الملايين لم تعد تكفي وفاسدون بلا عقاب.. دوائر النجف تشهد انتشاراً واسعاً للفساد
انفوبلس/..
لا يكاد يمر شهر على محافظة النجف بلا فضيحة فساد، وحصيلة هذا الشهر حتى الان خمس عمليات ضبط من قبل هيئة النزاهة لحالات متنوعة في هذه المحافظة. لكن العبرة ليست بالاعلان عن ضبط الفاسدين، بحسب ما أفاد ناشطون حقوقيون من المحافظة، بل بزجهم بالسجون وفق القانون، واسترجاع الاموال التي سرقوها أو تسببوا بهدرها، وتعويض المتضررين جراء فسادهم، في حالة وجود متضررين.
ويبدو أن إفلات الكبار من العقوبة شجع البعض من صغار الموظفين فصاروا يقلدونهم، طالما أنهم أمنوا العقاب، فإفلات المحافظ السابق “لؤي الياسري” (الذي اشتهر ابنه أيضاً بقضية تهريب مخدرات) من 54 قضية فساد، لابد أن يشجع ضعاف النفوس على الحذو حذوه. وكان النائب “هادي السلامي” والناشط “يعقوب الفتلاوي” قد أكدا في تسجيل مرئي أواخر العام الماضي، إن “مجموعة من المحامين في النجف قدموا 54 ملف فساد إلى هيئة النزاهة، تدين محافظ النجف “لؤي جواد الياسري”، الذي عقد صفقات مشبوهة بمليارات الدولارات.
وشغل الياسري منصب محافظ النجف لسبع سنوات خلفاً ل”عدنان الزرفي”، المتهم هو الآخر بالعديد من ملفات الفساد، قبل أن يستقيل أواخر العام الماضي، ويسلم المنصب إلى خلفه المحافظ الحالي “ماجد الوائلي”.
الملايين لم تعد تكفي
وفي محافظة تحاول إضفاء طابع الورع والالتزام الديني على الحياة اليومية فيها، صار رقم (مليون) صغيراً جداً عندما يكون الحديث عن ملفات فساد مسؤوليها، الذين رشحتهم أحزاب سياسية. ولم ينقض شهر أيلول/سبتمبر إلا بالعديد من عمليات الضبط في دوائر المحافظة، لتعقبها عمليات اخرى خلال الشهر الجاري. وفي دوائر صحة المحافظة لوحدها، أعلنت هيئة النزاهة أواخر الشهر عن تنفيذ 4 عمليات ضبط. وجاء في بيان الهيئة، أن “فريق عمل مكتب تحقيق النجف كشف عن هدر (1,140,000,000) دينار من المال العام في دائرة صحة المحافظة”، فضلاً عن رصد مخالفات في عمل لجنة المشتريات في الدائرة المذكورة، تضمنت عمليات شراء مخالفة للقانون لكل من مستشفى المناذرة، ومستشفى الحيدرية العام.
الجريمة والعقاب
وقارن حقوقيون بين حجم جرائم الفساد المرتكبة في العراق، وبين نوعية العقوبة المفروضة على القائمين بها في حال صدورها، مؤكدين أنها لا تتناسب مع الضرر المترتب عليها. وقال المحامي “جاسم محمد” إن “غرامة بقيمة 5 ملايين دينار والتي فرضت على نائب رئيس مجلس إدارة مطار النجف، عضو مجلس المحافظة السابق، لا تتناسب مع مبلغ الرشوة التي استلمها والبالغ 300,000 دولار، الذي استلمه مقابل إحالة العقد الخاص بمدرج المطار الجديد إلى إحدى الشركات الأهلية”.
وأضاف محمد إن هناك تمييزاً في الاحكام بين كبار وصغار الموظفين، مما يدل على وجود محاباة لكبار المسؤولين، مؤكداً أن هناك أمثلة كثيرة على ذلك، منها صدور حكم بالسجن المؤبد على موظفة في أمانة بغداد اختلست مبلغاً من المال، يقابلها حُكم على وزير الكهرباء السابق “لؤي الخطيب” وثلاثة مسؤولين كبار بالسجن لمدة عام مع وقف التنفيذ، وبدفع غرامة قدرها مليون دينار فقط، بعد توقيع الوزير على عقد قيمته 800 مليون دولار تشوبه مخالفات.
فاسدون بلا عقاب
وسخر ناشطون على مواقع التواصل من كثرة عمليات الضبط التي تقوم بها هيئة النزاهة دون إجراءات رادعة للفاسدين الذين يتم ضبطهم، بقولهم أن الفساد في البلاد أصبح (منظمة) أطلقوا عليها (فاسدون بلا حدود)، مستشهدين بمحافظة النجف، التي تميزت عن بقية المحافظات خلال الاشهر الماضية بكثرة عمليات الضبط. وقبل أن ينتصف شهر تشرين الاول الجاري، أعلنت هيئة النزاهة عن تنفيذ 5 عمليات ضبط في النجف، لحالات تباينت صيغ الفساد فيها بين الهدر والاضرار بالمال العام والرشوة في دوائر المحافظة، وبيع أراض تعود للدولة خارج الضوابط القانونية. فقد ذكر بيان لدائرة التحقيقات في الهيئة، إن “ملاكات مكتب تحقيق النجف رصدت هدراً للمال العام في دائرة عقارات الدولة في المحافظة”، و”حصول إضرار في المال العام؛ نتيجة قيام دائرة بلدية الكوفة بإجراء الفرز والإعلان وبيع (16) قطعة أرض عائدة للبلدية، وفق أحكام المادة (25) من قانون بيع وإيجار أموال الدولة؛ بالرغم من وجود إعمام صادر عن المحكمة الاتحاديـة العليا، يشير إلى إيقاف عملية بيع الاراضي وفق المادة أعلاه”، وكذلك ضبط موظفين في دائرة الضريبة ومديريّة جوازات الكوفة متلبسين بجريمة الرشوة، كما أشار البيان إلى قضايا فساد أخرى تم ضبطها في مديرية بلدية النجف.