الهروب نحو النهر لتقليل الزحامات وفك الاختناقات.. كل ما تريد معرفته عن التاكسي النهري في العراق
انفوبلس/ تقرير
في محاولة للهروب إلى النهر بهدف تقليل الزحامات وفك الاختناقات في المدن والمحافظات العراقية، تتجه وزارة النقل لتطوير وتوسيع قطاع النقل النهري، حيث يعمل 22 زورقاً فعلياً في العاصمة بغداد والبصرة والكوفة وبابل، والعمل على افتتاح 23 محطة جديدة إضافة إلى الـ 9 الموجودات، ويسلط تقرير شبكة "انفوبلس"، الضوء على كل ما تريد معرفته عن التاكسي النهري في العراق.
يقول مدير إعلام وزارة النقل ميثم الصافي، إن التاكسي النهري هو أنجع مشروع من المشاريع الحكومية لفك الاختناقات المرورية في البلاد، فهو ينقل المواطنين بين ضفاف الأنهر سيما طلاب الجامعات، إلى جانب الجولات السياحية والتعرف على المناطق التي تمر بها الخطوط.
ويؤكد أن هذا المشروع مفعّل الآن في 4 مدن عراقية هي بغداد والبصرة والكوفة والحلة، لكن الخطة المستقبلية تهدف إلى تفعيله في كل من ذي قار، صلاح الدين، نينوى، كربلاء، والأنبار، مبيناً أن الزوارق المستخدمة فيه تمتاز بأعلى مواصفات السلامة الدولية وهي صديقة للبيئة.
مجموع الزوارق الخاصة بمشروع التاكسي النهري في العراق هو 22 زورقاً من 4 أنواع بحسب سعتها، أولها زورق يتسع لـ 40 شخصاً، وآخر لـ 30، ثم لـ 10 أشخاص، وزورق VIP للشخصيات الرسمية.
أما تسعيرة النقل النهري للشخص الواحد فهي 2000 دينار، وفي حال حجزت عائلة كاملة زورقاً لرحلة خاصة، فيحدد السعر عندها حسب الوقت، فالرحلة لربع ساعة تكلف 30 ألفاً، ورحلة لنصف ساعة 60 ألفاً، ورحلة لساعة كاملة 150 ألف دينار.
ويمثل الازدحام المروري معضلة حقيقية بالنسبة إلى أهالي بغداد، وهو أمر مستمر منذ سنوات، حتى بعد اتخاذ إجراءات ميدانية لفتح شوارع حيوية عدة ظلّت مغلقة منذ عام 2003 بسبب "دواعٍ أمنية" من أبرزها شارع الناظمية.
وبحسب مختصين، بلغ عدد السيارات في العراق لغاية نهاية 2023 بحدود 7.73 مليون سيارة، بنسبة نمو 1.8% عن سنة 2022، لتبلغ كثافة السيارات بحدود سيارة واحدة لكل 5.3 شخص منخفضة عن سنة 2022 والتي كانت 5.42 في 2022.
*مفعّل الآن في 4 مدن عراقية
تعرضت الزوارق في العاصمة بغداد لتضرر كبير وتعطلت لفترة، لكن الخط اليوم مفعّل ويعمل بـ 4 محطات هي القشلة "المتنبي" والكاظمية والأعظمية والجادرية بـ 6 زوارق، وهناك مساع للحصول على موافقات أمنية من أجل زيادة عدد المراسي في بغداد.
لكن مصدراً يعمل في المنشآت النهرية بالعاصمة يؤكد، أن مشروع النقل بين محطة وأخرى متوقف منذ فترة طويلة، بسبب قضايا فساد مالي وإداري، ويقتصر على الجولات السياحية قرب كل محطة، باستثناء النقل بين ضفتي المتنبي والكاظمية، وهو ما يؤكده الصافي، إذ يقول إن الوزارة تبحث مع الجهات الأمنية توسيع مساحات حركة الزوارق عبر الحصول على الموافقات الأمنية لتسيير النقل بين المراسي الأربعة، كما تبحث مع وزارة الموارد معالجة مشكلة انخفاض المناسيب التي تعرقل توسع المشروع.
وقال عزالدين سالم (48 عامًا)، وهو من سكان منطقة الأعظمية، إنّ "مشروع التاكسي النهري مهم جدا لتخفيف الزحام من شوارع بغداد في أوقات الذروة وغيرها، خصوصاً أنه يستهدف شريحة الطلاب الذين يعانون من صعوبة الوصول إلى مدارسهم وجامعاتهم بسبب الاختناق المروري في العاصمة، كما أن كلفته من ألف إلى ألفي دينار سعر معقول مقارنة مع سرعة الوصول للمكان المطلوب".
ووصفت مجلة الإيكونومست البريطانية في آذار/ مارس 2023، بغداد في تقرير بأنها واحدة من أسوأ المدن في حركة السير، حيث تشهد ازدحامات مرورية خانقة.
وكانت وزارة التخطيط الاتحادية قد أكدت في بيان لها مطلع العام الجاري أن محافظة بغداد شكلت أعلى نسبة من السكان، إذ تجاوز عدد سكانها 9 ملايين نسمة، وبنسبة 21.1% من مجموع سكان البلاد.
وفي محافظة البصرة، فإن مشروع التاكسي النهري هناك هو الأكثر فاعلية بين مدن البلاد، سيما أيام الاحتفالات الوطنية والمناسبات الرياضية، إذ تعمل 10 زوارق بين مرسيي العشار والقصور الرئاسية.
ويوضح الصافي أن مشروع التاكسي النهري مفعل بشكل كامل وتسعى وزارته إلى زيادة عدد الزوارق والمراسي في شط العرب، لكنه يتحدث في الوقت نفسه، عن عدم إقبال المواطنين على استخدامه كوسيلة نقل، بل يكتفون بالجولات السياحية العائلية سيما أيام العطل.
ويبيّن الصافي، أن السبب وراء الإقبال الضعيف هو توقف المشروع لعدة مرات ولفترات طويلة، لكنه يؤكد أن الوزارة ستفتتح مراس جديدة وتزودها بزوارق إضافية، إذ تبحث مع الجهات المختصة الحصول على الموافقات الأمنية لتوسيع مساحات التنقل.
أما حصة الحلة من الزوارق أقل من سابقاتها، إذ تملك 3 زوارق فقط، تتنقل بين منتجع آثار بابل ومنطقة "جسر بتة" ذهاباً وإياباً، كما هو الحال في الكوفة التي تملك 3 أيضاً لكن تعمل بمحطة واحدة هي كورنيش الكوفة، وبجولات سياحية صغيرة فقط تصل إلى أسفل جسر الإمام علي وتعود للنقطة ذاتها.
مصادر محلية في الحلة تقول إن الخط بين المحطتين فعّال ويستخدم للنقل بين الضفتين إضافة إلى الجولات السياحية الأكثر إقبالاً من المواطنين.
مدير إعلام وزارة النقل يكشف عن مساع تقوم بها شركة الموانئ البحرية، لإنشاء مرسى "سدة العباسيات" ومرسى "طويريج" ومرسى "الهندية" خلال الأيام المقبلة، موضحاً أن التنسيق جارٍ حالياً ومستمر مع الموارد المائية لتحديد 23 موقعاً جديداً في العراق لإنشاء مراس للتاكسي النهري، إذ تم إعداد مخططات لها وبانتظار المصادقة عليها من قبل الموارد.
ويضيف، أن المفاوضات جارية إلى الآن لترخيص كافة المناطق المائية التي ستنتقل من خلالها الزوارق، لافتاً إلى تقديم خارطة بالمواقع التي تريد الوزارة أن تصلها من خلال المشروع، وتنتظر الموافقات اللازمة.
ويشير الجدول التالي إلى محطات التاكسي النهري في كل مدينة:
بغداد 4 محطات – متوقف بسبب قيود أمنية باستثناء ما بين المتنبي والكاظمية، إلى جانب الجولات السياحية.
البصرة محطتان – الإقبال ضعيف على النقل بين المحطتين، وفعّال للجولات السياحية.
بابل محطتان – فعّال للنقل بين المحطتين وللجولات السياحية.
الكوفة محطة واحدة – فعّال للجولات السياحية فقط.
وفي بداية الشهر الماضي (نيسان) 2024، قال مدير إعلام الوزارة، ميثم عبد الصافي، للوكالة الرسمية، إنه "استناداً إلى توجيهات وزير النقل رزاق محيبس السعداوي، ووفقاً لتوجهات الحكومة للعمل على تقليل الزحامات المرورية وفك الاختناقات في محافظه بغداد، قامت الشركة العامة للنقل البحري وبالتنسيق مع مكتب رئيس مجلس الوزراء على تفعيل النقل النهري، كواحدة من وسائط النقل الجماعي".
يذكر أن النقل النهري كان معروفاً في العراق، وتعتبر الباخرتان دجلة والفرات أولى وسائل النقل التي ملكتها الحكومة إبان الحكم العثماني للعراق في منتصف القرن الثامن عشر. ويعاني نهرا دجلة والفرات من الإهمال منذ أكثر من عقد وحتى الآن.
ورغم أن وزارة الموارد المائية تعمل على تنظيف نهر دجلة الذي يمر في وسط العاصمة بغداد، إلا أنه ما يزال يعاني من الإهمال وقلة منسوب المياه، ما يعرقل سير القوارب متوسطة الحجم فيه، وبات يعتمد على الصغيرة فقط.