الوضع المائي في العراق يقلق الخبراء وتحذيرات من أزمة مياه خانقة في الصيف المقبل
تراجع مناسيب دجلة والفرات رغم الأمطار
الوضع المائي في العراق يقلق الخبراء وتحذيرات من أزمة مياه خانقة في الصيف المقبل
انفوبلس/..
في وقت تشهد فيه البلاد تحديات كبيرة في تأمين حصصها المائية من دول الجوار، خاصة تركيا، تتباين التصريحات الرسمية بين تطمينات حكومية بشأن الوضع المائي وتحذيرات من خطورة استمرار تدني الإيرادات المائية. وبينما يلوح في الأفق اجتماع مرتقب مع الجانب التركي لبحث ملف المياه، تتزايد المخاوف من تفاقم الأزمة في ظل شحة الأمطار وتراجع مناسيب نهري دجلة والفرات.
*لقاء مرتقب مع تركيا
أكد وزير الموارد المائية، عون ذياب، أن الوضع المائي في العراق “مقبول ولا توجد مشاكل حالياً”، مشيراً إلى أن الحكومة العراقية على تواصل مستمر مع الجانب التركي لمتابعة الحصص المائية المتدفقة عبر نهري دجلة والفرات.
وأوضح ذياب، أن العلاقات مع تركيا في الوقت الحالي جيدة، ما يسهم في بناء جسور تفاهم لضمان تدفق المياه بشكل مستمر. وكشف عن اجتماع مرتقب في شهر شباط المقبل سيجمع وفداً تركياً مع المسؤولين العراقيين لبحث ملف المياه وتعزيز الاتفاقيات الثنائية.
وقال الوزير: “الوضع المائي مقبول وما يصلنا من مياه من الجانب التركي يعتبر مُرضياً في الوقت الحالي. نحن مستمرون بعقد اجتماعات دورية مع تركيا لبحث الحصص المائية وضمان تدفقها بما يلبّي احتياجات البلاد”.
*الوضع ما بين المتوسط والمقبول
وفي السياق ذاته، وصف المتحدث الرسمي باسم وزارة الموارد المائية، خالد شمال، الوضع المائي في العراق بأنه “ما بين المتوسط والمقبول”، مشيراً إلى أن الوزارة استثمرت مياه الأمطار وإيرادات المياه من دول الجوار خلال العامين الماضيين لتعزيز الخزين المائي.
وقال شمال في تصريح: “الخزين المائي الحالي وصل إلى 23 مليار متر مكعب، وهو ما مكّن الوزارة من تنفيذ الخطتين الزراعية الشتوية والصيفية الماضية”.
وأضاف، إن الحكومة العراقية حققت خطوة مهمة في ملف المياه من خلال توقيع الاتفاقية الإطارية مع تركيا، التي تتضمن ثلاث نقاط رئيسية: الإدارة المشتركة لحوضَي دجلة والفرات، تبادل المعلومات بين الجانبين العراقي والتركي، وتنفيذ مشاريع استثمارية كبرى في مجال إدارة المياه عبر شركات تركية متخصصة".
*قلق
ورغم التطمينات الحكومية، حذر مستشار لجنة الزراعة والمياه النيابية السابق، عادل المختار، من خطورة الوضع المائي في البلاد، مؤكداً أن “الوضع مقلق جداً” بسبب تدني الإيرادات المائية القادمة من تركيا.
وقال المختار: “حجم الإطلاقات المائية القادمة من تركيا في نهر دجلة بلغ 75 مترا مكعبا بالثانية فقط، وهي كمية قليلة جداً لا تلبي احتياجات البلاد”.
وأشار إلى أن حاجة العراق المائية لا تقل عن 1000 متر مكعب بالثانية لتأمين متطلبات الزراعة والمشاريع الصناعية وحاجة السكان، إضافة إلى إنعاش الأهوار التي تأثرت بشدة جراء شحة المياه.
وحذر المختار من أن استمرار الوضع الحالي سيؤدي إلى أزمة مياه خانقة خلال فصل الصيف المقبل، داعياً الحكومة العراقية إلى تشكيل خلية أزمة تتولى معالجة الشحة المائية.
وقال: “نحتاج إلى خطوات عاجلة لمواجهة شحة المياه المتوقعة. الوضع سيزداد سوءاً إذا لم تشهد البلاد هطول كميات كافية من الأمطار خلال شهري آذار ونيسان المقبلين”.
*الأهوار مهددة بالجفاف مجدداً
وأوضح المختار، أن محافظات الوسط والجنوب هي الأكثر تضرراً من شحة المياه، خاصة مع تراجع مناسيب نهري دجلة والفرات إلى مستويات خطيرة.
وأشار إلى، أن الأهوار، المدرجة على لائحة التراث العالمي لليونسكو، قد تتعرض لجفاف جديد، مما سيلحق أضراراً كبيرة بالسكان المحليين والبيئة.
وتابع: “العراق يعتمد حالياً على الموسم المطري لتعزيز الخزين المائي، لكن الوضع يبقى مقلقاً في حال استمرار انخفاض الإيرادات المائية من تركيا”.
*الاتفاقية الإطارية مع تركيا.. هل تحل الأزمة؟
ورغم التحذيرات، تعتبر وزارة الموارد المائية أن الاتفاقية الإطارية الموقّعة مع تركيا تمثل خطوة مهمة في تأمين حقوق العراق المائية على المدى البعيد.
وتتضمن الاتفاقية: إدارة مشتركة لحوضي دجلة والفرات، تبادل المعلومات بين البلدين لضمان تدفق المياه، وتنفيذ مشاريع استثمارية كبرى من قبل الشركات التركية".
لكن الخبراء يرون أن الاتفاقية وحدها لن تكون كافية ما لم تتبعها خطوات عملية ومفاوضات جادة لضمان تدفق الحصص المائية اللازمة للعراق.
*دعوة لتدويل ملف المياه
من جهته، دعا المختار، الحكومة العراقية إلى استخدام جميع الأوراق الضاغطة في المفاوضات مع تركيا، بما في ذلك تدويل ملف المياه إذا استدعت الحاجة.
وقال: “هذه قضية سيادية ومهمة جداً، وعلى الحكومة التحرك سريعاً قبل أن تزداد الأزمة سوءاً خلال الصيف المقبل”.