الموت يغيّب "أحمد عبد الغفور السامرائي" في عمان.. انفوبلس تستعرض سيرة رئيس الوقف السني الأسبق: مطلوب للقضاء العراقي بعشرات ملفات الفساد
انفوبلس/ تقرير
غيّبَ الموت "المطلوب للقضاء"، رئيس ديوان الوقف السني الأسبق الشيخ أحمد عبد الغفور السامرائي، عن عمر ناهز 69 عاماً بعد صراع مع المرض في إحدى مستشفيات العاصمة الأردنية عمان، ويسلط تقرير شبكة "انفوبلس" الضوء على حياته وسيرته وأبرز قضايا الفساد المتهم بها.
وفاة رئيس ديوان الوقف السني الأسبق الشيخ أحمد عبد الغفور السامرائي، عن عمر ناهز 69 عاماً
مصادر محلية تحدثت لـ"انفوبلس"، أن رئيس ديوان الوقف السني الأسبق الشيخ أحمد عبد الغفور السامرائي، توفي السبت 24 شباط/ فبراير 2024، عن عمر ناهز 69 عاماً بعد أن تعرض لوعكة صحية نُقل على إثرها الى إحدى مستشفيات العاصمة الأردنية عمان الجمعة".
كما عزّى ديوان الوقف السني، بوفاة رئيس ديوان الوقف السني الأسبق الشيخ أحمد عبد الغفور السامرائي. وذكر الوقف في بيان ورد لـ"انفوبلس"، بقلوب مؤمنة بقضاء الله وقدره وببالغ الحزن والأسى تلقينا نبأ وفاة رئيس ديوان الوقف السني الأسبق الداعية الشيخ الدكتور (أحمد عبد الغفور السامرائي)؛ إثر مرض عضال ".
وأضاف البيان، "كان السامرائي رحمه الله رمزاً وطنياً حريصاً على وحدة العراق وعلى قضايا العالم الإسلامي، وداعية فذاً وخطيباً مفوها وكاتباً بارعاً وساعياً في حوائج الناس، حظي بسيرة عاطرة وله بصمات حاضرة في الجانب الدعوي والفكري وصاحب تجربة فريدة في المجال الإنساني والعمراني، وترك أثراً كبيراً إلى يومنا هذا في ديوان الوقف السني بمسيرة حافلة على المستوى الإداري والديني".
من هو " أحمد عبد الغفور السامرائي"؟
الشيخ أحمد بن عبد الغفور السامرائي، وُلد في مدينة سامراء في العراق عام 1375 هـ/1955م، ونشأ في عائلة تتولى مشيخة إحدى الطرق الصوفية من آل غلام الرفاعية، لكنه اتخذ خطا بعيدا عن منهج عائلته.
أنهى السامرائي دراسته الثانوية عام 1975 م، حيث طلب العلم الشرعي على علماء بغداد وتخرج في معهد إعداد المعلمين. وتقدم للدراسة في كلية العلوم الإسلامية عام 1993م، وحصل على شهادة البكالوريوس في عام 1998م، وبتقدير امتياز، وحصل على شهادة الماجستير في التاريخ الإسلامي من معهد التاريخ العربي والتراث العلمي للدراسات العليا عام 2001م.
كما نال شهادة الدكتوراه عام 2003م من نفس معهد التاريخ العربي والتراث العلمي، وعمل في التعليم الابتدائي لسنوات طويلة كمعلم في مدارس سامراء.
كُلِّف السامرائي بالخطابة في مساجد سامراء، واشتهر بخطبه الحماسية في جامع الإمام الغزالي في سامراء منذ عام 1985م ومساجد بغداد ولاسيما جامع الإخوة الصالحين، وخطبة الجمعة في جامع أم القرى في العاصمة بغداد.
السامرائي له برامج إذاعية متعددة بلغت أكثر من مئتي حلقة أُذيعت من إذاعة بغداد قبل عام 2003، كما شارك في مؤتمرات علمية وله ما يزيد على مئتين وخمسين حلقة تلفزيونية في موضوعات وحوارات في الشؤون الإسلامية في داخل العراق وخارجه.
في شهر آب من عام 2005م عُيّن في منصب رئيس ديوان الوقف السني في العراق وهو منصب بدرجة وزير، ثم سُحبت يده من المنصب بعد عدة تُهم فساد وُجِّهت إليه في أواخر سنة 2013م، وعُيّن بدلا منه الشيخ عبد اللطيف الهميم رئيسا للديوان في عام 2015م.
يُذكر أن ديوان الوقف السني شكّله الحاكم العسكري الأميركي للعراق بول بريمر عام 2003 إضافة إلى الوقف الشيعي، على أنقاض وزارة الأوقاف والشؤون الدينية التي كانت قائمة بالدولة منذ عام 1921.
*مطلوب للقضاء بقضايا فساد
على مدار قرابة 20 عاماً طاردت شبهات فساد عديدة، رئيس ديوان الوقف السني الأسبق أحمد عبد الغفور السامرائي على خلفية الإضرار بالمال العام ومصالح الجهة التي يعمل فيها.
ففي عام 2010، أكدت لجنة النزاهة في البرلمان العراقي حينها، وجود فساد بديوان الوقف السني، فيما طالبت عضو اللجنة أمل القاضي، بإقالة رئيس الوقف السني أحمد عبد الغفور السامرائي على خلفية ذلك، بينما رفض الوقف مجمل هذه الاتهامات.
وذكرت النائبة القاضي، أن "المعلومات التي وردت للجنة تفيد بأن السامرائي شيد 17 شقة سكنية ومسبحا مغلقا داخل جامع أم القرى، إضافة الى تشييده بيت شعر وناعور وثلاث نافورات بمبالغ خيالية داخل الجامع الى جانب بنائه قاعة كبيرة للجمناستك ومكوى للملابس واستورد كلابا بوليسية سعر الواحد 17 ألف دولار وخصص لإطعام الواحد 100 ألف دينار".
وفي عام 2013، قررت لجنة النزاهة البرلمانية، وقف رئيس ديوان الوقف السنّي أحمد عبد الغفور السامرائي والمفتش العام للوقف رياض حميد طايش السامرائي عن العمل 60 يوماً الى حين اكتمال التحقيقات في ملفات الفساد.
وكانت لجنة النزاهة في مجلس النواب أعلنت في (21 تشرين الثاني 2013)، عن مصادقة مجلس الوزراء على قرار سحب يد أحمد عبد الغفور السامرائي من منصبه كرئيس للوقف السني، وتكليف نائبه محمود الصميدعي بشغل المنصب.
وفي نهاية العام 2020، أعلن مجلس القضاء الأعلى، صدور حكم من محكمة جنايات الكرخ/ الهيئة الثالثة "بالسجن المؤقت لمدة 15 سنة على رئيس ديوان الوقف السني الأسبق عن جريمة الإضرار العمد بأموال الجهة التي يعمل فيها.
والعام الماضي 2023، أصدرت محكمة تحقيق الرمادي المختصة بالنظر في قضايا النزاهة 4 أوامر قبض وتحرٍّ بحق رئيس ديوان الوقف السني الأسبق، وبينت أن الأوامر صدرت عن تهم تتعلق بوجود غُبن فاحش في عملية تقدير قيمة أراضٍ.
وفي العام نفسه، أعلنت هيئة النزاهة الاتحاديَّة، عن صدور أمرٍ باستقدام رئيس ديوان الوقف السنيّ الأسبق واثنين من المسؤولين في الديوان؛ لتعمُّدهما إحداث الضرر بأموال ومصالح الجهة التي يعملون فيها.
وفي كل مرة أخرى، تطرح هيئة النزاهة ملف استجواب رئاسة ديوان الوقف السني بعد أن أخذت مدىً بعيداً وتراكمت منذ عهد الرئيس الاسبق أحمد عبد الغفور السامرائي وصولاً الى الرئاسة الحالية.
وقال مطلعون على خفايا الفساد في هيكل الوقف السني إن أحمد عبد الغفور قد شكّل (مملكةً) من أقاربه يهيمنون على أموال ومفاصل العمل في الوقف الذي يُعتبر أغنى مؤسسة دينية سُنية في العراق.
كما ذكر الكاتب عامر العمار سابقاً، أن "أحمد عبد الغفور غلام السامرائي شخص مغمور لا أحد يعرف شيئا عن توجهاته الدينية او السياسية قبل غزو العراق، ظهر فجأة مع الاحتلال بزيّ رجل دين سني، وأصبح واعظا دينيا وسياسيا للمحتلين الامريكان. وكذلك لا أحد يعلم بالجهة التي رشّحته ليكون رئيسا لديوان الوقف السني. والغريب أكثر هو بالرغم من ملفات الفساد العديدة التي طالت هذا الشخص، إلا أنه لم يتعرض لأي مسائلة قضائية!".
وشهدت فترة "أحمد عبد الغفور السامرائي"، خصاماً مع الشخصيات الإسلامية السنية بالعراق، وأبرزهم "الشيخ حارث الضاري" الذي كان رئيس هيئة علماء المسلمين في العراق، حيث أمر السامرائي عام 2007 قوة من الحرس الوطني باقتحام المقر العام للهيئة في منطقة الغزالية غربي بغداد لإخلائه.
وكذلك مع عدنان الدليمي، الذي سبق السامرائي بمنصب رئيس لديوان الوقف السني، ووقتها قال إن إعفاءه من منصبه جاء بسبب دفاعه عن أهل السنة والمطالبة بإطلاق سراح المعتقلين والسعي إلى تفعيل مؤسسات القانون والقضاء والبعد عن العنف.