العراق يسجل ارتفاعا خطيرا بمؤشر الأشعة فوق البنفسجية.. انفوبلس تفصل الآثار السلبية على صحة الإنسان
انفوبلس/ تقرير
تسجيل العراق ارتفاع مؤشّر الأشعة ما فوق البنفسجية UV في عدد من المحافظات لمستويات خطرة، دعا أهل الاختصاص الى التحذير من خطورة هذه الأشعة على صحة الإنسان، ولا سيّما على الجلد والشفاه والعيون، ويسلط تقرير شبكة "انفوبلس"، الضوء على تقارير الهيئة العامة للأنواء الجوية والرصد الزلزالي والآثار السلبية لهذه الأشعة.
شهدت عدة محافظات وخاصة الجنوبية منها تظاهرات حاشدة وقطع للطرق العامة احتجاجا على تردي تجهيز ساعات الكهرباء بالتزامن مع ارتفاع درجات الحرارة ما يزيد الأوضاع سوءا كما هو الحال في كل عام.
* ارتفاع خطر في مؤشر الأشعة ما فوق البنفسجية
أفادت الهيئة العامة للأنواء الجوية والرصد الزلزالي في العراق بتسجيل ارتفاع خطر في مؤشّر الأشعة ما فوق البنفسجية في عدد من المحافظات، وسط تحذيرات من التعرّض لها في وقت الظهيرة، خصوصاً إذا كانت الأشعة عمودية، الأمر الذي قد يسبّب حروقاً في الجلد وأضراراً في شبكية العين.
وأشارت الهيئة إلى أنّ ارتفاع الحرارة في الشهرَين الأخيرَين تجاوز أحياناً نصف درجات الغليان (50 درجة مئوية)، في حين رُصدت حالات إغماء متكرّرة معظمها في مخيمات النازحين.
وأوضحت الهيئة العاملة للأنواء الجوية، أمس الأحد 28 تموز/يوليو 2024، أنّه في الأيام التي يكون فيها الإشعاع الشمسي مرتفعاً، تعلو مستويات الأشعة ما فوق البنفسجية بدورها، الأمر الذي يزيد من خطر الإصابات بحروق وبالسرطان. وشدّدت الهيئة على ضرورة اتّخاذ الاحتياطات اللازمة لحماية العينَين، لافتةً إلى أنّ مستوى الإشعاع الشمسي يكون مرتفعاً جداً في محافظات بغداد والأنبار وصلاح الدين وبابل وواسط.
واليوم الاثنين 29 تموز/ يوليو 2024، حصلت شبكة "انفوبلس"، على النشرة الجوية الخاصة بقيم الإشعاع الشمسي الوارد ومؤشر الاشعة فوق البنفسجية على محافظات العراق، وجدول درجات الحرارة المسجلة والمحسوسة والرطوبة.
ويُعد مؤشر الأشعة فوق البنفسجية أو (يو في آي) هو المقياس الدولي لقياس الأشعة فوق البنفسجية وتبدأ قيم المؤشر من الصفر ويمكن أن ترتفع إلى ما فوق الـ10. وكلما زادت قيمة المؤشر، زاد احتمال حدوث ضرر للجلد والعينين - وقل الوقت الذي يستغرقه حدوث الضرر.
الأرقام الأكبر تعني خطرا أكبر من أشعة الشمس على البشرة. الأرقام من 1-2 تمثل خطورة منخفضة، الأرقام من 3-5 تمثل خطورة معتدلة، الأرقام من 6-7 تمثل خطورة عالية، والأرقام من 8-10 تمثل خطورة عالية جداً، والأرقام من 11 وما فوق تمثل خطورة قصوى.
*الآثار السلبية
يحذّر أهل الاختصاص من خطورة الأشعة ما فوق البنفسجية على صحة الإنسان، ولا سيّما على الجلد والشفاه والعيون. في هذا الإطار، يقول الطبيب مهنّد علي، المتخصص في الأمراض الجلدية بأحد مستشفيات بغداد، إنّ "التعرّض للأشعة ما فوق البنفسجية يسبّب أضراراً خطرة، من بينها ما يطول الحمض النووي والجلد وتلف خلايا البشرة، وصولاً إلى السرطان". ويشدّد علي على "ضرورة قصوى لتجنّب تلك الأشعة قدر المستطاع من خلال عدم التعرّض للشمس، خصوصاً عند الظهيرة".
ويضيف، إنّ "ثمّة أضراراً مباشرة تسبّبها الأشعة ما فوق البنفسجية على شبكية العين"، داعياً إلى "وجوب الابتعاد عن أشعة الشمس ووضع نظّارات لحماية العين منها". ويتابع أنّ "ثمّة ضرورة لاستخدام مستحضرات واقية من الشمس عند الخروج من المنزل في هذه الأيام".
في سياق متصل، يرى ناشطون في مجال حقوق الإنسان أنّه من الصعب للعمّال الذين يشتغلون تحت الشمس، ولا سيّما بأجور يومية، تجنّب الأشعة ما فوق البنفسجية الصادرة عنها. ويقول الناشط علي العبيدي، إنّ "هؤلاء العمّال من الطبقة الكادحة في المجتمع غير قادرين على تجنّب تلك الأشعة، بسبب ظروفهم المعيشية التي تحتّم عليهم الخروج إلى العمل لكسب قوتهم" ولو تحت الشمس الحارقة. كذلك يشير العبيدي إلى أنّ "الموظفين في العراق ينهون دوامهم عند الظهيرة"، ومن ثم هم يتعرّضون لأشعة الشمس.
ويلفت العبيدي إلى أنّ "الحكومة العراقية تمنح عطلاً رسمية في أيام الحرّ الشديد وأشعة الشمس الحارقة، ومن هنا لا بدّ من أن تُلزم أرباب العمل في المؤسسات الأهلية بالالتزام بتلك العطل وبعدم إجبار عمّالها على الخروج مباشرة تحت أشعة الشمس". ويتحدّث عن "حالات إغماء كثيرة سُجّلت في شهر يوليو/ تموز الجاري بين العمّال الذين يشتغلون في أوقات الظهيرة وتحت أشعة الشمس مباشرة".
وقد أصدرت الحكومة العراقية مؤخراً توجيهات بتقليص ساعات الدوام الرسمي في عموم الدوائر الحكومية وحتى المؤسسات الأهلية بسبب ارتفاع درجات الحرارة، كذلك منحت الحكومات المحلية صلاحيات تعطيل الدوام الرسمي في حال تسجيل ارتفاع في درجة الحرارة يلامس نصف درجة الغليان.
وتواصل درجات الحرارة تسجيلها معدلات تصل لنصف درجة الغليان في أغلب محافظات العراق، وسط تردي منظومة الكهرباء الوطنية في كل فصل صيف، فيما تعزو جهات مختصة ذلك لازدياد نسبة التصحر وانحسار المناطق الخضراء التي ساهمت وبشكل كبير في اتساع رقعة التغيرات المناخية، وتحذر من ارتفاعات قياسية قد تكون لها تداعيات خطيرة على حياة المواطنين.
تجدر الإشارة إلى أنّ مفوّض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان فولكر تورك كان قد أفاد، في أغسطس/ آب 2023، بأنّ حرارة الصيف الشديدة والتلوّث في جنوب العراق الذي كان يزوره يشيران إلى أنّ "حقبة الغليان العالمي" قد بدأت. وبحسب بيانات الأمم المتحدة، يُعَدّ العراق من بين أكثر الدول عرضة لتغيّر المناخ في العالم.
*ماذا تقول منظمة الصحة العالمية
وبينما تفيد منظمة الصحة العالمية بأنّ التعرّض لنسب قليلة من الأشعة ما فوق البنفسجية مفيد للصحة إذ إنّ ذلك يؤدّي دوراً أساسياً في إنتاج فيتامين "دي"، فإنّها تشير في المقابل إلى عواقب سلبية للتعرّض المفرط على الصحة، ولا سيّما أنّها عامل مسبّب للسرطان.
وتوضح المنظمة أنّ الآثار الحادة للأشعة ما فوق البنفسجية تشمل تلفاً في الحمض النووي وحروق شمس وتفاعلات ضوئية سامة وتفاعلات حساسية ضوئية، وتثبيطا للجهاز المناعي. وتوضح الوكالة الصحية التابعة للأمم المتحدة أنّ التثبيط المناعي يُعَدّ من عوامل الإصابة بالسرطان، ومن الممكن أن يتسبّب كذلك في إعادة تنشيط الفيروسات.
أمّا الآثار المزمنة للتعرض للأشعة ما فوق البنفسجية على الجلد والشفاه، بحسب ما تشرح منظمة الصحة العالمية، فهي الورم الميلانيني الجلدي (ميلانوما) وهو سرطان الجلد الخبيث الذي يهدّد الحياة، وسرطان الخلايا الحرشفية الذي يُعَدّ مرضاً سرطانياً خبيثاً إنّما أقلّ انتشاراً من سرطان الجلد عموماً فيما احتمالات تسبّبه في الوفاة أقلّ، وسرطان الخلايا القاعدية وهو سرطان جلدي ينمو ببطء ويصيب كبار السنّ في الأساس. كذلك تأتي شيخوخة الجلد المبكرة من تلك الآثار المزمنة، ومن خلالها يفقد الجلد مرونته في سنّ مبكرة مع تدنّي قدرة الجروح على الالتئام.
وفي ما يخصّ الضرر المترتّب عن الأشعة ما فوق البنفسجية على العيون، توضح منظمة الصحة العالمية أنّ الآثار الحادة تشمل التهاب القرنية الضوئي والتهاب الملتحمة الضوئي على التوالي. ويُعَدّ ذلك قابلاً للانعكاس، ومن الممكن الوقاية منه بسهولة من خلال استخدام النظّارات التي تتضمّن عدساتها واقية كافية، علماً أنّ الالتهابَين المذكورَين لا يرتبطان عادة بأيّ ضرر طويل المدى، لكنّهما يسبّبان ألماً ويتطلبان علاجاً. وبخصوص الآثار المزمنة للأشعة ما فوق البنفسجية على العيون، تذكر المنظمة السادّ وهو مرض يصيب العين فيؤدّي إلى إعتام العدسة بصورة متزايدة، الأمر الذي يتسبّب في ضعف البصر والعمى في نهاية المطاف.
تُضيف إلى ذلك الظُفرة، أي نموّ الأنسجة اللحمية التي من الممكن أن تغطّي جزءاً من القرنية، ثمّ سرطان داخل العين وحولها (سرطان الخلايا القاعدية وسرطان الخلايا الحرشفية والورم الميلانيني).
وكانت وزارة البيئة العراقية، قد أصدرت في وقت سابق، مجموعة إرشادات هامة للوقاية من جفاف الجلد وحروق الشمس خلال الأيام الحارة، تشمل ارتداء ملابس فاتحة اللون وخفيفة تغطي الجسم بشكل جيد، واستخدام كريم واق من الشمس بدرجة وقائية عالية، فضلا عن دعوتها لتجنب التعرض المباشر لأشعة الشمس خلال فترة الظهيرة، وشرب كمية كافية من الماء للحفاظ على الترطيب، إضافة إلى تجنب الخروج من المنزل في فترات النهار الأكثر حرارة، وارتداء النظارات الشمسية والقبعات وحمل المظلات.
ودعت إلى عدم الهدر في استخدام المياه والطاقة الكهربائية، لأن الهدر سيلحق الضرر والنقص عند الآخرين، وزيادة التشجير والمساحات الخضراء المستدامة.
من جانبها، حثت وزارة الصحة أصحاب مخازن ومحال بيع الأطعمة والأشربة على ضرورة حفظها بدرجات حرارة مناسبة وعدم تعريضها لأشعة الشمس حفاظا على صحة المواطنين.