المجمعات السكنية تحاصر مطار بغداد والاستثمار يخنق محيطه.. خطر وشيك للملاحة تستعرضه انفوبلس بالتفصيل
انفوبلس/ تقارير
مخاطبات سابقة لسلطة الطيران للحد منها، وتحذيرات من خبراء الطيران من خطورتها، لكن دون جدوى.. فالمجمعات السكنية المحيطة بمطار بغداد باتت تهدد حركة الملاحة وتعيق الإقلاع والهبوط بشكل واضح، فهل تنصلت وزارة النقل عن الالتزام بالارتفاق الجوي؟ وما مدى صحة الطيران في محيط المطار بظل استمرار أعمال تشييد تلك المجمعات؟
سلطة الطيران: المجمعات السكنية تعيق حركة الإقلاع والهبوط
تنتشر المجمعات السكنية الاستثمارية والتجارية داخل العاصمة، وبالتحديد في مناطق: العلاوي والبياع وشارع مطار المثنى والسيدية والكاظمية وحي العدل وسريع محمد القاسم، حيث تُباع شققها بأسعار باهظة تتراوح في المتوسط بين 100 ألف دولار و400 ألف دولار.
وبهذا الصدد، خاطبت سلطة الطيران المدني بكتاب رسمي هيئة الاستثمار الوطنية من أجل الحد من هذه المجمعات على اعتبار أن بعضها مخالف للضوابط، خاصة تلك التي شُيدت بالقرب من مطار بغداد الدولي والتي قد تتسبب بمشاكل عديدة وتعيق حركة الإقلاع والهبوط من مدارج المطار، إلا أن الشركات المتنفذة لم تُصغِ لتلك المخاطبات واستمرت بإكمال بناء المدن السكنية.
هيئة الاستثمار تتجاهل المخاطبات
بالمقابل، تفيد مصادر بأن “الكتب التي وردت لهيئة الاستثمار من سلطة الطيران المدني نصَّت على وقف أعمال البناء، أو تخفيض عدد الطوابق، إلا أن أعمال البناء استمرت دون توقف أو التزام بالتعليمات الحكومية".
وتضيف، “قامت هذه الشركات بإعطاء طوابق بأكملها لشخصيات متنفذة من أجل التدخل ووقف الكتب الصادرة من سلطة الطيران المدني ضدها، كما أن هيئة الاستثمار هي الأخرى منحت إجازات استثمار مخالفة للضوابط والشروط ودون تدقيق أو الرجوع لإدارة مطار بغداد”.
الحمامي: من غير المعقول بناء شقق سكنية بالقرب من مطار دولي
من جانبه، يوضح عضو مجلس النواب عارف الحمامي، أن “الفوضى التي حصلت في عهد الحكومة السابقة أباحت كل المحظورات، وإلا من غير المعقول أن يتم بناء شقق سكنية بالقرب من مطار دولي".
ويشير الحمامي إلى، أن “السيطرة فُقدت بشكل تام على هذا الملف، وحصلت مخالفات قانونية واضحة من حيث مواقع هذه المجمعات السكنية أو شروط تنفيذها وغير ذلك من الأمور الفنية”.
وبحسب المعلومات المتوفرة، فإن أغلب المجمعات تشترط دفع الراغب بالحصول على وحدة سكنية في هذه المجمعات، دفعة مالية مقدمة عند تقديمه طلب الشراء وعادة ما تتراوح بين 20 – 25 ألف دولار، وبعد ثلاثة أشهر عليه تسديد الدفعة الثانية بنفس المبلغ، وعند استلام الشقة يسلم الشخص الدفعة الثالثة، وبعد ذلك يستمر بدفع أقساط شهرية تستمر على مدى 15 عاماً، بحسب سعر الشقة.
الجدير بالذكر، أن العراق يفتقر لقوانين تنظم بيع وشراء وإيجار العقارات، على عكس دول المنطقة التي تنظم هذه العملية بقانون، وتحدد سعر الارتفاع سنويا، كما تضمن حقوق طرفي العقد في الإيجارات، وتحدد القيمة وفق ما تراه الدولة متوازيا مع طبيعة الأجور والوضع الاقتصادي العام.
هل العراق ملتزم بـ"الارتفاق الجوي"؟
بدوره، يؤكد خبير الطيران فارس الجواري، أن “هناك مادة قانونية يطلق عليها بالارتفاق الجوي، وهو مشرع ومفروض دوليا حسب قانون منظمة الطيران المدني العالمية (إيكو) ومصادق ومعمول بموجبه حسب قانون سلطة الطيران المدني العراقي 148 لسنة 1974 في المواد 22-27 منه”.
وينوه إلى، أن “هذا القانون يشير صراحة إلى تعليمات تشييد البنايات في الحدود القريبة من المطارات حيث هناك مساحات حول حرم المطار تعتبر محظورة وفق هذا القانون، لأنها تتعارض مع المتطلبات التشغيلية للمطار في استقباله وترحيله للطائرات وهي أساسية، بل خط أحمر في عدم التجاوز على عمليات الطيران داخل المطار”.
ويكمل الجواري، “هناك حالات هبوط اضطراري تحصل لبعض الطائرات بسبب عارض فني أو غيره، ويستوجب حينئذ أن تكون هناك فضاءات شاسعة حول المطارات تسمح بالهبوط الاضطراري دون وقوع خطر على الساكنين قرب المطار، فضلا عن أن هناك أجهزة اتصالات لاسلكية خاصة بالمراقبين الجويين لتأمين التواصل مع الطيارين في الطائرات الهابطة أو التي تقلع دون أن يكون هناك تشويش أو عائق يمنع التواصل مع تلك الطائرات".
ويلفت إلى “وجود مشاريع خارج ضوابط قانون الارتفاق الجوي وفيها مخالفة صريحة وعمليات منع أو إزالة تلك البنايات ستكون خطوة باتجاه تصحيح مسار عمل المطارات”.
ما إمكانية إزالة تلك المجمعات؟
وعن إزالة تلك المجمعات، يقول الخبير القانوني علي التميمي، إن “المواد 487 – 493 من قانون العقوبات عاقبت بالحبس والغرامات على التجاوز على الممتلكات والأموال العامة، كما عاقبت فقرات أخرى ضمن القانون بالغرامات وحجز وغلق على المتجاوزين، سواء كان التجاوز على هيئة مجمعات سكنية أو منازل منفردة".
ويتابع التميمي، “يبقى التطبيق الذي يجب أن يراعي أولا الحالات الإنسانية وأن يؤجل ويمهل بعض الحالات الأخرى وأن يبدأ بالممتلكات المستولى عليها من الأحزاب والشخصيات السياسية، وهذا الملف مهم ويحتاج إلى الحكمة والتروي والتمهيد”.
لجنة النقل تكشف خطورة تشييد المباني السكنية حول مطار بغداد
في النهاية، أعلنت لجنة النقل والاتصالات في مجلس النواب، تشكيل لجنة تحقيقية في تنفيذ مشروعات الإسكان وإنشاء المباني العمودية والأفقية بالقرب من مطار بغداد الدولي.
وقال عضو اللجنة كاروان علي بارويس في بيان ورد لشبكة انفوبلس، إن المباني العمودية والأفقية بالقرب من مطار بغداد الدولي، من شأنها أن تشكل خطرا حقيقياً على عمليات الإقلاع والهبوط للطائرات المتوجهة من وإلى مطار بغداد، فضلا عن الخطر الذي تشكله تلك المشروعات على أمن المطار وصحة المواطنين الساكنين في تلك الوحدات السكنية".
وأضاف، إن "المشروعات التي في طور التنفيذ حاليا يبلغ عددها 21 مشروعا، والغريب في الامر هذا هو عدم وجود أي تنسيق بين المؤسسات المعنية وأغلبها تم تشييدها بدون موافقة سلطة الطيران المدني، فلا نستبعد مستقبلا حصول اصطدام طائرة بواحدة من تلك المباني والأبراج أو إخراج مطار بغداد من الخدمة من قبل هيئة الطيران المدني الدولية".
وتساءل: "ألا توجد مساحات أخرى في بغداد تُشيّد عليها تلك المباني سوى المنطقة المحيطة بالمطار؟".
ووفقا للبيان، أكد بارويس، "تشكيل لجنة تحقيقية لمتابعة هذا الأمر من قبل لجنة النقل وقيامها اليوم باستدعاء هيئة الاستثمار وسلطة الطيران المدني الى مجلس النواب، إلا أن استثمار بغداد تنصلت وتهربت من الحضور".