القضاء يرجح كفة هيئة الإعلام على وزارة الاتصالات في ملف ترخيص خدمات الإنترنت.. ما سر الخلاف؟
انفوبلس/ تقرير
قررت محكمة بداءة الكرادة، قبول التظلم المقدم من قبل هيئة الإعلام والاتصالات ضد وزارة الاتصالات، فيما قررت إلغاء أمرها الولائي المتضمن إيقاف إجراءات رئيس هيئة الإعلام والاتصالات بمنح رخص خدمات الإنترنت، فما سر الخلاف بين الطرفين؟
القضاء يحكم لهيئة الإعلام والاتصالات باعتماد لائحة ترخيص خدمات الإنترنت
وتقول المحكمة وفق قراراها الذي اطلعت عليه "انفوبلس"، إنه "للتظلم المقدم المقبول شكلاً، وللمرافعة الحضورية العلنية، ولاطلاع المحكمة على قرار محكمة التمييز الاتحادية المرقم ١٢٥ / الهيئة الموسعة المدنية / ۲۰۲۳ المؤرخ في ۲۰۲۳/۳/۱٥ تجد هذه المحكمة أن القرار المذكور أعطى لمجلس الطعن الصفة القضائية للفصل في المنازعات التي تنشأ بسبب القرارات التي تصدرها هيئة الإعلام والاتصالات وكذلك القرارات التي تصدرها لجنة الاستماع".
وتضيف، إنه "بالتالي كان المقتضى بالمتظلم منه أن يطعن بلائحة الترخيص ـ موضوع التظلم ـ لدى مجلس الطعن استنادا لنص الفقرة (۸) من القسم الثامن من الأمر التشريعي رقم ٦٥ لسنة ٢٠٠٤ التي نصت على أنه (يجوز لأي شخص يعتبر نفسه مظلوما نتيجة قاعدة أو لائحة ما أو نتيجة ماورد في مدونة الممارسات المهنية أو نتيجة قرار أصدرته المفوضية، أن يطعن في هذه القاعدة أو اللائحة أو في مدونة الممارسات المهنية أو في القرار، ويقدم طلب الطعن المجلس الطعن بموجب الأحكام المنصوص عليها في هذا القسم. أضف إلى ذلك، فإن المادة (١٧/ سادسا/ و) من قانون الموازنة العامة الاتحادية لجمهورية العراق للسنوات المالية (۲۰۲۳ ، ۲۰۲۰ ، ۲۰۲۰) رقم ١٣ لسنة ٢٠٢٣، تشير إلى أنها قد أجازت لهيئة الإعلام والاتصالات تدقيق وتسجيل أبراج مزوّدي خدمة الإنترنـت والشركات كافة مقابل فرض أجور سنوية يحددها مجلس المفوضين بلائحة تنظيمية وأن المتظلم منه لم يطعن في دستورية تلك المادة لدى المحكمة الاتحادية العليا، مما يعني أنه ارتضى بتلك الصلاحية الممنوحة للمتظلم عليه".
وتؤكد المحكمة، إنه "لكل ما تقدم، قررت المحكمة إلغاء أمرها الولائي المؤرخ في ۲۰۲۳/۱۱/۲٠ في الدعوى المرقمة ٥٠٠٠/ ب/ ٢٠٢٣ المتضمن إيقـــاف إجراءات المدّعى عليه رئيس الجهاز التنفيذي لهيئة الإعلام والاتصالات/ إضافة لوظيفته بمنح الرخص بموجب لائحة ترخيص خدمات الإنترنت ISP الصادرة بموجب قرار مجلس المفوضين ذي العــدد ۲۰۲۳ / ق ١٧٥ في ۲۰۲۳/۹/۱۲ قرارا قابلا للتمييز استنادا لأحكام المواد ١٥٣، ٢١٦ من قانون المرافعات المدنية وأُفهم علناً في ۲۰۲۳/۱۲/۷".
وقبلها يقول مصدر حكومي، لـ"انفوبلس"، إن "القضاء رد دعوى وزارة الاتصالات وحكم بأحقية هيئة الإعلام والاتصالات في ترخيص شركات الإنترنت الـISP". مضيفا، إن "القضاء حكم للهيئة باعتماد لائحة ترخيص خدمات الإنترنت الـISP الصادرة عن مجلس المفوضين في الهيئة".
يذكر، أن قانون الموازنة العامة قد منح هيئة الإعلام والاتصالات الحق في منح الرخص، لكن وزارة الاتصالات تجاهلت القانون وبادرت بمنح الرخص بصورة منفردة من دون الرجوع الى الهيئة.
ويُثار في العراق مؤخراً، صراع بين وزارة الاتصالات المتمثلة بـ"هيام الياسري" وهيئة الإعلام والاتصالات، حول لائحة ترخيص خدمات الإنترنت (ISP)، وسط تأشير "ضعف حكومي" في إدارة ملف الاتصالات وغياب التنسيق بين المؤسسات المعنية.
وزارة الاتصالات ترفض لائحة الترخيص الصادرة عن هيئة الإعلام والاتصالات
وكانت وزارة الاتصالات، قد رفضت في شهر أيلول/ سبتمبر الماضي، لائحة الترخيص الصادرة عن هيئة الإعلام والاتصالات، والخاصة بترخيص خدمات الإنترنت (ISP).
تقول الوزارة في بيان: "إلى جميع الشركات المزوّدة لخدمة الإنترنت المتعاقدة وغير المتعاقدة مع الشركة العامة للاتصالات والمعلوماتية، بأن لائحة ترخيص خدمات الإنترنت (ISP) التي أصدرتها هيئة الإعلام والاتصالات بدون التنسيق المسبق مع الوزارة والشركة العامة للاتصالات والمعلوماتية لتنظيم الأسعار وجودة الخدمات وانعكاساتها على خدمات الـ(FTTH) تتضمن العديد من الإشكالات القانونية والفنية والتجارية".
وتبين الوزارة، إن "اللائحة تتقاطع مع الدستور والقوانين والعقود النافذة ولن تكون ملزمة للوزارة وتشكيلاتها بدون معالجة هذه الإشكالات وتعديلها، وتتحمل الهيئة والشركات التي تشتري هذه الرُّخص المسؤولية القانونية والمالية عن ذلك".
كما أعلنت المحكمة الاتحادية، الشهر الماضي، رد دعوى تقدمت بها وزارة الاتصالات ضد هيئة الإعلام والاتصالات، حيث طالبت الوزارة بإصدار قرار بتجميد عقود خدمات الاتصالات التي تُمنح للشركات العاملة في مجال الاتصالات بشكل مؤقت.
*قرار بشأن عمل وزارة الاتصالات وهيئة الإعلام
وأصدرت المحكمة الاتحادية مؤخراً، قرارها بشأن عمل وزارة الاتصالات وهيئة الاعلام. وقالت وزارة الاتصالات في بيان، إن "المحكمة الاتحادية أصدرت قرارها لتفسير المادتين (110/ سادسا) و(103) من الدستور اللتين تتعلقان بعمل وزارة الاتصالات وهيئة الإعلام والاتصالات بغية تحديد مهام كل منهما وفصل التقاطعات بينهما التي قد تؤثر سلبا على سير العمل".
وتكشف، أن "نص تفسير المحكمة الاتحادية بخصوص (المادة 110/ سادسا من الدستور والتي تخص تنظيم سياسة الترددات البثية والبريد يكون من اختصاص السلطة التنفيذية باعتبارها إحدى السلطات الاتحادية وحسب مهام الوزارة المكلفة بذلك الاختصاص وهي وزارة الاتصالات)".
وتتابع، أن "قرار المحكمة الاتحادية نص على (عدم جواز اعتماد نصوص قانونية وردت في أمر سلطة الائتلاف المؤقتة رقم 65 لسنة 2004 إذا كانت مخالفة للدستور، لأن تشريع هذا الأمر كان قبل نفاذ دستور جمهورية العراق لعام 2005)"، مشيرة الى أن "قرار المحكمة الاتحادية قد بيّن أن (الاختصاص الدستوري لا يمكن أن يُمارَس من قبل الهيئات المستقلة الاتحادية، بل من السلطات الاتحادية)".
في المقابل، يبدي مركز النخيل للحقوق والحريات الصحفية، استغرابه الشديد من تضارب المواقف بين هيئة الإعلام والاتصالات ووزارة الاتصالات من جهة، وبين وزارة الاتصالات ووزارة التربية من جهة أخرى، مما يعكس حجم التخبّط وضعف التنسيق الحكومي في إدارة ملف مهم وخطير مثل الاتصالات.
ويذكر المركز في بيان ورد لـ"انفوبلس"، لقد طالعنا باستغراب بيان وزارة الاتصالات الصادر الإثنين 18 أيلول/ سبتمبر 2023 والذي أبلغت فيه الوزارة جميع الشركات المزودة لخدمة الإنترنت المتعاقدة وغير المتعاقدة مع الشركة العامة للاتصالات والمعلوماتية بأن لائحة ترخيص خدمات الإنترنت (ISP) التي أصدرتها هيئة الإعلام والاتصالات بدون التنسيق المسبق مع الوزارة والشركة العامة للاتصالات والمعلوماتية لتنظيم الأسعار وجودة الخدمات وانعكاساتها على خدمات الـ(FTTH) .
ويأتي هذا بيان المركز بعد يوم واحد على بيان لوزارة الاتصالات والتي أخلَت فيه مسؤولياتها عن قطع الإنترنت خلال فترة الامتحانات وإلقاء الكرة في ملعب وزارة التربية التي صرّحت هي الأخرى قبل أشهر أن قطع الإنترنت جرى بدون تنسيق.
ويؤكد مركز النخيل أن هذه التصريحات والمواقف المتضاربة من قبل دوائر الدولة ومؤسساتها يعكس ضعف التنسيق والتخبط في إدارة الملفات وتحديدا ملف الاتصالات الذي يحظى بأهمية كبيرة لدى الدول والحكومات، مما يتطلب إيلاء أهمية كبيرة لهذا الملف وإبعاده عن التسييس.
يُشار إلى أن وزارة الاتصالات قالت، إنها لا تؤيد قطع خدمة الإنترنت خلال فترة الامتحانات. وقالت الاتصالات في بيان، إن "مجلس الوزراء وجّه بقطع خدمة الإنترنت من الساعة (4 -8) صباحاً من تاريخ 2023/9/17 ولغاية 2023/9/28، وبناءً على طلب وزارة التربية". ودعت الاتصالات وفقاً لبيانها، "وزارة التربية إلى إيجاد حلول بديلة لمشكلة أسئلة الامتحانات".
لكن وكيل وزارة التربية فلاح القيسي قال في تصريح سابق إن، "قطع الإنترنت من 4 – 8 صباحا يُضر الوزارة وتسبب بإرباك في عملية التواصل مع المراكز الامتحانية في الخارج"، مشيرا الى أن "وزارة الاتصالات اتخذت هذا الإجراء دون الرجوع للتربية!".
كما يأتي هذا بعد الجدل حول السياسة الجديدة التي ستتبعها وزارة الاتصالات في التقسيم الجغرافي للبلاد لتقديم خدمة (الواي فاي) وحصرها بشركات محددة وتأثيرها على اقتصاد العراق الإلكتروني، في وقت أكد فيه خبراء ومختصون، أنها تعزز الاحتكار ومخالفة للقانون.
وأقرّت هيئة الرأي في وزارة الاتصالات بجلستها الـ 131 التي عُقدت مؤخراً سياسة جديدة لتقديم خدمة الإنترنت عبر (الواي فاي) تتمثل بتقسيم المساحة الجغرافية للبلاد إلى مناطق محددة ويتم تقديم الخدمة في كل منها من قبل شركة أو اتحاد من الشركات الفائزة بالمواصفات التي سيتم الإعلان عنها قريباً.
ويشكو كثير من العراقيين من سوء خدمة الإنترنت وارتفاع أسعارها في عموم المحافظات، على الرغم من إعلان وزارة الاتصالات حزمة من القرارات الهادفة إلى تحسين الخدمات والحد من ارتفاع أسعارها.
وتبدأ أسعار الاشتراكات الشهرية للإنترنت التي تقدمها الشركات الأهلية في العراق من 35 ألف دينار عراقي، وتصل أحيانًا إلى 180 ألف دينار، مقابل خدمة رديئة تمثل مثارًا دائمًا للسخط وانتقادات المواطنين.
وفي يناير/ كانون الثاني الماضي، أعلنت وزيرة الاتصالات هيام الياسري عن إطلاق خدمة الاشتراك المدعوم للإنترنت في عموم العراق، وإمكانية حصول كل مشترك على كامل الحزمة التي يختارها من دون نقص أو ضعف، بواقع 15 ألف دينار (11.5 دولاراً وفق السعر الرسمي) لكلّ 100 غيغا بايت، و30 ألف دينار لكلّ 200 غيغا بايت، و45 ألف دينار لكلّ 300 غيغا. وأشارت إلى منح 10 غيغا بايت مجانية للعائلات الفقيرة للاستفادة منها، وفي حال نفادها، يمكنهم الاشتراك بمبلغ 15 ألف دينار للحصول على 100 غيغا.
وعلى الرغم من وعود وزارة الاتصالات بتحسين الخدمة، فإنّها لا زالت سيئة ولم تصل إلى مراحل الجودة المعتمدة، وفق مشتركين وخبراء اتصالات، لافتين إلى أن خدمة الإنترنت المدعوم التي أعلنت عنها الوزارة لم تغير من واقع الخدمة المتاحة، لأنّ مصدر الإنترنت لا زال هو ذاته.
وجاء العراق في المرتبة 113 عالمياً في جودة خدمات الإنترنت، وفق مركز الإعلام الرقمي العراقي (منظمة غير حكومية).
ويخسر العراق –وفقاً لتقديرات- أربعين مليون دولار يوميا نتيجة ضعف خدمة الإنترنت أو انقطاعها، بسبب توقف الأعمال لبعض الشركات منها المصارف ووسائل الإعلام وغيرها، حيث تنقطع خدمة الإنترنت بشكل مستمر.
كما أنه بين الحين والآخر تظهر دعوات لتحسين قطاع خدمات الاتصالات عامة في العراق، بما يتناسب مع التطور الحاصل حول العالم، وبما يلبّي طموح ملايين المستخدمين العراقيين، فيما يبين مختصون أن تطوير قطاع الاتصالات والتكنولوجيا سينعكس إيجابيا على الاقتصاد العراقي.