطلاق حملة إعلامية للحد من التسول والاتجار بالبشر".
وأضاف، إن "العراق يتعاون مع الإنتربول للحد من الاتجار بالبشر"، مبينا أن "عدد المحكومين بالاتجار بالبشر بلغ 204 أشخاص".
*316 متسولا وعصابة للاتجار بالبشر في البتاويين
المتحدث باسم وزارة الداخلية بيّن أن "عدد المتسولين الذين تم إلقاء القبض عليهم بلغ 316 متسولاً"، موضحا أنه "تم القبض على عصابة بأحد فنادق البتاويين تتاجر بالأطفال من أجل التسول".
وتابع الموسوي، إنه "تم اعتقال شخص في محافظة الانبار أراد بيع ابنه مقابل 20 مليون دينار"، مشيرا الى أنه "تم إلقاء القبض على شبكات اتجار بالبشر لها ارتباطات دولية".
*أكثر من نصف مليون متسول في العراق
بعد الحملة آنفة الذكر، لابد من بيان عدد المتسولين في العراق، حيث أكد رئيس المركز الاستراتيجي لحقوق الانسان في العراق فاضل الغراوي في آخر إحصائية معتمدة، أن عدد المتسولين في العراق من الأجانب والعراقيين يصل الى أكثر من 500 ألف متسول أغلبهم من الأحداث والنساء.
وقال الغراوي في بيان ورد لشبكة انفوبلس، إن "أحدث صور التسول هي التسول الإلكتروني والصحي، والتستر لإقامة مشاريع إنسانية او اجتماعية".
وأضاف، إن عصابات الجريمة المنظمة استغلت الاوضاع القانونية والامنية والاقتصادية لتقوم بتنشيط تجارة التسول في العراق.
وطالب رئيس المركز الاستراتيجي لحقوق الانسان، رئيس مجلس الوزراء بإطلاق حملة لإعادة جميع المتسولين الاجانب من العراق وملاحقة عصابات الجريمة واعتبار عام 2025 عاما خاليا من التسول في العراق، والتأكيد على البرلمان والحكومة بتعديل قانون العقوبات وتشديدها ضد مرتكبي تجارة التسول.
*عصابات خلف المتسولين
بعد معرفة أعداد المتسولين، فمن الضروري معرفة من يقف خلف هذا الكم الهائل منهم، وبهذا الصدد، يؤكد الغراوي، بأن التسول الاجنبي في العراق تقف خلفه عصابات الجريمة المنظمة ويمثل "أخطر" صورة من صور الاتجار بالبشر وهو يُعد تجارة اقتصادية لهم.
وأشار إلى أن عصابات الجريمة المنظمة تُدخِل المتسولين الأجانب للعراق تحت عدة عناوين منها العمالة والزيارات السياحية والدينية والتستر بصفة لاجئ.
*جنسيات المتسولين
ويكشف الغراوي، بأن أغلب جنسيات المتسولين الأجانب والعرب الذين يمتهنون مهنة التسول في العراق هم من الدول الآسيوية، وفي مقدمتها بنغلادش في حين تحتل سوريا المرتبة الأولى في المتسولين العرب.
وأوضح، أن وزارة الداخلية أبعدت أكثر من 10 آلاف متسول أجنبي في عامي 2023 و2024 وأعادتهم الى بلدانهم في حين مازال الآلاف منهم مستمرين بهذه المهنة، وفق وصفه.
*أحزاب ومافيات خلف المتسولين
واصلت انفوبلس رحلة التقصية عن خفايا التسول ووصلت إلى تصريح سابق لرئيس مركز الشرق الأوسط للتنمية والحريات الإعلامية صلاح العبودي، أكد فيه أن ظاهرة التسول في بغداد مهنة تجارية تقف خلفها أحزاب ومافيات للكسب غير المشروع، حتى صار الفقير تحت "عباءة الشيطان".
وقال العبودي في تصريحه، إن المتسولين موجودون في جميع مناطق العاصمة، تقودهم شبكات مافيات تقوم بتوزيعهم عند إشارات المرور وأماكن أخرى تجارية تشهد إقبالا من المتبضعين.
وأشار إلى أن هناك بعض الأحزاب -التي لم يسمِّها- تدفع المتسولين للقيام ببعض أعمال السخرة، على غرار تنظيف السيارات لتحقيق أرباح مالية تصل يوميا إلى نحو 15 مليون دينار نحو (10 آلاف دولار)، وربما أكثر بحسب الكثافة البشرية والسيارات في بعض المناطق.
*اتجار بالبشر
إلى ذلك، يرى القانوني المختص في قضايا مكافحة الاتجار بالبشر عباس علي بنيان، وجود علاقة مباشرة بين ظاهرة التسول وظاهرة الاتجار بالبشر، إذ يتم استغلال المتسولين بشكل سلبي من قبل الأب أو الأم أو جهات تستفيد من التسول.
وقال بنيان، إن الشبكات والعصابات التي تقف خلف المتسولين تبتز المتسول وتهدده، سواء كان طفلا أو شيخا أو امرأة أو شابا، وهذا يندرج ضمن قانون مكافحة الاتجار بالبشر، مبينا أن "خروج المتسول -ضمن أي فئة عمرية- من أجل المعيشة، لا يندرج ضمن القانون".
وبخصوص العقوبات، أشار بنيان إلى أن قانون العقوبات العراقي النافذ سلّط الضوء على ظاهرة التسول من خلال المادة 390 التي نصت على المعاقبة بحبس لا يزيد على 3 أشهر ولا يقل عن شهر بحق المتسول الذي بلغ عمر الـ 18 سنة، وإذا لم يبلغ السن القانونية فيُطبَّق عليه قانون الأحداث.
*عقوبة تجنيد الأطفال
يوضح الخبير القانوني علي التميمي عقوبة تجنيد الأطفال لأغراض التسول وقانون مكافحة الاتجار بالبشر بالقول، "يعاقب قانون العقوبات العراقي في المواد 390 .391 .392 منه بالحبس البسيط والغرامات على التسول أو الإيداع في دور الدولة في حالة التكرار"، منوها إلى أنه عند التمعن في نص المواد أعلاه تجدها تُجيز التسول لمن لا عمل له، هكذا يُفهم النص، مؤكدا "لست مع العقوبات، لكن عند إيجاد البدائل يمكن إيقاع العقاب".
ويضيف، "عاقب قانون الاتجار بالبشر 28 لسنة 2018 بالحبس إلى الإعدام والغرامات من 5 إلى 10 ملايين دينار على الاتجار بالبشر"، وأجاب على تساؤل هل يمكن اعتبار تجنيد الصغار والاستجداء بهم كإتجار بالبشر؟ "أتفق مع ذلك لأنها تجارة بأدوات صغيرة غير قابلة لاتخاذ القرار وهو قتل لمستقبلهم وهذه لو طُبقت لأنهت مافيا التسول".
ويشير التميمي إلى، أن "قانون رعاية الأحداث العراقي 76 صدر عام 1983 وهو يحتاج إلى تعديل بهذا الجانب لمعالجة مشكلة الطفولة التي تحتضر في العراق"، لافتا إلى أن "تطبيق قانون مكافحة الاتجار بالبشر يحتاج الى جهد استخباري عالي وتعاون مجتمعي وتفعيل البلاغات، ويحتاج الى تعديل بهذا الجانب".